الجمعة 22 نوفمبر 2024

"التلميذ" فيلم برؤية ثقافية مصرية


رشا صموئيل

6-10-2023 | 15:43

رشا صموئيل
يشهد فيلم "التلميذ" ضجة إعلامية كبيرة منذ عدة أسابيع مع بداية انطلاق البرومو الإعلانى و عرضه الأول على المسرح الكبير بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية، بحضور قداسة البابا تواضروس الثانى بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية ومفكرين وإعلاميين وفنانين وشخصيات عامة ‏ولفيف‏ ‏من‏ ‏الأساقفة‏ ‏والكهنة‏ ‏والكثير‏ ‏من‏ ‏الممثلين‏ ‏ورجال‏ ‏الفن‏ ‏وفريق‏ ‏عمل‏ ‏فيلم‏ ‏"التلميذ‏".. فى احتفالية الافتتاح الرسمى لفيلم "التلميذ" الذى يعرض قصة حياة الأنبا تادرس تلميذ الأنبا باخوميوس أب الشركة، والذى أنتجته كنيسة السيدة العذراء مريم بأرض الجولف ،وقد قام البابا بتكريم كل المشاركين بالعمل، الفيلم‏ ‏يدور‏ ‏حول‏ ‏قصة‏ ‏حياة‏ ‏القديس‏ ‏تادرس‏ ‏تلميذ‏ ‏القديس‏ الأنبا‏ ‏باخوميوس‏ ‏مؤسس‏ ‏نظام‏ ‏الشركة‏، ‏أحد‏ ‏أبرز‏ ‏أنظمة‏ الرهبنة ‏القبطية‏ حيث إن الأنبا باخوميوس يُعتبر أب الأسرة الرهبانية، بكونه أول قائد للحركة الرهبانية فى العالم، كما كان مرشدًا لعددٍ كبيرٍ من قادة الحركة الرهبانية فى مصر وخارجها، فإن القديس باخوميوس يُعتبر أب نظام الشركة. إنه أول أب يشيد ديرًا يضم داخل أسواره جماعة رهبانية تعيش حياة الشركة فى عبادتها وكل تصرفاتها ووضع قوانين تسير عليها الأديرة حتى الآن فى مصر والعالم كله ، ولكى تطبق هذه القوانين الروحية لابد من شخصية قوية تتسم بالانضباط والحزم، ولذلك فإن الأنبا باخوميوس كان عسكريا رومانيا يعيش حياة الصرامة العسكرية، والتى جعلته أهلًا لتطبيق كافة قوانينها فى الدير.. وذلك فى القرن الرابع الميلادى وكان له تلميذ هو الأنبا تادرس الذى سار على نهجه مطيعا لتعاليمه ومنفذا لإرشاداته الروحية والإدارية، وكان له نشاط كبير فى تشييد الكثير من الأديرة ،هذا التلميذ هو محور الأحداث الدرامية فى الفيلم ولذلك أطلق اسمه على عنوان الفيلم، وهنا لابد أن نتحدث عن الأوركسترا الموسيقية المتميزة التى عزفت معا ببراعة حتى يظهر هذا الفيلم بهذه القوة ،بداية يجب أن أتحدث عن قائد العمل المخرج الكبير جوزيف نبيل الاسم الذى أصبح مصدر ثقة ومحط أنظار ، هو مخرج لديه فكر وبصمة واضحة فى كثير من الأعمال ، ولديه أيضا تكنيك خاص وبالتأكيد فيلم "التلميذ" أضيف لقائمة أفلامه المتميزة التى مازالت الكنيسة تشهد نجاحها حتى الآن منها: "يسطس الانطونى ونسر البرية و49 شهيدا وأبو نفر السائح". أيضا الفنان القدير عاصم سامى الذى دائما يمنح بريقًا ومذاقًا خاصًا لكل فيلم يشارك فيه حيث جسد فى هذا الفيلم دور الأنبا باخوميوس أب الشركة الذى قدمه ببراعة شديدة وأداء متميز ينم عن شخصية مثقفة واعية بالتأكيد لايؤدى أداءً عابرًا، بل يقرأ عن الشخصية التى يقدمها ويتقمصها ليتوحد معها وهذا سر نجاحه ،الفنان عاصم سامى خبرة كبيرة فى مجال التمثيل حيث أسندت إليه أدوار هامة على مر تاريخ الفن الكنسى فى أفلام كبيرة أثرت المكتبة الكنسية منذ بداية التسعينيات، أيضا لديه أدوار مؤثرة فى أعمال درامية تليفزيونية مع كبار النجوم حاله حال النجمة الجميلة هالة صدقى التى شاركت فى عشرات الأفلام