الثلاثاء 30 ابريل 2024

نساء كن وراء ولادة السينما المصرية

ماري كويني وعزيزة امير

11-3-2023 | 13:38

طه حافظ

هناك نساء ينسب لهن الفضل فى نشأة السينما ونهضتها، فقد عملن منذ البداية بالتأليف والتمثيل والإخراج وأعمال الديكور وتصميم الأزياء، وبخاصة الإنتاج الذى كلفهن فى بعض الأحيان خسارة أموالهن، فمن هن النساء اللائى كنا وراء بداية السينما المصرية؟

البداية كانت من عزيزة أمير، حيث اقترن اسمها بتاريخ السينما المصرية كمؤسسة لهذه الصناعة فى مصر وفى البلاد العربية بشكل عام، فهى صاحبة الفيلم العربى الأول، وأول سيدة مصرية تجرأت على اقتحام ميدان الإنتاج السينمائى، وذلك بالفيلم الصامت «ليلى» الذى عُرض عام 1927، وجذب النجاح المادي لفيلم ليلى اهتمام العديد من رواد ورجال الأعمال الطموحين لتكرار إنجاز عزيزة ومن هنا انطلقت السينما المصرية. بعد إنتاجها للفيلم الأول ليلى عام 1927، تبعته بفيلم بنت النيل الذى عُرض عام 1928. وكان ثالث أفلامها «كفرى عن خطيئتك» والذى توقفت بعده عن الإنتاج بسب خسارتها ثم عادت بفيلم «بياعة التفاح» كأول أفلامها الناطقة. استمرت عزيزة أمير فى الإنتاج باسم شركتها إيزيس فيلم، فأنتجت خمسة وعشرين فيلماً شاركت ومثلت وأخرجت فى الكثير منها، وكان آخرها فيلم «آمنت بالله» الذى عُرض لأول مرة سنة 1952. أما عن الإخراج السينمائى فهى أول مخرجة على مستوى العالم فقد أخرجت عام 1929 فيلم بنت النيل.

 

بهيجة حافظ

 ولدت بهيجة حافظ فى محافظة الإسكندرية فى أسرة عرفت بحبها للموسيقى، وحصلت على شهادة فى التأليف الموسيقى من فرنسا، وكانت أول مصرية تُقبل عضواً فى جمعية المؤلفين بباريس، وكانت كذلك صاحبة أول اسطوانة ظهرت فى السوق عام 1926. أعمال بهيجة حافظ السينمائية مهدت الطريق لبدء ما عرف بالعصر الذهبى للسينما المصرية في أربعينيات القرن الماضي، فبعدما ذاعت شهرتها في عالم الموسيقى اختارها المخرج محمد كريم لبطولة الفيلم الصامت زينب المأخوذ عن رواية الكاتب محمد حسين هيكل، و قامت بوضع موسيقاه التصويرية، لتصبح أول امرأة تقوم بهذا الدور ومن هنا بدأت علاقة بهيجة حافظ بالسينما عام 1930. فى عام 1932 أسست بهيجة حافظ شركة إنتاج سينمائى حملت اسم الفنار، وفى نفس العام أنتجت فيلم الضحايا الذى قامت ببطولته، وقد شهدت نسخته الناطقة بعد ذلك بثلاث سنوات الظهور الغنائى الأول لليلى مراد. يعتبر فيلم «ليلى بنت الصحراء» الذى أُنتج عام 1937علامة مهمة فى مشوار بهيجة حافظ، إذ قامت بإنتاجه وبطولته إلى جانب تأليف موسيقاه التصويرية وتصميم أزيائه، وبلغت تكلفة إنتاج الفيلم حوالى 18 ألف جنيه مصرى، وهو مبلغ ضخم بالنسبة لإنتاج تلك الفترة. وقد لاقى الفيلم نجاحاً كبيراً وكان أول فيلم عربي ناطق يعرض فى مهرجان برلين الدولي، وكان آخر أفلام بهيجة فى البطولة هو فيلم «زهرة السوق» عام 1947، بعد توقف عن التمثيل لمدة عشر سنوات، حيث تعرضت للعديد من المشكلات بسبب فيلم «ليلى بنت الصحراء»، فبعد نجاحه تم منعه من العرض، وبعد ذلك أعادت بهيجة إنتاجه تحت اسم ليلى البدوية، ولكنه لم يحقق أى نجاح، وكان سبباً فى خسارة أموالها، وتوقفها عن التمثيل حتى عام 1947، حيث عادت مرة أخرى للإنتاج والتمثيل فى فيلم «زهرة السوق»، ولكنه لم يحقق أى نجاح، وأفلست شركة فنار على أثره.

