17-5-2025 | 15:20
هبة رجاء
إعلامية من طراز خاص، صاحبة حضور لافت وفكر مهنى واعٍ.. اختارت طريقها بعناية وراكمت خبراتها بين أروقة أحد أعرق الصروح الإعلامية فى الوطن العربى، لتصنع لنفسها اسماً له بريقه فى سماء الإعلام الوطنى، إنها الإعلامية هبة شامل، ابنة «ماسبيرو»، ذلك المبنى العريق الذى لم يكن مجرد مؤسسة، بل مدرسة متكاملة خرّجت أجيالاً من الإعلاميين الذين تتلمذوا على أصول المهنة، وتعلموا أن حب الوطن والانتماء إليه ليس شعاراً يرفع، بل مسئولية تمارَس.
هبة شامل ليست مجرد وجه مألوف على الشاشة، بل صوت ينحاز للحق، وعقل يدرك أهمية الكلمة وتأثيرها، برامجها ليست عشوائية، بل اختيارات محسوبة تعكس ثقافتها ووعيها بأهمية دور الإعلام فى تشكيل الوعى المجتمعى، تحمل على عاتقها رسالة وطنية، وتجيد التوازن بين المهنية والالتزام، فتميزت بخطاب عقلانى هادئ، يحترم عقول المشاهدين ويواكب نبض الشارع.
سعدنا هذا الأسبوع باستضافة هذه القامة الإعلامية فى صفحات مجلتنا الكواكب، حيث فتحت لنا قلبها وتحدثت بصراحة عن مشوارها، ورؤيتها للإعلام، وتفاصيل لا يعرفها الجمهور عن كواليس عملها وشخصيتها خلف الكاميرا.
بداية.. كيف يمكن للإعلام أن يدعم الدولة ويقف إلى جانبها؟
مصر دولة عظيمة بحضارتها وشعبها، ونسيجها الاجتماعى المتماسك، ففى جميع الأوقات، نرى الشعب كله - صغاراً وكباراً، رجالاً ونساءً- يصطف خلف قيادته، فى مشهد وطنى يعكس وعينا الحقيقى بقيمة هذا الوطن، وهذا ليس شعارات، بل واقع ملموس، نعيشه فلدينا ثوابت لا نتنازل عنها، نواجه مشكلاتنا بأيدينا، بحلول مصرية خالصة وهنا يبرز دور الإعلام الوطنى الحقيقي؛ ذاك الذى يحافظ على السلم المجتمعى، ويضع الأمن القومى فى قلب أولوياته.
فالإعلام الواعى لا يكتفى بنقل الحدث، بل يسهم فى تشكيل وعى حقيقى، ويؤسس لجيلٍ يدرك معنى الانتماء والمسئولية، فقد تعلمنا فى «ماسبيرو» أن الإعلام رسالة وطنية قبل أن يكون مهنة، تعلمنا أن الشعار الأهم هو: «الوطن أولاً وأخيراً».. وهذا الشعار لم يكن مجرد كلمات، بل نهج نسير عليه حتى اليوم.
التليفزيون يدخل كل بيت.. فكيف ترين دوره فى تعزيز روح الانتماء والوعى الوطنى لدى الأجيال الجديدة؟
التليفزيون يمتلك ميزة فريدة، فهو يدخل إلى كل بيت دون استئذان، ومن هنا تنبع مسئوليته الكبرى فى بناء الوعى وترسيخ قيم الانتماء، خاصة لدى النشء والشباب، وهناك طرق كثيرة يمكن من خلالها أداء هذا الدور الحيوى، أهمها تسليط الضوء على النماذج المضيئة فى مجتمعنا، فعندما نستضيف فى برامجنا علماء وأطباء ومخترعين، أو نبرز قصص كفاح أبطالنا الرياضيين فى الخارج، ونظهر كيف دعمتهم أسرهم حتى وصلوا إلى النجاح، فإننا نقدم قدوة حقيقية تلامس وعى الشباب وتحفزهم على التمسك بالوطن وحلم النجاح، هذه رسائل غير مباشرة لكنها فعّالة جداً فى غرس الوطنية.
كما أن الحوار مع الشباب أنفسهم مهم، وأن نصغى إليهم، نناقشهم فى قضاياهم، ونمنحهم مساحة للتعبير عن أفكارهم، وبرامج المرأة أيضاً لها دور مهم؛ فهى نافذتنا لتوجيه الأمهات إلى غرس حب الوطن فى أطفالهن، بداية من مشاركة الطفل فى المسئوليات داخل أسرته، وصولاً إلى وعيه بدوره فى مجتمعه، فالإعلام يجب أن يعلى من قيمة الاجتهاد والعمل، وأن يسلط الضوء على النماذج الملهمة، لأن ذلك هو الطريق الأصدق لبناء جيل يعرف معنى الانتماء الحقيقى.
