الأحد 13 ابريل 2025

محمود مرسى موهبة اكتشفت متأخرا

محمود مرسى موهبة اكتشفت متأخرا

12-4-2025 | 13:53

طه حافظ
تحل علينا هذا الشهر ذكرى رحيل الفنان محمود مرسى، حيث رحل عن عالمنا فى أبريل عام 2004. الفنان الكبير الراحل محمود مرسى يمثل إحدى أيقونات التمثيل والفن فى مصر.. والمفارقة أن الفنان محمود مرسى لم يبدأ التمثيل وهو فى بداية حياته كشاب فى مقتبل عمره، بل إنه خاض تجربة التمثيل متأخراً فى سنوات حياته، وهو على مشارف الأربعين من عمره، حيث لم يكن التمثيل هو مقصده، ولكن عندما خطى خطوته الأولى من خلال فيلم «أنا الهارب» للمخرج الكبير نيازى مصطفى نال إعجاب الجميع من مخرجين ومنتجين الذين أيقنوا أنهم أمام أسطورة يجب استغلالها، وتعالوا بنا نعيش مع الرحلة الفنية للعملاق محمود مرسى. ولد محمود مرسى فى مدينة الإسكندرية فى 7 يونيو عام 1923 عاش طفولة قاسية بعد انفصال والديه، وقد ذكر مرسى فى بعض حواراته النادرة السابقة، أن هذا الانفصال ترك فى نفسه أثراً عميقاً على المديين القصير والطويل، على حد وصفه. وخلال المرحلة الثانوية رشحه زملاؤه فى المدرسة لبطولة مسرحية «لويس السادس عشر»، كما لعب أثناء دراسته للفلسفة فى الجامعة دور البطولة فى مسرحية «أوديب» لسوفوكليس، وصعد الدكتور طه حسين حينذاك للمسرح مشيداً بأداء مرسى لشخصية أوديب. ثم سافر إلى فرنسا من أجل دراسة اﻹخراج السينمائى وقضى هناك خمس سنوات كاملة، ثم انتقل إلى بريطانيا ليعمل فى هيئة اﻹذاعة البريطانية حتى وقع العدوان الثلاثى على مصر فى عام 1956، فاستقال من عمله وعاد إلى مصر ليعمل فى اﻹذاعة المصرية ثم فى التليفزيون المصرى. شارك محمود مرسى بالتدريس فى معهدى السينما، والفنون المسرحية، كما تولى إدارة المسرح القومى، وترجم العديد من الأعمال العالمية، من بينها كتاب «إعداد الممثل» للمخرج الشهير «ستانسلافسكى» بمشاركة صديقه وزميله د.محمد زكى عشماوى أستاذ الأدب العربى. كانت بداية مرسى فى السينما من خلال فيلم «أنا الهارب»، وحقق نجاحا كبيرا فى هذا الدور وكان سبباً فى محاولة قولبته فى أدوار الشر لبعض الوقت، لكنه استطاع أن يخرج من هذا الطوق سريعاً، وقدم أدواراً متنوعة تتناسب مع قدراته وموهبته فى فيلميه التاليين «المتمردة» و«الباب المفتوح»، فيما جاء رابع أفلامه «الليلة الأخيرة» أمام فاتن حمامة مع المخرج كمال الشيخ، وهو الدور الأهم والأبرز له فى تلك المرحلة، وقد ساهمت لغة الفيلم التى اعتمدت على الصمت والتعبير بالوجه والإيقاع المتوتر على إظهار قدراته ممثلاً. ومن أبرز الأفلام التى قدمها محمود مرسى خلال مشواره:” شيء من الخوف” 1969، بطولة: محمود مرسى، شادية، يحيى شاهين، آمال زايد، صلاح نظمى، محمد توفيق.. قصة ثروت أباظة، سيناريو وحوار، سيناريو صبرى عزت، حوار عبد الرحمن الأبنودى، إخراج حسين كمال.. يعتبر هذا الفيلم من