الإثنين 6 مايو 2024

شريفة فاضل " مشوار فنى حافل قارب السبعين عاما

شريفة فاضل

6-3-2023 | 16:10

خالد فؤاد


 بهدوء وصمت وبعد حياة فنية حافلة قاربت السبعين عاما رحلت أم البطل الفنانة الكبيرة شريفة فاضل عن عالمنا وذلك عن عمر يناهز الـ ٩٢ عاما.
رحلت عن عالمنا قبل قدوم الشهر الفضيل بأيام قليلة والذى إرتبطنا فيه بإحدى أغنياتها الشهيرة التى قدمتها في وداعه " تم البدر بدرى

رحلت بعد معاناه طويلة مع العزلة والأمراض تجاوزت العشرين عاما حيث أصيبت بحالة نفسية سيئة لعدم السؤال عنها سواء من تلاميذها أو زملائها كما أكدت بنفسها لنا قبل عامين من الأن في أخر تصريح صحفي لها قمنا بنشره بمجلتنا الكواكب وذلك في باب " أين هم الأن" الذى كنت أتشرف بتحريره وقمنا فيه بالبحث عن مجموعة كبيرة من الفنانين ممن أختفوا لسنوات طويلة دون الإعلان عن إعتزالهم الفن بشكل رسمى ولم يعد أحد يسأل عنهم .
وكانت هى أى شريفة فاضل بطلة الحلقة الثالثة من الباب .

فقد تحدثت معنا عن الأسباب الحقيقية التى دفعتها للإختفاء والإبتعاد سنوات طويلة.
فقد جائنا صوتها عبر الهاتف كما كتبنا في الموضوع منهكا ومتعبا وراحت تتحدث وقتها بصعوبة بالغة وإعتقدنا وقتها أن هذه الحالة التى كانت عليها بسبب عامل السن إلا إننا ومع تبادل أطراف الحديث معها أكتشفنا أن السبب في هذا حالة الحزن التى تسيطر عليها .
فقد كانت في قمة التركيز وهى تقول عند سؤالنا لها عن أسباب إختفائها، فراحت تقول وتردد مع كل سؤال .. خلاص بقي .. كفاية كده .. لم يعد أحد يسأل عنى .. تلاميذى وأولادى ومن ساعدتهم كثيرا لايسألون عنى .
الوسط لم يعد كما كان .. الجلوس في البيت أفضل .. زمن العمالقة والكبار إنتهى .
الإهتمام الذى كان يحظى به الفنانين زمان من زملائهم وتلاميذهم لم يعد له وجود .
وغير هذا من الكلمات الموجعة والمؤثرة وقمنا بنشرها في الموضوع الخاص بها في هذا التوقيت لتختفي تماما بعدها حتى تلقينا خبر رحيلها عن عالمنا .

المولد والنشأة

 

أسمها الحقيقي هو فوقية محمود أحمد ندا من مواليد محافظة القاهرة
وهى حفيدة القارئ المعروف أحمد ندا وتدربت على أيدي كبار رجال الإنشاد الديني والموسيقي في سن الطفولة .
 أنفصل والديها وهى فتاة الصغيرة فإنتقلت للعيش هي وإخوتها مع زوج والدتها إبراهيم الفلكي وكان أحد أثرياء مصر.
والتحقت بمعهد الفنون المسرحية وتخرجت منه وبدأت مشوارها الفني عندما عرض رجل الأعمال المعروف السيد ياسين في  علي والدتها المشاركة في الفيلم السينمائى “الأب” والذي تم عرضه في عام 1947 وكانت لاتزال في سن الطفولة ثم شاركت سيدة الشاشة فاتن حمامة في فيلم “وداعاً يا غرامي” والذي تم عرضه عام 1951.
والتحقت بعد هذا بمعهد التمثيل كمستمعة نظراً لصغر سنها ثم التحقت بعد ذلك بالإذاعة.
وشاركت في مسلسل “عجيب أفندي” والذي تم عرضه عام 1971.

