حسناً فعلت قناة «الوثائقية» المصرية، إحدى قنوات «الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية» عندما أعلنت بدء العمل على إنتاج فيلم وثائقى عن الملكة «كليوباترا» ليكون بمثابة رد قوى وتصحيح للتاريخ، وتقديمه بصور صحيحة، وذلك بعد أسبوعين فقط على الإعلان المثير للجدل باقتراب عرض مسلسل وثائقى عن «كليوباترا» من إنتاج أحدي المنصات، الذى ظهرت خلاله الملكة الأغريقية الأصل، سمراء اللون، وهو ما يعد تزييفاً للتاريخ المصرى ومغالطة تاريخية صارخة، لاسيما أن الفيلم مصنف وثائقياً وليس عملاً درامياً، الأمر الذى كان يتطلب من صناعه ضرورة تحرى الدقة، والاستناد إلى الحقائق التاريخية والعلمية، بما يضمن عدم تزييف تاريخ وحضارات الشعوب، ويبدو أن المسئولين فى «هذه المنصة» لم يعودوا إلى متخصصى علم الآثار والأنثروبولوجى، عند صناعة مثل هذه النوعية من الأفلام الوثائقية والتاريخية، والتى سوف تظل شاهدة على حضارات وتاريخ الأمم، فهناك العديد من الآثار الخاصة بالملكة كليوباترا من تماثيل، وتصوير على العملات المعدنية، التى تؤكد الشكل والملامح الحقيقية لها، وجميعها تظهر ملامح كليوباترا «اليونانية»، من حيث البشرة فاتحة اللون، والأنف المسحوب، والشفاه الرقيقة، وحالة الرفض التى شهدها الفيلم قبل عرضه، تأتى من منطلق الدفاع عن تاريخ الملكة «كليوباترا السابعة»، الذى يعد جزءاً مهماً وأصيلاً من تاريخ مصر القديم.
وبعيداً عن أى عنصرية عرقية، مع الاحترام الكامل للحضارات الأفريقية وللأشقاء فى القارة الأفريقية، كان لابد من رد قوى بنفس الطريقة والأسلوب، فإذا كان تشويه تاريخنا بأعمال درامية أو وثائقية، فلابد أن يكون الرد بنفس الطريقة والأسلوب، ومن هنا تأتى أهمية أن تكون لدينا «قناة وثائقية» للرد حول ما يثار عن تاريخنا، سواء القديم أو الحديث،
فقبل أيام قليلة أعلنت قناة «الوثائقية»، أنها تعمل حالياً على إنتاج فيلم وثائقى عن الملكة «كليوباترا السابعة»، ابنة بطليموس الثانى عشر، المعروفة باسم «كليوباترا»، آخر ملوك الأسرة البطلمية، التى حكمت مصر فى أعقاب وفاة الإسكندر الأكبر، وأن هناك جلسات عمل منعقدة حالياً مع عدد المتخصصين فى التاريخ، والآثار، والأنثروبولوجى من أجل إخضاع البحوث المتعلقة بموضوع الفيلم وصورته لأقصى درجات البحث والتدقيق، وقد قوبل قرار قناة «الوثائقية» بإنتاج هذا الفيلم بترحاب شديد من كافة الأوساط، سواء المتخصصين أو الجمهور العادى، مثمنين هذا الدور المهم الذى تلعبه القناة الوليدة .
لقد أثبتت قناة «الوثائقية» بهذه المبادرة أنه سيكون لها دور كبير فى الحفاظ على الهوية المصرية، وإعادتها للنور، فـ«مصر» كانت تحتاج لهذه الخطوة منذ سنوات طويلة، خاصة أن لديها تاريخاً من الأحداث الكثيرة والعظيمة التى تتطلب التوثيق، وأيضاً الرد على كل ما يثار حول هذا التاريخ والتصدى لمحاولات تشويهه، ودحض الأكاذيب والشائعات التى تخرج من حين لآخر لأهداف هدامة، فالتصدى لتزييف التاريخ الذى ارتكبته هذه الشبكة من خلال القناة الوثائقية الجديدة سيكون أسرع وأسهل، باعتبارها أكثر انتشاراً وأسرع وأوسع نطاقاً، بما يجعل دورها فى غاية الأهمية، فى زمن الصورة فيه لها السبق، وهو ما سيساعد مصر فى حربها من أجل الهوية، وحرب تزوير التاريخ التى تواجهها غالبية الأمم.
لقد كانت مصر تحتاج بالفعل إلى هذه القناة للحفاظ على هويتها الأصيلة، ولتكون ترسيخاً لكل ما حدث خلال الفترة الأخيرة؛ لتوثيق الحقائق الموجودة ونشرها على نطاق أوسع، مما يمثل سلاحاً رئيسياً فى التصدى للشائعات والأكاذيب التى تستهدف الهوية والتراث.