1-2-2025 | 13:03
طه حافظ
إلى جانب كونها أسطورة الغناء العربى، كانت أم كلثوم صاحبة تجربة مميزة فى عالم التمثيل السينمائى، فقد شاركت فى عدد من الأفلام التى تركت بصمة واضحة فى تاريخ السينما خلال ثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين، ومن أبرز أفلامها، فيلم «وداد» الذى قدمته عام 1936، وفيلم «نشيد الأمل» الذى قدمته عام 1937، وفيلم «دنانير» الذى قدمته عام 1940.
تميزت أم كلثوم فى هذه الأفلام بأدائها التمثيلى البسيط والعفوى، حيث جسدت أدواراً تحمل طابعاً درامياً ورومانسياً، وعززت حضورها على الشاشة بأغنياتها الخالدة، وعلى الرغم من تركيزها الأكبر على الغناء، إلا أن مشاركاتها فى السينما أضافت بعداً جديداً لإرثها الفنى، وأظهرت جانباً آخر من موهبتها الفريدة، وتعاونت أم كلثوم فى تلك الأعمال التى وصل عددها إلى 6 أفلام، مع كبار الأسماء فى مجالى التأليف والكتابة والشعر فى أفلامها.
فى التقرير التالى نستعرض أبرز أفلامها السينمائية التى تعاونت من خلالها مع كبار الكتاب والمؤلفين.
وداد
هو أول عمل سينمائى لأم كلثوم كما كان أول عمل سينمائى يقدمه «استديو مصر» بعد افتتاحه، حيث كان قد قام بتأسيسه، طلعت حرب، إيماناً منه بدور الفن فى رقى الأمم وتنميتها.. ففى 15 أغسطس عام 1935 بدأ تصوير أول عمل سينمائى فى هذا الاستديو، وكان يمثل البطولة السينمائية الأولى للسيدة أم كلثوم، وقد عرض فى شهر أكتوبر من نفس العام بدور العرض السينمائى، وكان «استديو مصر» الذى تم فيه تصوير فيلم «وداد» فى ذلك الوقت هو الاستديو الوحيد الذى يجمع بين جميع الإمكانيات الفنية والمجهز بأحدث الأجهزة من صوت وتصوير وإضاءة ومعامل للطبع والتحميض وغرف الممثلين.
تدور أحداث فيلم «وداد» فى عهد المماليك، وتعرض قصته قصة حب فى أبلغ معانيها بتصوير علاقة التاجر الثرى بجارته التى تتمتع بصوت ملائكى والتى ضحت من أجل حبها حتى أنها وافقت على بيعها بسوق الجوارى لإنقاذ حبيبها.
شارك فى بطولة هذا الفيلم كل من أحمد علام، مختار حسين، فتوح نشاطى، منسى فهمى، زوزو نبيل، كوكا، ومحمود المليجى فى بداياته، وكتب السيناريو أحمد بدرخان مشاركة مع الشاعر أحمد رامى فى بداية تعارفه مع أم كلثوم، كما قام رياض السنباطى بتلحين الموسيقى التصويرية للفيلم.
فيلم «وداد» هو أول تعاون لها مع الملحن رياض السنباطى، وقد تقاضت عنه ألف جنيه أجراً بالإضافة إلى 40% من أرباح الفيلم بعد تغطية النفقات وأجور الممثلين.
اشترطت أم كلثوم على أحمد سالم مدير «أستوديو مصر» ألا يضم الفيلم مشاهد غرام أو قبلات أو صوراً تمس قدرها أو تتعارض مع تقاليدنا الشرقية.
منيت شبابى
بعد نجاح فيلم «وداد»، قدمت أم كلثوم فى العام التالى، 1937، فيلم «منيت شبابي» مع الفنان زكى طليمات، والمخرج أحمد بدرخان، ومن إنتاج «شركة أفلام الشرق»، وبدأت الشركة فى تصوير الفيلم فى 15 سبتمبر سنة 1936، وانتهى العمل من هذا الفيلم فى ديسمبر عام 1936. واحتوى الفيلم على 9 أغنيات وهى «منيت شبابي»، «نامى نامي»، «يا بهجة العيد»، «يا للى صنعت الجميل»، «يا مجد يا اشتهيتك»، «افرح يا قلبي»، «قضيت حياتي»، «نشيد الجامعة»، «يا شباب النيل»، وتعاونت فيها مع كل من محمد القصبجى، وأحمد رامى، ورياض السنباطى.
دنانير
فى عام 1940 قدمت أم كلثوم فيلم «دنانير» وكتب قصته والحوار الشاعر أحمد رامى كما كتب السيناريو الخاص بالفيلم المخرج أحمد بدرخان وأخرج الفيلم أيضاً، وجسدت من خلاله كوكب الشرق شخصية دنانير.
