الجمعة 22 نوفمبر 2024

الحاجة بثينة حفيدة شقيق «كوكب الشرق» ومديرة منزلها: أم كلثوم لم تذرف الدموع إلا من أجل الوطن

كوكب الشرق

28-12-2022 | 12:10

نانيس جنيدي
فى ذكرى ميلاد كوكب الشرق، أم كلثوم، التى وُلدت فى 31 ديسمبر عام 1898، ليبدأ بقدومها عهد جديد من الفن الراقى ويبزغ شمس الطرب بمولد ابنة الشيخ المؤذن إبراهيم السيد البلتاجى، عرفت أم كلثوم بعدة ألقاب منها: «ثومة»، «الجامعة العربية»، «الست»، «سيدة الغناء العربى»، «شمس الأصيل»، «صاحبة العصمة»، «كوكب الشرق»، «قيثارة الشرق». اليوم وبمناسبة ذكراها تكشف «الكواكب» عن الجانب الآخر من حياتها على لسان أقرب الناس إليها، وهى حفيدة شقيقها الحاجة بثينة محمد السيد البلتاجى، ابنة نجل شقيق أم كلثوم، ومديرة منزلها التى تتحدث فى حديث خاص لـ«الكواكب»، وتكشف فيه تفاصيل حياة كوكب الشرق البعيدة عن الأضواء وأعمال الخير التى كانت تحرص على القيام بها، وترد على كثير من الشائعات التى طالت أم كلثوم، وغيرها من التفاصيل الخاصة بكواليس حياة أم كلثوم. فى البداية قالت الحاجة بثينة: سمعت الكثير من الشائعات التى طالت جدتى أم كلثوم، وأنها كانت قاسية الطباع والقلب، ولكن كل من تحدثوا عنها وروجوا هذه الشائعات لم يعاشروها يوماً ليستطيعوا إصدار تلك الأحكام عليها، أما أنا فقد عشت معها لمدة 12 عاماً قبل وفاتها، وشاهدت بعينى كل ما جرى فى حياة أم كلثوم، فقد رأيت بعينى زيارات ملوك ورؤساء عرب وأجانب لها، وشاهدت كيف كانوا يقدرون أم كلثوم، وسمعت بأذنى مكالمات هاتفية يجريها الرئيس عبدالناصر للاطمئنان عليها. وأضافت: أم كلثوم كانت شخصية عامة ومشهورة وحياتها كانت معروفة ومكشوفة للجميع، وليس فيها ما يشينها، ويجبرها على إخفائه. وبسؤالها، كيف بدأت علاقتها بالسيدة أم كلثوم، حتى أنها عاشت معها فى بيتها، قالت: أم كلثوم عمة والدى، وبعد وفاته وهو فى ريعان شبابه وعمره 37 عاماً، تكفلت بنا وآوتنا من اليتم أنا وأخى، فكنت أعيش معها بفيلتها بالقاهرة طوال العام وأذهب لأطمئن على أمى أو عندما ترسل فى طلبى، فأذهب إليها بسيارة خاصة ثم أعود للفيلا مرة أخرى. وأضافت: كانت تعاملنى بحنان ورقة كأنها أمى، وتعطينى الكثير من أشيائها، ولست أنا فقط، بل كانت كريمة مع الجميع، فقد كانت تتكفل بكافة مصروفات أسرتنا، من كسوة وطعام وعلاج وتعليم وكأنها مسئولة، وكانت تتكفل بالكثير من أفراد عائلتها، حتى أنها كانت تعطينى من مصوغاتها، ولا أنسى لها أنها هى من ربتنى، فكان والدى أكثر المقربين لها وكانت تحبه جداً. وأكملت: كانت الست كريمة جداً، تداوى المريض وتتكفل به، وترسل كسوة الصيف والشتاء لكل محتاج ببلدتها، ومن يطلب العلم ويبلغها فقط أنه لا يستطيع تحمل نفقات التعليم كانت تتكفل به من الألف إلى الياء، ولذلك فقد عاشت طول عمرها فى سلام بسبب الخير الذى تسعى إليه. وفى سياق كرم أم كلثوم، مادياً ومعنوياً، أضافت الحاجة بثينة: كانت كريمة جداً مع الجميع، فلا يأتى شخص لمنزل الست دون أن يتناول وجبة الغداء أو العشاء، وكانت تحتضن كافة الفنانين، حتى أنهم كانوا يعرضون عليها أعمالهم ليأخذوا بمشورتها ورأيها، فهى كانت كريمة جداً وتعطيهم الكثير من النصائح. بكاء أم كلثوم وتطرقت الحاجة بثينة إلى أكثر المواقف إيلاماً وحزناً فى حياة أم كلثوم، قائلة: ثلاثة أشياء هى ما أحزنتها حد