مثلما أبكتنا السيدة ام كلثوم حينما غنت " دارت الايام "، استطاع الثلاثي الكاتبة أمل فوزى والفنانة القديرة وفاء الحكيم والمخرج الواعى فادى فوكية ان يبكونا اثناء مشاهدة عرض المونودراما الذى يحمل نفس اسم الأغنية حزنا على هذة المراة التى اضاعت عمرها هباء وهى تعيش فى تسلط مستمر منذ صغرها وحتى زواجها لتكتشف بعد موت زوجها مفاجات لم تكن تتوقعها. فعلى أغانى الست أم كلثوم يأخذنا هذا الثلاثى الرائع فى رحلة إنسانية ونفسية شديدة الخصوصية تعرض لنا قصة امراة في منتصف العمر، بكل ما تحمله الشخصية من مشاعر وأفكار متصارعة داخلها وبكل ما مرت به من تجارب متسلطة في حياتها منذ صغرها ويتضح هذا فى رفض والدتها إلغاء زواجها من رجل غير مناسب لها مرورا بالزوج الذى يرفض استكمال تعليمها والتحاقها بالجامعة رغم تفوقها الدراسى وأيضا حياتها الزوجية فهى لم تعيشها مثل الأخريات بل كان تعسف زوجها معها وعدم محاولته اشعارها بأنوثتها هو سبب رئيسى فى حالة الحزن التى كانت تعيشها دائما والتى لم يتبقى فيها إلا أولادها رغم محاولة أحد زملائها التقرب منها لها إلا أنها ترفضه من أجل حياتها وتسعى حتى بعد زواج أبنائها حاولت أن تنشط علاقتها بزوجها ففوجئت بنفس الجمود الذى يعيش به معها منذ البداية إلى أن تكتشف بعد موته زواجه من أخرى وانجابه طفل آخر دون أن تعلم وهنا تبرز قضية أخرى تناقشها المراة مع نفسها هل المشكلة تخصها حتى يتزوج عليها وهل قصرت فى أداء مهامها كزوجه معه .. بعد موت زوجها يدور صراع داخلى حول تفكيرها أن تهتم بنفسها وأن تعيش حياتها كما كانت تريد لكنها فجاة تنشغل بمشاكل أولادها وحفيدها وتضيع أحلامها الجديدة فى البحث عن مطالب أبنائها . رغم أنها التجربة الأولى للكاتبة أمل فوزى إلا أنها استطاعت أن تكتب المشاهد وتفاصيل الشخصية باقتداروعبرت بخصوصية شديدة عن جوانب إنسانية ونفسية لامرأة في منتصف العمر.. لسيدة عانت الكثير فى حياتها . أما وفاء الحكيم فهى دائما ما تستحوذ على انتباهنا من خلال حسها الفنى العالى وادائها التمثيلى الرائع للشخصيات التى تقوم بها .. لكن فى هذا العرض تاخذنا إلى شكل آخر من الأداء التمثيلى الرائع فهى تنتقل بين منطقتى الحزن والفرح بمنتهى الروعة نضحك معها فى الفرح ونحزن لحزنها . أيضا الأداء الصوتى المتميز للمخرج شادى سرور أظهر جوانب كثيرة من شخصية الزوج المتسلط وساعد على فهم شخصية المراة محور العمل ومشاكلها. إضاءة أبو بكر الشريف منذ بداية العرض وهى توحى بحالة الحزن المسيطرة على العرض من خلال اللون وتوزيع البقع الضوئية و كانت متناسقة مع تنقلات الشخصية وكذلك الديكور الرائع الذى قدمه مخرج العرض فادى فوقية فى تناسق جميل مع باقى عناصر العمل المسرحى الذى استطاع أن يوجهه باقتدار فكان العرض أكثر من رائع . العرض من انتاج مسرح الهناجر الذى عودتنا ادارته منذ أن تؤلاها المخرج المتميز شادى سرور بوجود أعمال مهمة ورائعة تقدم على خشبة مسرح الهناجر . " ودارت الايام " بطولة الفنانة وفاء الحكيم وأداء صوتى للمخرج شادى سرور، ومن تأليف أمل فوزي، موسيقى أحمد الناصر، إضاءة أبو بكر الشريف، مكياج إسلام عباس، مساعدو الإخراج أحمد الدسوقي، رمضان موسى، مينا إبراهيم، مخرج منفذ سامي المصري، وديكور إخراج فادي فوكيه.