الخميس 2 مايو 2024

الثنائيات الفنية هل نجحت فى تقديم المشكلات الزوجية على الشاشة؟!

ياسمين و العوضي

26-8-2023 | 13:22

أميمة أحمد

على مدار تاريخ السينما المصرية ظهرت ثنائيات فنية بدأت بقصة حب وتكللت بالزواج، منها علاقات استمرت ومنها الذى انتهى بالانفصال، وظهرت هذه الثنائيات على الشاشة فى قمه الانسجام والتناغم مما انعكس بالإيجاب على الأعمال الفنية لتُمتع الجمهور فى النهاية.

 

استطاعت تلك الثنائيات تكوين اسم وانطباع خاص لدى المشاهد فى الوطن العربى كله، كان أطرافها أزواجاً فى الحقيقة، فمن منا لا يربط بين اسم فؤاد المهندس وشويكار.. أو اسم عمر الشريف وفاتن حمامة، وأيضاً شادية وصلاح ذو الفقار، ورشدى أباظة وسامية جمال، وكذلك بين نور الشريف وبوسى.

فى التحقيق التالى نستعرض بعضاً من تلك الأعمال السينمائية التى قدمها هؤلاء الثنائيات، والتى ما زلنا نشاهدها حتى الآن رغم مرور ما يربو على السبعة قرون على تقديمها... ونسأل مصادرنا الأعزاء: هل حقاً نجحت هذه الثنايات الفنية فى تقديم وعرض المشاكل الزوجية وقصص الحب ضمن الأعمال الدرامية على الشاشة بشكل ناجح وأكثر صدقاً، أم أن نوعية الأعمال هى التى تتحكم فى ذلك...

 

 

 

عمر.. وفاتن

البداية كانت مع فيلم «صراع فى الوادى»، الذى تدور أحداثه فى صعيد مصر حول «أحمد» الذى يعمل مهندساً زراعياً، وعاد إلى بلدته ليساعد والده الفلاح فى تحسين محصول قصب السكر، ويطمح للزواج من «آمال» ابنة الباشا، حيث كانت تجمعهما قصة حب من الصغر، ولكن والدها يرفض بشدة ويتوعد له حتى إنه قام بإغراق محصول قصب السكر له.

لم تكن هذه مشكلة أحمد الوحيدة، بل ينافسه فى حبها سكرتير الباشا «رياض»، الذى يطمح للزواج منها هو الآخر، فتحدث معه الكثير من المؤامرات منها قتل الباشا للشيخ عبدالصمد، ويتهم فى هذه الجريمة والد أحمد.. أما رياض فيساوم الباشا إما أن يتزوج آمال أو يعترف على كل جرائمه، ولكن الباشا يعترف هو بها قبل موته ويتم القبض على رياض، ولعل هذا الفيلم هو بداية الحب بين فاتن حمامة وعمر الشريف.

كما قدم هذا الثنائى فيلم «صراع فى الميناء»، الذى تدور أحداثه حول «رجب» الذى يترك عائلته بسبب عمله على السفينة وعندما يعود يكتشف أن هناك صراعاً فى الميناء بين العمال و«الرجل الكبير»، وأن «حميدة» ابنة خالته التى تركها صغيرة أصبحت فتاة فى غاية الجمال ينافسه فى حبها صديقه منذ الطفولة «ممدوح»، ومع مرور الوقت يكتشف «رجب» أن والده هو الرجل الكبير، وأن ممدوح هو شقيقه فيحزن ويحاول السفر مرة أخرى بعيداً عن أهله ظناً منه أن «حميدة» تحب «ممدوح»، ولكنها تذهب إليه وتمنعه وتعترف له بحبها.

شادية.. وصلاح

عدد من الأعمال الفنية جمعت بين هذا الثنائى، منها، «عيون سهرانة»، «مراتى مدير عام»، «أغلى من حياتى»، «كرامة زوجتى»، «عفريت مراتى»، لكن يبقى فيلم «مراتى مدير عام»، الأشهر بين تلك الأفلام الذى جمع الثنائى شادية وصلاح ذو الفقار، حيث تناول فى شكل كوميدى قضية عمل المرأة، فتدور أحداثه حول «عصمت» التى عينت مديراً لشركة الإنشاءات التى يعمل بها زوجها «حسين»، وبسبب عدم تقبل الزوج هذا الأمر أخفى عن جميع الموظفين أن زوجته هى المدير، وتحدث بينهما العديد من المواقف الكوميدية الطريفة بسبب طريقة تعاملها معه فى الشركة والمنزل، ولكن فى نهاية الفيلم يعترف للجميع بأن زوجته هى المدير بسبب أن الشائعات أصبحت تطاردها بسببه.

