الأحد 4 مايو 2025

انتصار: لا تشغلنى البطولة بقدر أهمية الدور

انتصار

3-5-2025 | 14:31

شيماء محمود
فى موسم درامى رمضانى ازدحم بالأعمال والنجوم، تألقت الفنانة انتصار بأدوار متنوعة ومركبة، أثبتت من خلالها أنها ليست فقط فنانة كوميدية ذات بصمة، بل ممثلة بارعة تتقن التقمص وتعيش الدور حتى النخاع. من «80 باكو» إلى «قهوة المحطة»، مروراً بظهورها كضيفة شرف فى «أشغال شقة جداً»، لم تكن انتصار مجرد إضافة على الهامش، بل كانت عنصراً أساسياً فى النكهة الدرامية للموسم، فأدوارها جاءت بثقل فنى حقيقى، بأداء يغوص فى أعماق الشخصية ويدهش المشاهد ببساطته وواقعيته، لدرجة أن الجمهور نسى تماماً أنه يشاهد تمثيلاً. تميزت انتصار فى هذه الأدوار بجرأتها فى التخلى عن الصورة النمطية، كان لنا معها هذا الحوار الخاص، حيث فتحت قلبها وكشفت لنا عن كواليس هذه النجاحات، ولماذا تعتبر هذا الموسم نقطة تحول فى مسيرتها الفنية. كيف كان استقبال الجمهور للشخصيات التى قدمتيها خلال الموسم الرمضانى.. وهل كنتِ تتوقعين هذا التفاعل الكبير؟ فى الحقيقة، لم يخطر ببالى أبداً أن تحظى الشخصيات التى قدمتها بهذا القدر من التفاعل والاهتمام الجماهيرى. كنت أتعامل مع كل دور - سواء كان رئيسياً أو حتى ظهوراً قصيراً كضيفة شرف - بنفس الحماس والحب، وأسعى لأن أكون صادقة فى الأداء وأن أُجسد الشخصية كما لو كانت من لحم ودم. ولكن ما حدث، خاصة مع مسلسل «80 باكو»، فاق توقعاتى تماماً! كنا نراه عملاً خفيفاً يحمل طابعاً شعبياً بسيطاً، ولم نكن نتصور أنه سيتحول إلى حديث الجمهور بهذا الشكل، وأن يلقى كل هذا الإعجاب والإشادة، شعرت بسعادة غامرة وأنا أتابع ردود الفعل، سواء عبر مواقع التواصل الاجتماعى أو من خلال لقاءاتى المباشرة بالجمهور، الذين لم يبخلوا بكلمات الحب والتقدير. هذا النجاح هو فى نظرى نعمة من الله، ونتاج عمل جماعى صادق من كل فريق العمل، وأشعر بالامتنان الكبير لكل من لمس العمل وتفاعل معه، نجاح كهذا يشعرنى بأننى على الطريق الصحيح، ويمنحنى دافعاً أكبر للاستمرار فى تقديم شخصيات تمس قلوب الناس وتعبر عن واقعهم. هل كان التدريب داخل صالون التجميل لتجسيد دورك فى «80 باكو» فكرة خاصة بكِ.. أم من اقتراح المخرجة؟ فى الواقع، كانت فكرة ذكية اقترحتها على المخرجة الأستاذة كوثر يونس، وبمجرد أن طرحتها، شعرت بأنها ضرورية لأداء واقعى ومقنع، فتحمست للغاية وبدأت التنفيذ فوراً، بالفعل، التحقت بأحد الكوافيرات الشهيرة، وظللت أتردد عليه لمدة شهرين كاملين قبل التصوير، لم أكن مجرد مراقبة بل شاركت عملياً، وتفاعلت مع الزبائن، وراقبت عن كثب العلاقات بين العاملات، وطريقة الحديث، وحركات الأيدى، وكيفية التعامل مع الزبائن. الأهم من ذلك، أننى لاحظت كيف تتعامل صاحبة المكان مع الفتيات، فقد كانت أقرب إلى «أم» لهن، تحنو أحياناً وتوبخ أحياناً أخرى، وهذا الجو الإنسانى المليء بالمشاعر والتفاصيل انعكس تماماً على أدائى، لم أكن أُجسد شخصية من خارج هذا العالم، بل شعرت بأننى أنتمى إليه، وكنت حريصة على أن يصل هذا الإحساس للمشاهد بكل صدق. هل أسلوبكِ الواقعى فى الأداء يعتمد أكثر على التدريب أم على الفطرة؟ فى الحقيقة، هو مزيج بين الفطرة والتدريب، لكن القاعدة الأساسية التى أؤمن بها كممثلة هى أن بناء الشخصية يبدأ دائماً من الخيال، قد أقابل فى حياتى شخصيات مشابهة لتلك التى أجسدها، لكننى لا أكتفى بتقليدها أو استنساخها، لأن الشخصية الدرامية لا تنفصل عن سياقها الخاص داخل العمل، وهذا السياق يفرض أبعاداً جديدة تجعلنى أعيد تشكيلها من الصفر. أنا لا أؤمن بالتمثيل كعملية تكرار لما هو موجود فى الواقع، بل كفعل إبداعى خالص، أقوم فيه بإعادة خلق الشخصية بكل ما فيها من تناقضات وظروف ودوافع، ولهذا أستعين بخبرتى، وأدواتى كممثلة، وأيضاً بإحساسى، لأبنى شخصية لها كيان مستقل، يصدقها الجمهور ويشعر بأنها حقيقية، حتى لو كانت من نسج الخيال. هل مررتِ بمواقف مؤثرة خلال التصوير؟ نعم، من أكثر ما لمس قلبى خلال تصوير مسلسل «80 باكو» هو شعورى بأن موقع التصوير، خاصة «اللوكيشن» الخاص بالكوافير، لم يكن مجرد مكان للعمل، بل أصبح بيتاً حقيقياً يجمعنى بزميلاتى، مع الوقت نشأت بيننا روابط إنسانية عميقة، وصرنا نتعامل كأننا عائلة حقيقية تعيش معاً كل يوم. كنا نضحك ونتبادل الأحاديث وكأننا لسنا أمام كاميرات بل فى حياة يومية واقعية، وفى يوم التصوير الأخير، غمرنى شعور بالحزن الشديد، لم أكن أرغب فى المغادرة، بدأت ألتقط الصور لكل ركن فى المكان، وكأننى أودع بيتاً عشت فيه لحظات جميلة وصادقة، كانت تجربة إنسانية وفنية لا تنسى، وستظل محفورة فى ذاكرتى طويلاً. قدمتِ هذا العام ثلاث شخصيات تنتمى للبيئة البسيطة بدت كل واحدة مختلفة عن الأخرى تماماً.. ما السر فى ذلك؟ السر ببساطة هو أننى أضع لنفسى قاعدة أساسية فى كل عمل: لا تكرار حتى وإن كانت الشخصيات تنتمى إلى نفس البيئة أو الطبقة الاجتماعية، فلكل واحدة منها تركيبتها النفسية وظروفها وخلفيتها الإنسانية التى تجعلها متميزة ومتفردة. فى هذا الموسم، قدمت ثلاث نساء من بيئة شعبية، لكنى حرصت على أن أتعامل مع كل شخصية كأنها عالم مستقل بذاته. كما أن توقيت تصوير كل عمل كان مختلفاً، وهذا ساعدنى كثيراً فى أن أعيش كل شخصية على حدة، دون أن يحدث تداخل أو ارتباك نفسى أو انفعالى، أنا أؤمن أن التمثيل الحقيقى يتطلب الصدق أولاً، والصدق لا يأتى إلا إذا كنتِ تؤمنين بأنكِ تجسدين «إنسانة» لا مجرد «دور». هل هناك دور تحلمين بتقديمه؟ بكل صدق، ما زال الدور الذى أحلم به لم يأتِ بعد.. فى كل مرة أقرأ فيها شخصية مكتوبة جيداً، أشعر بأننى اقتربت خطوة، لكن التحدى الحقيقى، ذاك الدور الذى يهزنى من الداخل، ويجعلنى أبدأ من نقطة الصفر، لم ألتقه بعد. أنا لا أبحث عن «بطولة مطلقة» بمعناها التقليدى، بقدر ما أبحث عن شخصية تشعل داخلى الشغف وتدفعنى إلى إعادة اكتشاف أدواتى كممثلة، الدور الذى يجعلنى أذوب فيه، حتى أنسى نفسى وأتحول تماماً.. هذا هو الحلم. هل يشغلك نوع البطولة فى العمل سواء جماعية أو فردية؟ لا على الإطلاق.. ما يهمنى أولاً وأخيراً هو جودة الدور والنص، سواء كان العمل جماعياً أو بطولة فردية، الأساس عندى هو «الورق الحلو». العمل الجماعى يمنح طاقة مختلفة، خاصة حين يكون هناك فريق متكامل وتشعر بأنك جزء من كيان فنى حى، كل شخص فيه يضيف ويثرى المشهد، لكن فى المقابل إن عرض عليَّ دور محورى وقوى ضمن عمل فردى، ووجدت فيه عمقاً وتحدياً حقيقياً، فلن أتردد. أنا لا أبحث عن اللقطة أو المساحة بقدر ما أبحث عن التأثير.. عن الشخصية التى «تعيش» فى ذهن الجمهور، حتى لو كانت فى مشهدين فقط. كيف تقيِّمين الدراما الرمضانية هذا العام؟ الموسم الرمضانى هذا العام كان مميزاً للغاية، لقد استمتعت بعدد من المسلسلات، مثل «لام شمسية»، و«سيد الناس»، و«ولاد الشمس»، ما لفت انتباهى هو التطور الملحوظ فى كافة جوانب العمل الدرامى، بدءاً من الكتابة التى أصبحت أكثر عمقاً وتناغماً مع الأحداث، وصولاً إلى الإخراج الذى أضاف طابعاً بصرياً مميزاً، كما أن الاختيارات التمثيلية كانت ناجحة، حيث تمكن الممثلون من تجسيد شخصياتهم بشكل مؤثر وواقعى، مما جعل المشاهد يندمج بشكل كامل مع الأحداث. كيف ترين دور الفن فى بناء المجتمع خاصة بعد حديث الرئيس السيسي عن أهميته فى نشر الوعي؟ فخورة جداً بتأكيد سيادة الرئيس على أهمية الفن فى نشر الوعى، الفن هو مرآة المجتمع، وأى مجتمع يُقاس بمدى تقدم فنونه، فى مصر لدينا تاريخ طويل من الفن الراقى فى مجالات مثل السينما، والمسرح، والتليفزيون، والصحافة، ودعم الدولة حالياً للفن الحقيقى يعكس التزاماً قوياً بالحفاظ على هذا التراث الثري، ويؤكد أننا لن نسمح لهذا الكنز الثقافى بأن يندثر، بل سنعمل على تعزيزه. ما الذى يحدد قرارك عند قبول أى عمل؟ أهم شىء بالنسبة لى هو «حب الدور»، حتى إذا كنت قد قدمت شخصية مشابهة له سابقاً، فإننى أوافق فوراً إذا شعرت بوجود جانب جديد أو زاوية لم أقدمها من قبل. المعايير ليست ثابتة، بل هى إحساس داخلى يوجهنى إلى قبول العمل. هل لا تزالين تستمتعين بالكوميديا؟ بالطبع! الكوميديا بالنسبة لى هى بهجة حقيقية، وهى فن صعب جداً يتطلب «اختراع البسمة»، أشعر بأننى وُلدت لأقدم هذا النوع، وكلما استطعت إضحاك الجمهور، أشعر بأننى حققت إنجازاً حقيقياً. ما رأيك فى التعاون مع المخرجين الشباب؟ بدأت مشوارى مع مخرجين كبار وتعلمت منهم الكثير، لكننى أؤمن بأن الجيل الجديد يحمل أفكاراً مبتكرة ورؤى جديدة، التعاون معهم ممتع ومفيد، لأنه ليس فقط تبادلاً للخبرات، بل أيضاً فرصة للاستفادة من طاقاتهم وحيويتهم.