الإثنين 25 نوفمبر 2024

بين القصيرة وذات الـ«30» حلقة.. أين يتجه مستقبل الدراما؟

من مسلسل جت سليمة

15-4-2023 | 14:11

موسى صبرى

اتجه عدد من صناع الأعمال التليفزيونية للمراهنة على المسلسلات القصيرة التى أصبحت جاذبة بصورة كبيرة واستطاعت أن تحجز مكاناً لها على الخريطة الدرامية للقنوات الفضائية والمنصات الإلكترونية، لتزاحم المسلسلات الطويلة؛ بسبب تسارع الأحداث فيها واكتمال القصة فى وقت قياسى يسمح للجميع بالإبداع من مؤلف وممثل ومخرج وفريق العمل ككل، ليشهد الموسم الدرامى الرمضانى الحالى سلسلة كبيرة من الأعمال الدرامية التى لا تتخطى الـ«15» حلقة، منها «مذكرات زوج»، بطولة النجم طارق لطفى، ومسلسل «علاقة مشروعة» بطولة النجم ياسر جلال، ومسلسل «تلت التلاتة» بطولة الفنانة غادة عبد الرازق، ومسلسل «كشف مستعجل»، بطولة مصطفى خاطر، ومسلسل «جت سليمة» للنجمة دنيا سمير غانم، وغيرها من المسلسلات القصيرة التى اقتحمت الموسم الدرامى الرمضانى..

فى التحقيق التالى فتحت «الكواكب» هذا الملف مع صناع الدراما لمعرفة أسباب هذه الظاهرة ومدى رواجها وما تأثيرها على الأعمال الدرامية...

فى البداية تحدث الفنان طارق لطفى قائلاً: «ليس الموضوع مرتبطاً بعدد الحلقات فى العمل التليفزيونى بقدر أهمية الفكرة والمحتوى الدرامى الذى يتم عرضه، والأحداث الداخلية للمسلسل، ومساحة الإبداع فيه، وهى الأمور التى تحدد إذا كان العمل التليفزيونى دراما طويلة أم لا، فهناك عمل يتحمل الدراما الطويلة وعمل آخر لا يتحمل، كلاهما مرتبط بنوعية الفكرة والموضوع، وليس الكم كما يعتقد البعض.

ويوضح: فى مسلسل (مذكرات زوج) الذى عرض فى الدراما الرمضانية هذا العام، نجد أن الفكرة قائمة على 15 حلقة، وهو الأمر الذى تحدد على أساسه عدد الحلقات، وليس أمراً آخر، فالدراما بالمسلسل لم تسمح بالتطويل، فإطارها سريع، وهذا ما يلاحظه الجمهور، وما علينا كفريق عمل إلا الاجتهاد سواء 15 حلقة أم 30 حلقة.

أما الفنان سيد رجب فيقول: دائماً ما أميل إلى النص الجيد سواء ضمن عمل من 30 حلقة أو 15 حلقة، فقد قدمت الكثير من المسلسلات الناجحة ذات الثلاثين حلقة، وكذلك مسلسلات الـ15 حلقة وأكثر، فالأهم عندى هو المحتوى الذى يقدم والدور والمجهود الذى يخرج الشخصية بأفضل شكل وصورة.

ويضيف رجب: لكن تيمة المسلسلات الآن أصبحت قصيرة، وهذا فى صالح الدراما التليفزيونية قلباً وقالباً، حيث يوفر ذلك لنا طاقة إبداعية لا مثيل لها فى باقى الأعمال الأخرى، كما أنها تفتح باباً كبيراً ليعمل الجميع ويبدع فى رمضان، لذلك لا غضاضة فى تقديم المسلسلات القصيرة ذات الـ١٥ حلقة أو أقل، فهذا ما نبحث عنه.

ويقول المنتج ريمون مقار: أعتقد أن الموضوع يصب فى صالح الدراما التليفزيونية أكثر، ففكرة عرض المسلسلات القصيرة بكثافة فى رمضان قائمة على تشغيل أكبر عدد من النجوم والمؤلفين والمخرجين، وهى فكرة وليدة التجربة، قد تنجح أو لا، حسب استقبال الجمهور لها فى هذا الشهر الكريم، وقد تخدم الإعلانات وتسويق المسلسلات، فإذا نجحت سيتم تكرارها فى المواسم المقبلة، وإذا فشلت سنعيد النظام القديم ذا الثلاثين حلقة.

ويضيف: أنا مع عرض المسلسل لأكثر من ثلاثين حلقة، لأنه يخلق حالة من التعايش بشكل أكبر مع الجمهور وكل فريق العمل، ولكن إذا نجحت التجربة سأقدم عليها على الفور، وأحاول الاستفادة منها، بأن أقدم مسلسلين، كل واحد منهما 15 حلقة. وعن رأيها فى سبب انتشار المسلسلات ذات الـ15 حلقة،

