الإثنين 6 مايو 2024

إنت طالق.. ما بين الكــــــوميديا والدراما على الشاشة

من فيلم الشقة من حق الزوجة

24-3-2023 | 13:43

خالد فؤاد

تناولت الأعمال الدرامية قضايا المرأة بشكل عام، بطرق وأشكال مختلفة، سواء ما عرض منها أو ما يعرض حالياً، ومن أهم تلك القضايا التى تناولتها الأعمال الدرامية ظاهرة الطلاق فى المجتمع المصرى والعربى فى الآونة الأخيرة، وقد حققت هذه الأعمال نجاحاً كبيراً ونسب مشاهدة عالية، خاصة أنها لمست واقعاً لملايين النساء والأسر التى أقدمت على مشاهدتها من منطلق أنها عبرت عن مشاكلهم بالفعل .

ملفات حياتية
غالبية هذه الأعمال، وكما أكد الكثير من صناعها والنجوم الذين شاركوا فيها، تم اقتباسها من واقعنا الصعب ومن قلب الملفات الحياتية اليومية التى نعيشها ومعالجتها درامياً، وإذا كانت تلك الأعمال الدرامية قد عنيت بالفعل وفى الظاهر بقضايا المرأة والطلاق، إلا أنها فى حقيقة الأمر تناولت مدى تأثيرات المشاكل والخلافات الأسرية على الحالة النفسية للأبناء، فهم الضحايا الأوائل لما حدث ويحدث يومياً داخل ملايين البيوت، ومن هنا فقد طرحت تلك الأعمال تأثير قضايا الطلاق ليس على المرأة فحسب، بينما على الأسر والأبناء بوجه عام.
  إلا أنا
 ولعل آخر هذه الأعمال على سبيل المثال وليس الحصر المسلسل الناجح «إلا أنا»، الذى تضمن مجموعة من الحكايات التى تناولت الكثير من قضايا المرأة فى الوقت الحالى، ونجح المسلسل فى تحقيق نجاح كبير ونسب مشاهدة عالية للغاية، بما قدمه من قضايا حقيقية لامست الواقع.
 لم يكن مسلسل «إلا أنا» الأول ولا الأخير، بل كانت هناك مجموعة من المسلسلات الناجحة مثله أيضاً والتى عرضت فى الآونة الأخيرة وتعرضت بشكل أو بآخر لنفس القضايا ومعاناة النساء وأزمات الطلاق والانفصال ومنها «خيط حرير» و«طلقتك نفسى» و«الوجه الآخر» و«قوت القلوب» و«نحب تانى ليه» وغيرها من المسلسلات الدرامية الأخرى سواء التى قدمت فى الألفية الجيدة أو منذ ظهور الدراما التليفزيونية مع نشأة التليفزيون فى مطلع الستينيات من القرن الماضى، وناقش العديد منها الكثير والكثير من قضايا المرأة ومشاكلها وأزماتها مع الطلاق وصعوبات الحياة الأسرية .
 شعار الدراما
وقد رفعت الدراما التليفزيونية فى الأعوام الأخيرة شعار مسلسلات الطلاق والخلافات الزوجية، فشاهدنا على سبيل المثال وليس الحصر عدداً كبيراً من المسلسلات مثل «أريد رجلاً» لشهيرة سلام و«البيوت أسرار» لهنا شيحة وآيتن عامر ونسرين أمين و«المطلقات» لعلا رامى ومى سليم و«نسوان قادرة» لعبير صبرى ونجلاء بدر و«حالة عشق» لمى عز الدين و«وجع البنات» لوفاء قمر وياسين رحمى و«ألوان الطيف» لعبير صبرى ولقاء الخميسى، وغيرها من المسلسلات الأخرى التى تعرضت بطرق وأشكال مختلفة للأزمات الزوجية وظاهرة الطلاق التى اقتحمت ملايين البيوت بطرق وأشكال مختلفة .
خيانة وطلاق
ومما يؤكد أن هذه الظاهرة قد فاقت كل الحدود والتوقعات ما شاهدناه فى رمضان الماضى، حيث فوجئنا بأن عدد كبير من الأعمال التى تم عرضها غلب عليها نفس الشعار «الطلاق والخلافات»، بل والخيانات أيضاً وكان من أبرز هذه الأعمال «فرصة تانية» لياسمين صبرى، و«لما كنا صغيرين» لريهام حجاج، و«خيانة عهد» ليسرا، وغيرها من الأعمال الأخرى.
 الطلاق فى السينما
 ولم تكن السينما بمنأى عن مناقشة تلك القضايا الاجتماعية عبر كافة العقود السابقة، وفى مقدمتها بالطبع قضية «الطلاق» التى شغلت حيزاً كبيراً فى الأفلام المصرية منذ نشأتها فى نهاية العشرينيات من القرن الماضى حتى اليوم، ولصعوبة رصد كل الأفلام التى تناولت تلك القضايا الشائكة والحساسة عبر العقود الماضية، نكتفى بتناول أشهرها وأبرزها صاحبة الأثر الأكبر، والتى حققت نجاحاً كبيراً ووصلت لملايين المشاهدين.
 كوميديا سوداء
«أنتِ طالق» من أصعب الكلمات بالنسبة للرجل والمرأة على حد سواء، فكلمة الطلاق لها وقع مؤلم مهما بلغ الخلاف، وقد تناولتها السينما المصرية بأشكال شتى منها الكوميدى تارة، وذات الأداء الدرامى تارة أخرى.
 الشقة من حق الزوجة
«أطلقك.. وتسبينى أنام» من أشهر الجمل فى كوميديا الحياة الزوجية، جاءت فى فيلم «الشقة من حق الزوجة» لمحمود عبد العزيز ومعالى زايد، فعندما استمرت زوجته بالضغط عليه، طالبة منه الطلاق، بينما هو فى حاجة إلى الراحة لشدة إجهاده، قام بتطليقها فى مشهد كوميدى، حتى تتركه وحاله ويتمكن من النوم، ومن هنا بدأت المشاكل والصراعات على أحقية الشقة.
 حماتى قنبلة ذرية
عندما تتدخل الحماة الأشهر فى السينما المصرية، «مارى منيب»، فى أى علاقة لابد أن تنتهى بالطلاق، وهذا بالتأكيد ما حدث مع إسماعيل ياسين وتحية كاريوكا فى فيلم «حماتى قنبلة ذرية» وتكرر مرة أخرى مع يوسف فخر الدين وآمال فريد فى فيلم «حماتى ملاك»، ومن المؤكد أننا نتذكر تلك الجملة الشهيره لمارى منيب «مدوباهم اتنين».
 لعبة الست
تتكرر ثنائية مارى منيب وتحية كاريوكا، ولكن هذه المرة يكون الضحية الفنان العظيم نجيب الريحانى، بعد أن تغير الشهرة زوجته الحبيبة «لعبة»، فتطلب منها أمها التخلى عن زجها بعد شهرتها، وسفرها للخارج وتعرفها على الثرى الشامى، فيضطر الزوج إلى تطليقها فى فيلم «لعبة الست».


