كثيرون هم من وقعوا في غرام «الست ثومة»، وعدد ليس بقليل من الأقلام على مر العصور كتب عنها من الكلمات والأوصاف والألقاب وكأنهم لم يكتبوا عن أحد من قبل، لا قبلها ولا بعدها، ولمَ لا؟، وهى «كوكب الشرق»، العظيمة أم كلثوم.
مع واحد من عشاقها نتوقف في هذا الحوار العذب، امتلك لها من الإحساس ما دفعه للبحث بروح العاشق وقلم الكاتب وعقلية الباحث وموهبة الشاعر، ليكتب عنها شيئاً مختلفاً، وربما يصنع لها أيضاً شيئاً كان تفرده به سبب فخره وافتخاره.
هو الكاتب والروائي والشاعر والرسام السعودي أنور عبد الله باشا، أول سعودي يصنع كتاباً عن أم كلثوم بعنوان " أم كلثوم .. عملاقة الغناء العربى "، فما الجديد الذي أضافه لكل مَن كتبوا في حب «الست»، وكيف كانت الفكرة، وكيف عمل عليها بجهد وعطاء مضنٍ، وكيف جاءت شهادات نجوم عصرها عليها من خلال سطور الكتاب البديع؟
أنور باشا.. يعشق كل ما هو قديم وكل ما هو نادر وقيمته لا تقدر بأثمان، يقتني من مقتنيات أم كلثوم أشياء عزيزة غالية، ويمتلك أيضاً مشروعاً كبيراً للتوثيق لمجموعة من نجوم الفن في الوطن العربي، وفي الطريق يأتي على رأسهم كتاب تحت الإعداد عن الراحل القدير رشدي أباظة، هذا بخلاف دواوينه الشعرية ورواياته الأدبية، التي أكد أنها قطعة من روحه تعكس تجارب حقيقية، فمع عالم الأديب والكاتب أنور عبد الله باشا ومشروعه نتوقف، نتعرف، ونقترب من الصورة أكثر من خلال الحوار التالي...
في البداية نريد من الشاعر والكاتب الروائي السعودي أنور عبد الله باشا.. بطاقة تعارف وأن يحدثنا عن دراسته لا سيما الجامعية وأين نشأ وكبر؟
«أنور عبد الله باشا» من مواليد مدينة بيروت عام ١٩٨٨، عشت وتربيت في مدينة جدة.. عروس البحر الأحمر، ودرست حتى الثانوية، وبعدها سافرت إلى بيروت كي ألتحق بالجامعة الأميركية قسم إدارة أعمال، بدأت موهبتي من صغري في الصف الخامس الابتدائي كنت أكتب في دفاتر المواد الدراسية ما أحس به وما أحب أن أقوله لنفسي دون الناس، كنت أكتب ما حصل لي في المدرسة والمنزل كتوثيق أو مذكرات يومية، وأكتب بعض الخواطر والقصص القصيرة التي أتخيلها، وبعض أشعار الفصحى، وكان يرافق كتاباتي هذه بعض الرسومات كالوجوه والعيون ومنظر الغروب خاصة، الذي أحب أن أراه بعيني وأترجمه برسمي.
ومن هواياتي جمع المجلات والصحف القديمة، ومع مرور السنوات أصبح لديّ كم هائل منها، حينها تساءلت لمَ لا أصدر كتاباً يوثق مشوار السيدة أم كلثوم.. السيدة التي عشقتها من صغرى!
وفعلاً.. بدأت في هذا المشروع واشتريت جميع الكتب التي صدرت عن أم كلثوم كي أعرف ماذا قدم الكُـتَّـاب عنها من قبلي، وكيف أستطيع أن أتميز في كتابي، ووُفقت في معرفة الذي سأقدمه في كتابي عن أم كلثوم، فأولاً اخترت عنواناً جديداً ومختلفاً، وقدمت للقارئ جدولاً يضم الحفلات الغنائية لأم كلثوم من عام ١٩٣٧ إلى عام ١٩٧٣، بتاريخ الحفل (باليوم والشهر والسنة) وماذا غنت في وصلاتها الغنائية الثلاث، والمكان الذي أحيت فيه الحفلات، وقدمت في كتابي عن أم كلثوم جدولاً آخر يتضمن كل ما غنته أم كلثوم بتاريخ إنتاج العمل الغنائي ونوع الأغنية ومقامها ومؤلفها وملحنها، وبينت للقارئ قبلها أسماء وأنواع المقامات الموسيقية، وفي الكتاب تحدثت عن حفلات المجهود الحربي داخل مصر وخارجها وحفلات السبعينات، وعن آخر حفل أحيته أم كلثوم، وتحدثت عن حياتها الشخصية وكل المواقف والأحداث والحفلات، مؤيدة بصور فوتوغرافية وثقت هذه المواقف والأحداث والحفلات الغنائية.
