ما بين السينما، والتليفزيون، والإذاعة، والمسرح، أعمال فنية عديدة خلدت سيرة كوكب الشرق أم كلثوم، فقد كانت حياتها مليئة بالقصص والحكايات، بداية من نشأتها مروراً بالمجد فى عالم الغناء وحتى الرحيل.. «الكواكب» تستعرض أبرز هذه الأعمال وتفاصيلها من خلال السطور التالية. البداية مع مسلسل «أم كلثوم»، الذى يعد المسلسل الأنجح والأشهر فى تاريخ مسلسلات السير الذاتية فى العالم العربى، حيث حقق نجاحاً كبيراً لم يشهد له مثيل فى أعمال السير الذاتية سواء فى مصر أو فى باقى الدول العربية. وعُرض هذا العمل عام 1999، وهو من إخراج إنعام محمد على وكتبه محفوظ عبدالرحمن، حيث يتناول المسلسل على مدار حلقاته السيرة الذاتية لسيدة الغناء العربى، أم كلثوم، ويروى المسلسل بداياتها فى مدينة السنبلاوين، ورحلتها مع والدها وأشقائها فى أداء الأناشيد الدينية فى مختلف المناسبات، مروراً بمشوارها الفنى وانتقالها إلى القاهرة للاستقرار هناك، كما يسلط الضوء على قصص الحب التى عاشتها، وتفوقها الفنى حتى أصبحت صاحبة الريادة فى الساحة الغنائية المصرية، بالإضافة إلى الأزمات التى واجهتها فى حياتها المهنية والشخصية. قبل رحيله، تحدَّث الكاتب محفوظ عبدالرحمن خلال تصريحات تليفزيونية عن كواليس كتابته للمسلسل قائلاً: فكرة مسلسل أم كلثوم كانت قديمة، حيث كان هناك مشروع لفيلم من تأليف الكاتب سعد الدين وهبة وإخراج المخرج العالمى يوسف شاهين أثناء حياة أم كلثوم، لكن تدخلها المستمر فى السيناريو أدى إلى توقف المشروع، بعدها عرض علي عمل مسلسل عن كوكب الشرق ووافقت. وأضاف الراحل محفوظ عبدالرحمن قائلاً: كنت ناوى أكتب بطريقة مختلفة، كنت عايز أركز على أم كلثوم كشخصية، لكن أحياناً العمل يقودك إلى مسار آخر، وبعد القراءة والبحث، اقتنعت أن أم كلثوم هى صناعة مصرية، قابلت أهلها ولكن لم أستفد كثيراً، كما تحدثت مع مَن عاصروها وعملوا معها ولكن أيضاً لم أستفد كثيراً، لكن عندما قرأت الصحف والمجلات التى تناولتها، بدأت أعرفها بشكل أفضل، كنت قد قررت أننى لن أكتب عن أم كلثوم إلا عندما أفهم شخصيتها بشكل جيد، وبفضل كونى قروياً وهى أيضاً قروية، استطعت أن أفهم شخصيتها بشكل عميق حتى إن بعض الأحداث، مثل مشهد الوسام الذى حصلت عليه ورد فعل أهلها، جعلهم مندهشين من طريقة تمثيل المشهد، لأننى اقتربت كثيراً من الشخصية. وروت المخرجة إنعام محمد على كواليس اختيار الفنانة صابرين لتأدية دور سيدة الغناء العربى «أم كلثوم»، حيث أكدت أن البعض كان غير موافق على اختيارها. وأوضحت أن قرار اختيار صابرين كان على مسئوليتها الشخصية، وأثبتت صابرين قدرتها على تجسيد الشخصية ببراعة، مما جعلها تحقق نجاحاً كبيراً فى هذا الدور. وأضافت المخرجة إنعام محمد على، عبر تصريحات تليفزيونية لها، أن سبب اختيارها لصابرين لتأدية دور «أم كلثوم» يعود إلى أنها كانت قد غنت سابقاً ولديها قدرة كبيرة على التقمص، كما أن وجهها «قمحاوي» مستدير