 أريد خلعاً
«يا بخت من وفق راسين فى الحلال»، شعار تبدل كثيراً فى هذا الفيلم الذى يتناول نموذجاً من الكوميديا الاجتماعية العائلية التى تدور حول زوجة (حلا شيحة) تضطرها معاملة زوجها السيئة (أشرف عبدالباقى) إلى رفع دعوى خلع ضده بحثاً عن الخلاص منه لتكون أول زوجة ترفع هذه القضية بعد إصدار قانون الخلع، بمساعدة شقيقها، فى محاولة للحصول على حقوقها، ويتهم كل منهما الآخر كمسبب لهذا الوضع فى إطار كوميدى.
 
دراما فزاعة الطلاق
 الطلاق هو المنطقة الشائكة والأخطر فى حياة الإنسان، حيث كان البعض يعتبر وجود الخلافات بمثابة التوابل التى تمنح الحياة الزوجية قبلة الحياة من حين إلى آخر وتقضى على الرتابة والملل، لكن الأمر لم يعد كذلك مع تزايد حدة الخلافات وغياب روح التسامح والاحتواء لدى الأزواج. وأصبح الحل هو الطلاق الذى سجل معدل مرتفع فى مصر مما شكل خطراً حقيقياً يهدد مؤسسة الزواج، ومن هنا عاصرت السينما هذه المشاكل الاجتماعية فى إطار درامى يبحث عن الحلول من خلال عدة أعمال كان منها:


