الأحد 24 نوفمبر 2024

بدون سابق إنذار يفتح جداول إنسانية خاصة

4-4-2024 | 11:20

في البدء كانت الكلمة ...و (بدون سابق إنذار) يلقي بالكلمة الواحدة ليفتح أمامها جداول إنسانية خاصة، ومتشعبة و مهمة جدا . لم يكتفي فريق كتابة العمل( عمار صبري،وسمر طاهر وكريم الدليل ) بالتمحور حول فكرة تبديل الأطفال وإثبات النسب، بل خلق من تفاصيلها اتجاهات إنسانية شديدة الأهمية وضعها تحت المجهر،وبدأ فى نسج أردية مختلفة للشخصيات من آسر ياسين بصدق نقله لمشاعر الزوج المتهم بالإهمال والأب المصدوم بمرض إبنه ثم صدمته الأكبر بالنسب الغير محقق آسر ياسين بيمثل بكل تفاصيله، نظراته ، رعشات أنامله،إلتفاته تضيف وتشرح وتدعم . ووقفة عظيمة ومحك مهم . هل ياتري مشاعر الأبوة تمنح بالنسب؟ أم بالتربية؟ وهل تتبدل المشاعر بانتفاء النسب؟ ..عائشة بن أحمد مجتهدة الحقيقة، ولكن خيالي طوال المشاهد الخاصة بها كان يحرضني على أن أتساءل بإلحاح ماذا لو تخيلنا الأداء ل(هند صبري) أو (منة شلبي)؟ ربما لأن الكتابة تحتاج لانفعالات حادة وقوية لأم، تكتشف ان ابنها مريض كانسر. ثم تصعقها إتهامات زوجها بالخيانة، ثم تعود لتكتشف ان ابنها ليس إبنها! حالات شديدة الوطأة، وأحداث تتطلب إنفعالات أكثر حرفية وإتقان، ومنحنى أعلى لمشاعر أم لا تخضع لقوانين ولاثوابت. الطفل ( سليم يوسف )موهوب ورائع لأقصى حد وتسلل بود للقلوب بدون إستئذان. ومع رؤية إنسانية أخرى نجد حسن (احمد خالد صالح) الأخ الوحيد للبطل، والذي يمتلك نسخة مختلفة من تكاوين الرجل. فهو مندفع، ومتهور، لايحسن إدارة حياته، ولايستطيع الخروج من اي مشكلة، وتظهر زوجته ( جهاد حسام الدين) التي فكرت بشكل عقلاني في كيفية التغلب على مشكلات الحياة فتخلت عن الجانب العاطفي فى علاقتها بزوجها، وفكرت بمنتهى الواقعية، لتضعنا فى حيرة هل جانبها الصواب وأخطات فى حق زوجها وبيتها أم العكس؟ ثم عم البطل ووجهه نظره فى إثبات النسب من اجل الميراث ليعزف على طبائع النفس البشرية وإثبات ان كل يغني على ليلاه! ثم علاقة آسر ياسين واخوه بوالدتهم . و علاقةالأم (نهال عنبر) الممثلة المتزنة الثقيلة الموهبة،بزوجاتهم . خيوط الدراما متحكم فيها بشكل أنيق ورائع ومتقن رغم تشعبها . الموسيقى التصويرية لخالد الكمار ملفتة جدا ومنسابة مع رحلة الألم والبحث بدون تكلف . والتصوير المتقن ل ( على عسر ) التتر رائع بصوت (احمد سعد) القوي والحان (خالد عز )وكلمات (امير طعيمة ). ثم بطل العمل ومفتاح سره وصاحب البصمة الذي يؤمن ان النجاح ليس إنتشارا ولكنه ظهور مميز وحضور لافت . هاني خليفة الذي استطاع كعادته من وقت مساعد مخرج فى (سارق الفرح) ثم مخرج فى (سهر الليالي) مارا ب ( ليالي اوجيني) إلى فيلمه الأخير (الرحلة 404) _أن يدير الكاميرا بحرفية، ويستثمر شخوصه، بوصفه من أهم مخرجي قضايا العلاقات الإنسانية. كما يحسب له قفلات المشاهد والحلقات والنقلات . وأعتقد أن هاني خليفة إستطاع بمهارته أن يجعلنا نغض الطرف عن المط البسيط فى الحلقات،و الذي إرتبط بالخطة الزمنية للعروض الرمضانية . بدون سابق إنذار مسلسل يستحق المشاهدة فى النصف الثاني من الدراما الرمضانية .