السبت 1 فبراير 2025

فى ذكرى رحيلها الـ 50 ..محطات فاصلة فى مسيرة كوكب الشرق أم كلثوم

أم كلثوم

1-2-2025 | 13:06

خالد فؤاد
خلال مسيرتها الفنية الطويلة التى تجاوزت نصف القرن من الزمان حينما وصلت لسن الشباب واستقرت فى القاهرة ، مرت كوكب الشرق وسيدة الغناء العربى أم كلثوم التى نحتفل هذا العام بالذكرى الخمسين لرحيلها، ومن المؤكد ستظل تعيش بيننا بأغنياتها الجميلة الخالدة بعدة محطات فنية مهمة ويحسب لها أنها فى كل محطة أو مرحلة نجحت فى التعامل معها بذكاء سواء على صعيد الموسيقيين والشعراء الذين كانت تتعاون معهم . أو نوعية الأغنيات والقصائد التى كانت تختارها بما يتوافق مع كل مرحلة جديدة تعيشها مع مراعاة تغير أذواق الجماهير. فهى لم تكن مجرد مطربة كبيرة تمتلك صوتا قويا ومعبرا فحسب، بل كانت مؤسسة فنية قائمة بذاتها وتمتلك من الذكاء ماجعلها تنجح فى التربع على القمة عقودا طويلة من الزمان ولاتزال كذلك بعد مرور كل هذه السنوات على رحيلها. التعارف الأول مع الجمهور كانت المحطة الأولى وهى الأخطر بالنسبة لها حينما استقرت بشكل نهائى فى القاهرة عام 1921، حيث كانت تغنى فى مسرح البوسفور بميدان رمسيس دون فرقة موسيقية. وكذلك مسرح حديقة الأزبكية واستمعت لصوتها مجموعة من كبار الفنانين فى هذا الوقت مثل الشيخ على القصبجى واتفقوا جميعا على أنها ستكون مطربة السنوات القادمة. وفى عام 1923، ظهرت فى أول حفل كبير حضره كبار مطربات هذا العصر تتقدمهم منيرة المهدية «سلطانة الطرب». التقت فى نفس العام بالموسيقار محمد عبد الوهاب لأول مرة ولكن فى مناسبة أخرى، والغريب أن التعاون الفنى بينهما تأجل لما يزيد على الأربعين عاما من زمان. فى عام 1924 تعرفت أم كلثوم بالطبيب الملحن أحمد صبرى النجريدى ليكون أول من يقدم لها ألحانا خاصة بها. حيث غنت من ألحانه 14 أغنية، كانت بمثابة التعارف الأول بينها وبين الجمهور . محطة أحمد رامى وأبوالعلا محمد جاءت المحطة الثانية فى مشوارها حينما بدأت تغنى من ألحان الشيخ أبوالعلا الذى كانت تصفه دائما بلقب مرشدها فى عالم الغناء . فقد كان أول تعاون بينهما عام 1924، فحققت شهرة كبيرة بقصيدة «وحقك أنت المنى والطلب» وكانت أول أسطوانة لها ونفذ منها ثمانية عشر ألف أسطوانة. لتبدأ رحلتها بعد هذا النجاح مع شاعر الشباب أحمد رامى الذى ظل رفيق مشوارها حتى آخر يوم فى حياتها . فقد كان التعارف الأول حينما قدمه لها الشيخ أبو العلا فى إحدى الحفلات لتغنى أم كلثوم من كلماته أغنية «الصب تفضحه عيونه» من ألحان الشيخ أبوالعلا أيضا. بعد النجاح الكبير الذى تحقق للأغنية وانبهار رامى بها أدرك أنه قد وجد هدفه فبدأ عملية تعليمها أصول وقواعد اللغة والشعر، مما ساعد فى تحسن مستواها وأضافت مهارات جديدة لمهاراتها الغنائية. القصبجى رفيق الرحلة كان صاحب الفضل الأول قبل رامى فى تنمية مهاراتها هو الملحن المجدد محمد القصبجى، فعندما سمعها لأول مره وانبهر بها عكف على عملية تدريبها وتعليمها المقامات الموسيقية وكذلك العزف على العود، ثم بدأ التلحين لها فغنت له طقطوقة «قال إيه حلف ما يكلمنيش» لتتوالى الأعمال الجميلة بعدها . وهو أى القصبجى أول من قام بتكوين فرقة موسيقية خاصة بها عام 1926، وكذلك هو أول من قام بتكوين تخت موسيقى. وقامت على يديه بخلع العقال والعباءة وبدأت تظهر فى زى بشكل حديث مودرن. فى عام 1928 غنت أم كلثوم للقصبجى مونولوج «إن كنت أسامح وأنسى الآسية» الذى صدر على أسطوانة حققت أعلى المبيعات وقتها ليدوى اسم أم كلثوم بقوة فى كل أنحاء مصر . دخلت