يعتبر الشباب هم الركيزة الأساسية لأى مجتمع، فهم من يحمل لواء نهضة الأمم وتقدمها، ولا شك أن الاستثمار فى تلك الفئة هو الاستثمار الأنجح، فقوة الأمم تقاس بقوة شبابها، ومن بين الفئات العمرية بمصرنا الغالية، يشكل الشباب نسبة كبيرة تمثل القوة الأساسية لهذا البلد.. وسواء اختلف البعض أم اتفق، لا نستطيع إنكار وجود عدد من الأعمال الفنية سواء فى السينما أو التليفزيون، التى أسهمت بشكل كبير فى تناول مشاكل وقضايا تلك الفئة المهمة. فى التحقيق التالى تفتح «الكواكب» هذا الملف، لنستطلع رأى عدد من مصادرنا حول تناول الفن لقضايا الشباب، وهل استطاع الفن بأجنحته المتعددة إبراز تلك القضايا ووضع حلول لها، أم أن تناولها كان يشوبه التقصير... فى البداية يقول الناقد الفنى أحمد سعد الدين: أصبحت السينما فى الآونة تناقش قضايا الشباب ومهتمة بها، لكنها تناقشها من منظور كوميدى أكثر وهذا طبيعى.. ولكن علينا أن نقف هنا ونتساءل: هل استطاعت السينما أن تقدم رسالة للشباب أم لا؟، والحقيقة أن هناك أفلاماً ناقشت قضايا الشباب مثل فيلم (سهر الليالى) على سبيل المثال الذى تحدث عن الكثير من قضايا الشباب والملل فى الزواج، وإذا بحثنا فى الأمر سنجد الكثير من الأفلام التى تناولت تلك المشكلات الشبابية، فالسينما فن شاب ولكنها تعانى من أزمة فى الكتابة، فمن الممكن أن تطرح موضوعاً مهماً جداً ولكن كتابته تكون لا تتناسب مع قوة الموضوع. ويضيف سعد الدين: أما على مستوى الدراما فمن المعروف أن الدراما هى دراما اجتماعية، تهم كل أفراد الأسرة ومنهم الشباب، وهذه هى الرسالة الأساسية للدراما. وتقول الناقدة خيرية البشلاوى: من خلال متابعتى فى الفترة الأخيرة، أجد أن المسلسلات أصبحت تناقش قضايا الأسرة بكل أفرادها، خاصة الشباب، وعن السينما التى أحب أن أسميها (فن الترفيه الهادف) فقد أصبحت أيضاً تهتم بقضايا الشباب. واستطردت قائلة: ولكن أصبحت لدينا مشكلة كبيرة، هى أن شبابنا صار مختلفاً عن ذى قبل فيما جانب الوعى، ولذلك كان على السينما والدراما المصريتين الاهتمام بشكل أكبر بتنمية وعى الشباب، مثل الوعى العاطفى والمعنوى والوطنى عن طريق أعمال تهتم بالسير الذاتية المهمة التى تمثل قدوة، والأعمال التاريخية والدينية التى أصبحت غير موجودة على الإطلاق. ويوضح المخرج أحمد البدرى، قائلاً: أصبحت بعض الأعمال السينمائية مهتمة بالكوميديا التى تعتمد على الإفيه ليس أكثر، وصارت غير معنية بمناقشة أية مشاكل تخص المجتمع، بعد أن كانت قديماً تهتم بقضايا الشباب بشكل واضح، مثل فيلم (إحنا التلامذة) على سبيل المثال، الذى ناقش الكثير من قضايا الشباب. وعن الدراما يوضح: أما الدراما فتهتم أكثر بقضايا الأسرة، ولكن علينا جميعاً مراجعة ذلك، فجيل الشباب أصبح مختلفاً عن ذى قبل وأصبحت السوشيال ميديا تشكل خطراً كبيراً عليه، وكم من الجرائم التى ترتكب بسبب قلة وعى الشباب، ولا يوجد من يتكلم عنها، فعلى كتاب الدراما والسينما الاهتمام بقضايا الشباب أكثر من ذلك. وتضيف المخرجة مريم الأحمدى: أرى أن الدراما والسينما فى الآونة الأخيرة أصبحتا أكثر تطوراً وواقعية بمناقشة قضايا الشباب، خصوصاً عبر المنصات الإلكترونية، فمثلاً مسلسل (بالطو) الذى أراه من