وسط تصاعد التوتر بين تايوان وبكين، يقوم وفد تايواني بجولة عمل في وسط أوروبا وشرقها، وهي منطقة يضعها المستثمرون الصينيون أيضا نصب عيونهم.
ووقّع وفد تايواني يضم 66 عضوا من المقرر أن يزور سلوفاكيا والجمهورية التشيكية وليتوانيا، 18 بروتوكول تعاون في هذه الدول الثلاث.
وينصب تركيز تايوان في هذه المنطقة التي كانت ضحية قمع الشيوعية السوفييتية، على الابتكار الصناعي والبحث والتطوير وقطاع الفضاء والأمن السيبراني.
ل
كنّ هذه الرحلة أثارت غضب الحكومة الصينية التي عبّرت عن استيائها إزاء قرار ليتوانيا في وقت سابق من العام الحالي بالانسحاب من منتدى التعاون 17+1 الذي يجمع الصين ودول المنطقة ثم إعلانها افتتاح مكتب تمثيلي في تايوان.
وقال كونستانتيناس أندريوسكاس المحلل في جامعة فيلنيوس إن "النخبة السياسية في العديد من بلدان المنطقة على اتصال بتايوان منذ تحررها من الشيوعية السوفييتية".
ووفقا له، في سياق "المنافسة الجيوسياسية" بين بكين وتايوان في المنطقة، فإن الاستثمارات التايوانية أكثر قابلية للتوقع ومستقلة عن الإرادات السياسية.
وأوضح أندريوسكاس لوكالة فرانس برس أن بكين مستثمر أكثر ثراء لكنها "تريد الاستثمار في قطاعات تعتبر حساسة للأمن القومي في معظم الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي".
وخلال زيارة الرئيس شي جينبينج في العام 2016 نظيره التشيكي وحليفه ميلوس زيمان، وعد باستثمارات صينية ضخمة في بلاده التي يبلغ عدد سكانها 10,7 ملايين نسمة.
وقال لوكاس مارتن من اتحاد الصناعة التشيكي لوكالة فرانس برس "لقد وعدوا بالكثير لكن لم يقدموا إلا القليل"...وأضاف أن "الاستثمارات الصينية تستهدف بشكل أكبر القطاعات غير الصناعية والفرق الرياضية والعقارات، وهي تخلق وظائف أقل وقيمة مضافة" مقارنة بالاستثمارات التايوانية.
وتملك الشركات الصينية نادي سلافيا براج لكرة القدم ومجموعة إعلامية والعديد من المباني في العاصمة التشيكية وحفنة من الشركات.
من ناحية أخرى، استهدفت تايوان الصناعة، خصوصا الإلكترونيات مع مصانع "فوكسكون"، وخلقت وظائف.
وفي خطاب ألقاه في سلوفاكيا الثلاثاء، تحدث وزير الخارجية التايواني جوزيف وو عن إمكان التعاون في قطاع صناعة السيارات الذي يعتبر العمود الفقري للاقتصاد السلوفاكي.
وقال مارتن إن وكالة الاستثمارات التشيكية "تشيك إنفست" توسطت في العدد نفسه تقريبا من المشاريع الاستثمارية لتايوان والصين، نحو 30 لكل منهما في العام 2019.
وتابع "لكن الاستثمارات التايوانية خلقت وظائف أكثر بثماني مرات وقيمتها أعلى بنحو 60 في المئة من الاستثمارات الصينية"، مشيرا إلى أن المصانع التايوانية حققت أيضا أرباحا لمقاولين تشيكيين فرعيين.
وتثير الجولة التايوانية انزعاج بكين التي تحاول إبقاء تايبيه معزولة عن الساحة العالمية والتي ترد بحزم على أي إشارة على الاعتراف الدولي بالجزيرة.
وقالت السفارة الصينية في براج الثلاثاء إن "الصين... تعرب عن استيائها الشديد ورفضها القوي لإقامة اتصالات متهوّرة بين بعض المؤسسات والمسؤولين التشيكيين والسلطات في تايوان وتدخلهم الصارخ في الشؤون الداخلية للصين".
لكن مع الخطط التايوانية لنقل أعمال تجارية من الصين إلى مناطق أكثر أمانا، بما في ذلك أوروبا، يبدو أن الاتحاد الأوروبي لا يولي اهتماما كبيرا لذلك.
ورغم أن الاتحاد الأوروبي يلتزم "سياسة صين واحدة" معترفا ببكين فقط، دعا البرلمان الأوروبي الأسبوع الماضي إلى تعزيز العلاقات بين الكتلة وتايوان فيما انتقد بكين للطريقة التي تتعامل بها مع الجزيرة.
وزارت مجموعة من البرلمانيين الفرنسيين تايوان في وقت سابق من الشهر الجاري في حين من المقرر أن يزورها وفد سلوفاكي في ديسمبر.
وقال رئيس مجلس الشيوخ التشيكي ميلوس فيسترسيل الذي قاد وفدا مؤلف من 90 سياسيا ورجل أعمال وعلماء وصحافيين تشيكيين إلى تايوان العام الماضي "نحن لا ننتهك أي شيء عندما نطور تعاوننا مع تايوان".
وأضاف لصحافيين في براج الاثنين "نحن ملزمون... البقاء أحرارا ودعم الديمقراطيات على الجانب الآخر من العالم وضمان الفوائد الاقتصادية".
غير أن السياسيين والمحللين على حد سواء يصرّون على أنه لن يكون من المنطقي قطع العلاقات مع الصين.
وقال مارتن "هذا البلد مهم بالنسبة إلى مستثمرينا... لذلك لا يمكننا إهماله، لكن من ناحية أخرى، يجب ألا نضع الكثير من الضغط عليه أيضا".