الأحد 12 مايو 2024

فصول السنة الأربعة.. كيف اهتمت السينما بإبرازها.. وهل أضافت لها؟

من فيلم السمان و الخريف

6-1-2023 | 12:54

عمرو محيى الدين

استطاع عدد كبير من صناع الأعمال السينمائية توظيف فصول السنة الأربعة فى السياق الدرامى، بين بهجة البحر فى الصيف.. وتغير الحال فى الخريف.. والقلق والخوف مع تساقط أمطار الشتاء.. والفرحة فى الربيع، حتى ارتبطت أفلام بعينها بمواسم السنة، وما تحمله تلك الفصول من طبيعة خاصة لكل منها.

نرصد بعضاً من تلك الأعمال التى بروزت فصول السنة، ورأى النقاد فى توظيف هذه الفصول سينمائياً، وكيف يمكن أن يسهم اختيار أى من تلك الفصول فى التأثير على المشاهد وسهولة إيصال الفكرة إليه، عندما يكون هذا الاختيار ذا هدف درامى، له دلالات على البطل أو القصة نفسها عبر هذا التحقيق...

السمان والخريف

الفيلم مأخوذ عن رواية الأديب نجيب محفوظ، ويدور حول شخصية «عيسى الدباغ»، التى جسدها الفنان محمود مرسى، الذى ينتمى لأحد الأحزاب المصرية ويعيش حياة السلطة ولكن بعد ثورة يوليو فى مصر، يفقد الحزب دوره ويطرد عيسى من منصبه وتتركه خطيبته فتتغير حياته من النجاح والسطوة إلى الفشل وفقدان كل شىء فيهرب إلى حياة التسكع ويقرر أن يسافر إلى الإسكندرية ويلتقى بفتاة الليل «زيزى» (نادية لطفى)، التى يحاول من خلالها أن يستعيد قوته ويبحث معها عن السلطة التى فقدها إلا أنه عندما يكتشف أنها حامل يطردها إلى الشارع لتواجه مصيرها وحيدة ويختبئ هو من المجتمع.

الفيلم يقدم فكرة سقوط البطل الذى يهاجر إلى الإسكندرية وكأنه موسم هجرة السمان، لذلك ففصل الخريف يرتبط فى الفيلم بفشل البطل وانحدار حياته، الفيلم من إنتاج سنة 1967 ومن إخراج حسام الدين مصطفى، بطولة محمود مرسى، ونادية لطفى وعبد الله غيث.

الشيطان والخريف

الفيلم يدور حول طمع الإنسان وفكرة الانتقام التى تحوله إلى شيطان من خلال شخصية «نعيم» (رشدى أباظة) الذى يخطط لكى ينتقم من «نرجس» التى تجسدها سناء جميل، ويتفق مع «دلال» (سامية جمال) من أجل الاستيلاء على أموال «نرجس».

يحاول «نعيم» التخلص من «نرجس»، ولكنه يفاجأ بأن الميراث سيذهب لقريبة «نرجس» فيتودد إليها ويعرض عليها الزواج وتسمعه «دلال» وتشعر بأنه أصبح شيطاناً فتقوم بقتله وقبل أن يموت ينتقم منها.

الفيلم قصة انتقام اعتادتها السينما، ولكنها ربطت بين تحول الإنسان إلى شيطان يسعى للانتقام، وفصل الخريف الذى ينذر بقرب نهايته.

 أميرة حبى أنا

يتناول الفيلم قصة «عادل»، مدير إحدى الشركات ومتزوج من «نبيلة» ابنة مدحت صاحب الشركة، ويقع عادل فى حب «أميرة» الموظفة بالشركة، ويبوح لها بمشاعره وأنه غير موفق فى حياته مع زوجته وأن زواجه كان مصلحة ليصل إلى مركزه، تبادله أميرة نفس المشاعر ويتزوجها فى السر ولكن يتم اكتشاف أمرهما، ويعتبر الفيلم من روائع أفلام السينما المصرية، وهو من بطولة سعاد حسنى، حسين فهمى، سهير البابلى، عماد حمدى، كريمة مختار، سمير غانم، وإخراج حسين الإمام وإنتاج عام 1975.

 ويرتبط الفيلم بالأذهان بفصل الربيع، حيث غنت السندريلا أغنيتها الأشهر «الدنيا ربيع» فى أجواء ساحرة أبرزت البهجة والفرحة وتفتح الزهور فى هذا الموسم.