البكاء، ولم تكن طبيعتها أن تبكى بسهولة، الأولى هزيمة 1967، ومن بعدها وفاة الرئيس جمال عبدالناصر، ثم وفاة خالد شقيقها، ولم تبكِ يوماً على شىء غير هذه الأيام. يوم أم كلثوم ثم روت الحاجة بثينة تفاصيل يوم أم كلثوم منذ استيقاظها حتى نومها، فقالت: كانت تستيقظ فى التاسعة صباحاً لا تتناول الإفطار، بل كانت فقط تتناول فنجان شاى وهى تقرأ الجرائد، ثم تجهز نفسها للنزول، وتذهب إلى ماسبيرو لإجراء البروفات، حتى الساعة الثالثة بعد الظهر، وبعد البروفة تعود إلى المنزل لتناول الغداء مع زوجها وبعد الغداء تأخذ قسطاً من الراحة وتنزل الساعة الخامسة لتتمشى حتى موعد الصالون، وهو تجمع الأصدقاء اليومى بالفيلا، ويومياً تنبه بمن سيحضر، أما يوم التسجيل فكانت تنزل من البيت فى نفس الموعد وتنتهى فى الثانية عشرة منتصف الليل. حادثة أسمهان واستكمالاً لتصحيح ما أشيع خطأ عن كوكب الشرق سألنا السيدة بثينة عن حقيقة ما قيل حول تورطها فى مقتل الفنانة الراحلة أسمهان، فقالت: السيدة أم كلثوم وقفت بجانب جميع الأصوات الصاعدة مثل فايزة أحمد التى ساندتها، وقدمت لها كل الدعم، فلماذا تقتل أسمهان، ولكن للأسف طالتها الشائعات حول اتهامها بمقتل أسمهان، وأذكر أنها حين سمعت بهذا الاتهام حزنت جداً ولم تقل سوى حسبى الله ونعم الوكيل، إنى أخاف الله. شائعات الزواج تناثرت بعض الشائعات حول زواجها من الكاتب الصحفى مصطفى أمين، وأيضاً أشيع بأنها تزوجت سراً من مستشار قضائى يدعى وجدان وأنها أنجبت منه 3 أبناء، لترد السيدة بثينة على ذلك قائلة: لم يحدث ذلك أبداً، وهل كانت أم كلثوم تخاف من أحد لتخفى زواجها، فالسيدة أم كلثوم لم تتزوج إلا من الدكتور حسن الحفناوى وظلت زوجته حتى آخر العمر ولم تنجب طوال حياتها ولا نعلم السبب هل كان هناك مشكلة فى الإنجاب أم كانت رغبتها؛ لأن هذا السؤال لم يقوَ أحد على سؤاله لها، أما غير ذلك فكلها شائعات مغرضة ومكذوبة، ولا يليق أن يشوه أبناء مصر رمزاً من رموز مصر والعالم العربى السيدة أم كلثوم. ومن الشائعات التى ترددت حول كوكب الشرق، ما قيل حول أنها كانت تدخن، لكن السيدة بثينة نفت ذلك تماماً، متسائلة: كيف ذلك وقد كانت حريصة كل الحرص على صحتها؟! وكانت ترفض التدخين، فلم تكن تهمل صحتها، أو تعرض نفسها لأى شيء من الممكن أن يضر صحتها، ولم أرَ يوماً بيدها سيجارة، وللأسف تجاوز البعض فى حقها، واتهمها بأنها كانت تدخن لتستطيع الغناء لفترات طويلة ولكن هذا غير صحيح على الإطلاق، وكان أقصى ما تتناوله قبل نزولها للحفل هو فنجان قهوة سادة، حتى أنها كانت ممنوعة من الألبان. وأضافت: أم كلثوم شجرة مثمرة، ولذلك كانت الشائعات تطاردها، فقد قيل عنها إنها كانت تغتسل بالحليب، وهذا ظلم وعدوان عليها، فقد كانت تغتسل فى حوض السباحة الخاص بفيلتها كل يوم أربعاء، وفى الأيام العادية كانت تستخدم الماء العادى للاغتسال وتضع صابوناً مخصصاً لذلك. اسمها الحقيقى وعن اسمها الحقيقى قالت: قيل إن اسمها فاطمة وإن أم كلثوم هو اسم الشهرة، ولكن هذا غير حقيقى، لأن اسمها الحقيقى أم كلثوم إبراهيم، وهذا منذ وُلدت وأطلق عليه والدها اسم أم كلثوم تيمناً باسم ابنة رسول الله، ولم يكن هذا الاسم منتشراً آنذاك، واسم فاطمة هذا كان اسم والدتها. المنديل والكرسى والنظارة وعندما سألناها عن سر المنديل الملازم لأم كلثوم فى حفلاتها قالت: السبب