10-5-2025 | 15:01
رشا صموئيل
بكل حضورها الآسر وأدواتها الفنية المتقنة، تؤكد النجمة أنوشكا فى كل عمل جديد أنها واحدة من الأسماء اللامعة على الساحة الفنية، تمتلك أنوشكا القدرة الفريدة على التجدد والتلون دون أن تفقد خصوصيتها وهويتها الراقية، فنانة متعددة المواهب، جمعت بين قوة الأداء التمثيلى ورهافة الصوت الغنائي، ونجحت فى تقديم أدوار متنوعة صنعت من خلالها مسيرة متميزة، رسّخت مكانتها بين نجمات الصف الأول.
فى الموسم الدرامى الرمضانى الأخير، استطاعت أنوشكا أن تترك بصمة لا تنسى من خلال شخصية «إجلال» فى مسلسل «وتقابل حبيب»؛ السيدة الأرستقراطية القوية، المتسلطة، المنحدرة من عائلة «أبو العزم»، قدمت الدور باقتدار لافت، كاشفة عن جانب نفسى مظلم ومعقّد، يعد تحولاً فنياً جريئاً فى مشوارها.
لم تكن إجلال مجرد شخصية شريرة، بل هى امرأة ممزقة بين السلطة والخوف، الكبرياء والضعف، القسوة والاحتياج.. شخصية صارمة فى ظاهرها، لكنها تحمل رهافة دفينة، جعلتها من أكثر الأدوار إثارة للجدل هذا العام.
فى هذا الحوار، تكشف أنوشكا لـ«الكواكب» كواليس تقديم الشخصية، وتشاركنا رؤيتها لأبعاد الدور، وتفاصيل التفاعل الكبير الذى حظى به العمل، كما تتحدث عن مشروعاتها المقبلة ورؤيتها المستقبلية للفن.
كيف كان تفاعلك مع ردود فعل الجمهور بعد عرض مسلسل «وتقابل حبيب»؟
كنت فى غاية السعادة بعد ردود الفعل الإيجابية التى تلقيتها بعد عرض الحلقة الثانية من المسلسل. التفاعل الواسع من الجمهور والتكهنات حول الأحداث أظهر لى مدى ارتباطهم بالعمل والشخصيات، وما أسعدنى بشكل خاص هو انتظار الجمهور للحلقة الأخيرة عندما تأخرت، وهذا بحد ذاته كان دليلاً على النجاح وصدق التفاعل مع المسلسل.
وهناك بعض التعليقات الطريفة التى تلقيتها، فكلما التقيت بأحد المتابعين، كان يقول لي: (براحة وخفّى على ليل شوية!)، وهذا كان مضحكاً بالنسبة لي، وهناك أيضاً من علق بأننى أرعبت العرائس المقبلات على الزواج بسبب شخصية الحماة المتسلطة التى أقدمها، وهذا جعلنى أبتسم كثيراً.
قدمتِ بالعمل شخصية «إجلال».. كيف تصفينها؟
هى امرأة نشأت فى بيئة صارمة، حيث تربت على طاعة زوجها عبد العزيز، الذى كان رأس العائلة وصاحب السلطة الحقيقية رغم إعاقته الجسدية، والذى تزوجته فى سن السابعة عشرة، وكان زوجها يتبع منهجاً صارماً يعتمد على الحزم والوضوح، هذا الطابع المتشدد كان جزءاً كبيراً من شخصيتها، وعندما تولت زمام الأمور بعد غياب زوجها، تبنت نفس الصرامة فى إدارة شؤون العائلة.
هل ترين أن شخصية «إجلال» شريرة؟
هى ليست شريرة على الإطلاق بالمفهوم التقليدي، فهى شخصية مشحونة بصراعات داخلية بين ما نشأت عليه وما تشعر به، وهو ما جعلها تتحرك وفق منظومة تضع الانضباط والسيطرة فى المرتبة الأولى، بينما المشاعر تأتى فى المرتبة الثانية، ورغم قسوتها الظاهرة، فإنها فى أعماقها أم تحب أبناءها وتقدس قيمة العائلة، فهى ترى العائلة ذات قيمة كبيرة فى حياتها، وهو ما تجلى بشكل واضح فى حوارها مع «ليل»، زوجة ابنها يوسف، حين قالت لها: لازم تشوفى بناتك وجوزك وعيلتك، استثمار عمرك، فهى تضع العائلة فى مقدمة أولوياتها، وهو يعكس تعارضاً بين قسوتها الظاهرة وإنسانيتها الداخلية.
