الجمعة 3 مايو 2024

هل اختلف ذوق الجمهور فى سماع الأغانى بين الماضى والحاضر؟

سماع الأغاني

28-12-2022 | 11:21

نانيس جنيدى
من جيل إلى آخر نجد الكثير من التغيرات التى تطرأ على عالم الأغنية، تختلف الألحان وتختلف الكلمات، يختفى نجوم سطعوا ذات يوم فى سماء الطرب، ويصعد مكانهم نجوم آخرون ممسكين بالميكروفون، متحكمين فيما يسمع الجمهور، ولكن هل تغير ذوق الجمهور فى الأغنية التى يسمعها؟! أم أن ما يقدم له هو المتحكم فى الذوق السائد؟! تناقش «الكواكب» تلك الفكرة مع العديد من نجوم الغناء، ممن توارى بعضهم بعض الشىء عن الأضواء بسبب اختلاف الأذواق وعدم ملاءمة الجو العام لما يقدمون. فى البداية قالت الفنانة هدى عمار: اختلاف الأذواق شىء أساسى منذ القدم، فهناك من يحب سماع اللون الشعبى، وهناك من يحب سماع الطرب أو الكلاسيك ولون الموسيقى القديم، ولكن فى السنوات الأخيرة ظهرت ألوان من الغناء، لا تعتبر غناءً بقدر ما هى نوع من أنواع التسلية، والمتلقى ينتظر ما سيتم تقديمه إليه، وعلى الرغم من اختلاف الأذواق إلا أن الجمهور برىء من هذا الاتهام، فهو ضحية شىء يعرض عليه بغزارة، ولكن فى نفس الوقت هناك أنواع طربية جيدة وناجحة ولها جمهورها الذواق، ممن لا يحبون سماع الأنواع الهزلية التى لا تحتوى على طرب أو مزيكا، فالزمن سيظل دائماً به اختلاف بالأذواق وعلينا التركيز فيما يقدم إلينا، فعلى المتلقى الانتقاء بدقة بين ما يسمعه وما يرفضه. وأضاف الفنان مجد القاسم قائلاً: ذوق الجمهور لم يتغير، بل إن المحتوى الذى يقدم هو الذى تغير، وهذا حسب قوة الميديا أو الإعلام، وهذا هو ما يترسخ بأذن الجمهور، مؤكداً أننا لو أوقفنا كل ما يقدم من فن هابط لمدة شهر واحد واستبدلناه بتقديم فن راقٍ، فسيقبل عليه الجمهور ويستوعبه ويحبه، فالأمر ليس مقيداً بذوق الجمهور ولكن بما يفرض عليه. وأوضح المطرب محمد ثروت أن ذوق الجمهور برىء، بل إن ما يقدم له هو العامل الأساسى فى التغيير، مستشهداً بتجربته الغنائية الأخيرة بعد فترة غياب طويلة، حيث قال: بعدما غبت لفترة طويلة وعدت بأغنية «يا مستعجل فراقى» وجدت ردود أفعال عالية جداً وهذا دليل كافٍ، على أن الجمهور يتقبل العمل الجيد وجاهز لكل عمل يستهويه ويحقق عنده رغبة دفينة يتمناها، ورغم أن «يا مستعجل فراقى» أغنية درامية حزينة، وموضوعها وكلماتها صادمة، إلا أن الجمهور تقبلها وأحبها وتفاعل معها. وقال المطرب إيهاب توفيق: من الطبيعى جداً أن تظهر ألوان جديدة كل فترة من الغناء والموسيقى، ولكن يبقى الجيد جيداً والردىء رديئاً، فالعمل الجيد هو الباقى، متسائلاً: لماذا ظل الكثيرون من مطربى جيلنا يقفون على قمة سلم الغناء؟، مجيباً فى ذات الوقت: لأنهم احترموا جمهورهم فظل يحبهم ويحترمهم ويستمع لما يقدمون على الرغم من ظهور ألوان وأنواع جديدة لم تستهوه ولم تجذبه، ولكن بلا شك فإن البعض قد ينجرف فى تيار التجديد. وأكد المطرب هشام عباس قائلاً: بالتأكيد تغير ذوق المستمع، وليس معنى هذا أنه تغير للأسوأ، فمازالت الأعمال الجيدة تلقى نجاحاً ويتابعها الجمهور، إذا ما سنحت لها الفرصة للظهور، فأى أغنية جيدة تجد صدى جيداً. مضيفاً: عندما طرح المطرب محمد ثروت أغنيته الأخيرة حققت نجاحاً كبيراً، وهذا دليل نجاح، ومن يبحث سيجد الجيد، فالجو أصبح مختلفاً، بعد أن ظهر شكل مختلف من الأغنية، وهذا النوع الجديد من الممكن أن نرحب