الأحد 24 نوفمبر 2024

فى القاهرة للمسرح التجريبي.. 6 ورش فنية تكتشف فضاءات جديدة

مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي

13-9-2024 | 14:22

شيماء محمود
انتهت فعاليات مهرجان القاهرة الدولى للمسرح التجريبى فى دورته الحادية والثلاثين (دورة د. علاء عبد العزيز) برئاسة الدكتور سامح مهران، والتى شهدت العديد من الفعاليات ما بين ورش فنية وندوات للمحاور الفكرية التى انقسمت بين عنوان «المسرح وصراع المركزيات» ومحور «رد الجميل». «الكواكب» كانت هناك لتنقل لكم أبرز ما تم طرحه من موضوعات من خلال هذه المحاور. البداية تأتى من ندوة أقيمت عن المخرجة التونسية الكبيرة رجاء بن عمار، وشارك فيها د. محمد المديونى، الباحث حاتم التليلى، د.أمينة الدشراوى، وأدار الجلسة الكاتب إبراهيم الحسينى، وفى بداية الجلسة تحدث الكاتب المسرحى إبراهيم الحسينى، مؤكدا أن رجاء بن عمار هى فنانة شاملة عملت فى الإخراج والتمثيل وفنون الأداء الجسدى والاستعراض، وكانت من أوائل الفنانات التونسيات اللواتى كان لديهن اهتمام بالأداء الجسدى، لافتا إلى أنها تأثرت بما تعلمته فى ألمانيا فى جميع أعمالها المسرحية، ورحلتها إلى برلين كانت من أسباب تكوينها الفنى والجمالى. من جانبه قال د. محمد المديونى الأستاذ بالمعهد العالى للفن المسرحى فى تونس، إن رجاء بن عمار كانت فنانة متنوعة إذ امتدت تجربتها لمختلف فنون الأداء بجانب عملها فى الإخراج، مشيرا إلى أن الراحلة كانت تحتل مكانة كبيرة فى الحياة التونسية، وعرفت بطاقاتها الفياضة وفى كل ما ذهبت إليه من آراء ومواقف، مشددا على أنها تمثل صورة رائعة لجيل من أجيال تونس الحديثة. وأضاف “المديونى” أن الأثر الاجتماعى والشخصى كان سببا كبيرا فى تكوينها أيضا، فهى ابنة لعائلة فنية، فكان خالها من أفضل الموسيقيين فى وقته، وكذلك معايشتها للحياة المسرحية فى ألمانيا، والتى خصصت لها ربع ما عاشته فى مسيرتها الذاتية، إذ أن جزءًا من تجربتها اكتسبته من خلال ما رأته فى برلين، ورؤيتها لما يدور فى المؤسسات الثقافية هناك، وتابع الأستاذ بالمعهد العالى للفن المسرحى فى تونس، بأنه يُنسب إلى رجاء بن عمار تأسيس مدرسة الرقص والريادة فى فن الأداء الجسدى ومزجه بالمسرح، فهى امرأة نجحت فى فرض نفسها فرضا على الساحة المسرحية، وقادت أعمالها إلى آخر نفس فى حياتها. فيما اكتفت المخرجة والباحثة التونسية أمينة الدشراوى، بقراءة عدد من المقتطفات التى ترجمتها كانت قد صرحت بها الراحلة رجاء بن عمار أثناء مداخلة لها باللغة الفرنسية تتحدث فيها عن رؤيتها لوطنها تونس. كما أقيم ضمن محور “رد الجميل” ندوة “المخرج البحرينى الكبير عبدالله السعداوى” وشارك فيها: يوسف الحمدان من (البحرين)، خالد الرويعى من (البحرين)، أحمد خميس، وأدار الجلسة د. محمد زعيمة. وفى البداية قال الدكتور محمد زعيمة أستاذ النقد والدراما بالمعهد العالى للنقد الفنى، إن المخرج البحرينى عبدالله السعداوى كان صاحب أساليب إخراجية متعددة، وكانت له أساليب فى التجريب والبحث عن فضاءات مختلفة، مشيرا إلى أن الراحل حصل على جائزة الإخراج فى المهرجان التجريبى، فى دوراته