فاطمة رشدى

 بدأت فاطمة رشدى مسيرتها الفنية وعمرها 9 سنوات، عندما جاءت من الإسكندرية لزيارة شقيقتها أنصاف فى المسرح، ورآها المبدع المسرحى أمين عطا الله، ورشحها لدور صغير، ونجحت الطفلة فى كسب ود الجمهور، ورفع التصفيق وصيحات الإعجاب من سقف طموحها، فقررت أن تكون نجمة . ثم التقت المطرب سيد درويش الذى ضمها لفرقته عام 1921، ثم التقت المبدع عزيز عيد الذى علمها القراءة، والكتابة، وقواعد التمثيل. بدأت فى المسرح بأدوار ثانوية، وشيئا فشيئا باتت تتصارع عليها الفرق المسرحية الكبيرة، مثل فرقة رمسيس، وفرقة يوسف وهبى، وعندما أرادت فاطمة رشدى تقديم فن خاص بها، ويعبر عن قناعاتها، قررت تكوين فرقة باسمها، وكان تحديا كبيرا فى ذلك الوقت، واستطاعت أن تتقدم طابور الموهوبين بفرقتها، وسافرت هذه الفرقة للعرض ببيروت، وبغداد وعدد من الدول العربية. لم يهدأ حماس فاطمة رشدى عند هذا الحد، حيث تعلمت التأليف والإخراج، الأمر الذى دفع نقاد الحركة الفنية فى ذلك الوقت لمنحها لقب سارة برنار الشرق، كما ساهمت فى اكتشاف مواهب فنية مثل: محمد فوزى، ومحمود المليجى. بعد نجاحها السينمائى قررت خوض تجربة الإنتاج، وكان أول إنتاجها فيلم «تحت ضوء الشمس» ثم توالت أعمالها السينمائية وأهمها فيلم الزواج عام 1933،وفيلم الهارب عام 1936، وفيلم «ثمن السعادة» عام 1939، وفيلم «العزيمة» الذى أخرجه كمال سليم فى عام 1939، وفيلم «إلى الأبد» لنفس المخرج عام 1941، وفيلم «العامل» عام 1943 وهو من إخراج أحمد كامل مرسى، وفى نفس العام شاركت فى فيلم «الطريق المستقيم» الذى أخرجه توجو مزراحى ومنه انطلقت وقدمت العديد من الأفلام من بين هذه الأفلام أنتجت أربعة أفلام هى «تحت سماء سحابة مطر، والزواج، ومدينة الفجر والطائشة» وهناك فيلم واحد فقط من تمثيلها وإنتاجها وإخراجها وهو فيلم «الزواج»، وهى بذلك تعتبر ثانى فنانة مصرية تقوم بإخراج الأفلام بعد الفنانة عزيزة أمير وكان آخر ظهور سينمائى لها عام 1966 من خلال فيلم «القاهرة 30» من إخراج صلاح أبو سيف.