ماذا تمثل لك عبارة أنك أول سعودي يقدم كتاباً عن السيدة أم كلثوم.. وكذلك كونك السعودي الوحيد الذي يمتلك مقتنيات لأم كلثوم؟
حقاً.. أشعر بالفخر وبأنني استطعت أن أحقق بعضاً من أمنياتي وأصبحت السعودي الأول الذي بدأ مشواره ككاتب بمشوار السيدة العظيمة أم كلثوم، وأيضاً كوني السعودي الوحيد الذي يمتلك مقتنيات للسيدة أم كلثوم، فهذه مزايا تفردت بها عن غيري.
تقول إنك تمتلك أرشيفاً كبيراً من الصحف والصور حدثنا عنه.. وكيف جمعته وكم من الأعوام قضيتها في ذلك؟
كما قلت سابقاً، إن من هواياتي جمع المجلات والصحف القديمة والصور الفوتوغرافية لأم كلثوم خاصة، ولجميع الفنانين عامة، فأنا أحب كل شيء قديم، وأحس بأنني أعيش الزمن الماضي مع قراءتي لصفحات هذه المجلات والصحف القديمة، وأصبحت عادتي عندما أسافر إلى القاهرة أن تكون رحلتي الأولى إلى عالم الماضي الجميل، إلى سور الأزبكية العريق، واستمرت رحلتي إليه على مدى سنوات طويلة.
وبعد ذلك أصبحت أبحث عن أماكن أخرى وأناس لديهم مجلات وصحف وصور قديمة، وكلما أجد شيئاً يعجبني أقتنيه، وبدأت أبحث في متاجر وسائل التواصل الاجتماعي؛ لأن البعض مختص ببيع القديمة منها.
تمتلك أيضاً ثلاثة من الفساتين التي ارتدتها أم كلثوم.. من أين اقتنيتها ومتى، حدثنا عن كواليس شراء هذه المقتنيات الرائعة وأين تضعها؟
بخصوص مقتنيات السيدة أم كلثوم لدي 10 مناديل مختلفة الألوان، وثلاثة فساتين سهرة وحذاء للخروج ظهراً، وحقيبة للسهرة، والأخرى كانت تحملها صباحاً، وجنيه تذكاري من الفضة وجنيه تذكاري من الذهب، ومعطف من الصوف أسود اللون، وقد اشتريتها من الورثة، وفي يوم كنت في زيارة إلى متحف أم كلثوم بمصر، وتعرفت يومها على الأستاذ طارق الدسوقي ابن شقيقتها السيدة سيدة البلتاجى، الذي لاحظ عشقي الكبير لأم كلثوم وأنا أشاهد مقتنياتها وأعرف تواريخ صورها وأين غنت بكل فستان من الفساتين المعروضة، وطلب مني رقم هاتفي كي نتواصل، وبالفعل تلقيت منه اتصالاً حينما رجعت إلى السعودية.
وقال لي: عندي لك مفاجأة.. قلت له: ما هي المفاجأة؟ قال: هل تريد اقتناء بعض مقتنيات أم كلثوم؟ قلت: أكيد.. إنها أمنيتي، واتفقنا أن أسافر إلى القاهرة والتقينا.. واشتريت فستانين ومجموعة كبيرة من الصورة الفوتوغرافية، وفي السنة التالية لتقينا مرة ثانية واشتريت مجموعة أخرى، وحرصاً مني على المقتنيات والحفاظ عليها أضعها في خزينة بالبنك كي أكون مطمئناً عليها.