كيف تصفين اللحظات التى تظهر فيها إنسانية «إجلال»؟
أقوى لحظات الشخصية تجلّت فى المشهد الأخير مع زوجها عبد العزيز، عندما اعترفت له قائلة: أنا صنع إيدك، وسألته: هو إحنا غلطنا؟ هذا التساؤل يظهر ندمها ووعيها بما فاتها من مشاعر وحنان، وهو ما يثبت أن إجلال ليست شريرة، بل هى امرأة بدأت تدرك أخطاءها.
كل هذا التعقيد فى الشخصية تلازمه تحديات نفسية كبيرة وقت التمثيل.. حدثينا عن تلك التحديات؟
التحديات كانت كبيرة جداً، خاصة أن الشخصية تطلّبت مشاعر معقدة ومشاهد شديدة الثقل، أبرز تلك المشاهد كان مشهد الصفعة الذى جمعنى بـ«ليل»، فى البداية اعترضت على هذا المشهد بشدة، لأننى لا أؤمن باستخدام العنف فى المواجهات، وقلت بوضوح إن أنوشكا لا تضرب.
.. وماذا فعلتِ بعد اعتراضك على المشهد؟
تحدثت مع المؤلف عمرو محمود ياسين الذى قال لي: إجلال هى التى ستضرب، لا أنوشكا، ثم لجأت للمخرج والمخرج المنفذ، وحتى ياسمين عبد العزيز نفسها محاوِلة تعديل المشهد، ولكن فى النهاية التزمت بالنص، وخرج المشهد كما يجب، رغم أنه كان من أصعب اللحظات النفسية بالنسبة لي.
وماذا عن المشهد الأخير مع زوجك «عبد العزيز» من الناحية العاطفية؟
المشهد الأخير مع عبد العزيز كان مليئاً بمشاعر ندم وتساؤل، وكان مواجهة للفراغ، فقد كنت مدركة أنه بعد هذا المشهد سأسمع كلمة (فركش)، ولن أرى هذه العائلة التى عشت معها لأشهر، حتى رجل البوفيه. لهذا لم أتمالك دموعي.
وما هو أصعب مشهد من الناحية العاطفية بالنسبة لكِ؟
أصعب مشهد كان مشهد عيد الميلاد، رغم أنه كان صامتاً، لكنه اختصر كل شيء، إجلال كانت قد خسرت كل شيء، ومع ذلك، نظرتها الأخيرة كانت مليئة بالأمل وكأنها تقول: ما زالت العائلة تستحق أن نؤمن بها، وقد حمل هذا المشهد كل التحول فى شخصية إجلال من القسوة إلى الرحمة، ولهذا سيبقى من أحب المشاهد إلى قلبي.
هل شخصية «إجلال» مستوحاة من شخصية واقعية؟
الشخصية خيالية تماماً، فلم أقابل فى حياتى امرأة مثلها. أنا لا أُسقط تجاربى الشخصية على أدواري، بل أنطلق دائماً من النص وأقرأه بعمق، فأتحاور مع المؤلف لفهم أبعاد الشخصية ورسالتها، ثم أبدأ فى رسم ملامحها بصرياً ونفسياً، من المكياج والشعر إلى أسلوب اللباس.
.. وكيف تقومين ببناء الشخصية من خلال التفاصيل؟
التفاصيل مهمة جداً فى بناء الشخصية، حيث أحرص على التعاون الوثيق مع الاستايلست والمخرج لصياغة إطلالة تعبر عن الجوهر النفسى للشخصية، فهذه العملية لا تنجح إلا بوجود مخرج واعٍ مثل محمد الخبيري، يكون قادراً على توجيه الأداء بدقة وحساسية.
حدثينا عن التعاون مع المخرج محمد الخبيرى والمؤلف عمرو محمود ياسين؟
التعاون مع المخرج محمد الخبيرى والمؤلف عمرو محمود ياسين كان رائعاً، الثنائى شكّل توليفة ناجحة وأعطانا طمأنينة وثقة كبيرة فى العمل، رغم هدوء الخبيري، كان يتمتع بطاقة جبارة وخلق أجواء إيجابية فى موقع التصوير، بينما كان عمرو محمود ياسين يقدم متابعة دقيقة ويجيب بسرعة على أى استفسار.
