25-10-2025 | 14:28
هدى إسماعيل
في مشهدٍ يفيض بالألحان والأنغام التي تحمل عبق الماضي وتوهج الحاضر، تختتم اليوم فعاليات مهرجان الموسيقى العربية في دورته الحالية التي واصل فيها مسيرة فنية من التألق والريادة ليكمل بهذا ما يقدمه من فن وإبداع لعدة سنوات ماضية، جاءت هذه الدورة لتجمع بين الأصالة والتجديد، حيث استمر المهرجان الذي تنظمه دار الأوبرا المصرية فى الاحتفاء السنوي بالهوية الموسيقية العربية، وكملتقى يجتمع فيه كبار المطربين والعازفين والباحثين من مختلف الدول العربية، ليقدموا باقة من الإبداعات التي تعيد للأذهان زمن الطرب الجميل وتعزّز حضور الموسيقى العربية على الساحة الثقافية العالمية.
قرر المهرجان هذا العام، الاحتفاء بمرور 50 عامًا على رحيل كوكب الشرق، واختار أم كلثوم كشخصية لهذه الدورة، وحمل البوستر الخاص بالمهرجان صورة أم كلثوم تأكيداً على عنوان هذه الدورة.
عرفان بالجميل
خلال فعاليات مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية كرم وزير الثقافة الدكتور أحمد هنو ورئيس دار الأوبرا المصرية الدكتور علاء عبدالسلام كلا من«هشام شرف من الأردن، واسم الفنانة نعيمة سميح من المغرب، واسم الشاعر الهادي آدم من السودان، وعازف الكولة إبراهيم فتحي من مصر، والدكتورة شيرين عبد اللطيف أستاذ الموسيقى العربية وعميد كلية التربية الموسيقية جامعة حلوان ورئيس اللجنة العلمية بالمهرجان من مصر، واسم الموسيقار وعازف الجيتار جلال فودة والمايسترو حسن فكري والشاعر وائل هلال والملحن خالد عز والمطربة آمال ماهر».
مشاركة من 14 دولة
ضم المهرجان هذا العام مشاركة 21 فرقة موسيقية، قدمت عروضها على 6 مسارح في أوبرا القاهرة والإسكندرية ودمنهور، حيث قدم المهرجان هذا العام 41 حفلا غنائيا وموسيقيا، بمشاركة 83 فنانا و40 باحثا من 14 دولة عربية وأجنبية، وهم مصر والأردن وتونس وفلسطين والكويت ولبنان وأمريكا والسعودية والسويد والبحرين والسودان والعراق واليمن والمغرب، وذلك على مسارح دار الأوبرا بالقاهرة والإسكندرية ودمنهور.
وشارك في مهرجان الموسيقى العربية 2025، نخبة من نجوم الموسيقى والغناء من مصر وخارجها، بينهم النجوم «علي الحجار ومحمد الحلو، مدحت صالح وآمال ماهر ومي فاروق والموسيقار عمرت خيرت».
آمال ماهر بعد غياب
خلال فعاليات المهرجان كرّم وزير الثقافة د. أحمد فؤاد هـنو، ود. علاء عبد السلام، الفنانة آمال ماهر وعلقت آمال ماهر بعد التكريم قائلة: «اتكرمت كتير، لكن تكريم النهاردة خاص من بلدي، من مهرجان الموسيقى العربية الذي نشأت فيه وكبرت فيه، وتكريمي الأكبر هو حبكم».
وأضافت: تكريمى من المهرجان العظيم غالي على قلبي، مؤكدة فخرها بمصر.
وفاجأت آمال ماهر جمهورها بأداء أغنية جديدة مهداة إلى فلسطين والقدس «عربية ياأرض فلسطين»، عبرت فيها عن التضامن مع الشعب الفلسطيني، وحظيت بتفاعل كبير ، حيث أشاد الجمهور بقوة إحساسها الوطني وروعة أدائها.
ليالي مهرجان الموسيقى
فى دعوة لإعادة إحياء التراث الغنائى الروحانى الذى يشمل قصائد الذكر والمديح والابتهالات بإعتباره جزءً من الهوية العربية إحتضن مسرح معهد الموسيقى العربية حفلاً لفرقة الإنشاد الدينى بقيادة المايسترو عمر فرحات نجحت خلاله فى خلق حالة من السكينة والجمال شارك فى صنعها كل من محمد عبد الحميد، أشرف زيدان، حاتم زيدان، إبراهيم فاروق، تامر نجاح، إيهاب ندا، سماح عباس، هبة عادل وإعداد وتحفيظ حسام صقر وضمت مدح الحبيب، بر الوالدين، مدد يا رسول الله، المقبولة، سلام الله ياطه، نبينا هادينا، يارب بالمصطفى، ربى سبحانك دوما، أنا بمدح النبى، على مدنة أم هاشم، لأجل النبى، يا منى عينى، ماشممت الورد، يادنيا صلى، الرضا والنور وأسماء الله الحسنى.