قمت بإعادة طبع للكتاب.. ما الذي أضفته من معلومات كانت تستحق وجود الطبعة الجديدة لم تكن موجودة في الطبعة الأولى؟
أم كلثوم.. شخصية فنية ثرية بالأعمال والحفلات الغنائية والأخبار الفنية، في كل مرة أبحث عن أعداد لمجلات قديمة، أجد الجديد الذي لا أعرفه عنها، فمشوار أم كلثوم كالسماء لا حدود لها، أضفت في الطبعة الثانية قسماً خاصاً أسميته «أم كلثوم والحجاز»، يتحدث عن رحلات أم كلثوم الثلاث إلى الحجاز لأداء مناسك العمرة.
وقدمت للقارئ قسماً داخلياً تحت عنوان «أم كلثوم بأقلام سعودية» يعرض كل ما كتب عنها في الصحافة السعودية، خاصة عن الزيارات الثلاث، وتضمنت الطبعة الثانية دراسة عن شخصية أم كلثوم وبرجها، وما قاله عالم الفلك عنها، وأهم الشائعات في حياتها وما حقيقتها، وأخيراً قدمت جميع ما أمتلك من مقتنيات لأم كلثوم بالصور بعدستي الخاصة توثيقاً لي ولعشاقها وللمهتمين بهذا الشأن.
هل تمنيت حضور حفل لأم كلثوم حيث إنك وُلدت بعدما رحلت بأعوام كثيرة.. وبماذا تشعر عندما تتابع حفلها في التلفزيون أو الإذاعة؟
من المؤكد.. تمنيت أن أحضر حفلاً لأم كلثوم، أن أشاهدها أمامي، فذلك إحساس رائع لا يوصف أبداً، كم من المرات كنت أحلم أن أتحدث معها، وكم مرة حلمت بأنني أراها تغني أمامي لكنني أفيق من نومي وأكتشف أنني كنت أحلم.. مجرد حلم ويختفي كسراب لا وجود له، بصراحة.. كنت أحزن لأنه كان حلماً لا حقيقة، وعندما أشاهد حفلاتها في التلفزيون أستمتع كثيراً بتعابير وجهها وهي تغني.. إنها حقاً معبرة بقوة في أدائها وتشد إليها الحاضرين والمشاهدين للتلفزيون، أما حين أسمع صوت أم كلثوم في الإذاعة فأغمض عيني وأسرح معها في دنيا الحب والخيال، وعندما تنتهي أفتح عيني وأعود من دنيا الحب والخيال إلى دنيا الواقع والحقيقة.
في تقديرك.. إلى أي جمهور تتوجه بالكتاب الذي أعددته عنها.. لا سيما في هذا الزمان؟
كتاب «أم كلثوم عملاقة الغناء العربي» يهم عشاقها والباحثين والمهتمين بالتوثيق؛ لأنه كتاب توثيقي شامل، وثقت فيه مشوار السيدة أم كلثوم كفنانة عظيمة وإنسانة فريدة، وأظن أن الناس في هذا الزمان وكل زمان عليهم أن يهتموا بهذه القيمة الفنية والثقافية الاستثنائية.
كثيرون تحدثوا وأدلوا بشهاداتهم حول الرائعة أم كلثوم في الكتاب ومنهم فاتن حمامة، هند رستم، سميحة أيوب، نبيلة عبيد، سميرة أحمد، لبنى عبد العزيز، شهر زاد، سميرة عبد العزيز، مديحة يسري وغيرهم، نور الشريف.. فهل لنا أن نتعرف على ما جاء في الكتاب على ألسنة هؤلاء العظام.. كل على حدة؟
قالت فاتن حمامة عن أم كلثوم: «أم كلثوم تسيطر علينا وعلى مشاعرنا، فهي تحس بكل لفظ تغنيه، وطريقة أدائها معبرة للغاية، فكلنا ننصت لها عندما تغني» والفنانة هند رستم قالت: «كنت أستمع إلى أم كلثوم وأعيش معها في دنيا من الخيال، فأم كلثوم هي المطربة الوحيدة التي أعشق صوتها، مع أنني لا أسمع الموسيقى الشرقية.. لكن صوتها جذبني وجعلني أستمع إليها».. والفنانة سميحة أيوب أدلت بتجربتها أثناء المسلسل الإذاعي، وقالت: «كان عندي الحظ الكبير أن عاصرت زمن الغائبة الحاضرة إلى الأبد.. أم كلثوم»، والفنانة نبيلة عبيد قالت عن اختيارها لبطولة فيلم «رابعة العدوية»: «كنت سعيدة جداً بهذه الفرصة الثمينة التي منحتني إياها السيدة أم كلثوم، إنها فنانة عظيمة وصوت عظيم لا يتكرر»، أما المطربة شهر زاد فقالت: «أم كلثوم الصوت الساحر الذي لا يوصف بكلمات».
