تجاهل العالم لممارسات البلطجة التى تنتهجها بعض الدول يهدد الأمن والسلم الإقليمى والدولي.. فانتهاك سيادة وأراضى الدول والتدخل فى شئونها الداخلية وسلب ونهب مواردها.. ومحاولات فرض أيديولوجيات خاصة على شعوبها هو إشعال لهذا العالم الذى يتحسس السلام والأمن والاستقرار.. لكن يبدو أن هذا العالم أصيب بفيروس التناقض والازدواجية ويصمت أمام أزمات ومخاطر كبري.. وينهض لمقاومة والتصدى لمواقف وازمات متطابقة.. وهذا ما أطلقت عليه الشعوب «الكيل بمكيالين».. فما يحدث فى سوريا وليبيا والعراق وشرق المتوسط.. ثم «فلسطين».. ومن بعدها بعض الدول العربية الآخري.. انتقالاً إلى دعم الإرهاب وتوفير الملاذ الآمن له.. ونقله إلى الدول المراد تدميرها قضايا يسكت عنها المجتمع الدولي.. ويغض الطرف عنها ويتحلى بالسلبية.. فسياسات التوتر والتدخل فى شئون الدول تنذر بكوارث خطيرة على أمن وسلام هذا العالم
هل القانون الدولى مجرد أوراق وأحبار على الأرفف؟.. وهل الشرعية الدولية عبارة عن علبة «ماكياج» لتجميل وجه العالم.. فالحقيقة أن ما يحدث على أرض الواقع مخالف تماماً للشعارات والمبادئ والقيم والأعراف التى تشكل القانون والشرعية الدولية.. فهناك دول استباحت كل شيء.. تمارس أقذر أنواع البلطجة وانتهاك سيادة الدول الأخري.. ولا تحترم قواعد حسن الجوار.. وتستبيح أراضى الدولة.. وتسعى بكل ما تملك إلى تغيير الشكل الديموجرافى لها.. ناهيك عن سرقة مواردها وثرواتها.. واستباحة أجوائها ومياهها الإقليمية.. مثال صارخ للفجر السياسي.
الأدهى والأمر أن العالم يعرف وبالاسم والخرائط الدول التى تقف فى ظهر الإرهاب وتساند إجرامه.. وتنقل مقاتليه من المرتزقة المأجورين.. ويعرف أيضاً تفاصيل عملية نقل المقاتلين والمرتزقة إلى المناطق التى يريد توتيرها وإشعالها.
الحقيقة أنه لا يوجد تفسير لصمت العالم على الكثير من الانتهاكات والصراعات وعدم التدخل لإقرار الحقوق المشروعة للدول التى تتعرض للانتهاك والتدخلات والمساس بالسيادة أو سرقة الموارد والثروات وإسقاط الدولة الوطنية وإحداث الفوضى والانفلات.
هناك مصطلحات نستخدمها فى التعبير عن هذه الحالة مثل العجز الدولى أو ازدواجية المعايير والتى تجسد الفارق الكبير بين الموقف الدولى والحالة الأممية حول مشاكل وأزمات دولية متطابقة ومتشابهة لكن الاختلاف فى الإجراء والتصرفات أو ما يسمى الكيل بمكيالين.
أردت من خلال المقدمة السابقة أن أفسر حالة التناقض الدولية.. والسؤال لماذا السلبية فى التعامل مع الانتهاكات على الأراضى الليبية والتدخلات الأجنبية غير المشروعة.. ولماذا لا تكون هناك إجراءات عقابية واضحة للدول التى ترعى وتدخل المرتزقة والمقاتلين فى ليبيا.. ولماذا حالة إصرار دول إقليمية على التدخل السافر المشوب بالأطماع فى الثروات والموارد فى الشأن الليبي.
ما ينطبق على الحالة الليبية نراه أيضاً على الساحة «السورية».. فهذا التدخل من دولة مجاورة يحتم على المجتمع الدولى التدخل ليس بمجرد القرارات وأرقامها ولكن أيضاً بالتنفيذ على أرض الواقع فكيف تستباح أراضى دولة هى عضو فى الأمم المتحدة.. وكيف يرعى ويدعم الإرهاب ومحاولات التغيير والتشكيل الديموجرافى لبعض المناطق السورية وهذه الدولة للأسف هى القاسم المشترك للبلطجة فى ليبيا وسوريا والعراق.. وتضرب بالأعراف والتقاليد والمبادئ الأممية وحتى الدبلوماسية عرض الحائط.. وتتشدق بأوهام الماضى دون ردع حقيقى من المجتمع الدولي.
العالم الذى يدعى أن جل اهتمامه هو الحفاظ على الأمن والسلم الإقليمى والدولى لا يتصدى لمحاولات هذه الدولة فى إشعال المنطقة فمن ليبيا وسوريا والعراق إلى «شرق المتوسط».. تطالب بأشياء وحقوق غير مشروعة على الإطلاق.. وتحاول ممارسة البلطجة وتتدخل فى شئون الدول الداخلية وتسعى لفرض واقع على الأرض من خلال الممارسات وترسخ التوتر والصراع عكس ما تنشده المنظمة الأممية.. دون أن يتصدى لها المجتمع الدولى ويوقف الغطرسة والبلطجة.