المهندس.. وشويكار

قدم الثنائى الجميل فؤاد المهندس وشويكار العديد من الأعمال الفنية الرائعة منها العرض المسرحى «أنا وهو وهى»، الذى خرج فيه النجم فؤاد المهندس عن النص وقدم عرضاً للزواج من شويكار بشكل رومانسى وسط تصفيق حار من الجمهور.

وفى السينما قدم فؤاد المهندس وشويكار فيلم «اعترافات زوج» بشكل كوميدى، حيث كانت أحداث الفيلم تدور حول زوجين ذاهبين إلى بيروت لقضاء عطلة، ولكن يحدث عطل على متن الطائرة فيظنان أنهما سيموتان فاعترف كل منهما للآخر باعترافات خطيرة تهدد علاقتهما، فيخبر وحيد زوجته بأنه طالما تمنى تقبيل جارته المطربة بثينة، ولكن سرعان ما يتم إصلاح العطل فى الطائرة وتتوالى الأحداث بينهما فى شكل كوميدى.

أنور.. وليلى

قدم الفنانان أنور وجدى وليلى مراد عدداً من الأفلام الناجحة، التى لا زالت خالدة حتى الآن، منها، «الهوى والشباب»، «ليلى بنت الريف»، «غزل البنات»، «عنبر»، «قلبى دليلى»، «بنت الأكابر»، «حبيب الروح»، «ليلى بنت الأغنياء»، «ليلى بنت الفقراء».

وقد أعلن هذا الثنائى زواجهما بعد عرض فيلم «ليلى بنت الفقراء»، مباشرة.

تدور أحداثه فى إطار غنائى رومانسى حول «ليلى»، وهى فتاة بسيطة تسكن فى حى السيدة زينب دعتها إحدى السيدات إلى قصرها وقدمتها للشاب وحيد على أنها ابنة الباشا، وبعد مضى وقت قصير أصبحت ليلى من أبناء الذوات، وتقدم وحيد لخطبتها، ولكنه يعرف حقيقتها فى النهاية.

نور الشريف.. وبوسى

وثّقت السينما المصرية قصة حب الفنان الراحل نور الشريف، وزوجته الفنانة بوسى من خلال عدد من الأعمال المهمة والجميلة، منها «حبيبى دائماً»، «آخر الرجال المحترمين»، «الحكم آخر الجلسة»، «زمن حاتم زهران»، «كروانة»، «العاشقان».

ولعل من أهم تلك الأعمال فيلم «حبيبى دائماً»، الذى تدور أحداثه حول الشاب إبراهيم طالب كلية الطب، الذى يطمح للزواج من «فريدة»، ولكن والدها يرفض ذلك بسبب أنه فى بداية حياته ولا يملك الكثير من المال، ويزوجها والدها غصباً عنها لرجل أعمال غنى، الذى يأخذها معه ويسافر إلى باريس، وهناك تنقلب حياتها رأساً على عقب وتعيش فى تعاسة كبيرة معه.

أما إبراهيم فقد حقق الكثير من النجاحات وأصبح طبيباً مشهوراً وناجحاً، ولكنه لم ينسَ ذكرياته مع حبيبته فريدة التى طلقها زوجها فى باريس وتعود للقاهرة وهى حزينة وحيدة.

كانت فريدة دائماً ما تشتكى من صداع فى الرأس وعندما اشتد هذا التعب عليها استغلت جدتها ذلك لتعرضها على إبراهيم الذى قام بعمل الكثير من الفحوصات لها، وتبين أنها مصابة بالسرطان، ولكنه يخفى ذلك عنها وعن عائلتها ويطلب الزواج منها، فيوافق والدها هذه المرة، ومع مرور الوقت اكتشفت فريدة مرضها وعادت هى وإبراهيم مرة أخرى إلى مصر وماتت بين يديه أثناء سيرهما معاً على شاطئ البحر.

أما على مستوى الفنانين الحاليين، فقد قدم عدد منهم ثنائيات، أحبها الجمهور، واستمتع بمشاهدتها...

ياسمين والعوضى

قدم الثنائى ياسمين عبدالعزيز وأحمد العوضى أكثر من عمل، ولكن يظل مسلسل «اللى ملوش كبير» هو العمل الأكثر تفاعلاً مع الجمهور لهما، حيث تدور أحداثه حول «غزل»، التى تتعرض للعنف الجسدى من زوجها دائماً ويرفض أهلها الوقوف بجانبها بسبب أن زوجها «عابد» يساعدهم بالأموال دائماً، فتضطر «غزل» أن تتفق مع «الخديوى» لقتل زوجها، ولكنه يكتشف ذلك ويرسله لقتلها ولكنها تهرب معه، وتنشأ بينهما علاقة حب جميلة انتهت بزواجهما، وبسبب أعمال الخديوى الخارجة عن القانون يتم قتله، وهو بين يدى «غزل» من قبل رجال الشرطة.

