تشكّل الزيادة السكانية خطراً كبيراً على تقدم الدول ونمو اقتصادها، لا سيما فى مصر؛ مما يقف بقوة أمام النهضة التى تقوم بها فى شتى المجالات، ولأن الفن هو إحدى القوى الناعمة التى بها تتغير حياة الشعوب عن طريق الأعمال التليفزيونية والسينمائية والمسرحية التى يمكن عن طريقها طرح العديد من القضايا المهمة، ومناقشتها، والوصول لحلول للمشكلات التي تعترى الحياة الاجتماعية والاقتصادية، فلم يغفل الفن قضية الزيادة السكانية، التي تم طرحها في عدد من الأعمال الفنية، وتأثيرها على المجتمع ونموه.
في التحقيق التالى، تفتح «الكواكب» هذا الملف، وتستعرض عدداً من الأعمال التى تعرضت لهذه القضية، متوجهة بالسؤال لمصادرنا الأعزاء: هل كان للفن دور فى مناقشة هذه القضية، وكيف تناولتها الأعمال الفنية، وما المطلوب منه فى الفترة المقبلة إزاء تلك القضية، فكان التحقيق التالى.للمرة الثانية على التوالى بعد عرض مسلسل «وبينا ميعاد»، في جزئه الثانى نرى معاناة «حسن» و«نادية»؛ بسبب كثرة عدد أولادهما، فهم لديهما 8 أبناء لم تنتهِ مشاكلهم فى الجزء الأول عندما شعرت «نادية» بالحزن الشديد، وقالت إذا عاد الزمن لن أنجب أكثر من اثنين.
فى الجزء الثانى نرى «حسن» يترك وظيفته التى يحبها ويلتحق بوظيفة أخرى بسبب أن العائد المادى لها أكبر وهم بحاجة لذلك.
يناقش المسلسل الكثير من القضايا المهمة، التى أبرزها الزيادة السكانية، فطوال الوقت نرى معاناة الأولاد فى عدم تحقيق أحلامهم؛ بسبب قلة المال، فهم 8، فمنهم من لم يستطع أن يشترى شقة الزوجية، والآخر يقف المال عائقاً أمام اختيار الفتاة التى أحبها، والآخر الذى يعمل وتحدث معه الكثير من المشاكل بسبب طبيعة عمله، المسلسل من بطولة شيرين رضا، وصبري فواز، ومدحت صالح، ووفاء صادق، وبسمة، وإيهاب فهمي، وهيدي كرم، ونور محمود، ومحمد مهران، وأسامة الهادي ويوسف الكدواني، ويوسف إبراهيم، وأميرة أديب، وآية سليم،وتسنيم مطر، ومن تأليف وإخراج هاني كمال.
أهلاً بالسكان
تدور أحداث المسلسل حول «عصفور أفندى»، الذى يعانى هو وأسرته من ضيق المعيشة بسبب كثرة عددهم، ويحلم بأن ينتقل بهم إلى شقة أكبر تسع احتياجتهم، فيعرض عليه صاحب الشركة التى يعمل بها أن يقدم له شقة كبيرة فى «برج الأحلام» بشرط أن يتحمل هو الخطأ إذا وقعت العمارة.
بالفعل تحدث المصيبة وتقع العمارة وتتحول حياته وأسرته إلى جحيم.
المسلسل بطولة، حسن عابدين، نبيلة السيد، سحر رامى، عفاف حمدى، شعبان حسين. تأليف فيصل ندا، وإخراج عبد الله الشيخ.
السبع بنات
يعتبر هذا الفيلم من أهم الأفلام التى ناقشت قضية الزيادة السكانية بشكل مؤثر وكبير، حيث نرى الفنان حسين رياض الأب المغلوب على أمره، فلديه 7 من البنات فى مراحل عمرية مختلفة، حتى إن عمله لا يستطيع توفير احتياجاتهن من ملابسهن وأدواتهن الدراسية، وحتى فى أبسط أمور حياتهن.