وعلى مسرح الجمهورية صنعت فرقة الحرملك بقيادة المايسترو مروة عبد المنعم ومشاركة الفنانة آية عبد الله نسيج فنى أنثوى شمل مستنياك، أمل حياتى، وعاش اللى قال، كما قدمت نجمات الفرقة ملك حسام، رنا فؤاد، مى عمرو، ورانيا فؤاد ميدلى أم كلثوم، وردة، وفيروز، إلى جانب آه يا أسمراني اللون، أنا قلبى إليك ميال، الحب كله، من حبى فيك يا جارى، أنا في انتظارك، وأنساك.
وإمتدت أمواج الطرب إلى مدينة الثغر حيث إحتضن مسرح سيد درويش «أوبرا الإسكندرية» حفلاً للنجمة حنين الشاطر بمصاحبة الفرقة الموسيقية بقيادة المايسترو أحمد عامر قدمت خلاله باقة من الأعمال الخالدة وسبقها فاصلاً لنجوم فرقة عبد الحليم نويرة للموسيقى العربية أشرف وليد، تامر عبد النبى وأحمد عبد الكريم تضمن يا حلو صبح، على رمش عيونها، اهو ده اللى صار، ع الحلوة والمرة، مبيسألش عليا أبداً، بهية، إيه انكتب لى، خى خى، كل ده كان ليه.
دفء الذكريات
في ليلة من ليالي مهرجان الموسيقى العربية ووسط حشد جماهيرى أعلن النجم مدحت صالح بمشاركة الموسيقار عمرو سليم إستمرار الوفاء للفنون الجادة، وبصوته الذى يحمل دفء الذكريات وقوة الحضور، أشعل الحنين فى القلوب، وبمصاحبة الفرقة الموسيقية بقيادة المايسترو أحمد عامر تغنى بمجموعة من أعماله الخاصة الى جانب مختارات من مؤلفات زمن الفن الجميل كان منها ولا تسوى دموع، اسمر يأسمرانى، بحبك كل ما تطلع شمس، قلبى إليك ميال، لحظة تاريخية، يا جميل ياللى هنا، حبيبى ياعاشق، بان عليا حبه، زى ما هيا،بقى عايز تنسانى، جاى على نفسك ليه، ياواحشنى رد عليا، المليونيرات.
حضور طاغي لأمير الغناء
على مسرح النافورة وأمام حشد جماهيرى ضخم سرد أمير الغناء العربى هانى شاكر قصصاً عن الغرام والشجن والوجد، وبحضوره البراق صاغ لحظات من الطرب ارتفت بالوجدان، وبمصاحبة الفرقة الموسيقية بقيادة المايسترو الدكتور مصطفى حلمى تغنى بـ بلدى، فى حل ، غلطة، ذكرياتى، كفاية، ياريتنى، نسيانك صعب، مشتريكى، لاتكذبى، اديتك ورود، دعوة فرح، أصاحب مين، إدينى قلب تانى، جانا الهوا، لو بتحب، لسه بتسألى، على الضحكاية.
معزوفات الحياة
خلال ليالي مهرجان الموسيقى العربية وبمصاحبه أوركسترا أوبرا القاهرة بقيادة المايسترو ناير ناجى، وفى رحلة إلى عوالم الروح كتب الموسيقار عمر خيرت بعبقريته معزوفات للحياة، وعلى مفاتيح آلة البيانو وبين الأبيض والأسود ظهرت جوانب من ملامح مصر بحضارتها وقوتها وحنينها وشجنها، وتجسدت أعمال باتت جزءً من الذاكرة الشعورية للمجتمع ، ومع حديث النغم إنسكبت الألحان فى قلوب الحاضرين ليسافر الجمهور فى مدارات الإبداع التى تشكلت من إفتتاحية مصرية، خلي بالك من عقلك، هى دى الحياة، حبيبة، فى هويد الليل، العاصفة، ليلة القبض على فاطمة، مسالة مبدآ 2، تيمة حب، زى الهوى، الداعية (صولو كمان)، إعدام ميت، مصر يا أطهر قلب، الممر، تيمور وشفيقة، خايف من بكرة ليه، الخواجة عبد القادر، عم صابر، عفواً أيها القانون، جيران الهنا، عارفة، مافيا، البخيل وأنا، إنت المصري، قضية عم أحمد وفيها حاجة حلوة.