هنا وفهمى

قدم الثنائى هنا الزاهد وأحمد فهمى أكثر من عمل ناجح معاً مثل مسلسل «الواد سيد الشحات» ومؤخراً قدما معاً فيلم «مستر إكس»، واستطاعا معاً فى شكل كوميدى رومانسى أن يحققا نجاحاً كبيراً معاً، حيث تدور أحداث الفيلم حول رجل أعمال يمتلك شركة لتطليق الرجال من زوجاتهم، وبالصدفة يلتقى بمحامية ويحاول أن يبعدها عنه بشتى الطرق ولكنه يقع فى حبها فى النهاية.

الرداد وإيمى

فى شكل كوميدى جمع فيلم «فيلم زنقة ستات» بين الزوجين، النجمين حسن الرداد وإيمى سمير غانم، حيث تدور أحداث الفيلم حول «على»، وهو شاب غنى يطارد السيدات وخاصة اللائى يذهبن إلى عيادة والده الطبيب النفسى، وكان «على» يحاول أن يأخذ من والده الشركة التى تركتها له والدته فى إنجلترا، ولكن والده يرفض بسبب طيش ابنه، فيدخل فى رهان معه أنه سيعالج حالة لم يستطع والده معالجتها، وتساعده فى ذلك «لبنى»، التى تعمل سكرتيرة فى عيادة والده، حيث إن المريض «محمد الخضرى» فقد النطق بسبب رفضه من أربع سيدات طلب الزواج منهن، وكانت خطته أن يكسر قلب الفتيات حتى يتم شفاء الحالة، وتساعده لبنى وتمده بالمعلومات الكافية لذلك، وبالفعل يقعن فى حبه، ولبنى أيضاً التى انتحلت صفة إحدى الفتيات لتتمكن من الحديث مع «على»، ولكنه يكتشف ذلك ويحاول النصب عليها، ولكنها لم تقع فى فخه.

الكاتب أولاً

تحدثت «الكواكب» مع عدد من النقاد حول تلك الثنائيات، وما قدمته، ففى البداية قال الناقد الفنى أحمد سعد الدين: ليس هناك علاقة بين الثنائيات الفنية وتقديمهم للمشاكل أو الأعمال بشكل أكثر صدقاً، فالأعمال دائماً تكون على عاتق المؤلف وكاتب السيناريو، فهو من يبرز هذه المشاكل سواء اجتماعية أو زوجية، ولكن من الممكن أن نقول إن الجمهور يحب الكثير من الممثلين كثنائى، أى أنهم متزوجون، فيكون شكلهم ألطف مع بعض مثل فيلم (حبيبى دائماً) لبوسى ونور الشريف وهكذا، وهناك الكثير من الأمثلة.. ومعظم الأعمال قدمت بشكل رومانسى، وفى هذا الصدد أتذكر أثناء حديثى مع الراحل نور الشريف عندما سألته عن فيلم (حبيبى دائماً)، فقال هذا أصعب فيلم قدمته فى مسيرتى الفنية بسبب أنه كان بعد زواجى من بوسى بسبع سنوات، فكان من الصعب إظهار كل هذه المشاعر ونحن اعتدنا على بعض، ولكن الحرفية المهنية لكل منهما والقصة المؤثرة هى من جعلت من الفيلم أيقونة سينمائية.

أما الناقدة الفنية ماجدة موريس فتقول: إن الأفلام أو الأعمال الدرامية لم تكتب للأبطال بسبب أنهم ثنائيات، فالمؤلف يكتب العمل لأن لديه فكرة ورسالة يحب أن يوصلها للمشاهد من خلال الأعمال الدرامية أو السينمائية، ولكن فى بعض الأحيان يريد المخرج أو المنتج أن يستفيد من فكرة أن هناك اثنين متزوجين والفيلم أو المسلسل به الكثير من المشاهد التى تجمعهما مثل الخلافات الزوجية أو مشاهد رومانسية أو تطورات فى العلاقة، فيرى أن ذلك من الممكن أن يجذب الجمهور بشكل أكبر، وهنا يتم استخدام الحالة الشخصية للنجوم وتقديمهم فى أعمال فنية بسبب الإيرادات، وفى النهاية قصة الفيلم هى التى تجذب الجمهور له، فإذا كان المسلسل أو الفيلم جيداً من حيث القصة والإخراج وموهبة الفنانين سيحقق نجاحاً أكبر، وهذه هى الأمور التى تتحكم فى نجاح أى عمل درامى».

