قبل أن تمتد يدي نحو " الريموت كنترول" لأتابع أحداث الحلقة الأخيرة من اجمالي عدد الحلقات ال 15 لمسلسل " ليه لأ "في موسمه الثالث.. من بطولة النجمة الكبيرة نيللي كريم ، كنت أراهن نفسي و أتمنى أن ينتصر الحب ، وأتساءل هل يمكن أن يغلب الحب كقيمة وقامة عليا على غيره من القيم ؟ هل هو أدعى الدواعي لتقديم التنازلات وربما التضحيات بكل غالي وثمين ؟ وللحقيقة أو للأمانة أتصور أنه لم يكن سؤالي فقط ، بل أتصور أنه السؤال الذي دفع صناع المسلسل في هذا الجزء لصياغه هذا العمل المهم الذي يناقش قضية وان كانت ليست بجديدة ولكننا في حاجة على الدوام لتقديم معالجات لها ،فاذا كانت القضية ثابتة فالمتغيرات المجتمعية العديدة حولنا تجعلها جديرة بالنقاش عبر أعمال وأعمال .. من خلال الدراما السينمائية او التلفزيونية ، فالفكرة في كل مرة تأخذ قالب مختلف ، ولأنها قضية اجتماعية.. فعادة ما تدور في أجواء أسرية محببة تجعل المشاهد جزء منها يعيش داخل هذه الأسرة ويعيش مشاكل أبطالها أفرادها ويضع نفسه مطرحهم وربما يضع حلولا ايضا لهم .
ويتحدث المسلسل عن قضية حق الزوجة او المطلقة في حالتنا هذه في أن تتزوج مرة أخرى وتعيش حياتها الطبيعية مع رجل أخر يحبها و يصونها، ولكن ما موقف الأولاد في هذه الحالة ؟ ففي المسلسل الذي قدمت بطولته نيللي كريم والتي لعبت دور المدرسة "شريهان" التي تنفصل عن زوجها " حازم سمير " نظرا لخياناته المتعددة لها ويتركها وابنيهما ويغادر الى الاسكندرية حيث يتزوج من امرأه أخرى وينجب منها بنتين ويكاد أن ينسى أولاده من زوجته الأولى وتعيش هي دور الأب والأم التي تربي وتنفق وتعلم وتكبر وتحتوي هذين الأبنين ، فالكبرى على وشك التخرج من الجامعة ، اما الابن الثاني و الذى قدمه الشاب الموهوب " معتز هشام " وهو ياسين المدلل جدا من أمه والتي تعمل له ألف حساب في اختياراتها وقراراتها وربما تفضله على شقيقته ، وفي معرض الحياة يقابلها شاب طبيب بيطري منفصل هو الاخر ويعجب بها وتنمو بينهما مشاعر رقيقة وجميلة ويعرض عليها الزواج بجدية شديدة ولكن حين تطرح الفكرة في المنزل يثور الابن بشدة ويغضب من والدته لدرجة ان يترك لها المنزل ويسافر الى والده في الاسكندرية والذي مع مرور الوقت لا تتقبله الأسرة هناك بل يحاول الأب ارجاعه الى والدته ومع ضغوط كثيرة حيث يبدأ هو في التراجع في مستواه الدراسي في الجامعة ويصاحب رفقاء السوء وتبدأ سلوكياته تتغير بشدة ، يحاول الجد "صلاح عبد الله "اقناعه انه من حق والدته ان لا تعيش وحيدة بعدما سيتزوج هو واخته فى المستقبل ، ولكن الابن الشاب يرفض بشدة ان يرى والدته مع رجل غريب في منزل واحد ، ما يدفع الأم الى التضحية بمشاعرها وغلق هذا الباب من حياتها تماما وتعلن ذلك للخطيب والحبيب بعدما كانا قد ارتبطا بخطبة ، الا انها تخلع الدبلة وتعلنه بأنها لن تكمل معه ، وهنا تتصاعد الأحداث وتتصاعد معها الأسئلة ..هل ستنتهي أحداث العمل بهذه النهاية القاسية وعلي الأم الشابة ان تحرم نفسها وهي ما زالت في شبابها من مشاعرها كانسانة وكأنثى ؟ لكن ثمة تفاؤل كان يبرق في الأفق من خلال أحداث العمل وأبطاله ايضا وانه رساله حب يشاع بين أفراد المسلسل ككل فصديقة البطلة الفنانة نادين فاروق.. التي تخاف من اتخاذ خطوة في اتجاه قرار الزواج بينما يحبها شاب وسيم تبدأ في نهايات الأحداث للخضوع الى الفكرة ونجد ايضا على صعيد أخر صديق البطل الذي لعب دوره الفنان أمير صلاح متزوج هو الأخر من حبيبته و هي الفنانة سامية أسعد ..برغم انها منفصلة ولديها أولاد .. الا انهما قررا ان يتزوجا ويعيشا حياتهما .. حتى اننا نجد ان والدة الطبيب البيطري الذي يحب نيللي كريم وهي الفنانة الكبيرة عايدة رياض.. الأرملة والجدة .. تسافر الى رحلة مع جارتها المقربة وهناك يحبها رجل كبير السن والمقام ويعرض عليها الزواج ، و تشجعها ابنتها وابنها على أن توافق ولا تبقى وحيدة مدى حياتها بالرغم من انها قد تجاوزت الستين من عمرها، ما يثبت أن العمل يؤكد أن الحب ليس له عمر والسعادة ايضا ليس لها ظروف ، ونجد ايضا جارة عايدة رياض المقربة " سعاد" تعيش مع زوجها وقد حرما من نعمة الانجاب الا انهما متعلقان ببعض أشد التعلق ، حتى عندما يرحل الزوج عن الحياة تنهار حياة الزوجة ، في تأكيد ايضا الى انه احتياج طبيعي ان لا يعيش الانسان وحيدا ، وبينما نجد أن شقيقة نيللي كريم وهي متزوجة وأم تمتعض من قرار اختها بالزواج من رجل أخر، فينتهرها الاب ويحاول اقناعها بأنه من حق اختها ان تعيش حياة طبيعية، فتستسلم الأخت ايضا وتتعقل وتحتوي أختها ، و من كل هذه الارهاصات و الخيوط المتشابكة لعلاقات أبطال العمل.. قلت أنها أحداث موحية بالتفاؤل وأنا أشاهد نهايات العمل في الحلقة الأخيرة منه وكيف ان الابن نفسه يتعقل ويضحي بأراءه المتسلطة على امه التي يثق في انها تحبه و انها لطالما ضحت من أجله ويذهب هو واخته للاتفاق مع العريس على اتمام الزيجة ، فتنتهي بالفعل الأحداث بهذا الزواج الذي يجمعهما ولو باتفاق ان يلتقيا في منزل الزوجية لمدة يومين فقط كل أسبوع وهو العرض الذي كان يرفضه العريس الطبيب لأنه يؤمن بأن الزواج شركة يجب ان تستمر كل الأيام على مدى العمر ،لكنه أمام رغبتها في انه حل وسط تستطيع به ان تبقى مع ابنيها وايضا تعيش كزوجة وهو حل شرعي تختاره العديد من النساء والرجال الأن في ظل متغيرات مجتمعية عديدة لكي يستطيعا به اكمال حياتهما بشكل طبيعي ، كما رأينا في النهاية الفرح الذي تزوج فيه الطبيب العريس الذي لعب دوره الفنان الوسيم أحمد طارق في ثاني بطولة له بعد دوره في مسلسل" البحث عن علا" مع هند صبري العام الماضي ، والعروسة نيللي كريم طبعا وايضا نجد في نفس الفرح تتزوج والدة العريس عايدة رياض من الأستاذ منير او الفنان الكبير نبيل علي ماهر .. لتعم الفرحة حياة الجميع و نحن ايضا .. من خلال عمل يرفع شعار " يحيا الحب " .. و قد جاء المسلسل نتاج لورشة كتابة لمجموعة من المؤلفين هم ( سارة الطوبجي ، سلمى عبد الوهاب ، ايمان صلاح ، بولا ثابت ) تحت اشراف السيناريست الكبيرة مريم نعوم والفكره لسارة الطوبجي وقد صاغ الحوار هؤلاء الكتاب في هرمونى شديد واضح فيما بينهم انعكس تماما على تمازج وتماسك الأحداث وكأنها في خط درامي لكاتب واحد ، وجاءت الصورة انسانية اجتماعية دافئة للمخرجة نادين خان .