الثلاثاء 30 ابريل 2024

مارى منيب.. عميدة المسرح وأسطورة الكوميديا

ماري منيب

4-2-2023 | 13:57

طه حافظ

كان أداؤها على المسرح حالة متفردة ولذلك لقبت بـ«عميدة المسرح الكوميدى» وحبستها السينما المصرية فى دور «الحماة»، لكنها أجادته وحولته إلى أداة للسخرية. اشتهرت ماري منيب بالعديد من «الإفيهات» خلال مسيرتها منها «مدوباهم اتنين، إهري يا مهري، وأنا على مهلي، يادي المرار يادي النيلة»،إلى جانب الإفيه الشهير «وإنتي جاية تشتغلي إيه» من مسرحية «إلا خمسة». اسمها الحقيقى، ماري سليم حبيب نصرالله، واسمها الفني ماري منيب، وبعدما أشهرت إسلامها، اختارت لنفسها اسم أمينة عبد السلام. وُلدت في دمشق في عام 1905، جاءت مع أسرتها إلى مصر وسكنت في حي شبرا، بدأت موهبتها الفنية في سن صغيرة، بعدما نطقت بأول جملة على خشبة المسرح، وكانت: «مفيش بن»، ووقتها كانت تقوم بدور خادمة فى إحدى مسرحيات فرقة «أمين عطا الله» ومن يومها لم تترك خشبة المسرح. انتقلت من فرقة يوسف عز الدين إلى فرقة على الكسار، ثم فرقة يوسف وهبى، وفاطمة رشدى، وأخيًرا استقرت فى فرقة نجيب الريحانى وعملت بها 23 عاماً. قدمت ماري منيب في مسرح الريحاني عدداً من المسرحيات الناجحة أهمها أوبريت «العشرة الطيبة»، و«30 يوم في السجن»، «لعبة الست»، ومن مسرحياتها الشهيرة أيضاً «أحب حماتي» و«عريس في إجازة» و«استني بختك» و«إلا خمسة» و«الستات ما يعرفوش يكدبوا» و«أم رتيبة». في عام 1949، بعد وفاة نجيب الريحاني لم تترك مارى منيب الفرقة، بل أخذت على عاتقها مسئولية الفرقة ووقفت مع بديع خيري الذي شكل ثنائياً فنياً رائعاً مع «الريحاني» طوال مشواره الفني وأصبحت الركيزة الأولى في الفرقة، ثم توالت أعمالها بصحبة الفنان عادل خيري نجل بديع خيري، وقدمت أشهر مسرحياتها معه وهي «إلا خمسة». بعد أن ذاع صيت «منيب» في المسرح، توافدت عليها عشرات الأدوار السينمائية، وبدأت العمل فى السينما فى منتصف الثلاثينيات، ففي عام1935 شاركت من خلال فيلم قصير بعنوان «حفل ستوديو مصر». ويعتبر أول فيلم طويل شاركت فيه كان عام 1936 بعنوان «أنشودة الراديو»، وبعدها بعام قدمت «الحب المورستاني» و«مراتي نمرة 2» و«العزيمة». وبعد 40 عاماً من السينما تحققت أمنيتها ببطولة أحد الأفلام، وكان فيلم «لصوص ولكن ظرفاء» وهو أعز أمنية وآخر عمل قامت به أيضاً، وأسند إليها فيه دور البطولة المخرج إبراهيم لطفى أمام أحمد مظهر وعادل إمام، مستفيدة بخبراتها من تكوين الجملة وتحويلها ببساطة إلى نكتة. تعتبر مارى منيب الوحيدة من جيل الكوميديا التى استطاعت آنذاك الحصول على شعبية وجماهيرية دفعت ببعض المخرجين إلى منحها البطولة المطلقة فى بعض الأفلام، مثل «الناس اللى تحت» و«أم رتيبة» الذى بدا وكأنه مكتوب من أجلها، وأخرجه سيد بدير عام 1959. وصل عدد أفلامها إلى ما يقرب من 200 فيلم، وقد اشتهرت بتقديم دور «الحماة» ببراعة على الشاشات السينمائية في عدد من الأفلام مثل فيلم «حماتي ملاك» وفيلم «حماتي قنبلة ذرية» فيلم «الحموات الفاتنات». زيجاتها كانت أولي زيجاتها من داخل عربات أحد القطارات المتجه إلى