آسيا داغر

ظهرت آسيا داغركممثلة بأول فيلم مصرى صـامت وهـو «ليلى» عام 1927، الذى أنتجته عزيزة أمير، وفى نفس العام أسست شركة لوتس فيلم لإنتاج وتوزيع الأفلام، واستمر نشاطها بعد توقف شركات إبراهيم لاما وبدرلاما، وعزيزة أمير وبهيجة حافظ. كان فيلم «غادة الصحراء» فى 1929 هو أول بطولة لها وباكورة إنتاجها، وأخرجه التركى وداد عرفى، ثم استعانت بإبراهيم لاما لإخراج فيلم وخز الضمير، وبعدها تعرفت على أحمد جلال فأخرج لها كل ما أنتجته من أفلام فى الفترة من 1933 و1942، وبعد أن تزوج أحمد جلال من ابنة أختها الفنانة مارى كوينى وأسسا معا استوديو «جلال» تفرغ لإخراج أفلام شركته فبحثت عن مخرج آخر ووقع اختيارها على مساعد مخرج شاب لإخراج فيلم «الشريد» وهو هنرى بركات. تعتبر آسيا صانعة لأهم المخرجين والممثلين فى تلك الفترة، فهى من قدمت المخرج هنرى بركات ،حسن الإمام، إبراهيم عمارة، أحمد كامل مرسى، يوسف معلوف، عز الدين ذو الفقار، حسن الصيفى، حلمى رفلة، كمال الشيخ. على المستوى الفنى، كان لها بصمة ظاهرة فى السينما المصرية، فبعد أن كان لها السبق فى تقديم فيلم الخيال العلمى قدمت فيلم «حياة أو موت»، و كان لها السبق فى تقديم أول فيلم مصرى بالألوان عام 1958، وهو «رد قلبى» والسبق فى تقديم الأفلام التاريخية الملحمية منذ بداية عملها بالإنتاج فقدمت فيلم «شجرة الدر»، ثم فيلم «أمير الانتقام» الذى أخرجه هنرى بركات عام 1950.

أمينة محمد

 كانت بدايتها الفنية الحقيقية على المسرح حينما التحقت بفرقة رمسيس بعد مقابلتها ليوسف وهبى فى عام 1924، وفى عام 1937 قررت الاتجاه للإنتاج السينمائى من خلال شركتها «أمينة فيلم»أول فيلم مصرى يعمل فيه فنانون هواة من الشباب، ليأخذوا فرصتهم في مجال السينما، فأنتجت فيلم «تيتاوونج» وهو الفيلم الذى صالحها مع السينما ونقلها من مصاف ممثلات المسرح الثانويات إلى مصاف البطلات، وعندما اجتهدت لعمل هذا الفيلم لم تكن تعرف أنها ستدخل ذاكرة السينما من أوسع أبوابها وتسجل نفسها فى قائمة الرائدات مع عزيزة أمير وفاطمة رشدى وزميلاتها بهيجة حافظ وآسيا داغر وماري كويني.

مارى كوينى

بدأت مارى العمل فى السينما عام 1939 فى فيلم «غادة الصحراء» بترشيح من المخرج وداد عرفى لتمثل لأول مرة أمام خالتها آسيا، وكانت فى الثانية عشرة، ثم عادت للسينما فى 1933 لتعمل مونتيرة فى فيلم «عندما تحب المرأة» إخراج أحمد جلال، ثم اتجهت إلى التمثيل والإنتاج مع آسيا. في أوائل الأربعينيات من القرن العشرين، أنشأت شركة إنتاج مع زوجها أحمد جلال وبدأت ببناء استديو جلال فى حى حدائق القبة الذى أصبح أحد أكبر خمسة استوديوهات بمصر، قدم الاستديو أول معمل ألوان فى مصر بالإضافة إلى أول نظام صوت حديث، وتوفى أحمد جلال عام ١٩٤٧، قبل الانتهاء من بناء الاستديو واعتزلت مارى كوينى التمثيل فى أواخر الخمسينيات وكرست نفسها لاستديو جلال، الذي أُمم عقب عام 1952. حققت فى النهاية نفس المرتبة الرائدة كمنتجة أفلام مثل خالتها آسيا واستمرت بدعم مسيرة ابنها، نادر جلال الذى أصبح مخرج أفلام ناجحًا بفضل مواهبه.