الإثنين 6 مايو 2024

متروحش تبيع المياه في حارة السقايبن

د.صلاح سلام

14-7-2023 | 14:23

د. صلاح سلام
ان كنت جاي تغني روح اسأل قبل أنا مين...مترحش تبيع المياة في حارة السقايين...أغنية كتبها حسين السيد ولحنها منير مراد وغنتها أم البطل السيدة شريفة فاضل ثم غناها محمد منير...وهي أغنية رمزية تتحدث فيها المطربة  إلى الشاب الملاوع ذو السبع وجوه..ياما لك في الحب ضحايا يحكوا عنها في روايات... وأنه في كل ليلة له سبع غنوات اي سبع كذبات..و الغنوة الواحدة بيلحنها سبع مرات..أي أنه محترف في نسج الروايات ..ولذلك في المثل الشعبي قالوا لمن يقص الحكايات الكاذبة ..دة بيغني عليك...ومن يريد أن يستزيد يقول لحن... لحن بتشديد اللام..اي استرسل في الرواية المكذوبة.. ونظرا لأن من يستمع إلى هذه الروايات لديه الخبرة ويعرف الغث من السمين فقال مترحش تبيع المياة في حارة السقايين... وهي حارة قديمة في حي عابدين كان يسكنها السقايين وهي المهنة التي برزت في القرن الثامن عشر  حتى قرب نهاية القرن التاسع عشر... وعندما فكر الخديوي اسماعيل في إعادة تخطيط القاهرة لتشبه باريس واشترى  فيلا عابدين بك ارناؤط حاكم دنقلا تحت حكم  محمد علي من ارملته واضاف اليها مساحات حولها.. "ولاازايد اذا قلت أن آخر اسم في عائلتي هو ارناؤط من أصول البانية"... واحتاج عمال البناء كميات من المياه وفرها لهم رجل فرنسي كان يعمل مهندسا للمشروع واسموه حكيم وكان شديد العصبية فاطلقوا عليه زرزور فأصبح حكيم زرزور وهو  من فكر في جلب جرتي مياه على ظهر راحلة حيث يقف العمال طابور للشرب ثم تطور الأمر إلي زير ثابت أو اكثر يتم ملأهم بالمياه في مكان مظلل...ولاحضار المياه من الترعة أو النهر أو الآبار كان لابد من يحملها..فكان السقا بقربته المصنوعة من جلد الماعز هو الوسيلة..وحتى لاتحدث فوضى حيث تطاحن الرجال ليمتهنوا هذه الوظيفة الجديدة  فكانت المهنة بتصريح واختبار حيث يقف الرجل ثلاثة أيام بلياليهم يحمل حوالي ٦٧ رطلا  لايهتز لكي يجتاز اختبار القبول ليحمل رخصة السقا...وسكن معظمهم تلك الحارة بحي عابدين والتي مازالت بهذا الإسم منذ أكثر من قرن ونصف من الزمان..والطريف في الأمر أن بعض السقايين كانوا ينقلون الأخبار والأسرار لأنهم يدخلون بيوت الأمراء والفقراء وأيضا المراسلات الغرامية بين المحبين ..تلك الحارة ودروبها المتعددة التي خرج منها سيد مكاوي وأحمد رامي ونادية لطفي ومحمود المليجي وعلى مقربة منها فاتن حمامة وشادية واشتهرت بكنيسة القديس غبريال وأول مدرسة  مختلطة للبنين والبنات وبها مسجد الصحابة والسرجة المشهورة بصناعة طحينة السمسم.....ولسة المصريين بيقولوا ...ان كنت جاي تغني ..روح اسأل قبل انا مين ..مترحش تبيع المياة في حارة السقايين.