والفنانة سميرة أحمد قالت: «أم كلثوم أعظم صوت، ولا يوجد صوت بعدها يؤثر فينا مثل صوتها الساحر المعبر»، وقالت الفنانة سميرة عبد العزيز: «أسعدني الحظ أن أقوم في مسلسل أم كلثوم بدور والدتها السيدة فاطمة المليجي، فاقتربت من حياتها الخاصة عن طريق عائلتها، وتعرفت على مدى تقديرها لأمها وأبيها وفضلهما في نشأتها»، وقالت الفنانة لبنى عبد العزيز: «عندي موعد ليلي مع أم كلثوم تواسيني، ترعاني، تمسح دموعي وتشعرني بأنني لا أتعذب وحدي ولكنها أيضاً تشاركني في الحياة والحب»، وقدم الفنان نور الشريف كلمته، وقال: «غناء أم كلثوم.. نظرية للتمثيل.. اكتشفت من خلال استماعي إلى غناء أم كلثوم أن أداءها يمكن أن يكون نظرية لفن التمثيل المسرحي؛ لأنها تتعامل مع كل كلمة وكل حرف بدراية كبيرة»، أما سمراء النيل مديحة يسري فقالت: «أم كلثوم هي صوت عظيم وفريد، وشخصية عظيمة وفريدة، ولا أستطيع أن أعبر عنها بكلمات فهي أكبر من أن توصف، إنها فقط.. أم كلثوم».
كتب مقدمة الكتاب الشاعر الكبير فاروق شوشة.. فكيف كان الاتفاق في هذا الاتجاه.. ونريد أن ننقل للقارئ العزيز ما كتبه شوشة في مقدمته؟
تم الاتفاق مع الشاعر الكبير فاروق شوشة عن طريق شقيقتي مي باشا، رحمة الله عليها، فالأستاذ فاروق شوشة كان صديقها المقرب، تعرفت إليه حينما تم تكريمه في جمعيتها الفنية عام 2012، ومن وقتها أصبحا صديقين، وطلبت منه أن يكتب كلمة في حق السيدة أم كلثوم في الكتاب، الذي سوف يصدر عنها من توثيقي، وكان رده: «لي الشرف أن أكتب كلمة في سيدة مصر والغناء في الشرق»، وقد كان.. إنه رجل مثقف وجميل الخلق والقلب كما عرفته، وإليكم جزء مما كتبه وكان بعنوان «عاشقاً أم كلثوم»: «الكاتبة السعودية مي عبد الله باشا، تكشف لنا من خلال صفحات هذا الكتاب هي وشقيقها أنور عبد الله باشا عن تذوقهما البديع وعشقهما الكبير لأم كلثوم، كوكب الشرق، وسيدة الغناء العربي، وهو اهتمام وتذوق وعشق يمتد عبر مسيرة سنوات من الحياة».
كذلك كتب الكلمة الختامية للكتاب الإعلامي الكبير وجدي الحكيم.. نريد أيضاً التعرف إلى كواليس هذا الاتفاق مع نقل لهذه الكلمة الختامية؟
في يوم اتصلت به وطلبت منه أن يقدم لي كلمة لأم كلثوم بصفته الوحيد الذي سجل معها أطول لقاء في سنواتها الأخيرة قبل رحيلها، وقال في كلمته: «أم كلثوم أكبر من كل الألقاب التي حظيت بها في مشوار حياتها الثري بكل ما هو قيم فنياً وإنسانياً، ولقب كوكب الشرق الذي أطلقه عليها الكاتب الصحفي الكبير فكري أباظة، هو محاولة مثقف وفيلسوف لاختيار لقب يجاور القامة العالية لاسم أم كلثوم العظيمة».