كانت المشكلة الكبرى حين تقدم لإحدى بناته شاب غنى، ولكنه قرر أن يضحى بسعادة ابنته لينقذ وظيفته، فهدده مديره إذا وافق على هذا العريس سيترك العمل.
الفيلم بطولة، حسين رياض، سعاد حسنى ونادية لطفى وزيزى بدراوى وأحمد رمزى وعبد السلام النابلسى وعمر الحريرى.. والفيلم من تأليف نيروز عبد الملك ومن إخراج عاطف سالم.
أفواه وأرانب
هذا الفيلم الرائع للنجمة فاتن حمامة، الذى ناقش مشكلة الزيادة السكانية بشكل كبير وكيف تؤثر على المجتمع، نرى «نعمة» التى تعيش فى بيت شقيقتها التى تمتلك من الأطفال 9 إلى جانب زوجها، وبسبب كثرة الإنجاب لم يتعلم الأطفال ولم يعيشوا حياة كريمة، فتقرر «نعمة» أن تترك البيت بحثاً عن فرصة عمل تجعل حياتها أفضل بعيداً عنهم، فتذهب إلى مدينة المنصورة وتجد فرصة عمل عند «محمود بيه» الذى سرعان ما يعجب بها وبأفكارها، فتنشأ علاقة حب بينهما.
يناقش الفيلم بشكل كبير جداً قضية الزيادة السكانية، حيث نجد «نعمة» طوال الوقت تلوم شقيقتها على كثرة الإنجاب وأيضاً سوء أوضاعهم الاقتصادية الدائم بسبب عددهم الكبير.
وفى أحد المشاهد يضطر أحد الأبناء إلى سرقة دجاجة حتى يتمكن من تناول الطعام هو وأسرته، الفيلم بطولة فاتن حمامة، محمود ياسين، فريد شوقى، ماجدة الخطيب، رجاء حسين، أبوبكر عزت، ومن تأليف سمير عبد العظيم، وإخراج هنرى بركات.
امبراطورية ميم
ناقش هذا الفيلم مشكلة الزيادة السكانية من منظور مختلف، فلم تكن المشكلة هنا سوء أوضاعهم الاقتصادية أو ضعف العائد المادى، بل صعوبة تربية الأبناء والحفاظ عليهم، فنجد «منى»، الأم لستة من الأبناء فى مراحل عمرية مختلفة، تحدث بينهم الكثير من الخلافات بسبب صعوبة تربيهم بمفردها بعد وفاة زوجها.
تتحمل منى (فاتن حمامة) مسئولية تربية أبنائها الستة بجانب عملها، ومع نمو الأولاد تزداد مشاكلهم، وتزداد معها أعباء والدتهم فى التربية، خاصة مع وصول أغلبهم لسن المراهقة، فتتوتر العلاقة بينها وبينهم، وفى نفس التوقيت، تقع «منى» على نحو تدريجى فى قصة حب مع رجل الأعمال أحمد رأفت (أحمد مظهر)، لكنها لا تستسلم لمشاعرها بسهولة بسبب حيرتها بين تفرغها لأبنائها، وتفكيرها فى مستقبلها مع «أحمد».
الفيلم بطولة فاتن حمامة، أحمد مظهر، دولت أبيض، ومن تأليف إحسان عبدالقدوس، وسيناريو كوثر هيكل، وإخراج حسين كمال.
أنا وبناتى
فى نفس السياق قدم لنا زكى رستم رسالة غاية فى الأهمية من خلال فيلم «أنا وبناتى»، فهل كثرة أفراد العائلة وضعف العائد المادى يؤديان إلى الانتحار؟ هذا ما حدث بالفعل فى فيلم «أنا وبناتى» فهو أب بسيط لديه 4 فتيات لا يستطيع أن يجهز أية واحدة منهن للزواج بسبب الوضع الاقتصادي، ولسوء الحظ يتعرض أيضاً لعملية نصب من شخص أخذ منه مكافأة معاشه، فيمرض الأب مرضاً شديداً، وتتدهور أحوال الأسرة أكثر، مما دفع إحدى بناته إلى الانتحار.
