الجمعة 22 نوفمبر 2024

قديما وحديثا.. نجوم ونجمات صنعوا تاريخ المسرح المصرى

نجيب الريحاني

2-8-2024 | 13:38

خالد فؤاد
هناك نجوم كبار يمكننا إطلاق لقب العمالقة والرواد الكبار عليهم سواء من الأجيال القديمة والمعاصرة الذين ساهموا فى صناعة المسرح المصرى “ أبو الفنون” وذلك عبر أكثر من 150 عاما من الزمان . فبعد أن عرفت مصر هذا الفن الجميل “فن المسرح” فى نهاية القرن السابع عشر تحديدا مع قدوم الحملة الفرنسية لمصر بقيادة نابليون بونابرت عام 1798، وظهور فرقة “ الكوميدى فرانسيز “ بدأت تظهر اجتهادات كثيرة من قبل فنانين مصريين لإنشاء فرق مسرحية مصرية، ومع انطلاق المهرجان القومى للمسرح المصرى نسترجع معاً هذا التاريخ. كانت البداية فى هذا الإطار للمخرج مارون النقاش حيث ظهر بأول عرض مسرحى قوى ومنظم على أسس وقواعد صحيحة عام 1847، بمسرحية “البخيل” والتي استوحى إياها من “موليير”، وحقق العرض صدى واسعا ونجاحا كبيرا ليس بين الجمهور الذى انجذب بشدة لما شاهده ولم يشهد مثيلا له من قبل فحسب، بينما وبين عشاق الفن وممن كانوا يحلمون بتكوين فرق مسرحية وكانوا يخشون الفشل أو اتهامهم بالجنون باستحداث شئ غير معروف أو مألوف بالنسبة للجمهور المصرى . ومن هنا فيحسب لمارون النقاش بأنه صاحب الفضل الأول فى تأسيس أول فرقة مسرحية أو بمعنى آخر الصانع الأول للمسرح المصرى فحفر اسمه بحروف من ذهب . يعقوب صنوع ويعد الصانع الثانى للمسرح المصرى هو العبقرى يعقوب صنوع عقب عودته من إيطاليا حيث قام بتأسيس المسرح المصرى فى عام 1869، حيث بدأ عروضه بداخل مقهى بداخل حديقة الأزبكية وكانت باكورة أعماله المسرحية أوبريت “راستو وشيخ البلد “ وقدم خلال عامين فقط نحو 32 رواية من تأليفه، وقام صنوع هو وفرقته بتمثيل مسرحيتين أمام الخديو وفوجئ الجميع بالخديو يطلق عليه لقب “موليير مصر “ على الرغم من أن مسرح “صنوع” لم يكن يهتم بالأمراء والباشوات، بينما للسواد الأعظم من الشعب، وللطبقة الوسطى. وكان من بين أبرز هذه المسرحيات “البنت العصرية “ ومسرحية “الضرتين” ومسرحية “البورصة” . سلامة حجازى وأسكندر فرح كذلك ظهر “ تياترو الأزبكية “ الذى أنشأه الخديو إسماعيل وشهد فى عام 1885 إقامة أول موسم مسرحى وتنافست فيه أكثر من فرقة نذكر منها فرقة أبو خليل القبانى، وفرقة أسكندر فرح وبطلها سلامة حجازى وغيرهما من الفرق الأخرى التى قدمت أشهر أعمالها على نفس المسرح واستمرت المنافسة بينهم منذ عام 1891 حتى عام 1905. وشهد عام 1905 قيام الشيخ سلامة حجازى بإنشاء فرقته الخاصة والتى حققت نجاحا كبيرا على تياترو الأزبكية فقد حققت صدى واسعا وكبيرا ساهم فى صناعة اسمه الذى لايزال مستمرا حتى اليوم فيحفظه كل أبناء الجيل الجديد . جورج أبيض كان من أهم وأكبر الرواد الذين ظهروا فى العقود الأولى من القرن العشرين الرائد الكبير جورج أبيض والتى اشترك فى تأسيسها مع الشيخ سلامة حجازى، وقدما مجموعة مسرحيات