به أو نبتعد عنه، فلو كانت الكلمات جيدة واللحن جميلاً ويترك تأثيراً جيداً، فهذا شىء رائع، ولكن المسئولية هنا أصبحت أثقل على عاتق الأهالى لعمل كنترول على ذوقيات الأجيال الجديدة، ففى زمن الإنترنت أصبح كل شخص مسئولاً عن اختياراته وتكون وجدانه. أما الفنان الكبير محمد الحلو فقال: لا يجب أن نظلم ذوق الجمهور على الإطلاق. وأضاف: لم يعد لى تواجد فعلى على الساحة الفنية، ولم أعد أقدم سوى حفلات الأوبرا، وهى موجهة لجمهور معين وليس للجمهور العام الذى أسعد بملاقاته، ولو تلقيت عرضاً مناسباً فلن أتردد فى قبوله بالتأكيد، لكن للأسف تم نسياننا سواء فى الغناء أو التمثيل، وتغير الزمن، ولا يجوز أن نكذب على أنفسنا. أما عن رأى الفنان أركان فؤاد فقال: بالفعل حدث تغير واختلاف فى ذوق الجمهور، وهذا بسبب اختلاف الأجيال، وظهور جيل جديد، وكلنا مررنا بهذه المراحل، حتى يستقر العقل على نوع مفضل من الغناء والأغانى الثقيلة، وهذه المراحل تمر بها كل البلاد، ولكن الذوق العام بأكمله يعتبر تغير، فعندما كانت الدولة هى المسئولة عما يقدم للجمهور كان هناك رقى واحترام للكلمة واللحن والصوت، وكانت تمر بمراحل عديدة ونصوص معتمدة من قبل أناس مختصين، ولا يستطيع مطرب الصعود على المسرح دون موافقة المصنفات عليها، وكنا جميعاً نسعى للارتقاء بالأغنية العربية، ويسعى كل شخص من صناع الأغنية لتقديم أفضل ما عنده وينظر ماذا قدم غيره، أى كانت هناك منافسة شريفة راقية، ولكن حالياً لم يعد ذلك موجوداً، بل أصبح مع نجاح أى لحن فى جذب فئة من المستمعين يطلب غيره تكرار نفس اللحن بنفس الوتيرة. مختتماً بقوله: لابد أن نتكاتف للارتقاء بعقلية الجمهور. ولم ينكر المطرب علاء عبدالخالق تغير ذوق بعض الجمهور للأسوأ، ولكنه أكد أن هناك جمهوراً لكل مطرب مهما غاب عنه يظل يستمع لأغانيه، ويبحث عن العمل الجيد، مضيفاً: جيلى بأكمله مازال له عشاقه، وهذا الجمهور جميل ودائم البحث عن الأفضل، وهذا ما يجعل دائماً فكرة العودة تراودنا من حين لآخر. وقالت المطربة حنان: لازال الجمهور يستمع لما يحب، ومهما طال الزمن فالجمهور يستطيع التمييز بين الجيد والردىء، والدليل بقاء عمرو دياب على القمة حتى الآن، وكذلك أنغام وسميرة سعيد وهم من جيل سابق، فقد واكبوا العصر من حيث تطور الكلمة واللحن التوزيع، ولكن لم ينشقوا لنوع مختلف من الغناء، إنما ظهور نوع حديث من الغناء لا يعنى إلغاء ما سبقه، ولنا عبرة فى صمود أغنيات عبد الحليم حافظ حتى الآن، ربما يضيف الجديد لما سبق ولكن لا يلغيه، فالجمهور طوال الوقت ذواق ويتخير ما يحبه، فقديماً كان عبد الحليم موجوداً، وهناك من يعشقون فن شكوكو، فالنوعان لم يطغَ أحدهما على الآخر، وهذا كسوق الفاكهة، كل إنسان يشترى ما يحب. وأكملت: لا نستطيع القول بأن ذوق الجمهور اختلف، بل نقول إن الأغنية طرأ عليها تطوير، منا من يراه جيداً ومنا من يراه سيئاً، ولكنه لا يلغى القديم بالطبع، وكما تظهر أجيال من الفن تظهر أيضاً أجيال من الجماهير. أما الفنان إيمان البحر درويش فقال: إن ذوق بعض الجمهور لم يتغير بل انهار، فما يقدم أحيانا من أغانى المهرجانات يعد وجبة فاسدة للجمهور ليتناولها، فى الوقت الذى تتراجع فيه الأعمال المحترمة الجيدة الطربية هذا هو سبب انهيار الذوق فى كل شىء، ولا نستطيع ظلم الجمهور، فهو يتناول ما يتم تقديمه له، هو لا يصنع أغنية هو فقط يتلقاها.