الفيلم بطولة صلاح ذو الفقار، ناهد شريف، زكى رستم، آمال فريد، زهرة العلا، فايزة أحمد.. تأليف وإخراج حسين حلمى المهندس.
لا تسألنى من أنا
تعانى «عائشة» من الفقر، لذا تبيع ابنتها «زينب» للثرية العاقر «شريفة»، شريطة أن تقوم هى برعايتها بصفتها مربيتها، كما تتكفل شريفة هانم بمصاريف أسرة عائشة.. يكبر الأبناء ويحصلون على شهادات جامعية ووظائف مرموقة ويطلبون من أمهم الكف عن العمل كمربية.
الفيلم بطولة، شادية، يسرا، فاروق الفيشاوى، إلهام شاهين، هشام سليم، سوسن بدر، طارق الدسوقى، ناصر سيف.. تأليف إحسان عبد القدوس، وإخراج أشرف فهمى.
وفى هذا السياق تقول الناقدة الفنية خيرية البشلاوى: لا يوجد اهتمام حالياً بشكل كبير من قبل الدراما أو السينما بقضية الزيادة السكانية، الأمر الذى يجعلنى فى حيرة من أمرى، وأتساءل: كيف لنا أن نغفل هذه القضية؟، الأمر الذى يهدد حياة شعوب بأكملها ويحد من اقتصادها وتطورها، وقديماً كانت السينما مهتمة بمناقشة القضايا الاجتماعية أكثر وناقشت هذه القضية فى أكثر من عمل أشهرها (أفواه وأرانب) و(السبع بنات)، ولكن حالياً السينما أصبحت مقلة فى هذا الأمر ، أما الأعمال الدرامية فلم تناقش الموضوع بقوة، بل كان موضوعاً من ضمن موضوعات عدة، لذلك أناشد صناع الأعمال الفنية ضرورة الانتباه لهذه القضية المهمة وتخصيص أعمال فنية تتحدث عنها.
وتقول الناقدة الفنية فاطمة المعدول: كانت مشكلة الزيادة السكانية وخطورتها قديماً يتم تناولها درامياً بشكل أوسع، وهناك الكثير من الأعمال التى تناولتها قديماً، مثل فيلم (أفواه وأرانب)، ومسلسل (عادات وتقاليد) وغيرهما من الأعمال، ولكنى حزينة جداً هذه الفترة من إهتمام السينما والدراما بشكل كاف بمشكلات كثيرة خطيرة رغم وجود المسلسلات المتصلة المنفصلة التى تصلح لمناقشة الكثير من مشكلات الحياة المهمة جداً، ومنها مشكلة الزيادة السكانية، فلم أشاهد أية أعمال مؤخراً تخص هذه المشكلة رغم خطورة الأمر.
وفى نفس السياق يقول الناقد الفنى أحمد سعد الدين: إن السينما والدراما المصرية نجحتا فى عرض مشكلة الزيادة السكانية بشكل كبير، وفى أكثر من عمل، حتى لو كان بشكل مبالغ فيه وبه دراما، حيث ناقش الفن فى أكثر من عمل خطورة الزيادة السكانية حتى يتم لفت نظر المسئولين إليها ليبحثوا عن حلول لها، وفى فيلم (مدافن مفروشة للإيجار)، نجد أن الزيادة السكانية اضطرت بعض الناس للسكن فى المقابر، وهو الأمر المحزن جداً، وفيلم (كراكون فى الشارع)، الذى أعتبره الفيلم الوحيد من وجهة نظرى الذى قدم حلاً لهذه المشكلة، وهى أن نعمر الصحراء كما يحدث الأن، وهناك كثير من الأعمال التى ناقشت هذه المشكلة بسبب خطورتها.