الشام، لتبدأ عملها في إحدى الفرق الغنائية هناك، وخلال رحلتها تعرفت إلى الممثل الكوميدي فوزى منيب وتبادل الثنائي نظرات الإعجاب ولم تمضِ سوى دقائق قليلة حتى تزوجا داخل القطار، وكان عمرها وقتها 14 عاماً، وبعد أن علمت والدتها بهذا الأمر غضبت وعارضتها بشدة واستمرت في رفضها لهذه الزيجة، حتى إنها حاولت إجباره على تطليق ابنتها، لكنها لم تنجح في ذلك، وبذلك حملت «ماري» اسمه، وظلّت محتفظة به حتى بعد طلاقها، وأنجبت منه ولدين. سافرت «ماري» وزوجها إلى لبنان بعد موافقة أمها، وعملا معاً هناك وجنيا أموالاً كثيرة، لكنه طلقها بعد أن تزوج عليها في السر من واحدة كانت تعمل معهما في نفس الفرقة. وبعد أن توفيت شقيقتها، تزوجت مارى من زوج شقيقتها المحامي عبد السلام فهمي، لتقوم على تربة أبناء أختها، وأنجبت منه ولدين وبنتاً وعاشت مع أسرته المسلمة، حيث تأثرت بالطقوس الإسلامية، وتلاوة القرآن الذي كان يُتلى كل يوم في منزل حماتها، وحفظت بعض آيات القرآن، ثم أشهرت إسلامها عام 1937، واختارت لنفسها اسم أمينة عبد السلام نسبة إلى زوجها، الذى كان سبباً في إسلام شقيقتها قبلها. الليلة الأخيرة كانت الليلة الأخيرة لماري منيب على المسرح مليئة بالمرح والبهجة والسعادة، فقد اندهش الكثير من الجمهور من الأحاديث المطلقة الكثيرة لماري منيب في الكواليس، وذكرياتها عن مسرح الريحاني ودخولها الفن، لتحكى ذلك للجمهور في تلك الليلة، لكنهم لم يعلموا أنها كانت تودعهم بالطريقة التي أحبتها، وشعرت بأنها تليق بهم وبعظمتهم. قدمت ماري منيب واحداً من أفضل العروض المسرحية ليلة وفاتها فى 21 يناير عام 1969، فقد كانت تقدم مسرحية بعنوان «خلف الحبايب»، وبعد أن أغرقت الجمهور العاشق لفنها وحسها الكوميدي الفريد بالضحكات، عادت إلى منزلها في الثانية صباحاً بعد أن أسعدت الجميع، وقد كان يعتريها شعور بأنها لن تقف على خشبة هذا المسرح مرة أخرى، ليصدق حدسها بعد ساعات معدودة. في السادسة صباحاً، تفاجأ زوج الراحلة ماري منيب، بتعب زوجته وقد كانت تلتقط أنفاسها الأخيرة ليظل ينادى عليها ويصرخ ولكن دون جدوى، فقد ماتت أسطورة الكوميديا. مسرحياتها قدمت مارى منيب عدداً من المسرحيات العظيمة، منها «خلف الحبايب»، «عريس فى إجازة»، «سلفنى حماتك»، «يا مين يخلصنى»، «إلا خمسة»، «لو كنت حليوة»، «ملكة الإغراء»، «تعيش وتاخد غيرها»، «الشايب لما يدلع»، «الستات ما يعرفوش يكدبوا»، «يا ما كان فى نفسى»، «حماتى بوليس دولى»،«أشوف أمورك أستعجب»، «خلينى أتبحبح يوم». السينما لمارى منيب مشوار طول مع السينما قدمت خلاله أفلاماً عديدة باعتبارها أشهر كوميديانة فى زمنها، حيث كانت القاسم المشترك مع مخرجى وفنانى الأفلام الكوميدية بلا منافس فى ذلك الوقت، ومن أشهر أفلامها «لصوص ولكن ظرفاء»، «بنات بحرى»، «اعترافات زوج»، «شهر عسل بصل»، «حماتى ملاك»، «عرايس في المزاد»، «كدبة أبريل»، «عفريتة إسماعيل ياسين»، «الأسطى حسن»، «منديل الحلو»، «المليونيرة الصغيرة»، «أبو حلموس»، «بياعة اليانصيب»، «النفخة الكدابة»، «لعبة الست»، «ليلة الحظ»، «تحيا الستات»، «العريس الخامس»، «مصنع الزوجات».