يشبه أم كلثوم، وهو الملمح الذى كانت أم كلثوم تحتفظ به، وأكدت أنها لم تقابل أم كلثوم أو تحضر أياً من حفلاتها، لكن الناس صدقت أن صابرين هى أم كلثوم، وأضافت أنه كان هناك عنصر من الدهشة فى كل حلقة، حيث كانت تُضاف شخصية جديدة، وكان الناس يتعجبون من مدى تطابق الشخصية مع الأصل، وأشارت إلى أن زوجة الشاعر أحمد رامى قالت: وكأنكم بعثتم زوجى للحياة مرة أخرى. وقالت الفنانة صابرين إن تقديمها لسيرة كوكب الشرق أم كلثوم فى عمل درامى يحمل اسمها كان مسئولية وشعوراً وطنياً أكثر من حساب لنسبة نجاح أو فشل لها فى مسيرتها، خاصة أن العمل حمل اسم مصر. هذا كل ما شعرت به عندما عُرض على هذا العمل الذى دائماً ما أتذكره بكل تفاصيله. وجمع مسلسل «أم كلثوم» مجموعة من أبرز نجوم الفن، بعضهم كان فى بداية مشواره الفنى، حيث أتاح لهم العمل فرصة الظهور والتألق فى أدوار مهمة. وفى فيلم «كوكب الشرق» الذى عُرض فى السينما عام 1999 اختار المخرج محمد فاضل والمؤلف إبراهيم الموجى تقديم فترة زمنية مختلفة عن أم كلثوم، وهى تبدأ عام 1944 وتناول الشق الإنسانى الذى لم يتم التركيز عليه من قبل، كما تناول الفيلم أيضاً دورها الفني والوطني بعد حرب 1967، وينتهى الفيلم عند هذه المرحلة الحياتية. والفيلم من بطولة فردوس عبدالحميد، ومحمود ياسين، وأحمد صيام، ومحمود قابيل، وماجد الكدوانى، وأحمد خليل، ونهال عنبر، ومجدى صبحى، وناصر شاهين. وإذا كانت أم كلثوم هى البطل الرئيسى فى المسلسل الأبرز، لكنها أيضاً كانت حاضرة بقوة فى أعمال أخرى لكونها ملهمة ومؤثرة على أبطال هذه الأعمال، ففى الدراما التليفزيونية، ارتدت الفنانة سلمى غريب عباءة أم كلثوم بتجسيد دورها فى مسلسل «العندليب حكاية شعب» الذى تم عرضه سنة 2006 والذى تناول السيرة الذاتية والفنية للفنان عبدالحليم حافظ من تأليف مدحت العدل وإخراج جمال عبدالحميد، حيث هناك العديد من الأحدااث والمواقف التى ربطت بين «الست» و«العندليب»، ولنفس السبب ظهرت أيضاً عندما تم تقديم حياة العندليب على الشاشة الفضية من خلال فيلم «حليم» الذى قام ببطولته الفنان أحمد زكى، وجسدت دورها فى هذه المرة الفنانة سلوى عزب. وعندما قدم التليفزيون السيرة الذاتية للفنانة ليلى مراد فى مسلسل بعنوان «أنا قلبى دليلى»، كان لكوكب الشرق حضورها أيضاً فيه، حيث قامت بتجسيد شخصيتها الفنانة فرح إسماعيل، وكذلك عندما تم عرض مسلسل «الملك فاروق» على شاشة التليفزيون والذى تناول السيرة الذاتية للملك فاروق، حيث شاهد الجمهور المطربة «ريهام عبدالحكيم» وهى تجسد من خلاله شخصية أم كلثوم. أما أحدث الأعمال التى تتناولت سيرة كوكب الشرق «أم كلثوم»، والمنتظر عرضه خلال العام الجارى، فهو فيلم «الست» من تأليف الروائى والسيناريست أحمد مراد، ومن إخراج مروان حامد، وهو العمل الذى تجسد فيه منى زكى شخصية كوكب الشرق، أم كلثوم، فى مراحل عديدة من مشوارها الفنى، ويضم العديد من ضيوف الشرف من كبار