أيقونة الستينيات بالسينما المصرية، حيث لعب محمود مرسى دورين فى هذا الفيلم دور الجد الذى يسحب حفيده إلى طريق الشر والهلاك، ودور “عتريس” الرجل الظالم الفاشى الذى يجعل أهل بلدة “الدهاشنة” فى رعب وخوف بسبب فرضه الضرائب والإتاوات عليهم وقتلهم فى بعض الأحيان، ويتخلى عن حبه لفؤادة. “ثمن الحرية” 1967 فيلم من بطولة :محمود مرسى، عبد الله غيث، كريمة مختار، صلاح منصور، محمود الحدينى.. قصة نجيب محفوظ، إخراج نور الدمرداش، جسد محمود مرسى فى هذا الفيلم دور قائد عسكرى إنجليزى يقبض على مجموعة من الأفراد المصرية الأبرياء ولكن بينهم شخص فدائى “عبد الله غيث”، الذى يقوم بعمليات فدائية ومكائد ضد الإنجليز، ويقتلهم جميعا محمود مرسى فى نهاية الفيلم ليجسد دور شرير جدا يمثل الفظائع التى قام بها الاحتلال الإنجليزى فى مصر، ثم يقتله أحد الضباط المصريين لما ارتكبه فى حق الأبرياء. “السمان والخريف” 1967 بطولة: محمود مرسى، نادية لطفى، عبد الله غيث، ليلى شعير، عادل أدهم.. قصة نجيب محفوظ، إخراج حسام الدين مصطفى.. جسد محمود مرسى شخصية “عيسى الدباغ”، الذى يطمح إلى القوة والسلطة ويصل إليها مستغلاً لها، ويلتقى مع إحدى فتيات الليل، وعندما تصبح حاملاً بطفله يتخلى عنها وينكرها وفعلته . “الباب المفتوح” 1963 بطولة: فاتن حمامة، صالح سليم، محمود مرسى، حسن يوسف، شويكار، محمود الحدينى، سهام فتحى.. قصة لطيفة الزيات، سيناريو وحوار يوسف عيسى، إخراج هنرى بركات.. لعب محمود مرسى شخصية “الدكتور فؤاد” أستاذ بإحدى الجامعات الذى يقوم بكبت وقهر خطيبته “ليلى” ولا يبادلها الحب إنما يتقدم لخطبتها تقليديا، ويولد شعور لديها أنها أسيرة لأنه لا يريدها ان تتحرر وتفعل ما تريده أو ما تؤمن به، حتى تتخلى عنه ليلى وتتزوج من صالح سليم فى النهاية الذى يحبها كثيرًا ويؤمن بمبادئها . “أمير الدهاء “1964 بطولة كل من : فريد شوقى، نعيمة عاكف ، محمود مرسى، شويكار.. تأليف يوسف عيسى، إخراج هنرى بركات.. لعب محمود مرسى دور “ بدران “ الذى يقوم بالافتراء على “حسن الهلالى“، ويلفق له تهمة حتى يسجن لأكثر من 25 عامأ ويعذبه داخل السجن . فيلم “أنا الهارب” 1962 بطولة : فريد شوقى ، محمود مرسى ، محمد رضا ، زهرة العلا ، يوسف شعبان ، صلاح منصور .. قصة وإخراج نيازى مصطفى .. لعب محمود مرسى شخصية أحد المسجونين المجرمين الذى يحاول الهرب فراراً من عقاب الشرطة . الدراما فى أوائل الثمانينيات اتجه محمود مرسى إلى الدراما التليفزيونية، وقدم أدواراً عديدة ناجحة فى مسلسلات، مثل: “رحلة السيد أبو العلا البشرى” الذى يروى عن رجل نزح على القاهرة بعد تبنيه لابنة أحد أصدقائه الذى توفى، التى لعبت دورها الفنانة صابرين، ويحاول تغيير المفاهيم الخاطئة لمن حوله ويحاول زرع القيم والمبادئ فيهم، المسلسل عرض عام 1986، وهذا العمل ترك بصمة فى تاريخ الدراما