حدثينا عن أسباب نجاح هذا العمل؟
سعيدة جداً بنجاح المسلسل، فقد قدمنا عملاً اجتماعياً محترماً يحمل رسالة واضحة، وكان تفاعل الجمهور معه رائعاً، خاصة مع اقتراب نهاية العمل، حيث تلقيت العديد من الاتصالات للسؤال عن موعد عرض الحلقة الأخيرة، هذا التفاعل يدل على قدرة المسلسل فى الحفاظ على التشويق حتى اللحظات الأخيرة، كما أننى أود أن أشير إلى أن النجاح لا يصنعه عنصر واحد أو فرد واحد، بل هو ثمرة عمل جماعي، ومن هنا لابد أن أوجه تحية خاصة لمدير التصوير أحمد زتون، والمونتير عمرو عادل، ومساعدى الإخراج الذين عملوا فى صمت وبإخلاص شديد، أما الموسيقى التصويرية لعادل حقى فقد كانت رائعة، لم تكن مجرد خلفية، بل كانت إطاراً عاطفياً صادقاً احتضن المشاهد، ولا أنسى أغنية التتر التى جمعت إليسا وعزيز الشافعي، فقد أضافت للعمل بعداً عاطفياً إضافياً، فهذا العمل كان ثمرة نية صافية وطاقة جماعية مخلصة، ولهذا وصل إلى الجمهور بهذا العمق والتأثير.
كيف كانت أجواء الكواليس أثناء تصوير مسلسل «وتقابل حبيب»؟
كانت الكواليس مليئة بالضحك والمرح، رغم أننا أمام الكاميرا كنا فى قمة التركيز، خاصة مع ياسمين عبد العزيز وصلاح عبدالله، حيث لم تتوقف الإفيهات بينهما، وكنا نضطر أحياناً لتنبيههما، وبشكل عام هى المرة الأولى التى أعمل فيها مع هذا الفريق بالكامل، لكننى شعرت وكأننى وسط عائلة حقيقية، الأجواء كانت مليئة بالمحبة والاحترام، وكل فرد فى العمل أضاف له طاقة جميلة.
من الأشخاص الذين تأثرتِ بهم فى العمل؟
الفنان صلاح عبدالله، فهو طيب القلب بكل ما تعنيه الكلمة، سواء فى الأداء أو التعامل الإنساني، التفاهم بيننا كان فورياً، وهذا ما شعر به الجمهور على الشاشة.
ما وجه الشبه بين أنوشكا وإجلال؟
إجلال كانت شديدة الصرامة وجامدة المشاعر، بينما أنا بطبيعتى إنسانة عاطفية، تقودنى مشاعرى فى كثير من المواقف، لكن نقطة الالتقاء الحقيقية بينى وبين إجلال هى تقديس فكرة العائلة، فالبيت بالنسبة لى هو الركيزة الأهم فى حياة الإنسان.
ما رأيكِ فى أعمال رمضان هذا العام؟
شاهدت مسلسل «لام شمسية» وكان عملاً رائعاً على جميع المستويات، كما لفت انتباهى الأداء الرفيع لكل من ريهام عبد الغفور، وإياد نصار، وفتحى عبد الوهاب فى (ظلم المصطبة)، وكذلك الفنانة انتصار كانت متألقة فى (80 باكو) وأبدعت بحق، وكذلك (ولاد الشمس) الذى جاء بطرح مختلف ومعالجة مميزة.
ما خططكِ الفنية القادمة؟
سأمنح الغناء مساحةً أكبر من وقتى لأنه شغفى الأول وجزء من هويتى الفنية، أما السينما فأعشقها، لكننى لا أقبل إلا بالأدوار التى تليق بى وتضيف لمسيرتي، فعد نجاح (وش فى وش)، أتطلع إلى أعمال سينمائية جديدة تترك بصمة حقيقية فى مسيرتى، فقد اضطرت للاعتذار عن بعض المشاريع مؤخراً بسبب ازدحام جدولى، من بينها مسلسل إذاعى فى رمضان، رغم إعجابى بجودة النص، وأدعو الله أن يوفقنى لأدوار تليق بى وتشكل إضافة لمسيرتي، فالفن بالنسبة لى مسؤولية قبل أن يكون شهرة، وأتمنى أن أواصل تقديم أدوار تحمل رسالة وتضيف قيمة، لأن هدفى هو الارتقاء بذوق المشاهد.