19-7-2025 | 05:17
د. ولاء محمد محمود
في ظل ما يشهده العالم من تسارع رقمي وثقافي، تبرز الحاجة الملحة إلى حماية تراثنا الثقافي والفني من الاندثار، والغزو الفكرى_ كما تعمل الدولة دائما على هذا _ وهنا تأتي المتاحف الفولكلورية لتقوم بدور بالغ الأهمية، ليس فقط في الحفظ، بل في تقديم التراث الشعبي كوسيلة لفهم الهوية المصرية وذاكرتها الجمعية.
هذا وتعد المتاحف الفولكلورية من أبرز أدوات الحفاظ على الذاكرة الجمعية للشعوب، فهي لا تكتفي بعرض المقتنيات التراثية، بل تُجسّد الحياة اليومية بمظاهرها الاجتماعية، الاقتصادية، والدينية، وتُعيد سرد حكايات الشعوب من منظور شعبي اكثر دقة وأعمق اثر.
هذه المتاحف تؤدي دورًا متكاملاً يجمع بين الوظيفة التوثيقية والدور التربوي والثقافي، فهي وسيلة لنقل المعارف الشعبية والحرف اليدوية والأزياء والعادات والتقاليد، من جيل إلى آخر، في إطار علمي ومدروس، ويُنظر إليها باعتبارها "مراكز ثقافية تعليمية"، تسهم في تشكيل وعي الأجيال بالهوية، والتنوع الثقافي، والانتماء.
خلافًا للمتاحف الكلاسيكية، فإن المتحف الفولكلوري يَعرض السياق الحياتي للمقتنيات، فيُحاكي البيوت الشعبية والأسواق والاحتفالات والأزياء والعادات، ليمنح الزائر تجربة بصرية ومعرفية متكاملة.
كما أصبحت المتاحف الفولكلورية اليوم جزءًا من أدوات الحوار الثقافي، تعزز من فهم الآخر، وتشجع السياحة الثقافية، وتُقدم تجارب تفاعلية حيّة كالحرف اليدوية وسرد الحكايات الشعبية والعروض الفنية. ولها عظيم الدور والاثر فى عرض العادات والمعتقدات والتقاليد والمعارف الشعبية فضلا عن الفنون الادائية من ؤقص وموسيقى ومسرح وفنون تشكيلية متمثلة في الحرف التقليدية والحداريات والمشغولات الفنية والأزياء الشعبية وغيرها .
مع ظهور المتاحف الرقمية، امتدت رسالة هذه المتاحف لتصل إلى جمهور أوسع، عبر جولات افتراضية، وأرشفة سمعية وبصرية، وقواعد بيانات إلكترونية، مما جعلها أكثر انفتاحًا وتواصلاً مع العالم.
وتعتبر المتاحف بشكل عام أحد أهم الأدوات المسئولة عن التوثيق فهي أداة توثيقية من نوع خاص وحيث ان التوثيق حجر الأساس في حماية التراث، ويُعد التوثيق العمود الفقري لحفظ التراث الثقافي، وهو عملية دقيقة تهدف إلى جمع المعلومات وحمايتها من الضياع، ليُعاد استحضارها في الوقت المناسب. ومع تطور الوسائل التقنية، أصبح التوثيق أكثر شمولاً واحترافية، قادرًا على تغطية مختلف جوانب التراث بمكوناته المادية والشفهية.
التراث بين القول والرؤية
ينقسم التراث الثقافي إلى قسمين رئيسيين:
- التراث القولي: مثل الأمثال والأساطير والألغاز والأشعار، التي تعبر عن رؤية الشعوب للعالم وتصورهم للقيم.
- التراث البصري: ويشمل الحرف اليدوية، والصناعات التقليدية، والمشغولات التراثية التي تمثل الثقافة المادية للمجتمعات.
من البيوت إلى المتاحف... تجارب مصرية فريدة
شهدت مصر خلال العقود الماضية مبادرات متميزة لإنشاء متاحف تراثية تُحاكي البيئات المحلية، وتعرض أنماط الحياة التقليدية بمستوى من الأصالة والصدق الثقافي.
المتاحف الإلكترونية... ثورة في عرض التراث
ظهرت المتاحف الإلكترونية كمكمل حديث للمتاحف التقليدية، لتقديم محتوى تراثي عبر الإنترنت، يشمل: جولات افتراضية، معارض رقمية، قواعد بيانات، وتوثيق مرئي وصوتي.
كيف تُجمع مقتنيات المتاحف الفولكلورية؟
- الإهداء: من أبناء المجتمع المحلي المهتمين بإبراز تراثهم.
- الشراء: من أشخاص يمتلكون قطعًا نادرة ذات قيمة تاريخية.
- تصميم نماذج: تحاكي المقتنيات الأصلية لتعويض النقص أو التآكل الطبيعي.
المتحف ليس حائطًا، بل ذاكرة نابضة، المتاحف الفولكلورية ليست مجرد صالات عرض، بل هي مرايا تعكس روح الشعوب، وفي زمن تتلاشى فيه الخصوصيات الثقافية، تصبح هذه المتاحف صمّام أمان لحفظ الهوية الوطنية من الذوبان، وتظل قيمة المتحف قوية وراسخة عبر الأجيال والشعوب وتظل الضلع الذى يحافظ على تطور ونمو الأمة فمن بلا ماضى بلا حاضر وفارغ من المستقبل ونقل المعلومات عبر الأجيال سوف لا يجد بديل عن المتحف الفولكلورى ومقتنياته .