شاطئ المرح

هذا الفيلم كان له حظ من اسمه، حيث يوظف الموسم الصيفى من خلال قيام «منصور» بتكيلف الشاب حسام ابن أحد أصدقائه بمراقبة ابنته «نورا» أثناء قيامها برحلة إلى الإسماعيلية، تقع «نورا» فى حب «حسام»، ويبادلها نفس المشاعر إلا أنها تعلم بمهمته وأن ما بينهما كان وظيفة يؤديها بأمانة، فتوافق على خطبتها لشاب عاطل بالوراثة لكى تنتقم من حسام ولكنها لم تستطع أن تقاوم مشاعرها، فى نفس الوقت لا يكف حسام عن محاولاته فى إقناعها بحبه الصادق فيعود الوصال والوفاق بينهما.

الفيلم بطولة نجاة الصغيرة، حسن يوسف، يوسف فخر الدين، سامية شكرى، سمير غانم، جورج سيدهم، وإخراج حسام الدين مصطفى وهو من إنتاج عام 1967.

البنات والصيف

الفيلم من إنتاج عام 1960، ويحكى ثلاث قصص منفصلة من عوالم مختلفة تدور فى أجواء الصيف بتقلباته وعلاقاته العاطفية العابرة، وحكاية بنات ثلاث يصطدمن بثلاث أزمات تضعهن فى مهب الريح، ما بين الإخلاص والخيانة، وبين الحيرة واليقين، وبين الاستسلام للواقع والخلاص من الهاوية، وهو من تأليف إحسان عبد القدوس وبطولة عدد كبير من نجوم الزمن الجميل على رأسهم عبد الحليم حافظ وسعاد حسنى ومريم فخر الدين وكمال الشناوى وسميرة أحمد وحسين رياض.

 آيس كريم فى جليم

بمجرد ذكر فيلم «آيس كريم فى جليم» نتذكر فصل الشتاء بأجوائه وملابسه وأغنية الهضبة عمرو دياب وشهر ديسمبر الذى يحمل البرد بين أجناحه.. ويتطرق الفيلم إلى قصة (سيف) الذى يعمل فى نادى فيديو ويقيم مع مجموعة من الشباب تتطلع لحياة أفضل، ويحاول سيف إثبات موهبته فى الغناء، لكنه يطرد من عمله ويدخل فى مغامرات تنتهى به إلى السجن فى الإسكندرية، حيث يلتقى بطالب يسارى يؤلف أشعاراً، ويقدمه بعد خروجهما من السجن لملحن عجوز مغمور، ليغنوا فى الساحات والشوارع، وتتوالى الأحداث.

قبل زحمة صيف

هو فيلم من إنتاج 2016، بطولة هنا شيحة وماجد الكدوانى وإخراج محمد خان، وتدور أحداثه فى أجواء صيفية بقرية سياحية تقع فى الساحل الشمالى، يقرر الدكتور يحيى قضاء العطلة مع زوجته ماجدة قبل ازدحام القرية والساحل بأكمله بالمصطافين مع وصول فصل الصيف إلى ذروته، وهناك يتعرف كلاهما على مترجمة شابة مطلقة حديثاً وأم لولدين تدعى هالة، وتتبدل أحوال العطلة الصيفية من حال لحال منذ ذلك الوقت.

حول تلك الأعمال الفنية وغيرها مما تناول فصول السنة فى بنيتها الدرامية، التقت «الكواكب» مجموعة من المتخصصين، لاستيضاح رأيهم فى الأمر فكان هذا التحقيق...

يقول الناقد طارق الشناوى: ارتبطت الأعمال السينمائية أكبر بفصل الصيف، حيث إنه مرتبط بشكل أكبر بالبحر والاجازات، فكانت أشهر الأفلام السينمائية «البنات والصيف» بـ 3 أجزاء و3 توجهات بـ3 مخرجين مختلفين، هم صلاح أبو سيف وعز الدين ذو الفقار وفطين عبد الوهاب، وكانت الإسكندرية هى البطل فى معظم الأفلام السينمائية.. وبعد ظهور أماكن سياحية أخرى مثل طابا والساحل الشمالى تبدلت الأفلام لتواكب التغير الاجتماعى، وغالباً ما يكون الجانب الكوميدى فيها عالياً وتكون أشبه برحلة مجانية لمن لا يستطيع دفع مصاريف السفر ليجلس على الشاطئ وكأنه حصل على أجازة صيفية.