المصرية، وهو أحد إبداعات الراحل أسامة أنور عكاشة ومن إخراج محمد فاضل. “بين القصرين” هى أول رواية من روايات ثلاثية “نجيب محفوظ” والتى اشتهرت بشخصية “سى السيد”، التى لعب دورها الراحل محمود مرسى، ويتناول الفترة قبل 1919، والذى يلقى الضوء على أسرة السيد أحمد عبد الجواد وشدته بين أفراد أسرته ومع أبنائه ومن ناحية أخرى حياته الليلية، وتم إنتاجه عام 1987. “قصر الشوق” هى ثانى رواية من روايات ثلاثية “نجيب محفوظ”، وهى استكمال لـ” بين القصرين”، التى ترصد حياة العائلة بعد وفاة نجلهم الأوسط “فهمى”، لكن مازال “سى السيد” يلهث خلف نزواته ويرغب فى الارتباط بابنة الراقصة التى لعبت دورها معالى زايد. “العائلة” هذا المسلسل كتبه وحيد حامد، وقدم عام 1994، والذى ألقى فيه الضوء على بدايات ظهور الجماعات الإسلامية المتطرفة، ويلعب محمود مرسى دور أب فقد ابنه فى الحرب، ويحاول تحذير من حوله من التطرف الدينى. “بنات أفكار” قدم هذا المسلسل عام 2001، ولعب فيه محمود مرسى دور كاتب روائى يعيش مع زوجته وابنتيه، ولكن يقع فى غرام امرأة أخرى وهى إلهام شاهين، وهذا يؤثر بالسلب على ابنتيه. الإخراج لم تنحصر موهبة الفنان محمود مرسى الفنية على التمثيل الذى اكتشفه متأخراً فى سن الأربعين عاماً، أو على ما درسه فى الإخراج السينمائى، بل كانت له تجارب فى الإخراج المسرحى التليفزيونى بدأها عام 1960 بالمسرح العالمى من خلال مسرحية «بيت برنارد ألبا» للمؤلف الإسبانى جارسيا لوركا وأخرجها للمسرح فتوح نشاطى ولعب بطولتها الفنانة القديرة أمينة رزق، والوجوه الجديدة الصاعدة آنذاك سهير البابلى ونادية رشاد وإحسان شريف، كما أخرج أيضاً للتليفزيون مسرحية «القضية» تأليف لطفى الخولى وأخرجها للمسرح عبدالرحيم الزرقانى، وبطولة :حسن البارودى وسعيد أبوبكر وشفيق نورالدين ونجمة إبراهيم والوجوه الشابة عبدالله غيث وعبدالرحمن أبوزهرة. وفى العام التالى 1961 كانت النقلة النوعية بالإخراج المسرحى على المسرح فأخرج مسرحية «المحروسة» تأليف الكاتب الكبير سعدالدين وهبة وبطولة :محمد السبع وصلاح سرحان ومحمد الدفراوى ورجاء حسين وتوفيق الدقن، ثم كانت آخر تجاربه الإخراجية للمسرح عام 1963، بمسرحية «قصر الأحلام» والتى شارك فى بطولتها الفنانة فاتن أنور ليتفرغ تماماً للتمثيل السينمائى. جوائز وتكريمات حصل محمود مرسى على العديد من التكريمات والجوائز حيث كرمه كل من مهرجان القاهرة السينمائى الدولى ومهرجان الإذاعة والتليفزيون، وتم تكريمه فى مهرجان الفيلم الروائى فى عام 1998. تم اختيار 6 أفلام شارك فيها محمود مرسى ضمن قائمة أفضل 100 فيلم فى تاريخ السينما المصرية، وذلك حسب استفتاء النقاد عام 1996 بمناسبة مرور 100 عام على مرور عرض أول فيلم فى الإسكندرية عام 1986. كما حصل على جائزة الدولة التقديرية عام 2000 تتويجاً لمسيرته الفنية الطويلة.