لشكسبير وبرنارد شو، واجتذبا الشاعرين الكبيرين خليل مطران وحافظ إبراهيم فقدموا معا أول مسرحية مصرية وهى “مصر الجديدة ومصر القديمة” . عزيز عيد شهد عام 1923 حدثا فى منتهى الأهمية حيث تكونت فى هذا العام أول فرقة مسرحية مصرية بقيادة الرائد المسرحى المخرج الكبير عزيز عيد وكان المدير الفنى للفرقة الفنان الشاب فى هذا الوقت يوسف وهبى وضمت الفرقة مجموعة كبيرة من نجوم هذا الوقت فى مقدمتهم الممثلة روز اليوسف، وحسين رياض وأحمد علام وزينب صدقى. وحققت الفرقة نجاحا كبيرا وساحقا حيث أقدم الجمهور على متابعة عروضها ليس لتشجيعها من منطلق أنها فرقة مصرية خالصة فحسب بينما لروعة الموضوعات التى كانت تقدمها فجذبت أنظار الجمهور وطبقة المثقفين بالعروض الجميلة التى كانت تقدمها وفى مقدمتها مسرحيتا “ كرسى الاعتراف” و “غادة الكاميليا”. فاطمة رشدى “ سارة برنار الشرق” بعد بضعة أعوام حدث انفصال فنى بين عزيز عيد ويوسف وهبى واستقل كل منهما بفرقته الخاصة حيث قام عزيز عيد بتأسيس فرقته المسرحية التى حملت اسمه “ فرقة عزيز عيد” وحقق نجاحا مذهلا وكان أول من أنشأ مسرحا صيفيا مكشوفا وأول من أسس فرقة من المصريين تمثل باللغة الفرنسية، وفتح معهدا تمثيليا فى سوريا. واكتشف عزيز عيد العديد من المواهب كان فى مقدمتهم فاطمة رشدى ووقع فى غرامها وتزوجها وأصبحت النجمة الأولى لمسرحه وأطلق عليها لقب “صديقة الطلبة” لأنها كانت تتيح للطلبة حضور عروضها مجانا وقدما سلسلة كبيرة من العروض الناجحة حتى بدأت الفرقة فى التعرض لعثرات مادية كبيرة ووقع الانفصال بين عزيز عيد وفاطمة رشدى واضطر هو لإغلاق الفرقة . وقامت فاطمة رشدى بتكوين فرقة باسمها، واستطاعت أن تتقدم الطابور بفرقتها، وسافرت هذه الفرقة للعرض ببيروت، وبغداد وعدد من الدول العربية. وتعلمت التأليف والإخراج ونجحت بدرجة كبيرة الأمر الذى دفع نقاد الحركة الفنية فى ذلك الوقت لمنحها لقب “سارة برنار الشرق” فقد اعتبرها الكثير رائدة للحركة المسرحية في مصر بسبب اسهاماتها الكبيرة فى المسرح، وإنتاجها الفنى الغزير، والذى بلغ 200 عرض مسرحى وساهمت فى اكتشاف مواهب فنية كبيرة مثل محمد فوزى، ومحمود المليجى وكثير غيرهم. يوسف وهبى وفرقة رمسيس شهد نفس التوقيت قيام الفنان الكبير يوسف وهبى بإنشاء فرقة رمسيس ونجح فى الصعود بها وجعلها الفرقة الأولى لسنوات طويلة وتخرج فيها أجيال كثيرة من الفنانين والنجوم الذين أصبحوا نجوم سينما ومسرح أوائل فى السنوات التالية . فرقة على الكسار كما قام الفنان والرائد الكبير على الكسار بالتعاون مع صديقه أمين صدقى بتكوين فرقة تمثيل عام 1916 حملت اسمه “على الكسار” وكانت تقدم عروضها على خشبة مسرح “الماجستيك” بشارع عماد الدين، قبل قيام على الكسار بإنشاء مسرحة بروض الفرج . واستعان بمجموعة من الكتاب المميزين والكبار الكتاب مثل أمين صدقى وبديع خيرى لكتابة مسرحيات الفرقة . وقدم الكسار أكثر من 200 أوبريت