22-2-2025 | 12:49
محمد علوش
اختتمت مساء الثلاثاء الماضى فعاليات الدورة الـ26 من مهرجان «الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة»، برئاسة المخرجة هالة جلال، وهي الدورة التي حملت اسم المخرج الكبير علي الغزولي.
حيث شهد المهرجان العديد من الندوات وورش العمل والعروض التى حازت على إعجاب ومشاركة الجمهور ليختتم أعماله بإعلان جوائز مسابقة الأفلام الروائية القصيرة والتحريك والتسجيلي الطويل، «الكواكب» كانت هناك لتنقل لكم تفاصيل هذه الدورة.
شهد المهرجان على مدار أيامه العديد من الندوات وورش العمل، منها ندوة بعنوان «الأفلام الذاتية التسجيلية والوثائقية»، التي أقيمت في قصر ثقافة الإسماعيلية بمشاركة نخبة من الخبراء والمتخصصين في السينما، وأدار الندوة الكاتب والناقد زين خيري، الذي أكد أن السينما، حتى عند تناولها موضوعات اجتماعية وعامة، تبقى فنا ذاتيا يعكس وجهة نظر صانعها، مضيفًا أن الفن لا يمكن أن يكون موضوعيا أو محايدا، إذ يحمل بصمة صاحبه، فكيف إذا كانت الأفلام ذاتية تتناول حياة المخرج نفسه لنقل رؤيته أو توثيق شريحة زمنية معينة؟
وتحدثت المخرجة والمنتجة ماريان خوري عن تجربتها في الأفلام الذاتية، مشيرة إلى أن أول فيلم ذاتي لها، «زمن لارا»، عرض لأول مرة في مهرجان «الإسماعيلية» ونال إعجاب المخرج يسري نصر الله، تناول الفيلم حياة سيدة إيطالية مصرية كانت تدرس الباليه في سن التسعين، ووجدت ماريان أنها تشبهها في جوانب عديدة، بعد ذلك، قدمت أفلامًا أخرى مثل «عاشقات السينما» و«ظلال»، الذي وثّقت فيه تجربتها داخل مستشفى الأمراض العقلية، وعن فيلمها «احكيلي»، قالت خوري: الفيلم يتناول قصص ثلاث نساء من عائلتي، من جدتي إلى ابنتي.
أما المخرجة والمؤلفة دينا محمد حمزة، ابنة الشاعر الراحل محمد حمزة، فكشفت أن فيلمها «جاي الزمان» كان طوق نجاة لها من العزلة والانتحار بعد وفاة والدها، إذ عانت من حالة غضب، خاصة بعد رحيل والدتها قبله، وقررت توثيق الأماكن التي كان يرتادها والدها، مثل الإذاعة والمستشفى، مؤكدة أن «الأفلام الذاتية تمثل علاجا نفسيا لنا، خاصة تلك التي تتناول الأب والأم، لأنها تتيح مشاركة الجمهور في تجربة الفقد».
وأضافت: كان هدفي أيضًا تسليط الضوء على الشعراء، الذين يعدون رموزًا خفية.
من جانبه تحدث المخرج عمرو بيومي عن تجربته في فيلم «رمسيس راح فين»، الذي يتناول مسيرة نقل تمثال الملك رمسيس الثاني من ميدان رمسيس إلى المتحف المصري الكبير.
فيما استعرضت المخرجة نادية كامل تجربتها مع فيلم «سلطة بلدي»، الذي يتناول قضية التعصب، مؤكدة أن «السينما الذاتية، سواء التسجيلية أو الروائية، تمنح المبدع حرية التعبير عن ذاته.
أما المخرج بسام مرتضى، فتحدث عن فيلمه «أبو زعبل 89»، قائلًا: حرصت على تقديم شخصيات قريبة لي بمنظور مختلف، لأن السينما الذاتية ترتبط بالصدق. تأثرت بالسينما التسجيلية، التي كنت أراها سينما حكيمة، خصوصا قبل تجربة فيلم (سلطة بلدي) للمخرجة نادية كامل، وأردت تقديم فيلم صادق وعميق.
ورفضت ماريان خوري مسمى «الأفلام التسجيلية»، مشيرة إلى أن الأفلام يجب أن تتجرد من هذه المسميات والتصنيفات، حيث إن الأنواع السينمائية اختلفت وأصبحت تحمل أكثر من نوع داخل العمل الواحد.
العمارة والسينما: تأثير متبادل في تصوير الواقع والتاريخ
ونظم المهرجان أبضا ندوة بعنوان «فلسفة العمارة وعلاقتها بالسينما»، حاضر فيها الدكتور محمد فريد، المدرس المساعد بجامعة القاهرة وعضو المجلس الأعلى لنقابة المهندسين، والمخرج أشرف فايق، وتناول الدكتور محمد فريد العلاقة بين العمارة والسينما من خلال ثلاثة محاور رئيسية: تأثير العمارة والعمران في السينما، وأهمية العمارة والعمران في السينما، ودورهما في تصوير الواقع والتعبير عن التحولات الاجتماعية والثقافية في مصر عبر التاريخ.
وأوضح أن العمارة شاهد على التاريخ منذ العصر الفرعوني حتى العصر الحديث، وتجسد المدن المصرية في السينما مثل القاهرة والإسكندرية، وتعبر عن أنماط الحياة والتغيرات المجتمعية.
واستشهد بعدد من الأفلام التي أبرزت هذا التأثير، مثل «عمارة يعقوبيان» و«حين ميسرة»، إلى جانب أفلام استخدمت العمران كجزء من القصة ذاتها.
تحدث المخرج أشرف فايق عن علاقة العمارة بالسينما من خلال الديكور السينمائي، موضحًا أن المخرج قد يلجأ إلى بناء ديكورات بديلة بدلًا من التصوير في أماكن حقيقية، وأوضح أن هناك العديد من الحيل السينمائية التي تساعد المخرج على الاستغناء عن التصوير في المواقع الحقيقية دون التأثير على جودة المشهد مثل تصوير المشاهد الخارجية لمطار القاهرة مع استخدام المؤثرات الصوتية لمحاكاة أجواء لحظات الوصول أو الإقلاع أو بناء ديكورات بسيطة لمستشفى بدلًا من التصوير في مستشفى حقيقي مع الحفاظ على الأجواء المطلوبة لضمان تفاعل الجمهور مع المشهد.
ورش العمل: تنمية المهارات الإبداعية لدى الشباب والأطفال
كما أقيمت ورش عمل عدة، من بينها ورشة «ذاكرة المكان»، التي انقسمت إلى تدريبين: الأول في محافظة القاهرة حول صناعة الأفلام، والتدريب الثاني لأبناء محافظات القناة، حيث استهدف تنمية مهارات الكتابة الإبداعية وصناعة الأفلام القصيرة لدى الشباب.
كما أُقيمت ورشة صناعة الفيلم الروائي القصير تحت عنوان «من الفكرة حتى الشاشة»، بإشراف المخرج طارق نظير، والتي تضمنت جانبين: نظريًا وعمليًا، وانتهت بتنفيذ مشروع فيلم «غياب» ليكون نموذجًا عمليًا لتطبيق ما تعلمه المشاركون.
وعلى مدار يومين أُقيمت ورشة حكي تفاعلية للأطفال بتقنية «السيكودراما»، تناولت أهمية التعاون والعمل الجماعي في مواجهة التحديات، قدمت الورشة الدكتورة سما الشافعي، الكاتبة والمتخصصة أكاديميا في أدب الطفل والتنشئة الثقافية لأطفال القدرات الخاصة، وذلك في قصر ثقافة الإسماعيلية بقاعة مكتبة الطفل، تحت إشراف المخرج طارق نظير، منسق عام الورش ومدير العروض بالمهرجان.
هدفت الورشة إلى تدريب الأطفال، من سن 4 إلى 13 عامًا، على تنمية الخيال والإبداع، وتعزيز مهارات الإلقاء والتفاعل مع الشخصيات، ليشعر الطفل بأنه أحد أبطال القصة، مما يعزز وعيه بأهمية الحكي بعيدًا عن تأثير التكنولوجيا، اختتمت الورشة بإنتاج فيلم قصير يجسد الحكاية التي عمل عليها الأطفال.
الجوائز
أعلنت لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الروائية القصيرة والتحريك والتسجيلي، برئاسة المبرمجة سولونج بوليه وعضوية كل من محمد حاتم وماريون شميدت، فوز فيلم «بالاشتراك مع شبح» للمخرج محمد صلاح بجائزة أفضل روائي قصير، في حين ذهبت جائزة لجنة التحكيم الخاصة إلى فيلم «عيد استقلالي» إخراج كوستانزا ماجلوف، مع توجيه إشادة خاصة لفيلم «الطفل الثاني» إخراج لوو رنشيواو.
أما في فئة التحريك، فقد حصل فيلم «حيث يزهر الياسمين دائما» إخراج حسين بستوني على جائزة أفضل فيلم، بينما نال جائزة لجنة التحكيم الخاصة فيلم «لمسة إلهية» إخراج ميلودي بوليسيير وبوجدان ساماتان، أما جائزة أفضل فيلم تسجيلي قصير، فذهبت إلى «منثور بيروت» إخراج فرح نابلسي، بينما فاز بجائزة لجنة التحكيم الخاصة فيلم «روز» إخراج أنيكا ماير، مع توجيه إشارة خاصة إلى فيلم «الخروج من خلال عش الوقواق» إخراج نيكولا إيليك.
وفي مسابقة الأفلام التسجيلية الطويلة، التي ترأس لجنة تحكيمها جون ماري تينو وضمت في عضويتها رودريجو بروم ونادين صليب، حصل فيلم «خط التماس» إخراج سيلفي باليو على الجائزة الرسمية، فيما ذهبت جائزة لجنة التحكيم إلى فيلم «بروناوبارك» إخراج فيليكس هيرجيرت ودومينيك تيستلوف.