مرحلة المنافسة مع أكبر مطربتين فى ذلك الوقت سلطانة الطرب منيرة المهدية، ومطربة القطرين فتحية أحمد. ظل القصبجى رفيق مشوارها لعقود طويلة من الزمان لم تتركه أبدا، فكنا نشاهده فى كل حفلاتها حتى تقدم به العمر فى السنوات الأخيرة من عمره طلبت منه بنفسها الراحة، وظل الوفاق مستمرًا بينهما فلم تنس حتى آخر يوم فى حياته دوره الكبير فى كل ماوصلت له من نجاحات . السنباطى وروائع الخمسينيات بالطبع هناك محطات وأغنيات مهمة فى مسيرة كوكب الشرق خلال حقبتى الخمسينيات والستينيات واكبت فيها حالة التطور التى شهدتها الساحة الغنائية فى هذا الوقت، فقد تركت بما قدمت فى هذه الفترة بصمة خالدة فى تاريخ الأغنية العربية. فقد كانت الأغنيات التى قدمتها فى هذا التوقيت بمثابة المحطات المهمة والبارزة فى مسيرتها وتعاونت فيها مع مجموعة من كبار الموسيقيين كان فى مقدمتهم رياض السنباطى، وأسهمت بهذه الأغنيات فى تطوير فن الغناء باتفاق كبار الموسيقيين وخبراء الأغنية . ومن أبرز هذه الأغنيات التى انتقلت بها لمنطقة أخرى فى مسيرتها: رائعة “ولد الهدى” عام 1949 كلمات أحمد شوقى وألحان رياض السنباطى، ورائعة “لسه فاكر” عام 1960 كلمات عبد الفتاح مصطفى ألحان رياض السنباطى، رائعة “إنت عمرى” عام 1964، والتى لقبت بلقاء السحاب حيث تعاونت فيها مع ألحان محمد عبد الوهاب بعد خلافات طويلة وقطيعة امتدت لسنوات طويلة، وتعد واحدة من أهم محطات التجديد فى مسيرة أم كلثوم. وكانت بداية تعاون ناجح بين العملاقين حيث التقيا بعدها فى مجموعة أغنيات أخرى من أبرزها: “هذه ليلتى” عام 1968 كلمات جورج جرداق و “أغدا ألقاك” عام 1971 كلمات الشاعر السودانى الهادى آدم. ومابين هذا وذاك أطلت علينا برائعة “الأطلال” 1966 كلمات إبراهيم ناجى وألحان رياض السنباطى، والتى تعد من أعظم أعمالها وأكثرها قوة وتأثيرًا . محطة جيل الشباب ثم تعاونت مع ملحن من جيل الشباب هو كمال الطويل. وأظهر تعاونهما وقتها جانبا من الجرأة الموسيقية التى عكست قدرة أم كلثوم على التنوع والتجديد. ولم يكن كمال الطويل هو أول الملحنين الشباب الذين بزغ نجمهم فى حقبة الخمسينيات مع ظهور العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ وكانوا من أصدقائه من قبل الشهرة. فقد كانت البداية عام 1955 حينما تعاونت مع محمد الموجى لأول مرة فى إحدى الأغنيات الوطنية هى “أنشودة الجلاء“ من كلمات أحمد رامى . ليستمر التعاون بينهما على هذا الصعيد أى فى أغنيات وطنية بضعة أعوام حتى التقيا عام 1963 فى رائعة “للصبر حدود“ وعام 1970 فى رائعة أخرى هى “اسأل روحك”. مع بزوغ نجم ابن العشرين بليغ حمدى في نهاية الثمانينيات، قدمه لها الموسيقار محمد فوزى تعاونت أم كلثوم معه فى روائع كثيرة بدأتها بأغنية “حب إيه“ لتتوالى الأعمال الجميلة والناجحة التى لاتزال نستمتع بها حتى اليوم ومنها على سبيل المثال للحصر “أنساك ياسلام” و”ظلمنا الحب” و” فات الميعاد “ و “ بعيد عنك” و “ ألف ليلة وليلة“ و“الحب كله“ وكان آخر تعاون بينهما أغنية “حكم علينا الهوى“ التى لم تتمكن من غنائها جماهيريا على المسرح واكتفت بتسجيلها للإذاعة . كانت تجهز للظهور للجمهور فى أغنية “أوقاتى بتحلو“ مع الملحن الشاب أيضا في ذاك الوقت سيد مكاوى بعد نجاحهما معا فى رائعة “يامسهرنى” إلا أن القدر لم يمهلها ورحلت قبل أن تغنيها بعد أن أجرت بروفات عليها وسجلتها بصوتها على شريط كاسيت. ظلت الأغنية حبيسة أدراج سيد مكاوى بضعة أعوام حتى طلبتها منه وردة الجزائرية وقامت بغنائها فى مطلع الثمانينيات .