أما الناقد نادر عدلى فيقول: من الناحية العملية لا توجد أفلام ارتبطت بأشهر بعينها، ولكن يوجد على سبيل المثال فيلم مثل «السمان والخريف» تجد فيه الخريف يعكس مرحلة التغير التى حدثت للبطل فبعد أن كانت الأمور ميسرة له، أصبح يمر بفترة يفقد فيها مناصبه كما يحدث فى الخريف من تساقط أوراق الشجر، فمثلاً أفلام مثل «البنات والصيف» و«فى الصيف لازم نحب» ارتبطت بشكل الشاطئ أو الشكل الكوميدى والراحة والاستجمام وكلها أفلام أخذت شكل الموسم الطقسى للدلالة على نوعية ما تقدمه.

ويضيف: تجد ذلك فى الأفلام الحالية أيضاً كشخص يرتبط بشرم الشيخ والشاطئ هناك من أجل عملية فيها «أكشن» أو قضاء شهر العسل، فأصبح جزءاً من الأحداث عندما يكون هناك هدف درامى، التعبير عن المواسم الطقسية كانت له دلالات على البطل أو القصة نفسها.

موضحاً: كان هناك تميز فى اختيار أسماء الأفلام فى القرن الماضى، أما الآن فالأسماء فيها خفة، وغالباً ما تحمل دلالة على البطل نفسه وهذا تراجع للفيلم نفسه، والركاكة فى اختيار الأسماء للأفلام يعود إلى قلة الاجتهاد فى اختيار اسم جاذب للمشاهد، فقليل من الأفلام التى تعطى دلالة على الفيلم نفسه.

ويتابع: أغنية الفيلم فى «أميرة حبى» هى المرتبطة بالربيع بشكل أكبر من الفيلم، وأغلب الحفلات للمطربين تكون فى فصل الصيف وأغلب النجاحات للأفلام فى الأجازة وهذه مواسم تتعلق برواج الصناعة نفسها.

وتقول الناقدة ماجدة موريس: فى الماضى أيام نجومية الفنانين عمر الشريف وعبد الحليم حافظ، كان هناك أعمال مثل «شاطئ المرح» و«البنات والصيف»، وأغلب هذه الأفلام عرضت فى فترة الستينيات، فكانت فترة تخلو من التعقيد وبها قدر من البساطة، تجد المايوهات والبحر واللعب على الشاطئ والذهاب إلى النوادى، وهذا اختفى من الأفلام.. اختفى المرح العائلى على الشواطئ فتجد الشباب يتقابلون على «الكافيه» أو على المقهى.

وتضيف: يتم توظيف طقس الشتاء فى الأفلام السينمائية عادة فى التعبير عن حالة البطل بما يراه المخرج، فمثلاً أن تجد مطراً أو تياراً هوائياً يغلق النافذة، كلها تعبيرات درامية رمزية فى الأفلام السينمائية سواء المصرية أو العالمية، إما تفيد الوحدة أو الحزن أو الحنين أو غيرها من الحالات، وهذه التعبيرات توارثتها الأجيال وموجودة فى الأفلام العالمية ومتداولة.

ويقول الناقد عبدالله غلوش: أتذكر فيلم «أميرة حبى أنا» الذى عبر عن الربيع، و«أبى فوق الشجرة» الذى عبّر عن الصيف، وكذلك من الأفلام الحديثة «قبل زحمة الصيف» للفنانة هنا شيحة، و«رسايل بحر» لآسر ياسين وكذلك «عجميستا» و«آيس كريم فى جليم» الذى ارتبط فى الأذهان بموسم الشتاء، وكذلك من الأفلام الحديثة فيلم «لف ودوران» لأحمد حلمى ودنيا سمير غانم الذى عكس أجواء الصيف على البحر خلال السياق الدرامى للأحداث، وكذلك «ليلة ساخنة» لنور الشريف ولبلبة الذى عكس أجواء رأس السنة ودخول الشتاء.

ويتابع: الشتاء به رمزيات يتم توظيفها فى الأعمال السينمائية، فغالباً يكون المطر رمزاً للهجر والخوف، أما الصيف فهو رمز البهجة من مصيف وشاطئ، وكذلك الشتاء به عمق أكثر فى رمزياته مرتبط بالتفكير وفنجان القهوة والمدفأة، وكذلك البرق والرعد الذى يتم استخدامه كتأثير صوتى يناسب الأحداث فيتم استخدامهما مع مشاعر القلق أو الإثارة والخوف، وهذه الرمزيات غالباً متداولة عالمياً ولكن طبيعة الطقس مختلفة من بلد إلى أخرى، ولذلك توظيفها فى المشاهد السينمائية والدراما التليفزيونية قد تختلف.