الرئيسى أن هذه السيدة ورغم شخصيتها القوية وهيبتها التى لم أرَ مثلها، كانت حتى أواخر أيامها تخاف من الجمهور وكانت تقول: كلما كبر الفنان ازداد خوفه من الجمهور احتراماً له، لذلك أنا أمسك المنديل فى يدى لأنها تبدأ بالتعرق من شدة التوتر لحظة فتح الستارة، فأمسك المنديل بيدى الذى يريحنى من التوتر والبرودة، وكانت تشعر فى كل حفل أنها تدخل اختباراً لأول مرة. وكانت قبل النزول من فيلاتها لأى حفلة تمر على ابنة عمتها الحاجة منصانة رحمة الله عليها التى كانت تعيش معنا، لتضع يدها فوق رأسها وتدعى لها: يخفف الكلام على لسانك ويجعلك من المقبولين، وكانت الست تتفاءل بهذه الدعوة. وعن سبب وضعها النظارة السوداء باستمرار قالت: مطربة بحجم صوت أم كلثوم كانت تقدم ثلاث وصلات غناء متتالة، وتنتهى من الغناء بعد الفجر، فتضغط على نفسها ليخرج صوتها بهذه القوة وهو ما جعل عينيها تجحظ، واستمرارها فى استخدام النظارة السوداء كان لمحافظتها على شكلها لدى الجمهور، ولكنها كانت تتخلى عنها فى البيت نهائياً وكانت تستخدم نظارة نظر عادية، إلا إذا كان لديها ضيوف، لكنها تعالجت فى أمريكا بالإشعاع وقل الأمر عن بدايته كثيراً ولم يكن فى النهاية الجحوظ بالشكل الذى بدأ به، لأنها كانت تعانى من خلل فى الغدة الدرقية، وكان زوجها الدكتور حسن الحفناوى هو من يعالجها منه قبل زواجهما، وكان حبها الوحيد وبعد رحيلها بفترة قصيرة رحل هو الآخر وتركنا المنزل وعدنا إلى قريتنا. وفى أمريكا عملوا قياساً لقوة ذبذبات صوتها فكانت أقوى ذبذبات مرت عليهم، وحتى يومنا هذا لم يأتِ صوت بقوة صوتها. خلافاتها مع عبدالحليم وعن خلافاتها مع عبدالحليم حافظ قالت: عبدالحليم كان عصبياً وكان مرضه يزيد من عصبيته، فعندما يكون هناك حفل مشترك بينهما ويبدأ الحفل يطلب الجمهور من الست أن تعيد، وكان ذلك يغضب عبدالحليم لأنه يريد الغناء كى ينتهى ويعود لمنزله ليرتاح، وفى حفل عيد الثورة غضب حليم لقول الرئيس الراحل جمال عبدالناصر إن كوكب الشرق لابد أن تبدأ الأول، وهنا حدث الخلاف ولكنه عاد واعتذر لها. ناصر.. وأم كلثوم وعن علاقتها بالرئيس الراحل جمال عبدالناصر قالت: كانت علاقتها وثيقة جداً بالرئيس الراحل جمال عبدالناصر، فكان أخاً لها، ورأى أنها داعم قوى للدولة، وكان يبعث لها هدايا كثيرة، وأعلنت اعتزالها الغناء فور وفاته فى سبتمبر عام 1970، ولم تعد إلا بضغط كبير من الرئيس الراحل أنور السادات. أحب الأصوات إليها وعن الأصوات المفضلة لديها قالت: كانت تحب أن تستمع إلى موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب، وعلاقتها به كانت طيبة جداً، وتستمع أيضاً لحليم وفريد ومحمد فوزى وعبدالمطلب، وكانت تعشق صوت شادية وفايزة أحمد ومها صبرى، كما أنها كانت تحب صوت هانى شاكر فى بداياته، وقالت له إنه سيكون صاحب شأن كبير. وأضافت: لو عاشت أم كلثوم لزمن المهرجانات ربما كانت دعمتهم لترى من سيستطيع الاستمرار وإثبات أنه يستحق ومن سيسقط، فهى كانت داعماً قوياً لأى صوت جديد بشرط أن يستحق. واختتمت الحاجة بثينة حديثها معنا قائلة: أم كلثوم وُلدت فى ليلة القدر، بعدما أتم والدها صلاته بالمسجد ليلة القدر جاءه خبر ولادة الحاجة أم خالد أمها بأنها وضعت أنثى وهو مازال بالمسجد، فقال أسميتها أم كلثوم، رحمة الله عليها صفحتها بيضاء وتركت بصمة لا يمحوها الزمن.