ديوانك الأول كان بعنوان «صمودي.. كلمات من القلب» ما أجمل القصائد الشعرية التي جاءت بهذا الديوان.. حدثنا عن عنوانه وكيف اخترته.. ونريد أن نلقي الضوء على بعض أجمل الأبيات أو القصائد القريبة إلى قلبك كما تختار لننقلها إلى القارئ الكريم؟
من الصعب أن اختار من بين قصائدي، فكل واحدة منها لها في قلبي ذكرى خاصة، أما العنوان فيدل على صمودي في الحياة وخاصة في الحب.. كما قلت:
عـودت عـيـنـيه أن لا تدمع دمعـة حزن واحـدة
أمـا قـلـبـي فـلـم أسـتـطـــع أن لا يـبـكي ويدمع
وسوف أقدم لكم بعضاً من قصائدي، وإليكم جزء من قصيدة «ليلى والهوى» هذه القصيدة إهداء إلى ليلى العامرية، الشاعرة العربية التي عشقت قيس بن الملوح، في قصة غرام لا مثيل لها في التاريخ العربي، وتقول أبياتها الأولى:
أليلى أنـجـدي الـمـلـهـوف أضـحى العمر غــداراً
أليلى أنـقــذي الـمــغــدور جـــــزاكِ الله تـكــراراً
وقصيدة «قيدت قلبي» إهداء إلى حبيبتي.. أقول في مطلعها:
مـا أنعـم الـكفـيـن مـنـكِ تـرتـوي مـن قـبـلـة الـكـفـيـن مـنـكِ غـلـتـي
أيتها التي قـيدت قلبي إلـيكِ محبتي مـشفـوعـة بـعد الوصال بلوعـتي
ما الفكر الجديد الذي تقدمه رواياتك وأشعارك بشكل عام؟
أنا شخصياً كرجل لا أمشي مع القاعدة العامة للأشياء، بل أسير نحو العكس تماماً، شخصيتي تحب وتفضل أن تفعل أشياء لا يفعلها أحد غيرها، وهكذا أسلوبي وكتاباتي مختلفة تماماً، ومن المؤكد أن من قرأ بعض إصداراتي اكتشف بنفسه ذلك الأمر، فأنا مختلف في كل شيء حتى في نوع الخط الذي استخدمه في كتبي لا أحد قد استخدمه غيري وطريقة التصميم كذلك تختلف.
باختصار عندي كل شيء مختلف، أما الرواية التي أقدمها، فأستخدم أسلوباً أقرب إلى الشعر، وكل رواياتي كان فيها شق توثيقي يشرح المكان الذي حصلت فيه أحداث القصة، وبالنسبة للشعر فكل مقطوعاتي الشعرية لم أنظمها، لكن كل قطعة شعرية هي وليدة تجربة قد مررت بها سواء كانت حزينة أم سعيدة، فلا أستطيع أن أقول الشعر إلا إذا تأثرت تأثراً كبيراً وحرك بداخلي الأحاسيس.
في أي القوالب الأدبية يجد أنور باشا نفسه.. هل في الشعر أم في الرواية أم غيرهما؟
أجد نفسي في جميعها؛ لأنني أتنقل بينها على حسب اشتياقي، فمرة أجد نفسي مع الرواية عندما تكون مخيلتي خصبة ومليئة بالخيال، وأحياناً أجدني مع التوثيق مع شخصية فنية جذبتني نحوها فأبحث عنها وأكتب وأوثق مشوارها، إلا الشعر فهو بلا موعد يأتيني فجأة.. لكنني أنتظره دائماً وأستعد له بقلمي.
رواية «لقاء عابر في القطار».. هل لنا أن تحدثنا عنها؟
هي رواية كلاسيكية تتحدث عن امرأة ورجل التقيا في القطار، ووقعت أحداث ومواقف لهما وطرحت سؤالاً: هل كان اللقاء عابراً أم لم يكن؟ حصلت أحداث هذه الرواية في بيروت عام ١٩٧٠ وتكلمت عن توثيق لمدينة بيروت تحديداً، وعن أهم الإنتاجات السينمائية والمسرحية لها آنذاك، وكان أهم حدث فني حصل عام 1970، حفلتي السيدة أم كلثوم في مدينة بعلبك الأثرية.
