الأحد 24 نوفمبر 2024

في ذكرى رحيل ملك العود فريد الأطرش الـ«49» كيف أعلن عن عدم وفاته؟!

فريد الأطرش

16-12-2023 | 15:04

طه حافظ

يعد فريد الأطرش من أهم الفنانين فى تاريخ الموسيقى والغناء العربى، وخلال مسيرته الفنية قدم المئات من الألحان والأغانى الرائعة، وعشرات الأفلام السينمائية الناجحة، وكانت حياته مليئة بالأسرار والمآسى، فعاش أزمات كثيرة على أكثر من مستوى منها ما يتعلق ببعض الأوضاع السياسية فى موطنه الأصلى، هذا بجانب الأوضاع العائلية، وخسارة شقيقة روحه أسمهان فى حادث غامض، ووضعه المادي، كما اكتشف أنه يعانى مرضاً بالقلب عندما كان فى أوج نجاحه، وهو المرض الذى أودت مضاعفاته بحياته.
رحل فريد الأطرش فى 26 ديسمبر عام 1974، ولا تزال أعماله خالدة حتى بعد مرور هذه السنوات على رحيله.

وُلد فريد الأطرش فى لبنان سنة 1917، وانتقل من لبنان إلى القاهرة هرباً من الفرنسيين المعتزمين اعتقاله وعائلته انتقاماً لوطنية والده، الذى قاتل ضد ظلم الفرنسيين، عاش فريد فى القاهرة فى حجرتين صغيرتين مع والدته «عالية بنت المنذر» وشقيقيه فؤاد وأسمهان.

حرصت والدته على بقائه فى المدرسة، غير أن زكى باشا أوصى به مصطفى رضا لدخوله معهد الموسيقى، فعزف فريد وتم قبوله، فأحس وكأنه وُلد فى تلك اللحظة، إلى جانب المعهد اضطر أن يعمل، وبعد عام بدأ بالتفتيش عن نوافذ فنية ينطلق منها حتى التقى بفريد غصن والمطرب إبراهيم حمودة، الذى طلب منه الانضمام إلى فرقته للعزف على العود، أقام زكى باشا حفلة يعود ريعها إلى الثوار، أطلّ فريد تلك الليلة على المسرح وغنى أغنية وطنية ونجح فى طلته الأولى. بعد جملة من النصائح اهتدى إلى بديعة مصابنى التى ألحقته مع مجموعة المغنين ونجح أخيراً فى إقناعها بالغناء وحده، سجل فريد الأطرش أغنيته الأولى «يا ريتنى طير لأطير حواليك»، كلمات وألحان يحيى اللبابيدى، فأصبح يغنى فى الإذاعة مرتين فى الأسبوع.
استعان بفرقة موسيقية وبأشهر العازفين، منهم أحمد الحفناوى ويعقوب طاطيوس وغيرهما، وزود الفرقة بآلات غربية، إضافة إلى الآلات الشرقية وسجل الأغنية الأولى وألحقها بثانية «بحب من غير أمل»، وبعد التسجيل خرج خاسراً لكن تشجيع الجمهور عوض خسارته.


قطع النجم فريد الأطرش رحلة طويلة مع الإبداع الموسيقى، واشتهر بلقب «ملك العود»، واعتاد فى حفلاته الغنائية، أن يقدم عزفاً منفرداً على تلك الآلة الشرقية الساحرة، ويتجاوب معه الجمهور حين يغرد بريشته على الأوتار، ويتناغم صوته العذب مع الأنغام الشجية، كأنه يروى بالكلمات والألحان قصة حياته الحافلة بالحب والنجاح والألم.
غنى الموسيقار الراحل أكثر من 250 أغنية من ألحانه، تراوحت بين الفصحى واللهجات العربية لكبار الشعراء، منها قصيدة «عدتُ يا يوم مولدى»، كلمات كامل الشناوى، وباللهجة المصرية «حكاية العمر كله»، تأليف صالح جودت، وباللهجة الشامية «لكتب ع أوراق الشجر»، كلمات ميشيل طعمة، وباللهجة الخليجية «أجل بهواك»، كلمات خالد الفيصل.
لحن الأطرش لعدد كبير من المطربات والمطربين، منهم شقيقته أسمهان «يا بدع الورد»، ولحن لنور الهدى، «يا ساعة بالوقت أجرى»، كما لحن للفنانة صباح «حبيبة أمها»، ومع فايزة أحمد قدم «يا حلاوتك يا جمالك»، وغنى له محرم فؤاد «يا واحشنى رد عليا»، كما غنت وردة من ألحانه أغنيتها الشهيرة «روحى وروحك حبايب».
اشترك فريد الأطرش فى 31 فيلماً سينمائياً فى السينما المصرية كان بطلها جميعاً، بدأها بفيلم «انتصار الشباب» عام 1941، واختتمها بفيلم «نغم فى حياتى» الذى قدمه قبل أن يتوفى فى بيروت إثر أزمة قلبية فى نفس العام ولم يشهد عرض الفيلم فى السينما الذى عرض فى عام 1975.


أشهر الأفلام على الإطلاق والذى جنى أرباحاً طائلة هو فيلم «حبيب العمر»، لأنه مثل قصة حب حقيقية.
أما فيلم «عهد الهوى» المقتبس عن ألكسندر دوماس الصغير عن روايته غادة الكاميليا.. وهذه الرواية لها قصة.
ففى العشرينيات من القرن الماضى، قام يوسف بيك وهبى بعرض مسرحية حول مادة الرواية، وشاركته البطولة الفنانة روز اليوسف واسمها «مرجريت»، أما اسمه فكان «أرمان»، وكان هذا العرض قد أثار ضجة كبيرة وأرباحاً طائلة وهو من أوائل العروض المسرحية الكبيرة ليوسف وهبى.


وبعد سنوات طويلة، قام يوسف وهبى بإقناع فريد بدور «أرمان»، ومريم فخر الدين بدور «مرجريت»، أما يوسف وهبى نفسه فاكتفى بدور الأب.
كان فريد الأطرش يختار القصص بعناية، وبالذات القصص التى تتقاطع ولو قليلاً مع قصة حياته. ففيلم «عهد الهوى» هذا، يمثل فقدان الحبيب بعد أن غفر له كل زلاته أو حتى كبائره، وخداع الآخرين له.. وفيلم «حكاية العمر كله»، وهو من الأفلام المهمة لفريد، فيمثل ضياع العمر بالنسبة له، وعدم جدوى فائدة البحث عن الحبيب بعد ذلك.

أما فيلم «ودعت حبك»، الذى أثار ضجة كبيرة حين تم عرضه، بسبب وفاة البطل فى النهاية، فلم يقنع المتفرجين سوى خروج فريد فاتحاً الستار ليقول للمتفرجين «ها أنا ذا لم أمت»، ولا يجب أن ننسى فيلم «رسالة من امرأة مجهولة» للمنتج صلاح ذو الفقار والمخرج صلاح أبو سيف، وكم تقاطعت الأحداث مع قصة حياة الموسيقار الكبير فريد الأطرش.