للمسرح برفقة فرقته، وتألق بشخصيته المشهورة النوبى الطيب “عثمان عبدالباسط”. وبعد وقوع الانفصال بين الشريكين الكسار وأمين صدقى، استمر الكسار بمفرده بضع سنوات ثم بدأت مرحلة الانهيار والإفلاس ليضطر لغلق المسرح والعمل بأدوار صغيرة جدا ببعض الأفلام ورحل عام 1957 . نجيب الريحانى تزامن ظهور فرقة على الكسار، مع ظهور فرقة رائد فن الكوميديا الفنان الكبير نجيب الريحانى والتى اشترك فى تأسيسها مع رفيق رحلة كفاحه بديع خيرى وكان الريحانى يقدم عروضه على خشبة مسرح الـ”إيجييسيان” المواجه لمسرح “رمسيس” ليوسف وهبى. وبطريقته الساخرة كان الريحانى ينتقد المشكلات والأزمات الاجتماعية بطريقة ساخرة تضحك الجمهور، وكانت المنافسة مشتعلة ليس بينه وبين على الكسار فحسب بل وبينه وبين يوسف وهبى فكتب أحد النقاد قائلا : كلاهما أى الريحانى ووهبى يبكى الجمهور، الأول من الضحك والثانى من الفواجع . وبعد وفاة الريحانى أصر رفيق رحلة كفاحه بديع خيرى على استمرار الفرقة بنفس اسمه سنوات طويلة وتعاقب عليها نجوم كثير فى أدوار البطولات الرجالى وظل أعضاء الفرقة الأساسيون كما هم، حتى ودع عالمنا بديع خيرى فى عام 1966 فبدأت فى التفكك . فرقة إسماعيل ياسين بعد النجاح الكبير الذى حققه إسماعيل ياسين فى النصف الأول من الخمسينيات وتربعه على عرش الكوميديا اتفق مع رفيق مشواره أبو السعود الأبيارى على تكوين فرقة باسم “ إسماعيل ياسين” وقاما بتحويل سينما ميامى الصيفى إلى مسرح إسماعيل ياسين، وعملت عليه الفرقة عدة مواسم ناجحة، وقاما بتحويل المسرح القومى فى الإسكندرية إلى مسرح بنفس الاسم، وظلت عروضهما تحقق نجاحا كبيرا حتى بدأت نجومية إسماعيل ياسين فى الانحسار فبدأت الفرقة تواجه أزمات مادية كبيرة ورغم هذا أصر إسماعيل ياسين على عدم حلها أو ضمها لمسرح التليفزيون وأصيب بمرض القلب ومنعه الأطباء من العمل فترة طويلة فتراكمت الديون على الفرقة وانحسرت أضواء السينما عنه فاضطر لحل الفرقة وعاش سنوات عجاف واضطر للعودة للعمل كمنولوجست حتى رحل عام 1972. مدبولى والمهندس ومسرح التليفزيون مع قدوم الستينيات ظهر جيل جديد من الكوميديانات بشكل وطابع مختلف ساهموا فى استمرار مسرح القطاع الخاص بقوته، تقدمهم الرائد الكبير عبدالمنعم مدبولى ورفيق رحلة كفاحه فؤاد المهندس وانضمت لهما شويكار . وكانت المنافسة على أشدها بينهم وبين نجوم المسرح الجدد فى هذا الوقت محمد عوض وأمين الهنيدى وكثير غيرهم . وقد انضم بعضهم لفرق التليفزيون المسرحية عند تأسيسها فى بداية الستينيات وحققوا جميعا من خلالها نجاحا كبيرا . فبشهادة الجميع نجح مسرح التليفزيون وعبر سنوات فى التربع على العرش ومنافسة أهم وأقوى الفرق المسرحية بكلا القطاعين العام والخاص . عادل إمام وسعيد صالح وشيريهان بعد النجاح اللافت لمدبولى والمهندس وشويكار قام العبقرى سمير خفاجى بدعوتهم لتكوين “فرقة الفنانين المتحدين” التى تعد الفرقة الوحيدة التى نجحت