الأولى، فى وقت كانت الفرق الأوروبية تسيطر على الجوائز، وله فلسفته الخاصة وفكرته المختلفة عن الفن، حيث كان يرى أن الفن جنون، ويقول إن الفن ليس مجنونا بطبيعة الحال لكنه تكون لديه شطحات فكرية يمكن وصفها رمزيا بالجنون، لافتا إلى أن “السعداوى” كان أمينا فى ذكر المصادر والنصوص التى يأخذ منها معالجات أعماله المسرحية، المسرح كان عشقه الأوحد الذى كان يرى أنه لابد أن يستمر. من جانبه قال الناقد أحمد خميس، أن المخرج البحرينى عبدالله السعداوى، كان صادقا فيما يقدمه، هو مشروع كبير ومشروع ضخم، امتدت تجاربه إلى عدة دول خليجية بجانب البحرين، وكذلك تجربته مع المخرج الكبير عبد الرحمن عرنوس، موضحا أن “السعداوى” لم يتزوج لكنه تزوج المسرح وكان له الكثير من التلاميذ والأبناء فى المسرح. بينما قال المخرج البحرينى خالد الرويعى، إن كل لحظاته الخاصة مرتبطة بعبدالله السعداوى على كافة المستويات، وذلك يصعب الكتابة عنه، وأشعر بأن جزءًا منه مفقود وغائب بعد رحيل عبدالله السعداوى، ولافت إلى أن “السعداوى” كان مخلصا وصادقا فيما يقدمه، وقد انعكس علينا ذلك نحن تلامذة الأستاذ عبد الله السعداوى منذ انطلاق مشوارنا المسرحى معه، وقد شعرت بذلك مع مجموعة من الأصدقاء الذين تتلمذوا على يد السعداوى. كذلك أقيم 6 ورش و3 ماستر كلاس ضمن فعاليات المهرجان حيث قدم مصمم الرقصات الشهير فرناندو ميلو ماستر كلاس بالمجلس الأعلى للثقافة شارك فيها بعض الأدوات والخبرات التى جمعها خلال حياته المهنية التى استمرت 25 عاما كراقص ومصمم رقصات يعمل مع شركات الرقص فى جميع أنحاء العالم.. ومن خلال مشاركة الصور ومقاطع الفيديو لأحدث أعماله، تحدث عن أفكاره وإلهامه وهدفه كفنان، آملًا أن تصل كافة هذه الأدوات والخبرات لجميع المشاركين ليصبحوا الفنان الذى يريدون أن يكونوا عليه. وأشار فرناندو أثناء حديثه قائلا: لقد قدمت أوبرا لأكثر من 4 ساعات، وكون الجمهور يستمر فى مشاهدة عرض بهذه المدة إنجاز كبير وفى نفس الوقت يضع على عاتقنا مسئولية عما نقدمه، وإدراك هذا يؤكد أهمية ما نقدمه . بينما قدمت الفنانة اليونانية أولجا بوزيلى، مدربة ورشة “مسرح الابتكار الجماعى” والتى استمرت فعالياتها لمدة 5 أيام، وخلال الورشة تحدثت الفنانة اليونانية أولجا بوزيلى، عن مفهوم مسرح الابتكار الجماعى، مشيرة إلى أن المسرح المبتكر هو تمكن مجموعة من الأشخاص فى إنشاء عرض مسرحى من التدريبات والارتجالات دون وجود نص ، موضحة أن هذا النوع من المسرح تكون فيه مساحة حرية مفتوحة لجميع المشاركين، وهذه طريقة تعتمد على الحدس والعفوية ومزج الأفكار حيث يقوم المشاركون فيها بالبحث وتحويل تجاربهم الشخصية وأحلامهم وأبحاثهم من خلال الارتجال والتجريب، مشددة على أن المسرح المبتكر يدور فى الأساس حول الخيال والمجازفة والتزام الفريق بإنشاء قطعة فنية منفردة. وتابعت.. “المسرح المبتكر يعتمد على مجموعة، وليس الفرد. كما أقيم ماستر كلاس “من المعبد إلى المسرح.. تتبع فى أصول المسرح المصرى القديم” للدكتور عمر المعتز بالله. وقال الدكتور عمر المعتز بالله، إن المسرح المصرى بدأ فى المعابد، وأن العالم القديم عرف أشكالًا من