على مدار 10 سنوات كاملة تمكنت مصر فى ظل قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى من تحقيق برنامج إصلاح شامل على كافة المستويات، من خلال مجموعة من المشروعات القومية العملاقة، والمبادرات الرئاسية، التى ساهمت فى تثبيت أركان الدولة، وإعادة بناء مؤسساتها، وإحداث نهضة تنموية كبرى، وبالرغم من الأشواط الناجحة التى قطعتها الدراما فى ملف توثيق ورصد المناسبات الوطنية، وبطولات الجيش والشرطة، سواء فى السينما أو التليفزيون، خلال السنوات الأخيرة، إلا أن الحاجة ما زالت ماسة فى الوقت الراهن لرصد ما تم تحقيقه وإنجازه على أرض الواقع من هذه المشروعات والإنجازات درامياً.
«الكواكب» طرحت تساؤلاً بشأن غياب هذا الملف عن الشاشة؟ وما أهميته؟ مع مجموعة من المتخصصين، وذلك من خلال السطور التالية...
خطة مدروسة
فى البداية أكد المؤلف مجدى صابر أن الأعمال التى اهتمت بالمشروعات القومية أو الوطنية خلال السنوات الماضية قليلة، لاسيما أن المشروعات والمبادرات الرئاسية نعيشها فى الفترة الحالية بشكل واقعى، والجميع يلمس التغيير على أرض الواقع.
وأضاف صابر قائلاً: عرض الأعمال القومية فى الدراما ضرورة ملحة ومسؤولية وجميعا تابع النجاح الذي حققته أعمال مثل «الاختيار وهجمة مرتدة والممر» لذا نحتاج إلى إكمال هذه الأعمال بأعمال درامية أخري ترصد المشروعات القومية والمبادرات الرئاسية التي إنجزت خلال العشر سنوات الماضية على كافة المحافل.
تاريخ وطن
وقال المؤلف والسيناريست الدكتور مدحت العدل إن كمية الإنجازات التى تتحقق على أرض مصر لم تحدث منذ 50 عاماً، مشيراً إلى أن الإعلام عليه مسؤولية كبرى فى توضيح الصورة للجمهور، وأهمية ما تم إنجازه فى الواقع، لاسيما أن الرئيس عبدالفتاح السيسى تسلم الدولة وهى تحت الصفر، أما الآن فحجم التغيرات غير طبيعى، عبر مشروعات الطرق الكبرى، ومبادرات القضاء على العشوائيات، وتدشين المدن الجديدة، وإنشاء المصانع بالإضافة إلى المبادرات الصحية، والتى استطاعت القضاء على العديد من الأمراض.
وأضاف العدل: تناول عمل فنى عن الإنجازات الحالية أو المشروعات القومية العملاقة، أو المبادرات الرئاسية ضرورة وخير دليل علي نجاحها الإقبال من الجيل الصغير على مشاهدة أعمال فنية مثل الممر والاختيار، وهجمة مرتدة، وغيرها لمعرفة حقائق وأحداث لم يكونوا يعرفونها من قبل، وهى أحداث عايشها الجميع فى وقتنا الحاضر، وبالتالى لابد من عمل عشرات الأفلام والمسلسلات عن مصر، ماضيها وحاضرها، لأنه تاريخ وطن بالكامل.
واستطرد قائلاً: «قدمنا من قبل فيلم أميركا شيكا بيكا، وهو فيلم وطنى تحدث عن الهجرة غير الشرعية، ونحتاج للمزيد من الأعمال الوطنية التي تعمق قيم الانتماء والولاء من أكثر من منظور.
طبيعة خاصة
ويتفق مع الرأى السابق المخرج محمد فاضل: متسائلاً لماذا تأخرنا فى إنتاج عمل فنى ضخم يلائم ضخامة مشروع مثل قناة السويس الجديدة على سبيل المثال؟ أو استصلاح الأراضى، وأعمال التنقيب عن النفط والغاز، والمدن الجديدة التى تم تدشينها، أو مبادرة حياة كريمة، وهى وحدها كافية لأن يخرج منها عشرات الأعمال الدرامية، فهذه دراما كاملة تستحق أن تقدم بأعمال درامية كثيرة لا حدود لها.
وواصل فاضل حديثه: المشروعات القومية دائماً ما تجمع الفنانين والكتاب والمثقفين دون اتفاق مسبق، وعلى نغمة واحدة وهدف واحد يخلق بدوره حالة فنية فريدة تعيشها الأمة عندما تتغنى كلها بكلمات واحدة.
دور حيوى
وأكد المخرج مصطفى الشال أهمية مثل هذه الأعمال الفنية، خلال الفترة المقبلة، من أجل التعريف بالمشروعات والانجازات التى حدثت، ولم تتكرر منذ عقود مشيراً إلى أن أنها يجب أن تتميز بالمصداقية العالية، والإتقان فى كل العناصر، الكتابة والتصوير، والإخراج، والديكور، وغيرها، حتى يكتب لها النجاح، مثلما حدث فى أعمال فنية تم صنعها فى هذا السياق، مثل الدراما الوطنية.