نجوم الفن. وكشف أحمد مراد، كواليس التحضير لفيلم «الست»، عبر تصريحات تليفزيونية له، مؤكداً أن الأمر كان مجرد فكرة، وتحولت مع الوقت إلى حلم يراوده لتنفيذه، قائلاً «تحدثت مرة مع المخرج مروان حامد، عن هذا المشروع، وقال لي: سيكون فيلماً صعباً جداً، لأن الجمهور يعرف عنها الكثير، وماذا عن الجديد الذى سنقدمه من الأساس». وتابع: أقمنا جلسات عمل لمدة شهرين، لرسم ملامح مشروع الفيلم، حتى اتفقنا على الشروع فى تنفيذه، فنعمل عليه منذ 5 أعوام تقريباً، وتحديداً منذ عام 2019. وأشار إلى قيامه بعملية البحث والتدقيق فى مذكراتها الشخصية، لتجميع كل المعلومات عنها، متابعاً «اطلعت على كل ما كُتب عنها من الشرق إلى الغرب، وأجريت استطلاع رأى مع طلاب الجامعات وكذلك الشباب ، عن رؤيتهم لأم كلثوم، وما يعرفونه عنها، وذلك بهدف وضع آلية لكيفية تقديمها فى الوقت الحاضر، رغم أنها رحلت منذ 5 عقود تقريباً، وتأثيرها لازال حاضراً بين الجمهور، وكأنها موجودة بيننا». وأكد مراد أن الفيلم كان مليئاً بالصعوبات والتحديات، لعل أبرزها أن قطاعاً كبيراً من الجمهور يرفض تقديم السيرة الذاتية لأم كلثوم فى عمل فنى، وكأنها شخصية بعيدة كنجمة ورمز، فضلاً عن وجود صعوبة فى الأزياء والتنفيذ، خاصة أن الأحداث تدور فى فترة زمنية قديمة. واستكمل بقوله: منى زكى أُرهقت كثيراً من أجل تقديم الدور، وأيضاً المخرج مروان حامد الذى بذل جهوداً ضخمة، ووقع تحت ضغوط رهيبة، وأعتبر وجوده دوماً داعماً كبيراً بالنسبة لي. وحول رغبته فى تقديم فيلم عن شخصية غنائية، قال: هذه النوعية من الأعمال تلقى رواجاً كبيراً على مستوى العالم كله، خاصة أنها عن شخصيات حققت نجاحاً ضخماً، والجمهور فى حاجة إلى معرفة قصصهم الحقيقية، باعتبارهم الأكثر تأثيراً. ويشارك فى بطولة فيلم «الست» بجانب منى زكى، كل من سيد رجب، وأحمد خالد صالح وتامر نبيل، وعدد من ضيوف الشرف، منهم أحمد حلمى، وعمرو سعد، ومحمد فراج، ونيللى كريم وأمينة خليل. وعندما رغبت الإذاعة فى الاحتفاء بأهم الشخصيات النسائية المؤثرة فى التاريخ المصرى، جاءت أم كلثوم فى المقدمة، لتشغل حيزاً كبيراً فى المسلسل الإذاعى «حسن الحياة»، حيث وقع اختيار مخرجته فاطمة حسن على المطربة مروة ناجى لتجسد دور سيدة الغناء العربى، ومن خلال هذا الدور الذى تناول مشوار حياتها الشخصية والفنية سبحت مروة فى بحر أغانى كوكب الشرق، فكانت حلقاتها مميزة واستطاعت أن تخطف أذان المستمعين للراديو وقت إذاعتها. ولم تكن شخصية أم كلثوم ملهمة لصناع الأعمال الفنية فى السينما والإذاعة والتليفزيون فحسب، فعلى خشبة المسرح وقفت الفنانة نهلة خليل لتجسد شخصية أم كلثوم فى العرض المسرحى الاستعراضى «سيرة الحب» من تأليف أيمن الحكيم وإخراج عادل عبده، والذى تناول رحلة الموسيقار بليغ حمدى، والذى ساعدته أم كلثوم ومنحته ثقتها في بداياته ليلحن لها، ليصبح بعدها من أهم المجددين فى تاريخ الموسيقى العربية.