السبت 14 سبتمبر 2024

"موضة أم حنين إلى الماضى؟".. أعمال فنية سافرت عبر آلة الزمن.

فيلم سمير وشهير وبهير

13-9-2024 | 14:31

محمد بغدادي
السفر عبر آلة الزمن، والعودة إلى الماضى، أو المضى نحو المستقبل، فكرة تراود الكثير من الناس، بين الحين والآخر، فالكثير يحلقون بأحلامهم إلى عنان السماء، يسافرون بأذهانهم عبر الأزمان، رغبة منهم فى معرفة ماذا لو كانوا عاصروا تلك الفترات، الماضى منها أو المستقبل، وهناك عدد من الأعمال الفنية التى سافرت عبر الزمن، وكان آخرها، مسلسل «عمر أفندى»، والذى تدور فكرته حول أحد الأشخاص الذى يعثر على سرداب سرى يعود به إلى زمن بعيد، يكتشف من خلاله ماضيا لا يعلم عنه شيئا، ويدفعه فضوله للعيش فى حياة مزدوجة فى زمانين مختلفين، وتتوالى الأحداث فى إطار تشويقى، وغيره من الأعمال التليفزيونية التى سافرت عبر الزمن، مثل مسلسل «جت سليمة» للنجمة دنيا سمير غانم، وفى السينما فيلم «سمير وشهير وبهير»، للثلاثى أحمد فهمى وشيكو وهشام ماجد، أما فى المسرح مثل «أليس فى بلاد العجائب»، وغيرها من الأعمال التى دارت حول هذه الفكرة، وقد طرحنا سؤالنا على عدد من المبدعين فى مجال الفن، حول أسباب نجاح مثل هذه الأعمال، وما السبب فى انتشار تلك الظاهرة، وهل تعد صيحة من صيحات الموضة فى مجال الإبداع الفنى أم لا؟ التقينا فى البداية مع واحد ممن كانت لهم تجربة فى هذا الإطار، وهو الكاتب محمد البرعى، إذ قال: تيمة السفر عبر الزمن موجودة فى السينما الغربية منذ عشرات السنوات، ويتم توظيفها فنيًا عن طريق آلة الزمن أو عن طريق وجود فجوة زمنية يدخل فيها بطل الفيلم ليجد نفسه فى زمن مختلف، هذه التيمة تم توظيفها فى أفلام عالمية شهيرة مثل الفيلم الأمريكى The Time Machine الذى تم انتاجه عام 1960 عن رواية كتبها الروائى هربرت ويلز عام 1895، وأعيد تقديم القصة نفسها منذ عامين فى فيلم آخر بنفس الاسم، وفيلم Midnight in Paris لوودى آلان، والفيلم الرومانسى Kate & Leopold لميج ريان، وعشرات الأفلام الأخرى. وأوضح البرعى قائلاً: على مستوى السينما المصرية تم توظيف هذه التيمة فى أفلام شهيرة مثل «رسالة إلى الوالى» للفنان الكبير عادل إمام، و«شهير وسمير وبهير» للثلاثى، ومسلسلات «أهلا يا جدو العزيز» للفنان الكبير الراحل فريد شوقى و«فيفا أطاطا» لمحمد سعد وأخيرًا «عمر أفندى». وأشار الكاتب محمد البرعى إلى مسلسله الكرتونى «سمعة آخر حاجة» قائلاً: حينما كنت أكتب مسلسل «سمعة آخر حاجة» كان السؤال الذى يدور فى ذهنى هو: ماذا سيفعل إسماعيل ياسين لو عاش فى زمننا؟، هذا السؤال حاولت أن أجيب عنه خلال أحداث المسلسل، وكنت أشعر أننى أكتب مسلسلا بطله إسماعيل ياسين بصفاته وأخلاقيات زمنه، فكانت تيمة المسلسل الرئيسية المقارنة بين الماضى والحاضر من خلال شخصية إسماعيل ياسين الفنان والإنسان. واستطرد البرعى فى حديثه معنا عن قصة مسلسل «سمعة آخر حاجة»، قائلا: خلال الأحداث نشاهد سمعة وقد حضر إلى زمننا عن طريق آلة زمن سرقها لصوص من معمل أحد العلماء معتقدين أنها غسالة ملابس، وحينما قاموا بتجربتها ذهب أحدهم إلى الخمسينيات وحضر سمعة إلى الزمن الحاضر بدلا منه وكانت المشكلة أن الآلة أصابها عطل فيضطر سمعة للعمل فى