وجهة نظرى مسلسلاً جريئاً وواقعياً، ناقش كل قضايا الشباب الخريجين وسوق العمل من منظور لم يقدم بهذا الشكل من قبل، وأيضاً مسلسل (ريڤو) الذى ناقش أحلام الشباب وطموحاتهم والتحديات التى تواجههم، فالدراما أصحبت قوية وواقعية عن ذى قبل. ويقول الكاتب مجدى صابر: أصبحت السينما حالياً تهتم أكثر بالشكل الكوميدى بغض النظر عن كونه محملاً بقضايا مهمة أم لا، فهذه هى وسيلة الجذب الوحيدة للمشاهد من وجهة نظر صناع السينما، فلا أظن أن السينما ناقشت قضايا الشباب الحقيقية.. أما على مستوى الدراما فقد يكون بعض المسلسلات اقتربت من مناقشة قضايا الشباب، لكنها مرت عليها مروراً عابراً دون الاهتمام الحقيقى بها. أما الناقد والمؤرخ الفنى محمد شوقى فيقول: لم تكن السينما المصرية بمعزل عن قضايا الشباب على مدار عقود، فهى سينما الشباب، فمنذ بداية صناعة السينما فى عام 1932 سنجد أن هناك الكثير من الأفلام التى ناقشت قضايا الشباب، مثل فيلم (قضية اليوم) لأنور وجدى، وهو من الأفلام الجميلة جداً الذى يناقش فكرة صراع الأجيال بين الشباب والآباء، وهذه القضية كانت مُثارة فى هذا الوقت وإلى وقتنا الحالى، ثم أصبحت السينما المصرية أكثر نضجاً وواقعية فى فيلم (العزيمة)، الذى يعد أفضل فيلم فى تاريخ السينما المصرية على الإطلاق الذى يناقش حياة شاب تخرج حديثاً ولم يجد فرصة عمل مناسبة لدراسته وهو شاب فقير من أسرة فقيرة، ثم اتجهت السينما لأفلام صلاح أبو سيف رائد الواقعية، ثم سنقف على فيلم مهم جداً وهو (إحنا التلامذة)، للمخرج عاطف سالم، وهو أيضاً ضمن قائمة أهم ١٠٠ فيلم فى السينما لشكرى سرحان، وهذا الفيلم تحديداً حاكى قصة واقعية وتم تقديمه بشكل مهم جداً، ليلمس ويعالج قضايا الشباب مثل الطموح والشاب الذى يطمح لكل شيء ولكن لم يجد احتواء من أسرته، إلى جانب الكثير والكثير من الأفلام المهمة التى ناقشت قضايا الشباب على مر العقود، فالنجم محمود ياسين معظم أفلامه ناقشت قضايا الشباب إلى جانب نور الشريف، ومحمود عبد العزيز، حتى العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ، الذى ظهر فى فترة مليئة سينمائياً بمناقشة قضايا الشباب، وقدم أفلاماً تناقش تلك القضايا منها (بنات اليوم)، (فتى أحلامى)، (الوسادة الخالية)، وأيضاً شكرى سرحان الذى ناقش الكثير من قضايا الشباب فى أعماله لدرجة أن الشباب أصبحوا يقلدونه فى طريقة ارتدائه للقميص، فكان مشهوراً بحركة معينة فى كم قميصه الذى قلده كل شباب فى هذا الوقت، فالسينما طوال الوقت مهتمة جداً بقضايا الشباب. ويضيف: ومن القضايا المهمة التى تخص الشباب ولم تغفلها السينما كانت قضية المسكن فسنجد فيلم (الشقة من حق الزوجة)، وفيلم (المنحوس)، وفيلم (عروسة وشقة يارب)، لدرجة أن هناك أفلاماً كانت تحمل اسم الشباب منها (شباب اليوم)، وفيلم (شباب امرأة). ويكمل شوقى: أما بالنسبة للدراما حالياً، خاصة مسلسلات المنصات، فقد أصبحت كلها من الشباب وتناقش أزماتهم ومشاكلهم المختلفة، وعلى ذكر الدراما، كان هناك مسلسل (مين قال)، الذى اعتبره حدثاً فنياً، وهذا المسلسل قد اهتم بقضايا الشباب ومناقشة وجهة نظرهم، وهناك الكثير والكثير من الأفلام والدراما التليفزيونية التى اهتمت بقضايا الشباب