وقال الناقد والمؤرخ الفنى محمد شوقى: إن الثنائيات الفنية سواء فى السينما أو التليفزيون كانت غزيرة جداً وأحبها الجمهور وتعلق بها، وكان أول ثنائى فى السينما المصرية هما عزيزة أمير ومحمود ذو الفقار، ولكن هذا الثنائى لم ينل شهرة واسعة بسبب أن معظم أعمالهما كانت قديمة جداً فى فترة الثلاثينيات وحتى منتصف الأربعينيات، وهناك أفلام كثيرة منها مفقودة، ولكنهما كانا أول ثنائى فنى بين زوجين يجمعهما الإخراج والتمثيل، وقدما العديد من الأعمال الفنية الناجحة جداً مثل فيلم (بائعة التفاح)، (ابن البلد)، (الورشة)، (آمنت بالله)، وكان من الممكن أن يقدما أفلاماً كثيرة جداً لولا وفاة عزيزة أمير.

وأضاف: هناك الكثير من الأمثلة مثل ليلى مراد وأنور وجدى،وعلى الرغم من أن مشاركتهما فى عدد قليل من الأفلام، إلا أن كل فيلم كان يعتبر حدثاً فنياً، فكانت الحياة فى السينما تتوقف حين يصدر فيلم لليلى مراد وأنور وجدى، حيث بدأت ثنائيتهما الفنية بفيلم (ليلى بنت الفقراء) سنة 1945 واستمرا فى تقديم الأفلام معاً لسنوات متتالية حتى عام 1952، وأنا أرى أن درة أعمالهما كان فيلم (غزل البنات)، هذا الفيلم الذى حشد فيه أنور وجدى كل ما لديه من إنتاج ضخم وتمثيل، فجمع به كل نجوم الشاشة وقتها، وأريد هنا أقول شيئاً مهماً جداً أنه لأول مرة يتحول مشهد لحقيقة حين تزوج أنور وجدى وليلى مراد فى آخر مشهد من فيلم (ليلى بنت الفقراء) كان زواجاً حقيقياً وكان المأذون حقيقياً ورسمياً، وكتب لهما عقد الزواج، حتى إن أنور وجدى قال لليلى مراد أنا سأجعل العالم كله مدعو على فرحنا.

واستكمل شوقى: أيضاً هناك الثنائى الفنى الجميل جداً شادية وصلاح ذو الفقار، حيث قدما معاً مجموعة من أجمل الأفلام منها (أغلى من حياتى)، وهو أشهر فيلم رومانسى فى تاريخ السينما المصرية كلها، وأشهر نداء (أحمد ومنى)، وجمعت بينهما الكثير من الأفلام الرومانسية والكوميدية مثل (مراتى مدير عام)، وطبعاً يجب أن نذكر ثنائية عمر الشريف وفاتن حمامة، حيث بدأت قصة وحبهما وزواجهما فى فيلم (أيامنا الحلوة) ثم قدما معاً العديد من الأفلام مثل (صراع فى الوادى)، وغيره، بالإضافة إلى مجموعة كبيرة من الأفلام التى رفضت فاتن تقديمها مع عمر، لأنها كانت ترفض أن يتم وضعها فى قالب معين مع عمر الشريف فقط، ولكنى أرى أن تجربتهما الفنية الأكثر نضجاً كان فيلم (نهر الحب).

واستطرد حديثه بالقول: من المهم جداً أن نقف عند ثنائية مهمة جداً ومظلومة أيضاً وهى ثنائية حسن مصطفى وميمى جمال، اللذين اشتركا معاً فى أعمال درامية وسينمائية، وقدما إبداعات فى المسرح، وكانا زوجين من أنجح الزيجات الفنية التى استمرت حتى وفاة الفنان حسن مصطفى رحمة الله عليه.

وختم شوقى حديثه قائلاً: هناك الكثير من الثنائيات التى كان آخرها ياسمين عبدالعزيز وأحمد العوضى، ولكنى لا أستطيع أن أقول عنها ثنائية فنية؛ لأنهما لم يقدما العديد من الأعمال، فقدما معاً ثلاثة مسلسلات فقط، ولم يقدما سينما أو مسرحاً، والأمثلة كثيرة جداً جداً، وكلها ثنائيات نجاحة جداً قدما الكثير من الأعمال الأيقونية المهمة.