تقول السيناريست سماح الحريرى: هناك سببان رئيسيان يترتب عليهما هذا الانتشار.. أولاً المسلسلات الطويلة التى تحمل ثلاثين حلقة تكون فكرتها عادة جيدة، لكنها لا تسد احتياج الجمهور بسبب المط والتطويل، فيشعر الجمهور بالملل منها، والسبب الثانى هو انتشار المنصات الإلكترونية التى تسمح بعرض 10 حلقات و15 حلقة فقط، ونجحت الفكرة مع الجمهور فكانت وليدة التجربة وأثبتت نجاحها. وتضيف: أصبحت هناك آراء ملحة لعملية تكثيف الحلقات فى الدراما التليفزيونية لصالح الفكرة، والبعد عن تطويل الأحداث، مما يجعل الفكرة أكثر تشويقاً ونجاحاً، والجمهور فى حالة من الانجذاب إليها دون ملل.. وهذا ما حدث فى مسلسلى (علاقة مشروعة) بطولة ياسر جلال، وتكررت التجربة بكثافة فى رمضان هذا العام، وقد دعمت المنصات بقوة هذه المسلسلات القصيرة ليمتد الأمر إلى التليفزيون. ويقول السيناريست باهر دويدار: لا يوجد عمل فنى مرتبط بعدد الحلقات، فالأهم هى الفكرة وطريقة تقديمها، فكبار المبدعين مثل أسامة أنور عكاشة ووحيد حامد كانوا يكتبون نصاً حسب الفكرة، وليس حسب عدد الحلقات، وأتصور أن هناك مسلسلاً بعنوان (أوان الورد) للفنانة يسرا كان عبارة عن 36 حلقة، ومسلسلاً آخر مكوناً من 30 حلقة، وثالثاً مكوناً من 15 حلقة، ولكن تحكُّم كثير من المعلنين فى عدد الحلقات بالأعمال التليفزيونية، وراء زيادة عدد الحلقات دون داعٍ، فقد أرادوا عرض إعلاناتهم على مدار الشهر، لذلك طُلب منا كمؤلفين أن نقدم أعمالاً مرتبطة بالشهر لعرض إعلاناتهم، مثلما حدث فى أمريكا، حيث يرتبط المسلسل بـ١٣ أسبوع عرض؛ بسبب المعلن، وهذا أضر بالدراما، كما أن القنوات لم تساعدنا فى مساحة الإبداع التى نقدمها فى كل عمل، بل دائماً تشترط شروطاً مجحفة وصعبة على المؤلف فى تحديد عدد الحلقات سواء كانت طويلة أم قصيرة.

ويضيف: دويدار: فى مسلسل (كابتن عفت) بطولة ليلى علوى قدمت مسلسلاً يحتوى على 30 حلقة، كل 15 حلقة منفصلة عن الأخرى، والفكرة مختلفة تماماً، ولكنه لم يحقق النجاح المطلوب بسبب صعوبة تنفيذ الفكرة، وهو ما أضر بالعمل بسبب ارتباط المسلسل بتقديم ٣٠ حلقة، فى حين أن المساحة الإبداعية بالمسلسل كانت فى 15 حلقة فقط، وباقى المسلسل كان عبارة ملء حلقات فقط. ويختتم دويدار بالقول: رواج المسلسلات ذات الـ١٥ حلقة يفيد صناع الدراما التليفزيونية بدءاً من الكاتب والمنتج وباقى فريق العمل، حيث توفر للجميع مساحة فى الإبداع والتركيز، بعيداً عن ضغوط العمل الطويل الذى يقتصر على مجموعة معينة من الفنانين. ويتحدث فى الأمر ذاته المخرج سامح عبدالعزيز، فيقول: فى الحقيقة أن ما يهم المخرج فى المقام الأول الفكرة التى يقوم بتنفيذها، ولا يشغله عدد الحلقات عن أحداث المسلسل، فكلا النوعين ينجح سواء المسلسلات ذات الـ30 حلقة أو المسلسلات ذات الـ15 حلقة، المهم كيفية تنفيذها على أرض الواقع، والنجاح مرهون بتوصيل الفكرة للجمهور وليس عدد الحلقات.

ويضيف: فى المسلسلات القصيرة تكون هناك قدرة أكبر على الإبداع لوجود مساحة أكبر من الوقت للتحضير، وعدم الشعور بضغط الوقت الذى نتعرض له كثيراً فى الأعال الطويلة، فقد نلجأ للتصوير حتى آخر يوم فى رمضان، وقد تقل مساحة الإبداع فى المسلسل لهذا السبب.

وتقول الناقدة ماجدة موريس: لا يوجد ما يسمى الدراما التليفزيونية القصيرة أو الطويلة، فهذه معتقدات خاطئة، فالدراما التليفزيونية منذ نشأتها فى فترة الستينيات كانت تحتوى على 7 حلقات فقط وتطورت إلى 10 حلقات، ثم 12 حلقة، حتى بداية التسعينيات من القرن الماضى، ونظراً لتزايد طلب المعلنين على منتجاتهم والمطالبة بعرضها وقتاً أطول أصبحت الدراما 30 حلقة، ومساحة الإبداع فيها أكبر، والأحداث فيها أحياناً تشهد مطاً وتطويلاً، وأحياناً يأتى ذلك فى صالح الدراما وأحياناً أخرى ضدها، حسب نوع المحتوى والفكرة التى تتناولها الدراما.

وتضيف: رواج الأعمال القصيرة مؤخراً صار أمراً طبيعياً، لما يتناسب مع الفكرة والموضوع الذى يقدم، وهذا لا يقلل من قيمة العمل، بل بالعكس فإنه يشهد مساحة إبداع كبيرة بدلاً من الضغط المتزايد على المؤلف والمنتج والممثلين فى تقديم حلقات طويلة بدون جدوى، وما يزيد الأمر صعوبة فى الدراما التليفزيونية الطويلة أنها تحتاج إلى مجهود كبير فى الإثارة والتشويق لابد أن يلتزم بها فريق العمل، وهذا لا يحدث فى معظم المسلسلات بالدليل القاطع، حيث نجد أن بعضاً منها فى أول عشر حلقات ثرى وممتع، وباقى المسلسل ممل، والعكس صحيح، فهذا أهم عيوب الدراما الطويلة، فى الوقت الذى لا يوجد فيه تباطؤ فى الدراما القصيرة.