وبإنتهاء الحفل كان عمر خيرت قد صنع سيمفونية وجدانية، مزجت وهج الإحساس برقى الأداء، وبرزت خلالها قيمة الموسيقى الجادة كرسالة نبيلة تعبر عن وجدان أمة تؤمن بأهمية الجمال والسمو.
أم كلثوم صوت الماضي والمستقبل
إختتمت فعاليات المؤتمر العلمى المصاحب للدورة الثالثة والثلاثين من مهرجان الموسيقى العربية، التى نظمتها دار الأوبرا المصرية برئاسة الدكتور علاء عبدالسلام.
جاء مؤتمر هذا العام تحت عنوان« الموسيقى العربية فى ظل التحول الرقمى.. آفاق وتحديات»، وتناول أربعة محاور رئيسية هى مستقبل الموسيقى العربية في عصر الذكاء الاصطناعى، آفاق التعليم الموسيقى فى ظل التطور التكنولوجى، الرؤى التوثيقية منذ مؤتمر 1932م بالقاهرة وتطورها في ظل الثورة الرقمية، وتحديات إنتاج الموسيقى العربية( تأليفا وتلحينا وتوزيعا وأداء ) فى ظل التحول الرقمى، إلى جانب ندوة بعنوان «أم كلثوم صوت الماضى والحاضر والمستقبل».
وبعد 8 جلسات شهدت نقاشات موسعة فى شأن الموسيقى العربية خرج المؤتمر بـ 10 توصيات وجاءت كالتالى:
- تحقيق التوازن بين الابتكار التقنى والإبداع الإنسانى حفاظا على هوية التراث الموسيقى العربى.
- توعية شباب الموسيقيين بخطورة الإنتاج الموسيقى اللحظى دون إعتبار للهوية الثقافية العربية.
- أهمية التعاون بين المؤسسات العلمية والتعليمية المتخصصة فى مجالات الموسيقى وتطبيقات الذكاء الإصطناعى للإستفادة منها فى إنتاج موسيقى عربية معاصرة.
- الدعوة إلى التعاون بين المؤسسات المعنية فى الدول العربية لتفعيل القوانين الخاصة بالملكية الفكرية وحفظ الحقوق فى مجال الإنتاج الموسيقى مواكبةً للثورة الرقمية.
- الدعوة إلى إنشاء أرشيفات متخصصة لتوثيق تراث الموسيقى العربية بمختلف أنواعها وفق معطيات التحول الرقمى .
- تكثيف دعوة المؤسسات الفنية والأكاديمية لإقامة ورش عمل للمؤلفين والملحنين الشباب حول سبل توظيف الذكاء الإصطناعى ليكون عاملا مساعدا وليس بديلا للعملية الإبداعية .
- تكثيف البحث العلمى لرصد أثر استخدام الذكاء الإصطناعى فى تطوير العملية التعليمية والإبداع الموسيقى .
- الدفع نحو الدمج الواعى بين التعليم التقليدى والذكى عبر توفير البنية التحتية اللازمة فى المؤسسات التعليمية والأكاديمية لتمكين المعلمين والطلبة من إستخدام التكنولوجيا بشكل فعال .
- الدعوة إلى التعاون العلمى والتقنى بين خبراء الذكاء الإصطناعى والمبدعين والباحثين الموسيقيين بما يعود بالنفع على الإبداع الموسيقى العربى .
- تصميم منظومة رقمية خاصة بالمقامات والضروب العربية المتنوعة.
جدير بالذكر إن جلسات المؤتمر العلمى إنعقدت على المسرح الصغير فى الفترة من 17 إلى 20 أكتوبر بمشاركة 37 باحثًا من دول عربية وأجنبية.
33 عاماً من الطرب الأصيل
خلال العقود الماضية، استضاف المهرجان أسماءً لامعة من نجوم الطرب، وكرم رموزا ساهموا في إثراء الموسيقى العربية، كما احتضن ندوات فكرية وعلمية تناقش تطور الألحان والآلات وأساليب الأداء الغنائي، مما جعله مؤسسة ثقافية متكاملة لا مجرد احتفال موسيقي.
ومع ختام فعاليات المهرجان، تبقى الموسيقى هي اللغة الوحيدة التي لا تعرف حدودا، توحد القلوب قبل أن تطرب الآذان، وتعيد للأمة العربية مكانتها الفنية التي تستحقها، مهرجان الموسيقى العربية لم يكن مجرد حدثٍ فني، بل رسالة حضارية تذكّرنا بأن الإبداع العربي ما زال قادرًا على التجدد والتأثير، وأن اللحن الأصيل سيبقى دومًا جسرًا بين الماضي والحاضر والمستقبل.