فى الاستمرار قرابة النصف قرن من الزمان بفضل حنكة وذكاء مؤسسها سمير خفاجى . فمع بزوغ نجم عادل إمام وسعيد صالح وابناء جيلهم قام بضمهم للفرقة ليقدموا تحت اسمها مجموعة من أهم وأنجح العروض عبر سنوات طويلة . مع ظهور شيريهان وتألقها كنجمة استعراضية وذلك فى حقبتى الثمانينيات والتسعينيات قام بضمها للفرقة لتقدم أهم وأنجح عروضها وهكذا . الضيف وسمير وجورج شهدت حقبة الستينيات أيضا ظهور الكوميديانات الجدد “ الضيف وجورج وسمير” سواء على شاشة التليفزيون بالفوازير الرمضانية والاسكتشات الفكاهية الخفيفة فى الحفلات العامة والأفلام السينمائية وقاموا بتكوين فرقة مسرحية تحت عنوان “ ثلاثى أضواء المسرح” نجحت فى غضون شهور قليلة فى أن تجذب الجمهور وتصبح واحدة من أهم وأقوى الفرق ولم تتأثر برحيل أحد أعمدتها الأساسيين “ الضيف أحمد” بشكل مفاجئ فى مطلع السبعينيات واستمر الثنائى سمير وجورج وقدما معا مجموعة من العروض العظيمة حتى التفريق بينهما فى مطلع الثمانينات ؛ واستمر سمير غانم بمفرده وقدم الكثير من العروض الناجحة وسعى جورج سيدهم للوجود بنفس الشكل إلا أن المرض اللعين داهمه فى نهاية التسعينيات وظل قرابة العشرين عاما قعيدا لا يقوى على الحركة ليودع عالمنا ولحق به سمير غانم. نجم والإبيارى كما حمل المؤلف والمنتج أحمد الإبيارى” على عاتقه الحفاظ على التاريخ المسرحى لفرقة الإبيارى، بعد رحيل والده المبدع الكبير أبوالسعود الإبيارى أحد أعمدة المسرح المصرى فى حقبتى الخمسينيات والستينيات وتعاون الإبيارى مع مجموعة من كبار نجوم المسرح كان فى مقدمتهم سمير غانم وسيد زيان ومحمد نجم الذى انفصل عن الفرقة بعد قيامه بإنشاء فرقته الخاصة التى ظلت تقدم عروضها على مسرحه الخاص بالدقى واستأجر نجم مسارح فى المحافظات الساحلية مثل الإسكندرية كان يقدم عروضه عليها فى فصل الصيف. وساهم الإبيارى فى اكتشاف وإظهار كوميديانات جدد مثل محمد هنيدى ولازال حتى اليوم يسعى للحفاظ بكل قوة على بقاء الفرقة على الساحة ويقدم عروضه على خشبة مسرح الريحانى. أبناء خالد جلال خلال الخمسة وعشرين عاما الماضية نجح المبدع الكبير خالد جلال من خلال ورشته المسرحية بمركز الإبداع الفنى فى الأوبرا فى تخريج أجيال من الفنانين المميزين حيث ساهم فى تقديم فنانين شباب ساهموا فى استمرار المسرح من خلال العديد من العروض الناجحة التى قدمها منذ عروض “ هبوط اضطرارى” و” قهوة سادة” و”بعد الليل”.. وغيرها. أشرف عبد الباقى والكوميديانات الجدد يحسب للفنان أشرف عبد الباقى أنه من الفنانين القلائل المعاصرين الذين اجتهدوا لبقاء المسرح الخاص وذلك بتأسيسه ل “ مسرح مصر” وقام بضم العديد من الشباب للفرقة بعضهم من خريجى ورشة خالد جلال “ مركز الإبداع الفنى” وبعضهم من خارجه . وقدموا خلال السنوات الماضية مجموعة كبيرة من العروض التى اجتذبت الملايين من عشاق المسرح . وأصبحوا أى هؤلاء الفنانين الشباب نجوما مشهورين حاليا .