النظيرة وأحدثها فيلم "التلميذ"، الذى أدت فيه دور أم الراهب تادرس وهو دور صغير ولكنه مؤثر جدا أدته بإقناع و تلقائية شديدة جعلت دموعى تنساب دون أن أشعر ،صدقى مع كل عمل تزداد خبرة وتميزًا، وبلا أدنى شك ظهورها إضافة كبيرة للعمل حيث منحت للفيلم ثقلًا ودعاية جيدة ،أيضا الممثل القدير عبد العزيز مخيون قام بدور والد الراهب الأب الحكيم وقال مخيون عن هذا الدور لم أتأخر لحظة عندما عرض علىّ المخرج الدور لأنى أُكن لهذه الأعمال كل الاحترام ،أرى بها سموًا وروحانيات عالية و بلاشك أن الكنيسة القبطية جزء لايتجزأ من تاريخنا ..أيضا شاهدت النجمة الجميلة مادلين طبر كما رأيتها فى أول عمل نظير جذبنى لها فى التسعينيات وهو فيلم "سمعان الخراز"، أيضا أراها اليوم فى فيلم "التلميذ" بكامل أناقتها حيث أسند لها دور شيطان فى ثوب امرأة جميلة تحاول خداع الرهبان ، بالفعل مازالت طبر جميلة تحمل كل مقومات الأنوثة كما هى لم يستطع الزمن أن يعبث بملامحها المفعمة بالجاذبية رافعة شعار أن العمر مجرد رقم ،أيضا ظهر بتألق فى دور الأنبا أنطونيوس الفنان القدير ناجى سعد الذى أسعدنا بالكثير والكثير من الأدوار على مدار السنوات الماضية ،أيضا الفنان الكبير منير مكرم كان تواجده متميزًا ومؤثرًا بالأحداث وبالطبع لابد أن أتحدث عن دور الممثل الشاب محمد على رزق الذى قام بدور هام فى سير الأحداث الدرامية للفيلم ،رزق ممثل قوى يتحلى بالذكاء يحاول أن يبحث عن التنوع فى الأدوار والتواجد الهادف وليس التواجد لمجرد التواجد ،أيضا أريد أن أتوقف عند الممثل العبقرى أيمن أمير الذى أدى دور البطولة (التلميذ) الأنبا تادرس الذى كان تلميذ الأنبا باخوميوس ، أقل مايقال يتصف بعظمة الأداء ،قدم الشخصية بكل جدارة وإبهار ،ملم بأبعاد الشخصية وتطور مراحلها ،كان التلميذ المطيع المخلص ،الحقيقة كان اختيارا موفقا من المخرج لإسناده دور التلميذ رأيت حالة من الانسجام والكيميا فى مشاهده مع القدير عاصم سامى كان حوارهما يتميز بالتناغم والانسيابية ،شاهدت هذا الممثل الشاب أيمن أمير لأول مرة من خلال دور متميز بفيلم "نسر البرية" وجذبنى أداؤه البسيط الروحانى ،كنت أنتظر مشاهده بشغف وتوقعت له مستقبلا باهرا وبالفعل قام بعد ذلك ببطولة فيلم (طيف ملاك) عن حياة الأب سمعان الأنبا بولا الذى نجح نجاحا كبيرا وحصد إعجاب المئات من المشاهدين، وفى الحقيقة الله حباه بكاريزما خاصة ليسطع نجمه فى سماء الفن الكنسى ،أيضا بالطبع وراء كل عمل جيد جنود مجهولون بذلوا جهدا كبيرًا حتى يظهر الفيلم بهذه الجودة العالية من تكنيك إخراج و تمثيل و تصوير وملابس ومكياج وإضاءة بأسلوب جديد و متطور، ولقد تم تصوير الفيلم فى مدينة الإنتاج الإعلامى وبتقنية عالية الجودة ، جذبنى نقاء الصورة واستعراض تفاصيل الطبيعة الساحرة، أيضا السيناريو والحوار حققا المعادلة الصعبة حيث كانا على أعلى مستوى من الثقافة والبساطة، والدليل أن الفيلم لا يتطرق لأشياء طقسية بقدر استعراضه لفكرة الرهبنة المصرية وتأثيرها على العالم وعلى الرغم من استعراض السيناريست الكبير ماهر فريد لمعلومات تاريخية غزيرة، ولكن لاتشعر لحظة بالضجر أو الملل فى النهاية التلميذ فيلم مسيحى برؤية ثقافية مصرية يستعرض أحداثا قبطية تاريخية .