وأضاف الشال أن دور الفن مهم وحيوى لمواكبة ما يحدث على أرض الواقع، لاسيما من أجل تعزيز الحقائق، وتوصيل المعلومة للمواطن، من خلال عمل فنى، ومواجهة الشائعات، حتى يتم تحقيق الهدف الأكبر، وهو ترسيخ قيمة الانتماء لديه، عبر استعراض الحقائق على أرض الواقع.
رؤية فنية
ويرى الناقد الفنى أحمد سعد الدين أن وجود المشروعات القومية العملاقة، والمبادرات الرئاسية فى الأعمال الفنية سواء فى التليفزيون أو السينما أمر ضرورى ومهم، مشيراً إلى وجود هذه المشروعات والمبادرات ضمن أعمال درامية هو السبيل الأفضل كجزء من بناء الوعى للأجيال المقبلة، بأهميتها، من خلال قصة درامية مشوقة، تحمل الرسالة والترفيه.
وأضاف سعد الدين قائلاً: نحتاج إلى كتاب ومؤلفين ذوى خبرة وموهبة حقيقية يستطيعون تضفير الأحداث الدرامية ودمجها بما يحدث على أرض الواقع، فى سياق درامى شيق وممتع، ليحقق هدف المعرفة والتوعية من خلال إبراز أهمية تلك المشروعات، و ما ساهمت به فى حركة التنمية الشاملة هذا جانب، وفى الجانب الآخر تحقيق هدف الإمتاع الفنى من قصة وتصوير وأداء الممثلين.
وواصل سعد الدين حديثه، قائلاً: مسلسل بوابة الحلوانى تعرض لمشروع حفر قناة السويس قديماً، ولكن ليس بطريقة مباشرة، عبر رصد الأحداث التاريخية، فى سياق درامى، وتولى فترة الخديوى إسماعيل، بالإضافة إلى الأعمال السينمائية التى قدمت السد العالى، ومنها فيلم الحقيقة العارية، من بطولة إيهاب نافع وماجدة، ومن خلال الدراما ظهر الأبطال من خلال جولة نيلية كان فيها السد العالى بطل المشهد.
وأكد سعد الدين أن الرؤية الفنية فى الوقت الراهن للمشروعات والمبادرات الرئاسية ستختلف كلياً عن الأعمال الفنية السابقة والتى وثقت مجموعة من المشروعات المصرية القديمة، لأنها بسواعد وأموال مصرية.
وختم الناقد الفنى حديثه، قائلاً: ولا يجب إغفال دور الأغنية فى الاحتفاء بالمشروعات الوطنية والقومية، من خلال التمهيد له، أوالاحتفال بها، لأن دور الأغنية مهم فى التوثيق لهذه المشروعات الوطنية، ولكن من المهم أن تصنع هذه الأغانى بحب، وتحضير جيد حتى تعيش، ويكتب لها البقاء، مثلما حدث فى بعض الأغانى القديمة، التى نستمتع بها ونستحضرها فى أى مواقف وطنية؛ لأن الاهتمام بالتفاصيل الفنية الدقيقة فى كل الأعمال سواء تليفزيون أو سينما أو أغنية بعيداً عن الاستسهال، هو ما يضمن خروجها فى أفضل صورة.
أفلام وثائقية
وقال الناقد الفنى نادر عدلى: إن تناول مثل هذه المشروعات والمبادرات فنياً من الممكن أن يتم عن طريق أفلام وثائقية قصيرة أو طويلة، وعرض هذه الأفلام فى القنوات التليفزيونية، حتى يتم إبرازها، وهو ما يحدث فى كل مناسبة من الاستعانة بعرض تمثيلى أو فيلم يقوم ببطولته مجموعة من الفنانين.
وأضاف عدلى قائلاً: وجود أعمال تعكس حجم الإنجازات خلال فترة زمنية قصيرة مع ذكر الأهداف والأغراض سيكون وثيقة جيدة، وهى وسيلة متبعة فى كل أنحاء العالم، إلا إذا تم توظيف هذه المشروعات والمبادرات فى إطار عمل اجتماعى درامى كجزء من الكل، من خلال التصوير فى هذه الأماكن التى تم إنجازها، والمدن الجديدة التى تم تدشينها، وهى الوسيلة الأمثل.
وواصل الناقد الفنى حديثه، قائلاً: مسلسل الاختيار على سبيل المثال يعتبر عملاً فنياً قوياً، لكنه ليس دراما، بالمعنى الحرفى لأنه مزج بين الواقعى والتاريخى والوثائقى فى آن واحد، ما يمثل حالة خاصة جداً لم تقدم فى الدراما المصرية من قبل، وتم صناعته فى سنوات قريبة جداً منذ أقل من 10 سنوات بشكل دقيق لأحداث وقعت فى البلاد، وبالتالى فهو حالة خاصة للغاية.