 أريد حلاً
 فى عام 1975 تم إنتاج واحد من أهم علامات السينما المصرية وهو فيلم «أريد حلاً»، الفيلم الذى أثار ضجة كبيرة وقت عرضه، بل وبسببه تغير قانون الأحوال الشخصية فى مصر.
حيث ناقش الفيلم مشكلة درية «فاتن حمامة» فتاة من عائلة أرستقراطية يتم تزويجها لرجل دبلوماسى وهو مدحت «رشدى أباظة» وبعد فترة من الزواج تكتشف خياناته المتعددة لها، وبعد أن يسافر ابناهما للدراسة بالخارج، تشعر درية بأن دورها كأم انتهى وبإمكانها الآن أن تطلب الطلاق، وبالفعل تطلب الطلاق فيهاجمها الجميع، ولكنها تصمد للنهاية وترفع قضية طلاق تظل قيد النظر بالمحاكم لسنوات عديدة، وخلال الجلسات ينكشف لنا عالم النساء اللاتى يطلبن الطلاق أيضاً وأوضاعهن المزرية، وبعد سنوات فى المحاكم ينتهى الفيلم على أنه لا يوجد مبرر من وجهة نظر القاضى للطلاق، وبالتالى يحكم عليها بالاستمرار مع زوجها.
ساهم فيلم «أريد حلاً» فى مناقشة إقرار قانون الخلع فى مصر. 


آسفة.. أرفض الطلاق
على النقيض تماماً، ففى عام 1980 تم إنتاج الفيلم التليفزيونى «آسفة.. أرفض الطلاق»، ليعرض عكس ما تناولته فكرة فيلم «أريد حلاً»، فالزوجة منى «ميرفت أمين» ترفض قرار زوجها «حسين فهمى» بالطلاق، حيث إنها لم ترتكب ما يدعو لذلك، بالإضافة إلى أنهما كانا يعيشان حياة مثالية، إلا أن الزوج بعد إعادة اكتشاف حبه الضائع والذى لعبت دوره «سوسن بدر» قرر التخلى عن حياته مع زوجته.
وتتحدى منى كل الظروف الاجتماعية وتقف فى وجه أهلها وأصدقائها وتطالب برفع قضية ضد زوجها تطالب فيها بعدم تطليقها، فليس من حقه وحده تقرير مصيرهما.
ينتهى الفيلم بوصول منى لمبتغاها وإقناع زوجها بأن قرار الطلاق ليس من حقه وحده، فيعود لها الزوج، لكنها ترفض عودته إليها مجدداً.


ولا عزاء للسيدات
نوع آخر من المخاوف جسده فيلم «ولا عزاء للسيدات» الذى لم يكن يناقش الطلاق فى حد ذاته، ولكنه استعرض نظرة المجتمع للمطلقة ومعاناتها من القيل والقال ونظرات الناس لها، وكيف يصدق الآخرون بسهولة أى طعنات فى سمعتها دون أى محاولة لاستيضاح الحقيقة منها، ناقداً تقديس المجتمع الإشاعات وتجاهل الحقائق.
 أفلام كوميدية.. ولكن!
هناك عدداً كبيراً من الأفلام التى حملت شعار الكوميديا، وتناولت أيضاً الظاهرة بطرق وأشكال مختلفة سواء فى الألفية السابقة أو فى الألفية الجديدة، تماماً كما شاهدنا فى فيلم «البعض يذهب للمأذون مرتين» لنور الشريف وميرفت أمين وعادل إمام ولبلبة وسمير غانم، ويتناول الفيلم فكرة خيانة الأزواج لزوجاتهم، وعندما ينكشف الأمر تطفو على السطح فكرة الطلاق، ومطالبة جميع الزوجات أزواجهن بالطلاق فى جو من المفارقات والمواقف الكوميدية.
وكذلك فيلم «زوج تحت الطلب» لعادل إمام وليلى علوى وفؤاد المهندس، الذى ناقش فكرة الطلاق أكثر من مرة واستحالة عودة الزوجين إلا من خلال محلل، وأخيراً وليس آخراً «محامى خلع» لهانى رمزى وداليا البحيرى وعلا غانم.. والبقية تأتى.
 نزاعات مستمرة
هكذا كانت السينما والدراما المصرية انعكاساً لتطورات التخبطات والنزاعات الزوجية وصولاً إلى كلمة «الطلاق»، وحاولت أن تقدم كوميديا كدعوة للتسامح والتغلب على صعوبات الحياة، وقدمت الدراما كسبيل للوعظ وتحمل المسئولية، كما عنيت أيضاً بدعم المرأة المعنفة  والمطلقة فى مواجهة القدر.