السبت 6 ديسمبر 2025

أصوات المبدعين والنقاد تتحد: ترميم الأفلام أولوية وطنية.. واستثمار في التاريخ

حسين فهمي

6-12-2025 | 14:22

موسى صبري
بين مطرقة الانتهاء وسندان النسيان، يقف التراث السينمائى المصرى اليوم أمام واحدة من أهم قضاياه المصيرية: ترميم الأفلام وحفظ الذاكرة المرئية للأمة. قضية شغلت اهتمام كبير من المبدعين والمعنيين بالفن المصري والحفاظ عليه من الجهات المتخصصة، نذكر منه ما أكد عليه مؤخراً الفنان الكبير حسين فهمى، رئيس مهرجان القاهرة السينمائى فى هذا الإطار، حيث دعا إلى إحياء الروائع القديمة، والحفاظ على الإرث الفنى الذى لا يقدر بثمن، فترميم الأعمال الفنية ضرورة ثقافية وقومية، للحفاظ على هذه الثروة للأجيال القادمة. فى البداية أوضح الفنان حسين فهمى فى تصريحاته الإعلامية خلال دورة مهرجان القاهرة السينمائى التي عقدت مؤخراً، أن مشروع ترميم الأفلام يتطلب وقتاً طويلاً وجهداً دقيقاً نظراً لحساسية العملية وحالة المواد الخام، وأشار إلى أن اختيار الأفلام يتم وفق قيمتها الفنية وأهميتها التاريخية. وأضاف فهمى أن الهدف الأساسى للترميم هو الحفاظ على نقاء الصورة وجودة الصوت دون المساس بالهوية الأصلية للعمل، لافتاً إلى أن عدد ليس بقليل من الأعمال الفنية ما زال فى حاجة ماسة إلى الترميم. صون التراث ترى النجمة الكبيرة لبنى عبدالعزيز أن حماية الأفلام المصرية وصيانتها وترميمها أمر بديهى وضرورى، خاصة مع اهتمام الدولة وجهاتها المختصة بهذا الأمر بالفن المصرى ككل وأيضاً بالحفاظ على تراث الفن المصرى والذى يعد ترميم الأفلام واحداً من أهم مفرداته. وأوضحت أن التطور الكبير فى تقنيات الصورة والصوت والألوان يجعل التدخل الفنى فى هذه العناصر ضرورة ملحة، مما يجعل عملية الترميم خطوة أساسية للحفاظ على تاريخ السينما المصرية وتقديمه للأجيال القادمة فى أفضل صورة ممكنة. ترميم بجهود ذاتية يؤكد الباحث والناقد السينمائى سامح فتحى أن ترميم الأفلام يمثل خطوة جوهرية لحفظ التراث السينمائى المصرى، موضحاً أنه أنجز بجهوده الخاصة ترميم عدد من الأفلام. وأوضح أن عملية ترميم وتوثيق الأفلام تتطلب تدخلاً فنياً دقيقاً، يشمل استكمال المشاهد الناقصة وضبط الألوان والإضاءة ودرجة اللون بما يتوافق مع طبيعة الفيلم، كما يتم تعويض الأجزاء المفقودة فى الصوت والصورة دون إعادة صياغة المشهد أو الفيلم، مع التركيز على الحفاظ على الهوية الأصلية للعمل الفني، وبذلك تصبح مهمة الترميم جزءاً متكاملاً من حفظ الفيلم وتوثيقه بشكل متقن. أرشيف السينما المصرية يرى المنتج محمد العدل أن تبنى مهرجان القاهرة السينمائى الدولى لمشروع ترميم الأفلام يمثل خطوة فخرية ومتفائلة لحفظ التراث السينمائى المصري، وتهيئة أرشيف متميز يمكن للأجيال القادمة الاستمتاع به والاطلاع على تاريخ السينما لسنوات طويلة. ويضيف العدل أن عملية الترميم مكلفة جداً، وتتطلب ميزانيات كبيرة وجهوداً ذاتية كبيرة، مؤكداً أن هذه الجهود جميعها تسهم بشكل فعال فى حماية التراث السينمائى من الضياع. حفظ الجمال يؤكد الدكتور حسين بكر، أستاذ التصوير بالمعهد العالى للسينما، أن ترميم الأفلام وحفظها وتوثيقها يضيف قيمة كبيرة للعمل الفنى من ناحية الصورة والجماليات، حيث إن ضبط الصورة وإضفاء لمسات إبداعية فى الصيانة يمثل نقلة نوعية فى جودة وقيمة الفيلم، مما يجعله أكثر جاذبية بصرياً. ويشير بكر إلى أن العديد من الأفلام القديمة كانت معروضة فى نسخ ناقصة وغير مكتملة، لكن مشروع الترميم والتوثيق منحها صورة مثالية، بحيث يمكن الرجوع إليها بجودة عالية فى الصوت والصورة والألوان، مع مشاهد مكتملة دون فقدان أى جزء، وهو ما يعكس الجهد الكبير الذى يبذله مهرجان السينما فى دعم هذه المبادرة. ذاكرة مصر يرى الناقد طارق الشناوى أن ترميم الأفلام قضية قومية، فذاكرة البلاد المرئية محفوظة داخل هذه الأعمال السينمائية، مشيداً بالجهود الكبيرة للفنان حسين فهمي، الذى يقوم بترميم 10 إلى 20 فيلماً سنوياً، مع الإشارة إلى أن مئات الأفلام الأخرى بحاجة إلى ترميم، ويؤكد الشناوى ضرورة تكاتف كافة الجهات المعنية لإنجاز هذا الأمر، فالأرشيف السينمائى المصرى يمكن أن يتحول إلى مصدر دخل ذاتى من خلال إعادة عرضه. ويضيف الشناوى أن عملية الترميم لا تقتصر على الأفلام الشهيرة والجيدة فقط، بل تشمل جميع الأعمال، لأنها تحمل كنوزاً حقيقية تحكى تاريخ مصر الاجتماعى والسياسى والديني. ولابد من استمرار الجهود الحالية التي تعنى بحفظ هذا التراث من كافة الجهات لضمان صون هذا التراث السينمائى للأجيال القادمة.