أكثر من مهنة حتى يستطيع أن يجمع الأموال اللازمة لإصلاحها حتى يستطيع العودة لزمنه. وبالطبع تحدث العشرات من المواقف الكوميدية، حيث نشاهد سمعة وهو يعمل فى إصلاح أجهزة الكمبيوتر، وبائع فى محل موبايلات، وسائق توك توك، ومذيع توك شو، وغيرها من المهن الحديثة التى لا يعرف عنها أى شيء مما يولد الكوميديا. واختتم الكاتب محمد البرعى حديثه معنا عن الأعمال التى سافرت عبر آلة الزمن قائلا: التيمة جذابة للمشاهد لأنها تلعب على إطلاق الخيال فى استكشاف الزمن القادم، أو نوستالوجيا العودة للماضى وعقد مقارنة بين الماضى والحاضر، وأرى أنه دائما ما يكون الرهان على تلك التيمة ناجحًا، لكونها تسمح بوجود مساحات كبيرة من المواقف الكوميدية. فيما قال الناقد الفنى عماد يسرى: مصر كان لها السبق فى أعمال الخيال العلمى، منذ 90 عاما تقريبا، قدمت مصر فيلم خيال علمى يحمل اسم «عيون ساحرة»، وحقق نجاحا جماهيريا كبيرا، وفى رأيى أن السبب الرئيسى وراء نجاح مثل هذه النوعية من الأعمال، يرجع إلى مدى احترافية السيناريو والحوار، والدليل على ذلك، أن هناك بعض أعمال الفانتازيا لم تلق نجاحا بسبب ضعف السيناريو والحوار، أو ضعف فى الإنتاج أو الإخراج. ورأى الناقد عماد يسرى أن سبب تعلق الجمهور بمثل هذه الأعمال، لاسيما جيل الشباب، يرجع إلى الحالة الكوميدية التى تدور حولها هذه الأعمال مثل «بنات العم»، و«سمير وشهير وبهير»، وفى النهاية أرى أن عوامل نجاح أعمال الخيال العلمى تتلخص فى سيناريو وحوار وإنتاج جيد، مع مخرج محترف. بينما قال الفنان الكبير محمد محمود: ليس من الممكن أن نعتبر نجاح مثل هذه الأعمال موضة، بل سبب نجاحها يرجع إلى النوستالجيا أو الحنين إلى الماضى، وحب المعرفة، وحتى وإن كانت تلك المعرفة تتعلق بالمستقبل، وليس الماضى فقط، فمن الطبيعى أن كل إنسان يثار فى ذهنه بعض التساؤلات، ماذا لو كنت فى هذا الزمن؟، وكل شخص يطلق العنان فى أحلامه وتخيلاته، لذا ومن خلال عمل درامى من الممكن أن نرى ذلك بصورة أوضح، وعلى سبيل المثال وكما شاهدنا فى «سمير وشهير وبهير»، استطاع المشاهد أن يعود إلى الماضى، من خلال هذا العمل الذى لا يخلو من الكوميديا، وهناك العديد من الأعمال التى اعادتنا إلى الماضى، لنشاهد على سبيل المثال القاهرة الجميلة التى كانت ومازالت من أجمل المدن فى العالم، لذا لا أرى أنها موضة وستنتهى، والدليل كم الأعمال التى تتطرق إلى هذا النوع من الدراما منذ سنوات طويلة وحتى وقتنا هذا. وتحدث معنا المخرج المسرحى الكبير عادل عبده حول هذا الموضوع قائلا: يرجع السبب فى نجاح مثل هذه الأعمال إلى المتعة التى يشعر بها المشاهدون، لاسيما الجيل الحالى، الذى دائما ما يكون متشوقًا لمعرفة كل ما هو تعلق بالزمن الماضى، من إيجابيات وسلبيات، ليقارن الماضى بالحاضر والمستقبل، كما يعد الأمر ذاته بالنسبة للمشاهدين ممن عاشوا الزمن الماضى، حيث يشعر المشاهد بحنين إلى الماضى، ويتذكر مع كل مشهد من مشاهد العمل الدرامى، تفاصيل عاشها فى هذا الزمن، ويسترجع معها ذكرياته، لذا أرى أنها فكرة فى غاية الروعة تقديم مثل هذه الأعمال فى الوقت الحالى، لتذكرنا بكل ما هو جميل من عاداتنا وتقاليدنا القديمة، بصورة غير مباشرة ضمن أحداث درامية.