 وحققت شهرة طاغية بأغنية “أم البطل” التى قدمتها لابنها الذى إستشهد في حرب الإستنزاف.
وتوالت من بعدها أعمالها الفنية وكان آخر أفلامها “تل العقارب” عام 1985.

الحياة الخاصة
وبالإنتقال لحياتها الخاصة فقد تزوجت الراحلة شريفة فاضل من المخرج المصري المعروف السيد بدير وذلك في عام 1949 وذلك بعد أن عرض أول أفلامها في السينما تحت عنوان “الأب”.
وبعد أن قدمت فيلم “وداعاً يا غرامي” طلب منها زوجها أن تعتزل الفن وبالفعل وافقت على ذلك وكرست حياتها لأسرتها ثم رزقت بولدين هما سيد وسامي وعاشت حياتها لزوجها وأبنائها طيلة سبع سنوات.
وفي عام 1958 طلبت من زوجها العودة للفن مرة أخرى فوافق ولكن بشرط أن تعمل من وراء الميكروفون في الإذاعة بالغناء فقط وألا تعمل في السينما وإلا تكون في أفلام تحت رعايته ومن إخراجه.
وعادت بالفعل شريفة فاضل للسينما بفيلم “ليلة رهيبة” من إخراج زوجها السيد بدير.
 ثم طلبت شريفة منه التمثيل والغناء في أوبريت “العشرة الطيبة” مع كارم محمود، فوافق لأنه لديه ثقة في فريق العمل ونجح الأوبريت كثيراً.
ورغم  نجاحها الا أن زوجها السيد بدير عارض إستمرارها في الفن ولذلك اخبرها أنه سوف يسافر لمدة أسبوع وعليها أن تفكر لتختار بينه وبين الفن.
فذهبت شريفة فاضل لمدير المسرح لتخبره بما حدث وأن زوجها طلب منها أن تعتزل فأخبرها أنه لا يمكنها فعل ذلك بسبب التعاقد المبرم بينهما، عاد زوجها من الإسكندرية فأخبرته بما حدث وهنا قال لها بالنص: “أنت طالق لو عملتي في المسرح”.
 فإضطرت شريفة أن تحزم أمتعتها وتترك المنزل وتصحب ولديها معها وذهبت إلى بيت والدتها، حاول بعض الفنانين التدخل لحل الأمور بينهما ولكن زوجها قال أنه لا يريد أن يتدخل أحد بشئونه الخاصة ولم يستطع أحد أن يغير تفكيره أو يقنعه ليرد يمينه.
عاشت شريفه فاضل بعدها لابنيها وصار احداهم شاب يافع
ظابط طيار اسمه سيد السيد بدير
وهبت شريفة فاضل ابنها فداءً للوطن حيث فقدت ابنها الأكبر البطل الطيار سيد السيد بدير الذي استشهد في حرب الاستنزاف.
وتوقفت تماما بعد صدمتها برحيله ثم عادت بعد نصر أكتوبر وصرحت وقتها قائلة : “فرحت لما انتصرنا في أكتوبر وطلبت من صديقتي الشاعرة نبيلة قنديل تكتب أغنية عن أم البطل المقاتل عشان كل أمهات الأبطال اللي استشهدوا واللي انتصروا، ونبيلة قعدت في غرفة ابني الشهيد نص ساعة وخرجت ومعاها كلمات أغنية أم البطل وبكيت وأغم عليا لما سمعت كلماتها، كلمات الأغنية كانت صعبة أوي عليا وكنت دائماً أغنيها آخر أغنية في أي حفلة لأني مكنتش بقدر أغني بعدها”.

مرض وعزلة
أصيبت الفنانة شريفة فاضل بنزيف في الشرايين أثناء غنائها في إحدى الحفلات مما جعلها تتوقف فترة عن الغناء ثم عادت بعدما تعافت، وبقيت أغنيتها رمزاً للعطاء والمشاعر وصدق أمهات جنودنا الأبطال.
ثم احتجبت وغابت تماما عن الوسط الفنى منذ بدايات الألفية الجديدة وعاشت في صمت وعزلة حتى ودعت عالمنا في صمت وهدوء.