فيلم «دنانير» هو الثالث فى مسيرة أم كلثوم، ولا تزال مشاهده وأغنياته يرددها الناس حتى الآن، وتبدأ القصة عندما يستمع الوزير «جعفر البرمكى» الذى جسد دوره الفنان سليمان نجيب إلى صوت البدوية «دنانير» وهو الدور الذى قدمته «أم كلثوم» وهى تغنى أثناء مروره بالصحراء، فيعجب بصوتها بشدة ويقترح على مربيها أن يصحبها معه إلى بغداد لتتعلم أصول الغناء على يدى «إبراهيم الموصلي»، وتتاح الفرصة لها كى تغنى أمام الخليفة «هارون الرشيد» الدور الذى قدمه الفنان عباس فارس، فيعجب بصوتها، وتصبح مغنيته المفضلة وتزداد المؤامرات للإساءة إلى الوزير «جعفر» لدى «هارون الرشيد» الذى ينتهى به التفكير إلى أن يأمر السياف بقطع رقبة الوزير.
ومما يقال عن كواليس الفيلم، أنه من الأغنيات الشهيرة فى الفيلم أغنية «يا ليلة العيد أنستينا» والتى ما زالت تذاع إلى الآن، فى فيلمها الشهير «دنانير»، ولكن حذفت الأغنية من أحداث الفيلم بناءً على إصرار أم كلثوم نفسها، لتصبح مرتبطة أكثر بـ«ليلة العيد».
عايدة
قدمت أم كلثوم فيلم «عايدة» عام 1942 والذى كتب قصته الفنان عبد الوارث عسر، وكتب السيناريو والحوار للفيلم كل من فتحى نشاطى وعباس يونس، وإخراج أحمد بدرخان، وكتب كلمات الأغانى كالعادة الشاعر أحمد رامى وقام بالبطولة سليمان نجيب، عباس فارس، إبراهيم حمودة، حسن كامى، مارى منيب، آمال زايد، عبد الرحمن حمدى الشقيق التوأم للفنان عماد حمدى الذى كان من المقرر أن يشارك فى البطولة وبسبب كسر قدمه قبل التصوير استبدل بتوأمه واعترف هو بذلك.
قدمت كوكب الشرق فى هذا الفيلم مجموعة أغانٍ أهمها «أوبرا عايدة»، التى كانت تعتبر فى ذلك الوقت فكرة جديدة وطفرة فى عالم الموسيقى الشرقية، كتب كلمات «أوبرا عايدة» الشاعر أحمد رامى، والألحان كانت لمحمد القصبجى بالاشتراك مع رياض السنباطى.
لم يحقق فيلم «عايدة» نجاحاً جماهيرياً فى شباك التذاكر، واتهمت أم كلثوم المطرب إبراهيم حمودة بالتسبب فى هذا نظراً لأنه كان فى ذلك الوقت غير معروف.
سلَّامة
قدمت الفنانة أم كلثوم فيلم «سلَّامة» عام 1945 المأخوذ عن رواية الكاتب على أحمد باكثير، وكتب السيناريو والحوار للفيلم الشاعر بيرم التونسى، والفيلم من إخراج توجو مزراحى، ولعب الوجه الجديد حينها يحيى شاهين دور البطولة أمام أم كلثوم حتى إنه أثناء تصوير الفيلم فوجئ بأم كلثوم تجلس معه لتناول الإفطار حتى لا تشعره بأنه ممثل مغمور، وسألته عن أجره؛ فقال لها 150 جنيهاً، فغضبت وطلبت من المنتج أن يعطيه نفس أجر حسين صدقى، وهو 600 جنيه، الذى كان مقرراً القيام بالدور، حتى تستكمل تصوير الفيلم.
وبالفعل وافق ولم ينسَ «يحيى» جميل كوكب الشرق طوال حياته، وقد ضم الفيلم مجموعة من الأغانى، هي: «غنى لى شوى شوي»، «عين يا عين»، «نور محياك»، «سلام الله».
يدور الفيلم حول قصة حب بين رجل زاهد، وبين جارية من مكة تدعى «سلَّامة» التى تهوى الغناء، لكن مالكها يقوم بحبسها وبيعها فى سوق الجوارى، وتشاء الصدف أن تصبح سلَّامة مطربة ذائعة الصيت.
تتوالى الأحداث الدرامية فيفترق العاشقان ثم يلتقيان، ولكن بعد فوات الأوان، حيث يموت الحبيب بين يدى سلَّامة.
فاطمة
كان آخر الأفلام السينمائية التى قدمتها كوكب الشرق فيلم «فاطمة» عام 1947 من تأليف الكاتب مصطفى أمين، وكتب الحوار للفيلم الشاعر بديع خيرى.
قصة الفيلم مستوحاة من قضية حقيقية رفعها الصحفى مصطفى أمين تحت اسم «فاطمة»، والفيلم يحكى قصة ممثلة تقدمت بدعوى قضائية لتثبت بنوة ابنتها.
مما أدى إلى حكم المحكمة بثبوت النسب للفتاة، غنت أم كلثوم فى الفيلم تسع أغنيات، من أبرزها «يا صباح الخير ياللى معانا»، التى اشتهرت كأغنية صباحية محبوبة.
بفيلم «فاطمة»، اختتمت أم كلثوم مسيرتها السينمائية، حيث كان هذا الفيلم بمثابة النهاية لحقبة سينمائية لها دامت لعدة سنوات، وبعد عرض الفيلم، قررت أم كلثوم اعتزال التمثيل نهائياً والتركيز على غنائها.