السبت 26 ابريل 2025

" سيكو سيكو" .. متعة كوميدية و رسالة جادة

سيكو سيكو .. متعة كوميدية و رسالة جادة

24-4-2025 | 14:12

هبة عادل
تجربة سينمائية شبابية بامتياز.. كوميدية وفي نفس الوقت تحمل رسالة مهمة جداً بمذاق مختلف ومتميز، هذه هي النتيجة الإجمالية التي نخلص إليها من مشاهدة فيلم «سيكو سيكو» المعروض حالياً بدور العرض السينمائية، وإذا بدأنا مع الاسم، فلا أخفيكم سرًا أنني كنت أنطقها وأتصور نطقها بفتح السين «سَيْكو سَيْكو».. أي أنه فيلم له بعد نفسي، لا سيما أن بطله هو «طه دسوقى» الذي نجح بامتياز في تقديم دور مميز في مسلسل «حالة خاصة» كشاب يعاني من حالة نفسية ما، فتصورت أن فيلم «سِيكو سِيكو» سيكون على هذا النحو أيضاً، لكن الأحداث حملت معنى آخر نستعرضه من خلال هذه السطور، حيث يقوم المحامي الذي لعب دوره الفنان الراحل في آخر أعماله «سليمان عيد» باستدعاء الشابين (سليم ويحيى) أو (طه دسوقي وعصام عمر) وهما أولاد عم، يجمعهما في مكتبه ليسلمهما وصية الميراث من عمهما المشترك وتوضح بدايات الفيلم من خلال «فلاش باك» علاقة الشابين وهما يتشاجران طوال الوقت في طفولتهما وأنهما يكرهان بعضهما البعض، لولا هذا الحظ الذي يجمعهما في شبابهما على هدف واحد هو مصلحتهما المشتركة في الحصول على هذا الميراث وتقسيمه بينهما والذي تبلغ قيمته 15 مليون جنيه، وهنا تأتي المفارقة الكبرى في الفيلم حين يتوصلا إلى هذا الميراث ليكتشفا أنه كراتين من المخدرات وليس أموالا، فيصعق الشابين ويتجادلان حول إمكانية تصريف هذه البضاعة الخطيرة لا سيما وأنهما متناقضين في الطبائع والصفات فيعمل طه دسوقي «سليم» مصمم للألعاب التكنولوجية عبر الإنترنت وهو خريج كلية الفنون الجميلة ومرتبط عاطفيا بعروسته التي قامت بدورها الفنانة الشابة «ديانا هشام» بينما يعمل والدها الفنان «باسم سمرة» لواء شرطة في إدارة مكافحة المخدرات ومن ثم يحرص العريس على أن تكون سيرته وصورته نظيفة، فيما يحاول ابن العم الآخر «يحيى» إقناع «سليم» بضرورة بيع هذه البضاعة والحصول على أموالها والتي يسمونها باسم كودي «سيكو سيكو»، يحاول إقناعه بأنه في حاجة إلى هذه الأموال ليستطيع إتمام زيجته حيث أنه فقير وفي حاجة إلى هذه الثروة، وفي تدرج للأحداث نجد أن يحيى يعمل في إحدى الشركات التي تمتلكها الفنانة الشابة «تارا عماد» وهي شركة مليئة بأجهزة الكمبيوتر، ويبدأ الشابان في التفكير في استغلال مهارة «طه دسوقي» كونه مصمم ألعاب تكنولوجية في اختراع تطبيق يستطيع من خلاله الترويج لهذه البضاعة المسمومة وبيعها بطريقة الـ«أون لاين» لمشتريين يقومون بتسديد الأموال عبر حسابات في بنوك خارج مصر واستلام البضاعة من خلال الفريق الذي كونه هذين الشابين في محاولة للتستر وراء الإنترنت، فيما يطلقون على هذا التطبيق أيضاً اسم «سيكو سيكو»، لكن بالطبع تتم هذه الأعمال المشبوهة ليلا أثناء إغلاق الشركة، لتأتي المفارقة التي تكتشف من خلالها «تارا عماد» أن فواتير الكهرباء تأتي بقيم مبالغ فيها ،فيما تذهب ذات يوم لتكشف هذه العصابة التي تجتمع ليلا في شركتها. على جانب أخر تبدأ الشرطة في كشف ملابسات الوقائع والسير خلف أفراد هذه العصابة في محاولة لكشفهم والقبض عليهم وبمراقبة الكاميرات يشاهد «باسم سمرة»، طه دسوقي، عريس ابنته ،ليعرف أنه زعيم هذه العصابة، فيضغط عليه أن يترك ابنته، فيما تبكي الفتاة التي هي ضحية وقوعها في حب هذا النصاب، ثم يتضح عبر الأحداث أن أصحاب البضاعة