قريباً تطلق رواية «رغبات رجل آثمة» وهو عنوان يتسم بالجرأة إلى حد كبير.. فما الجديد والمختلف في هذه الرواية؟
رواية «رغبات رجل آثمة» تختلف تماماً عن الروايتين السابقتين، فهي رواية تشويقية ومليئة بالأحداث الصادمة وغير المتوقعة، وفيها كم من الجرأة الكبيرة، وتناقش قضايا عدة.. كالخيانة والعشق والسحر والجريمة.. وفيها جرأة كبيرة في الألفاظ والتعابير الحادة للشخصيات، وأتوقع أن تنفذ كمسلسل تلفزيوني أو فيلم سينمائي.
تقول إن لديك مشروعاً أدبياً.. فماذا تعني بذلك وما هو بالتحديد مشروعك؟
مشروعي أن أوثق لأكبر عدد من الفنانين الذين أختارهم بنفسي على حسب أهميتهم وقيمة مشوارهم الفني وقصتهم مع الكفاح الفني والحياة، ومشروعي الثاني أن أسهم وأشارك في الحفاظ على الأرشيف السينمائي العربي وترميمه وطرحه في الأسواق، لا لعرضه فقط في التلفزيون، ولكن ليتمكن الجمهور من مشاهدته عبر الأجيال.
ما أهم المتاعب التي واجهتك في إعداد كتاب فني وخاصة توثيقي؟
المتاعب كانت في البحث عن المعلومات الصحيحة والموثقة بالصورة الفوتوغرافية، خاصة التي توثق لتواريخ محددة، لكن بعد جهد كبير أحصل على ما أريده، وتسعدني مساعدة المؤسسات الصحفية في مصر ومساندتها للكُـتَّاب الشباب في الوصول إلى ما يطلبون من معلومات وصور فوتوغرافية كي يتمكنوا من إكمال كتبهم بطريقة مميزة واحترافية.
كيف تجذب جمهورك إلى عملك وإلى عالم «أنور باشا» خاصة مع طغيان السوشيال ميديا في هذا الزمان؟
أجذبهم بأسلوبي المختلف المشوق، ومفرداتي المعبرة، وأفكاري وقيمي النبيلة، وأيضاً بأناقة عملي وجماله.
ماذا عن مراحل إعداد كتاب الفنان الكبير رشدي أباظة؟
أنا حالياً في مرحلة الإعداد له، ومتشوق كثيراً لمشواره الفني وحياته المليئة بالمغامرات والمفاجآت، وأطلقت عليه عنوان «ساحر النساء»، وسوف أقدم للقارئ كل ما يريد أن يعرفه عن الفنان رشدي أباظة، فلا يجده إلا في هذا الكتاب تحديداً، وكتبت مقدمته الفنانة القديرة «لبنى عبد العزيز» التي شاركته بطولة خمسة أفلام سينمائية، وكان آخر فيلم لها معه بعنوان «العيب» في عام 1967 وبعدها سافرت إلى أميركا مع زوجها.
نلاحظ بشكل عام النقلة التي حدثت في الفن في المملكة العربية السعودية وحالة الانفتاح التي تشهدها ربما تكون غير مسبوقة.. كيف يراها أنور باشا من وجهة نظره؟
أنا متحمس جداً لهذا التغيير الكبير، وأتمنى أن يرتقي بالثقافة والفنون في بلادي، وأن يكون له دور أساسي مهم بين الشعوب عامة.
ما أحب أغنيات أم كلثوم لقلبك ولمن تستمع من المطربين غير أم كلثوم لا سيما من أغنيات مطربي الأجيال الجديدة؟
أحب سماع أغنية «يا ظالمني» دائماً، إنها الأغنية الأقرب إلى قلبي، وللعلم فإن أم كلثوم غنتها أكثر من ثلاثين مرة، وبعد ذلك أحب سماع أغنية «دارت الأيام»، إنها أغنية رائعة لكل العصور وأداء وصوت أم كلثوم لها مليء بالحب والشباب حقاً وبالطرب، أنا في الواقع أسمع كل أغانيها وقصائدها ولا أجد أغنية أو قصيدة ليست جميلة، بل بالعكس جميعها رائعة وفريدة.
وأستمع إلى محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش وعبد الحليم حافظ وفايزة أحمد ونجاة وشادية وصباح وكارم محمود.. أغلب المطربين والمطربات القدامى، ومن الجيل الجديد أستمع إلى الأغنية الجميلة لحناً وكلمات وأداءً، ليس لمطرب معين بل لأغنية معينة.