قصة تمثال الحرية لفلاحة مصرية.. رفض الخديوى إسماعيل وضعه بقناة السويس
كثيرا منا لا يعلم أن تمثال الحرية عبارة عن تمثال استوحى تصميمه من فلاحة مصرية ترتدي جلبابًا طويلًا ورأسه مستوحاه من عملة مصرية هى رأس بطليموس الثالث حاكم البطالمة فى مصر، وتخرج من أعلى رأسه أشعة الشمس، وكان من المفترض أن يكون فى مدخل قناة السويس المصرية ولكن الخديوى إسماعيل رفض.
القصة كاملة
تمثال الحرية اسمه الكامل الحرية تنير العالم ويمثل الديمقراطية أو الفكر الليبرالي الحر، هو عمل فني نحتي قامت فرنسا بإهدائه إلى الولايات المتحدة الأمريكية في 28 أكتوبر عام 1886 كهدية تذكارية، بهدف توثيق الصداقة بين البلدين بمناسبة الذكرى المئوية للثورة الأمريكية (1775-1783).
ومنذ ذلك الحين استقر التمثال على جزيرة الحرية الواقعة فى خليج نيويورك بولاية نيويورك الأمريكية بمساحة إجمالية تقدر بـ 49,000 متر مربع، ليكون في استقبال كل زائري البلاد سواء كانوا سائحين أو مهاجرين. قام بتصميمه فريدريك بارتولدي بينما صمم هيكله الإنشائي جوستاف إيفل.
ويرمز إلى سيدة تحررت من قيود الاستبداد التي ألقيت عند إحدى قدميها. تمسك هذه السيدة في يدها اليمنى مِشعلاً يرمز إلى الحرية، بينما تحمل في يدها اليسرى كتاباً نقش عليه بأحرف رومانية جملة "4 يوليو 1776"، وهو تاريخ إعلان الاستقلال الأمريكي، أما على رأسها فهي ترتدي تاجاً مكوناً من 7 أسنة تمثل أشعة ترمز إلى البحار السبع أو القارات السبع الموجودة في العالم.
تصميم التمثال على شكل فلاحة مصرية
في عام 1869 قام فريدريك بارتولدي بتصميم نموذج مُصغر لمنارة على شكل فلاحة مصرية مسلمة تلبس الثوب الطويل ترفع يدها حاملة شعلة يخرج منها ضوء لإرشاد السفن "مصر تحمل الضوء لأسيا".
الخديو إسماعيل يعتذر عن وضع التمثال فى قناة السويس
ورأس التمثال هى رأس بطليموس الثالث، الحاكم الثالث من البطالمة في مصر، واتخذوا الفكرة من من عملة مصرية تاريخية تظهر بطليموس الثالث كانت أشعة الشمس على رأسه.
وعرض فريدريك بارتولدى مصمم التمثال على الخديوي إسماعيل ليتم وضع التمثال في مدخل قناة السويس المفتتحة حديثا في 16 نوفمبر من نفس العام، لكن الخديوي إسماعيل اعتذر عن قبول اقتراح بارتولدي نظرا للتكاليف الباهظة التي يتطلبها هذا المشروع، حيث لم يكن لدى مصر السيولة اللازمة لمثل هذا المشروع، خاصة بعد تكاليف حفر القناة ثم حفل افتتاحها، وبنى بدلًا من ذلك منارة بارتفاع 180 قدمًا.
هدايا تذكرية للدول الشقيقة عبر البحار
في هذا الوقت، كانت الجمهورية الفرنسية الثالثة (1870-1940) تتملكها فكرة إهداء هدايا تذكارية لدول شقيقة عبر البحار من أجل تأصيل أواصر الصداقة بها، لذلك تم التفكير في إهداء الولايات المتحدة الأمريكية هذا التمثال في ذكري احتفالها بالذكرى المئوية لإعلان الاستقلال، والتي يحين موعدها في 4 يوليو 1876.
الفرنسيون تولوا تصميم التمثال والأمريكيون تولوا تصميم القاعدة
وبدأت الاستعدادات على قدم وساق، حيث تم الاتفاق على أن يتولى الفرنسيون تصميم التمثال بينما يتولي الأمريكيون تصميم القاعدة التي سوف يستقر عليها. من أجل ذلك، بدأت حملة ضخمة في كل من البلدين لإيجاد التمويل اللازم لمثل هذا المشروع الضخم؛ ففي فرنسا كانت الضرائب ووسائل الترفيه التي يستخدمها المواطنون وكذلك اليانصيب هي الوسائل التي استطاعت من خلالها فرنسا توفير مبلغ 2,250,000 فرنك لتمويل التصميم والشحن إلى الولايات المتحدة.
على الضفة الأخرى من المحيط الأطلسي كانت المعارض الفنية وتلك المسرحية وسيلة الأمريكيين لتوفير الأموال لبناء قاعدة التمثال، وكان يقود هذه الحملة السيناتور وعمدة نيويورك ويليام إيفارتز الذي أصبح وزير الخارجية الأمريكي فيما بعد - غير أن هذا لم يكن كافياً، مما حدى بـ جوزيف بوليتزر صاحب جائزة بوليتزر فيما بعد - أن يقوم بحملة من خلال الجريدة التي كان يصدرها تحت اسم العالم . ثم لاحقاً تم اختيار موقع المشروع على جزيرة الحرية التي كانت تعرف حينها باسم جزيرة بدلو حتى عام 1956.
قصيدة التمثال الجديد
من ضمن هذه الجهود أيضاً ما قامت به الشاعرة الأمريكية إيما لازاروس حيث قامت بتأليف قصيدة تسمي قصيدة التمثال الجديد في 2 نوفمبر 1883، على أن هذه القصيدة لم تصبح مشهورة إلا بعد ذلك بسنوات كما سوف يأتي لاحقاً.
إزاحة الستار عن التمثال في 1886
وهكذا، توفرت الأموال اللازمة، وقام المعماري الأميريكي ريتشارد موريس هنت بتصميم القاعدة وانتهى منها في أغسطس من العام 1885 ليتم وضع حجر الأساس في الخامس من هذا نفس الشهر. وبعدها بعام اكتملت أعمال بنائها في 22 إبريل 1886. أما عن الهيكل الإنشائي، فكان يعمل عليه المهندس الفرنسي يوجيني لو دوك لكنه توفي قبل الانتهاء من التصميم، فتم تكليف غوستاف إيفل ليقوم بإكمال ذلك العمل. وبالفعل قام إيفل بتصميم الهيكل المعدني بحيث يتكون من إطار رئيسي للتمثال يتم تثبيته في إطار ثاني في القاعدة لضمان ثبات التمثال.
شحن وتركيب التمثال
انتهت أعمال تصميم التمثال في فرنسا مبكرا في يوليو عام 1884 فتم شحن التمثال على الباخرة الفرنسية إيزري (بالفرنسية: Isere)، حيث وصلت إلى ميناء نيويورك في 17 يونيو 1885. وتم تفكيك التمثال إلى 350 قطعة وضعت في 214 صندوق لتخزينها لحين انتهاء أعمال بناء القاعدة التي سيوضع عليها والتي انتهت في وقت لاحق لوصول التمثال.
أفتتاح التمثال فى احتفال كبير
و في 28 أكتوبر 1886 - أي بعد انتهاء اكتمال بناء قاعدة التمثال 6 أشهر - قام الرئيس الأمريكي جروفر كليفلاند بافتتاح التمثال في احتفال كبير، وقد ألقى فيه السيناتور وعمدة نيويورك الذي قاد حملة التبرعات - ويليام إيفارتز - كلمة بهذه المناسبة.
لوحة تذكارية من البرونز
في عام 1903 تم وضع لوحة تذكارية من البرونز على حائط قاعدة البرج الداخلية مكتوبا عليها كلمات الشاعرة الأميريكية إيما لازاروس بعد 20 عاما من كتابتها في 1883.
الحرب العالمية الأولى
في عام 1916 - في إطار الحرب العالمية الأولى - وقع انفجار في مدينة جيرسي ألحق أضرارا بالتمثال بلغت قيمتها 100,000 $ دولار أمريكي مما أدّى إلى تحديد حجم الزائرين حتى تم الإصلاح.
إعلان التمثال كأثر قومي
في 15 أكتوبر 1924 تم إعلان التمثال والجزيرة كأثر قومي، وتقوم بإدارتها إدارة الحدائق الوطنية وهي تـُعتبر الجهة الفيدرالية المنوط بها إدارة المناطق الأثرية في جميع أنحاء الولايات.
اليوبيل الذهبي والتراث العالمي وتركيب طبقة ذهبية
في 28 أكتوبر 1936 مثل اليوبيل الذهبي لإنشاء التمثال، لذلك قام الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت بإعادة إهداء التمثال والاعتراف بفضله على الأمة الأمريكية.
أما في عام 1984، فقد انضم التمثال إلى قائمة مواقع التراث العالمي التي تقوم بتصنيفها اليونسكو.
وبعدها بسنتين في عام 1986 واستعدادا للاحتفال بمئوية التمثال، فقد تم عمل ترميم شامل له وتم تركيب طبقة ذهبية جديدة للمشعل تتلألأ عليها أضواء مدينة نيويورك ليلاً.
أحداث 28 سبتمبر والتمثال
بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، قامت السلطات الأمريكية بإغلاق التمثال والمتحف والجزيرة أمام الجمهور لمراجعة الإجراءات الأمنية وتطويرها، ثم أعيد افتتاح الجزء الخارجي في 20 ديسمبر 2001. ظلت باقي الأجزاء مغلقة حتى تم افتتاح القاعدة مرة أخرى للجمهور في 3 أغسطس 2004 م -أي بعد 3 سنوات من الإغلاق- لكن لا يـُسمح بعد بالدخول إليه. ويتعرض الزائرين لتفتيش أمني مشابه لذلك المعمول به في المطارات ضمن الإجراءات الأمنية الجديدة.