الحقيقية التي تركها العم، هم عصابة أخرى يتزعمها «حرفوش» أو النجم «خالد الصاوى» الذي كان قد أعطى العم هذه البضاعة لترويجها ،وعندما يكتشف أن أبناء العم هم الذين يتربحون من بضاعته يصل إليهم ويجبرهم على التعاون معه ليسترد أمواله عن طريق مبيعاتهم، لتكون مشاهد المواجهة مع خالد الصاوي من أهم مشاهد «الماستر سين» في الفيلم ،كما أن مشهد مواجهة طه دسوقي لخطيبته ديانا هشام وتركها متعللا بأنه غير سعيد في هذه العلاقة، حيث أن والدها قد اجبره أن يتركها، كان «ماستر سين» هام جداً قامت فيه «ديانا» بأداء تمثيلي بارع، فيما جاء أيضاً مشهد المواجهة بين عصام عمر وتارا عماد.. التي بدأت أن تميل له ولكنها عندما تكتشف أنه أحد أفراد عصابة خدعتها، فتواجهه هي الأخرى وهنا يحاول أن يجد منطقا يقنعها به وأنها كما تعمل لتكبر شركتها وتحصل على أموال هو أيضاً يقوم بذلك لكنها ترد عليه في لحظة قائلة: «أنا ما بأذيش حد»، مثلما أنت تفعل بترويجك لهذه المخدرات. على جانب أخر يتفق باسم سمرة مع طه دسوقي في أن يساعد الشرطة في الوصول إلى خالد الصاوي والقبض عليه وخلال عملية القبض على جميع أفراد العصابة، تأتي رسالة العمل المهمة جدا كون الشرطة تقوم بالقبض أيضاً على «سليم ويحيى» حتى إذا كانا مرشدان، إلا أنهما متورطان في ترويج المخدرات عبر اللعبة الإلكترونية التي لجأ إليها كوسيلة لبيع هذه البضاعة المشبوهة، وهو بالطبع خطأ كبير لا تغفره المفارقات الكوميدية التي ملأت الفيلم، وكان لابد من عقاب رادع لمن يلجأون لهذه الوسائل غير المشروعة وهو ما يمثل خطرا كبيرا على شباب اليوم سواء الذين يتعاطون المخدرات أو الذين يستسهلون بيعها عبر وسائل الإنترنت وعبر الاستخدام الخاطئ للتكنولوجيا الحديثة، فيتم سجن الشابين وبعد ثلاث سنوات يخرجان من السجن لنكتشف عبر مفارقات أخرى أن البضاعة الحقيقية التي تركها عمهما لهما، كانت بالفعل أموالا ولكن مخفية في سيارة بيع الموبيليا التي كان ينقل بها تجارته الأصلية كصاحب لمحلات موبيليا ويتربح بالتالي من الأموال الحلال، يحصل الشابان على الميراث بعد أن اقتربت علاقتهما في السجن وعبر مفارقات الفيلم العديدة التي نجحت في إقامة علاقة قوية وسوية بينهما. ونستطيع القول أنها تجربة ناجحة تثبت من أقدام هذين الشابين الإتيان بقوة من أعمال سابقة استطاعا من خلالها أن يحققا نجاحا جماهيريا مشهودا، لا سيما في الموسم الرمضاني الأخير، فقد تألق طه دسوقي في مسلسل «ولاد الشمس» بينما تألق عصام عمر في مسلسل «نص الشعب اسمه محمد»، وقد جمعت كيمياء خاصة بين هذين النجمين الصاعدين رغم اختلاف شخصيتهما في العمل، لكنهما استطاعا أن يتحملا مسئولية الفيلم وأن يحققان نجاحا جماهيريا ملحوظا ،عبر النص المكتوب للفيلم من تأليف «محمد الدباح» والذي جاء مرضيا سواء على مستوى الجانب الكوميدي وأيضاً على مستوى إرضاء الجانب العقلي في إيجاد الهدف من الفيلم والعظة في النهاية التي كان من الواجب أن تكون على نحو ما كانت بالفعل، فيما جاء الإخراج للمخرج الشاب عمر المهندس وهو حفيد الفنان الكبير الراحل فؤاد المهندس وذلك في أولى تجاربه السينمائية بعد عدة محطات تلفزيونية ومسرحية ،جاء موفقا أيضاً سواء في مشاهد الأكشن التي احتاجت إلى النقل السريع من خلال المونتاج أو في المشاهد الجادة والخروج بتوليفة من الإثارة والتشويق واستخدام مهارات الممثلين وتوظيف النص للوصول إلى أفضل صورة ممكنة وأفضل نتيجة لعمل سينمائي متكامل إلى أبعد الحدود.