المسرح قبل اليونانيين أنفسهم، وذلك خلال الاحتفالات والأعياد التى تتضمن مجموعة من الطقوس والرقصات والأناشيد التى كانت تُنشد خلال الاحتفالات التى تقام فى حياة البشر الأوائل ومنهم المصريون القدماء الذين قدموا احتفالات تشبه العناصر المسرحية الكلاسيكية فى المعابد. وأشار “المعتز بالله”،إلى أن بالتوثيق نجد أصل المسرح فى اليونان القديمة بالفعل، وكانت لهم السبق فى فكرة أقنعة المسرح “الضاحك والباكى”، لكنه عاد وأكد أن فكرة الأقنعة نفسها كانت موجودة فى مصر القديمة حتى قبل ميلاد أرسطو نفسه بحوالى ألفى عام، مثل قناع الملك “دن” أحد فراعنة الأسرة الأولى الفرعونية، وكذلك قناع الإله “أنوبيس”، كذلك لفت إلى أن الكثير من علماء وفلاسفة الإغريق مثل “طاليس- انيكسامندر- اكزينوفان- بارمينديس- فيثاغورس- هيراقليطس” جاءوا إلى مصر القديمة وتعلموا فيها وتأثروا بحضاراتها. ويرى صاحب كتاب “المسرح المصرى القديم”، أن هناك طقوسًا مصرية قديمة، تضم عروضًا تمثيلية قصيرة أبدعها المصرى القديم لتأكيد معتقده الدينى، وذلك لما تتضمنه تلك الطقوس من مفردات مسرحية أساسية كالحوار والأزياء الخاصة والأقنعة. وتطرق إلى أن معبد أدفو يحتوى على العديد من الجداريات التى تتضمن مناظر درامية، منها مناظر المعبد قصة إيزيس وأوزوريس والصراع بين حورس وست، وكيف أن حورس، الذى كان يمثل قرص الشمس المجنحة، قد تغلب على ست وأعوانه، وقد عاون حورس ابن إيزيس حسب أسطورة أوزوريس عدداً من الرجال الذين عرفوا فن صناعة المعادن، وقد تغنى بانتصاره كهنة إدفو ونساء أبو صير فى الدلتا، مشيرا إلى أن أول مسرحية موثقة فى التاريخ هى مسرحية “مسرح أوزوريس” وكان يتم تقديمها في المعابد القديمة. واستشهد بمسرحية “ الحدأتان “ كأول نص مسرحى فى التاريخ، وهى مسرحية من فصل واحد، وهو نص درامى ثنائى محفوظ فى المتحف البريطاني باسم بردية (برمنر رند) والتى وجب أن نسميها بردية (نس. مين) وهو اسم الكاهن الذى تم العثور عليها ضمن أثاثه الجنائزى عام 305 قبل الميلاد. وأكد عمر المعتز بالله، أن المسرحيات المصرية القديمة هى نواة المسرح الإغريقى، وأن البردية أثبتت أن المصريين كتبوا أول “سكربت” أو ما يعرف بالسيناريو، وذكرت تلك النصوص، ذكر لشخصيات العرض ومن يقوم بتشخيصها من الممثلين، والكاتب يقول «نريد بنتين فى سن كذا وباروكات كإكسسوار»، ثم يدخل مجموعة من الرجال يحملون رجلًا لونه أخضر، ثم تذهب الفتاة لتقول لأختها كذا.. هذا عرض مسرحى متكامل، به أزياء ومكياج وحركة ومواصفات ممثلين، ووجدت تحديدًا الأماكن ومواعيد العروض، ما يثبت أن مصر القديمة كانت لديها ما يمكن تسميته بالمواسم المسرحية. يذكر أن مهرجان القاهرة الدولى للمسرح التجريبى، أحد أقدم المهرجانات الدولية المتخصصة فى إعطاء الفرصة لتقديم العروض المسرحية التجريبية من كل دول العالم، ويهدف المهرجان إلى صنع حالة من التواصل والحوار بين مختلف الشعوب والجماعات، إضافة إلى تعريف الجمهور فى مصر والمنطقة العربية بأحدث التيارات فى المشهد المسرحى، وإتاحة نافذة يطل منها المسرحيون حول العالم على أحدث تطورات المشهد المسرحى فى مصر والبلاد العربية.