4-8-2023 | 17:29
رشا صموئيل
خبر وفاة عبدالله نجل الفنان القدير حسن يوسف والفنانة المعتزلة شمس البارودى غريقا نزل على مسامعى كالصاعقة ، إنه فى ريعان شبابه حيث يبلغ من العمر 35 عاما وطريقة وفاته عسرت قلوبنا وفى ذات الوقت ابن أقرب الناس لقلبى حيث تجمعنى بالجميلة شمس البارودى صداقة راقية منذ 10 سنوات، بدأت بحوار صحفى يتصف بالجرأة و لكنه لم ينته بل أمتد إلى يومنا هذا، أيضا شرفت بإجراء سلسلة من الحوارات الهامة مع القدير حسن يوسف هذا النجم الذى أعشقه طوال حياتى وأحرص على متابعة أخباره الفنية ، إلى أن استيقظت فجر الأحد على خبر وفاة نجل الفنان حسن يوسف غرقا ذلك الخبر المشئوم، فى البداية تخيلت لوهله إنها شائعة سخيفة مما جعلنى أسرع للتحدث إلى البارودى على أمل أن تنفى هذا الخبر، ولكن للأسف أجابتنى وهى لا تتمالك نفسها، بكائها يسبق كلماتها ودموعها الحارقة الغارقة كنت أشعر بها كما لو كانت تحتضنى أخذت تردد (ابنى أزاى غرق ده بيعرف يعوم كويس جدا أزاى الموج سحبه ،أبنى راح وماعرفناش نلحقوا وخايفه أوى علي حسن ثم أسترسلت فى الحديث قائله تعرفى وجه عبدالله كان منور لم يكن وجه غريق) وأخذت تبكى بكاء مرا ،فى الحقيقة كنت أتمنى أن أكون معها فى هذه اللحظة ربما أخفف عنها ولكنها مازالت فى مستشفى العلمين بالساحل الشمالى لينتهوا من الإجراءات لخروج الجثمان ، ثم تم تحديد موعد صلاة الجنازة التي أقيمت يوم 30 يوليو الماضى الموافق الاثنين بمسجد الشرطة بالشيخ زايد ، وبالطبع ذهبت لمواساة أحبائى فى فلذة كبدهما وكنت من أوائل الحضور وأعتقد كنت الصحفية الوحيدة التى دخلت المسجد لأن كل زملائى كانوا خلف أسوار المسجد يؤدون مهامهم الصحفية والإعلامية ،ولكن لأنى أكن لهذه الأسرة المكلومة كل الحب والاحترام والتقدير اخترت أن أكون واحدة منهم ، ولإجلال بيت الله الذى قدمى وطأته جعلنى لا أفكر ولو لحظه أن أفتح كاميرا تليفونى الشخصى وأن أصور، على الرغم من الصعب على الصحفى أن يرى لحظات تاريخيه نادرة وأن لا يحتفظ بها ولكنها الإنسانية هى التى حركتنى وجعلتنى أتنحى عن واجبى الصحفى من أجل واجب أكثر إجلالا ، كنت فى حضور عدد كبير من النجوم فى استقبال سيارة البارودى و حسن يوسف التى كانت مرافقة لسيارة الجثمان وبمجرد توقف السيارة عند الباب الخلفى للمسجد نزل حسن يوسف والدموع الغزيرة تنساب على وجنتيه تغرق ثيابه حزنا بشكل لا أستطيع وصفه ، ورأيت عينان الجميلة شمس البارودى شاردة فى ذهول وحزن ،إنه الحزن الذى يهوى بالأشخاص إلى أعماق سحيقة ،عندما دخلنا المسجد وجدنا الشيخ خالد الجندى فى استقبال الفنان حسن يوسف راكعا على ركبتيه وأخذ يلقى عليه كلمات العزاء والمواساة ويؤكد له أن ابنه شهيد عند الله ولكن لم يكن يريد أن يتعزى فالجرح غائر ،فى مشهد أخر عند دخول البارودى المسجد وجدت أعز صديقاتها من الوسط الفنى فى استقبالها ياسمين الخيام وعفاف شعيب وميرفت أمين وغيرهن من خارج الوسط اللائى قمن باحتضانها والالتفاف حولها لمواساتها مؤكدين لها إنه يحتسب شهيد عند الله وأخذن يلقين عليها بعض الأيات القرأنية حتى تهدأ، وبعد الانتهاء من الصلاة نزلت البارودي من المسجد وجدت إلهام شاهين فى انتظارها التى أخذت تواسيها ببعض الكلمات الرقيقة (أن الدنيا فانية لا تستحق وعبدالله بالتأكيد فى مكان أفضل بكثير )وليس إلا لحظات وفوجئنا بحضور الفنانة لبلبة تنحنى على البارودى لتحتضنها فى تأثر شديد ثم ذهبت للفنان حسن يوسف لمواساته ، أيضا بوسى شلبى ونقيب المهن التمثيلية الدكتور أشرف ذكى كان من أوائل الحضور وعدد من الفنانين الذين حرصوا على التواجد منهم لقاء سويدان ومحمد لطفى وأيمن عز العرب وأيضا المطرب الكبير الشهم ابن البلد محمد فؤاد الذى رافق حسن يوسف وسانده فى خطواته مع بداية صلاة الجنازة ، من خلال علاقتى المقربة بالجميلة شمس البارودى والفنان القدير حسن يوسف أستطيع أن أقول أنهما والدان مثاليان دائما يتحدثان عن أولادهما بكل حب واهتمام، حيث أنعم الله عليهما بأربعة أولاد بالترتيب هم ناريمان ومحمود وعمر وعبدالله ، وجميعهم متزوجين إلا عبدالله وهو أخر العنقود الذى كان متفوقا دراسيا فقد كان محبا للعلم والمعرفة حيث درس الطيران فى أوكرانيا وأيضا درس الإعلام فى لبنان ،وعندما أتحدث عن البارودى الأم لاتسعنى السطور ،معرفتى بها القوية أستطيع أن أقول إنها أم حانية ولطيفة ومخلصة جدا لأولادها وزوجها وكانت دائما تحدثنى عنهم ،ولكن كان عبدالله له النصيب الأكبر من الحديث بحكم أنه أصغر أبنائها وأنه كان مازال لم يتزوج ويعيش معها ،فكانت تسخر نفسها لإسعاد زوجها وابنها عبدالله الذى لم يكن يأكل غير من يدها فعندما كنت أحدثها أجدها ما بين المطبخ تعد الأكل الذى يحبه إما فى النادى أو فيلتهم بالساحل الشمالى حيث كان عاشقا للسباحة والاستجمام ،هذا غير أنه كان متدينا جدا وكان شابا يشهد له الجميع بحسن الخلق والسيرة الطيبة ،ولأنى أعلم جيدا مدى عمق علاقة البارودى ويوسف بالله أستطيع أن أقول أن لديهم مخزونا كبيرا من الإيمان والقوة يجعلهما أن يتجاوزا معا هذه الفترة العصيبة معا، وأدعوا الله من كل قلبى أن يسكب فى قلوبهما الصبر والسكينة والطمأنينة والتسليم لقضاء الله وقدره.
(وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون).