الأحد 23 مارس 2025

مسلسلات رمضانية في القلب.. «أرابيسك».. عندما تجتمع دراما رمضان بالتاريخ والموهبة

مسلسلات رمضانية في القلب.. أرابيسك .. عندما تجتمع دراما رمضان بالتاريخ والموهبة

22-3-2025 | 13:58

نانيس جنيدى
على مدار سنوات طويلة، أصبحت الأعمال الدرامية الرمضانية أكثر من مجرد حلقات تعرض على الشاشات؛ بل صارت تشكّل جزءاً من ذاكرة الجمهور والمشاهدين، ففى كل رمضان، يجتمع الجمهور حول قصص تجسد مشاهد الحياة الواقعية وتلامس قلوب الناس، فتظل هذه المسلسلات حاضرة فى الوجدان حتى بعد انقضاء مواسمها. فمن خلال أعمالٍ تحمل مزيجاً من الدراما الاجتماعية والرومانسية والإنسانية، تحولت الدراما الرمضانية إلى جزء لا يتجزأ من تقاليد الأسرة، تحمل معها ذكريات عذبة وصوراً لا تنسى. لتستطيع تلك الأعمال أن تؤكد أنها أكثر من مجرد مسلسل تليفزيوني؛ بل شهادة على قدرة الفن على تجاوز الزمن، وإحياء ذكريات فى قلوب المشاهدين، مما يجعلها أعمالاً خالدة فى تاريخ الدراما المصرية. فى هذا الباب الرمضانى الأسبوعى، نتناول على صفحات «الكواكب» بعض تلك الأعمال، التى ارتبط بها الجمهور فى شهر رمضان، والتى ما زالت تحتفظ بمكانتها فى قلوب المشاهدين. حلقة اليوم مع مسلسل «أرابيسك»، الذى يعد لوحة فنية مزجت بين الدراما والوجدان الشعبى، جمعت بين شخصيات قريبة من القلب، وموسيقى تصويرية خالدة، وحكاية كتبها العملاق أسامة أنور عكاشة، إنه العمل الذى رسخ اسم «حسن أرابيسك» فى قلوب المشاهدين، حتى أصبح جزءاً لا يتجزأ من ذكريات رمضان. وسيظل «أرابيسك» إحدى العلامات الفارقة فى تاريخ الدراما المصرية، وأحد أهم أعمال العمدة، صلاح السعدنى. لا يزال اسم «حسن أرابيسك» محفوراً فى ذاكرة الجمهور، فمجرد سماع نغمة تتر المسلسل الرمضانى الشهير «أرابيسك»، تعود بنا الذكريات إلى أجواء رمضان الدافئة فى التسعينيات، حينما كانت الشوارع تخلو من المارة مع دقات الساعة معلنة بدء المسلسل، الذى أبدع فيه الفنان الراحل صلاح السعدنى، مقدماً واحداً من أعظم أدواره. نجاح جماهيرى ساحق يعد مسلسل «أرابيسك» من أبرز المحطات الفنية فى مسيرة صلاح السعدنى، فقد حصد المسلسل نسب مشاهدات عالية، لدرجة أن المنازل كانت تمتلئ، والشوارع كانت تهدأ وقت عرضه، لم يكن هذا العمل مجرد مسلسل درامى، بل كان جزءاً من وجدان المشاهد المصرى والعربى، وساهم بشكل كبير فى تعزيز شعبية «العمدة» صلاح السعدنى، حيث ارتبط اسمه إلى الأبد بشخصية «حسن أرابيسك». كواليس اختيار بطل المسلسل رغم أن صلاح السعدنى قدم دور «حسن أرابيسك» ببراعة جعلت الجمهور لا يتخيل أحداً غيره فى هذا الدور، إلا أن المفاجأة كانت فى أن السعدنى لم يكن الخيار الأول، بل كان الترشيح الخامس بعد سلسلة من المفاجآت والاعتذارات. البداية كانت مع أحمد زكى، الذى وافق على الدور بشدة، لكنه كان منشغلاً وقتها بتصوير فيلم «ناصر 56»، وطلب تأجيل تصوير المسلسل، وهو ما رفضه الكاتب أسامة أنور عكاشة، لرغبته فى عرض العمل خلال الموسم الرمضاني. جاء الدور على عادل إمام، الذى طلب تعديلات على السيناريو، إلا أن أسامة أنور عكاشة رفض هذا تماماً، مما أدى لاعتذار «الزعيم». أما محمود عبد العزيز، فقد أبدى موافقته المبدئية، لكن بعد قراءته لخبر فى إحدى الصحف بعنوان: «محمود عبد العزيز بديلا لعادل إمام فى أرابيسك»، اعتذر عن الدور فوراً. ثم جاء الدور على يحيى الفخرانى، الذى اعتذر بسبب ارتباطه بعمل رمضانى آخر. وفى النهاية، جاء القدر ليضع صلاح السعدنى فى المكان المناسب، فكان الاختيار الذى كتب له النجاح، ليقدم واحداً من أهم أدواره على الإطلاق. رؤية المخرج جمال عبدالحميد كشف المخرج جمال عبد الحميد فى لقاء سابق، عن كواليس اختيار بطل المسلسل، مؤكداً أن «حسن أرابيسك» كان فى ذهنه دوماً صلاح السعدنى، حتى بعد سلسلة الاعتذارات، كان يتمنى أن يجسد الدور، لأنه كان يرى فى السعدنى الروح الحقيقية للشخصية. أبطال العمل وشهاداتهم عن المسلسل لم تكن أصداء «أرابيسك» مقتصرة على بطل العمل فقط، بل امتدت لتشمل كل من شارك فى هذا العمل الخالد: تحدثت الفنانة لوسى بطلة العمل لـ«الكواكب» عن المسلسل وعن قيمته لديها، وقالت: كل أعمالى مثل أبنائى وأحبهم بكل ما فيهم لأن ما أقدمه أدرسه بشكل مفصل قبل تقديمه، ولكن بالتأكيد هناك ما هو أقرب لقلبى، وهى شخصية «أنوار» فى مسلسل «أرابيسك»، أما الباقى فى ميزان واحد. وأضافت لوسى عن مدى ارتباطها بشخصية «أنوار»، قائلة: أشعر أحياناً بأن أنوار أختى أو ربما أنا.. الشخصية بها الكثير منى، الجدعنة، التضحية، الصمت، وحمل الجميل وردّه أما حسن فؤاد، الصوت العذب الذى غنى التتر الشهير، فقد قال لـ«الكواكب»: قبل أن أغنى (أرابيسك) قدمت أوبريت (اخترناك)، وكنت بجانب الراحل عمار الشريعى وكان يشرع فى إنتاج أول ألبوم لى، وذات يوم قلت له: يا أستاذ مش آن الأوان ترشحنى لتتر مسلسل رمضانى، وأجابنى بالقبول على الفور، وحينها لم يكن هناك مَن يستطيع غناء تتر غير على الحجار ومحمد الحلو. وأضاف: وبالفعل رشحنى لـ«أرابيسك»، وهو عمل ضخم جداً وبه كوكبة من النجوم، وعمل رمضانى، وحدث جدل على قبولى كى أغنى التتر، هناك من وافق وهناك من رفض، وكان الرافض الأبرز هو أسامة أنور عكاشة، لأنى صوت جديد، ولكن الأستاذ عمار أصر على التجربة، وقبل التسجيل أرسل لى اللحن على شريط كاسيت، وقال لى: مش عارف هقدمك باللحن دا إزاي، اللحن صعب، والكلمات أصعب. وقال حسن: ذاكرت اللحن جيداً ودخلت التسجيل وبعد سماع الأستاذ أسامة أنور عكاشة التتر اقتنع بى، وقال حسن اللى يغنيه، وكسبنا صوتاً جديداً لتترات رمضان، وفى نفس العام قدم على الحجار تتراً ومحمد الحلو تتراً آخر، كما قدمت أنغام أيضاً تتراً لأحد المسلسلات، ولكن الناس كانت متعطشة لسماع صوت جديد. ومن الطرائف التى رواها حسن فؤاد، أنه بعد عرض المسلسل، كان يخرج من مبنى ماسبيرو، ويوقف تاكسى ليوصله، لكن السائق رفض فى البداية، ثم عاد ليسأله: أنت اللى غنيت أرابيسك؟، وعندما أجابه حسن بـ«نعم»، بكى السائق قائلاً: أنا بكيت لما سمعتك فى أرابيسك وجسمى قشعر. كوكبة من النجوم شارك فى بطولة المسلسل مجموعة مميزة من النجوم الذين أضفوا عليه روحاً خاصة، منهم: صلاح السعدنى، هشام سليم، هدى سلطان، المنتصر بالله، حسن حسنى، كرم مطاوع، هالة صدقى، لطفى لبيب، جيهان فاضل، ناهد رشدى، محمد رياض، نادية رشاد. المسلسل كان من تأليف أسامة أنور عكاشة، الذى أبدع فى رسم شخصياته بدقة بالغة، وإخراج جمال عبد الحميد، الذى نجح فى تقديم عمل أصبح علامة فارقة فى تاريخ الدراما الرمضانية.