حدثينا عن البرامج التى تقدمينها حالياً على شاشة التليفزيون المصري؟
أطل على المشاهدين عبر عدة برامج متنوعة أفتخر بها، أولها برنامج «يوم جديد»، الذى يذاع صباح كل خميس ويُركز على القارة الأفريقية، بعرض ما تشهده من تطورات وملامح التعاون المشترك بينها وبين مصر، فى إطار رؤية إعلامية داعمة للبعد القارى.
أما على صعيد قضايا المرأة، فأشارك من خلال برنامج «زينة» الذى انضممت إليه فى أكتوبر الماضى، وهو مساحة غنية تناقش جوانب متعددة تهم المرأة من الناحية الصحية والنفسية والاجتماعية، إلى جانب فقرة تبرز مشروعات وحرفاً تمارسها النساء، مع محتوى توعوى يتناول التربية ومخاطر السوشيال ميديا وتأثيرها على الأبناء، كما أقدم أيضاً برنامج «سيدتى»، وهو امتداد لهذا التوجه، نحافظ فيه على نفس المستوى من الرقى فى المحتوى، ونحرص فيه على بث كل ما هو إيجابى، لأننا نؤمن بأن الإعلام يجب أن يكون مصدر طاقة أمل، ومن البرامج التى أعتز بها كذلك «التليفزيون العربى»، حيث أستقبل ضيوفاً من الدول العربية فى مجالات متعددة كالفن والسياسة والرياضة، وأستمع إلى تجاربهم وانطباعاتهم عن مصر، وهو برنامج يعكس روح الانفتاح الثقافى والتواصل بين الشعوب.
من وجهة نظرك.. من هو الإعلامي الناجح؟
أول وأهم مقومات هذا هى الثقافة والوعى، فالإعلامى لا بد أن يكون قارئاً جيداً، ملماً بما يجرى داخل بلده وخارجه، على دراية تامة بالقضية التى يتناولها، خاصة إذا كان يقدم برنامجاً سياسياً، وعليه متابعة ما يكتب عن مصر فى صحف العالم، كما أن معرفة الاتجاهات العالمية أمر لا غنى عنه، لكن الثقافة وحدها لا تكفى، فلا بد أن يتحلى الإعلامى بضمير مهنى، وأن يكون لديه ميزان دقيق فى التعامل مع المعلومة، وعليه أن يعرف متى يتكلم ومتى يصمت، ماذا يقول وماذا يمتنع عن قوله، فالإعلام الوطني هو صوت الدولة فى مواجهة الشائعات، وهو من يبرز الإنجازات والمشروعات الحقيقية على الأرض، من طرق وكبارى، إلى متاحف ومنشآت تنموية فى كل محافظات مصر، وفى الوقت نفسه، هو صوت المواطن، ينقل شكواه، ويطرح أسئلته، ويرصد الواقع من خلال التغطيات الميدانية وجولات المسئولين، ويقدم المعلومة بشكل موثوق من مصادر رسمية، الإعلامي الوطنى هو حلقة وصل حقيقية بين الدولة والمواطن، وعليه أن يكون محباً لوطنه غيوراً عليه، يصدِّر طاقة إيجابية، ويضع نفسه دائماً مكان المشاهد، فالإعلامى الناجح لا يتوقف عن التطوير والتدريب، يتعلم من الكبار، ويحافظ فى كل ما يقدمه على أخلاقيات المهنة والسياق العام لقيم المجتمع، سواء كان يقدم برنامجاً سياسياً أو ترفيهياً.
وما أحلامك الشخصية.. وهل هناك برنامج معين تتمنين تقديمه؟
على المستوى الشخصى، أحلم بالصحة والطمأنينة وراحة البال.. وهى أمانٍ بسيطة لكنها عظيمة، أتمنى أن ينعم بها كل إنسان، أما مهنياً، فأطمح دائماً إلى تقديم شىء جديد، أن أطور من نفسى وأُفاجئ جمهورى بمحتوى مختلف فى كل مرحلة.. وأدعو الله أن يحفظ مصر من كل شر، ويحمى جيشها وشرطتها، وكل يد تبنى وتحمى هذا الوطن الغالى، فحب مصر فى قلبى ليس شعاراً، بل إيمان عميق ورسالة أعيش بها.
أخيراً.. ما الجملة التى تضعينها دائماً أمام عينيك وتستهدين بها فى حياتك؟
الجملة التى لا تفارق قلبى: إنا لا نضيع أجر من أحسن عملاً.
أؤمن بأن الإخلاص فى العمل لا يضيع أبدا، فقط توكل على الله، وأدِّ ما عليك بإتقان وأمانة، ولا تحمل هم الغد، لأن رب الخير لا يأتى إلا بالخير، هى فلسفتى فى الحياة، وأساس رحلتى فى الإعلام.