دولة البلطجة فى المنطقة على مدار السنوات الأخيرة.. اختارت أن تستأجر العملاء والمرتزقة فى الدول التى تحترم إرادة شعوبها وسخرت منابر وأبواقًا إعلامية لها تروج الكذب وتنشر الشائعات وتبث سموم التشكيك والفتن.. وعندما يصبحون سلعًا منتهية الصلاحية تقذف بهم إلى أكوام القمامة.. أيضاً تسخر العملاء والمرتزقة والخونة لأوطانهم فى حمل السلاح ضد شعوبهم وتغدق عليهم المال وتوفر لهم الملاذ الآمن.
ما أريد أن أقوله.. إنه لابد للعالم الذى ينشد السلام والاستقرار والرخاء والحفاظ على الأمن والسلم الإقليمى والدولى وسط تحديات وتهديدات كارثية سواء جائحة «كورونا» أو الإرهاب أو التغير المناخى أو الهجرة غير الشرعية عليه أن يكشر عن «أنيابه».. ويتصدى لكل محاولات إفساد هذا العالم.. وعدم السماح بشقاء الشعوب ومعاناتها جراء اختلاق الصراعات والأزمات والتوترات التى لا تجلب سوى الضياع والتشرد والمعاناة.
العالم صامت منذ عقود طويلة على حقوق الأشقاء الفلسطينيين رغم صدور القرارات إلا أن إرادة تفعيلها غائبة تماماً.. وتجد ممارسات بربرية ووحشية واستيطانية وتوسعية على حساب الفلسطينيين أمرًا لا يحتاج دليلا.. وهذه سبة فى جبين المجتمع الدولى وسبب وشماعة لإرهاب المرتزقة والمتاجرين بالدين.. وعامل أساسى لعدم سلام واستقرار المنطقة.
هناك دول أخرى تعشق سلب الدول المجاورة إرادتها وسيادتها.. فالعراق ولبنان واليمن تدفع ثمناً باهظاً بسبب بلطجة هذه الدولة ومحاولة «أدلجة» بعض الدول العربية.
الحقيقة أن مصر وسياساتها أمر يدعونا إلى الفخر والاعتزاز.. فنحن لا نتدخل ولا نعتدى ولا نطمع فى أحد ونرفض كل أشكال الصراعات والأزمات ونعظم من قيم التفاوض والسلام والأمن والاستقرار.. فمصر ترفض كل أشكال التدخل فى شئون الدول الداخلية أو انتهاك سيادتها أو المساس باستقلالها أو العبث بإرادة شعوبها.
الأمر الثانى الذى يدعونا للفخر هو العقيدة المصرية.. والتوجه الرئاسى فى حتمية امتلاك القوة والقدرة والصلابة فى مواجهة محاولات التدخل والأطماع والإسقاط.. إيماناً بأن العالم لا يعترف إلا بالأقوياء.. وأن «العفى محدش يقدر يأكل لقمته» تلك أهم «استراتيجية» وجودية وحتمية.
أكتب كمواطن مصرى عاش فى الجنوب أن صعيد مصر وتحديدًا فى سوهاج.. وعاش أيضًا عقود الإهمال والتهميش بل والنسيان للصعيد.. الحقيقة المواطن المصرى فى الجنوب لديه فخر واعتزاز وحب وتقدير للرئيس عبدالفتاح السيسى الذى أعاد الاعتبار والحياة لأهالى الصعيد.. وقد توقفت عند الرقم الذى قاله اللواء محمود شعراوى وزير التنمية المحلية فى الأقصر بأنه تم إنفاق 375 مليار جنيه على محافظات الصعيد منذ 2014 لتحقيق 3 أهداف فقط هى توفير مياه الشرب الصالحة والصرف الصحى وتوفير فرص العمل.. وهى أصل معاناة أهل الصعيد سواء فى توفير مياه نقية بدلاً من المياه غير الآدمية فى السنوات قبل 2014 التى خلفت أمراضًا وأوجاعًا ومعاناة.. ثم الصرف الصحي.. حيث كانت الحياة أشبه بالكهوف ثم فرص العمل التى هاجر أهل الصعيد بسبب قلتها إلى القاهرة أو الإسكندرية أو الجيزة أو إلى الخليج.
الأعظم أيضًا أن قرى الصعيد على رأس القرى المستهدفة من مشروع تنمية وتطوير الريف المصرى فى 4500 قرية مصرية و30 ألف تابع بهدف توفير الحياة الكريمة لما يقرب من 60 مليون مواطن مصرى بتكلفة 700 مليار جنيه.. ولك أن تتوقع نصيب الصعيد من هذه الميزانية الضخمة والارتقاء بكل الخدمات التى يتلقها المواطن.. وتوفير كل سبل الحياة الكريمة من مياه نظيفة وصرف صحى وتعليم وصحة وغاز وكهرباء وطرق ومراكز شباب وقصور ثقافة وتبطين للترع وبناء للمنازل ومجمعات للخدمات الحكومية.. ومراكز لخدمة العلاج انها ملحمة وحكاية جديدة تتسم بالشمولية والتكامل فى توفير مقومات واحتياجات الحياة الكريمة للمواطن بمعنى الكلمة.
هذه الميزانيات الضخمة التى تستهدف الصعيد ليس من بينها تطوير مرفق السكة الحديد الذى يعد قلب الحركة والسفر من وإلى محافظات قبلى وهناك المزيد والمزيد ليتساوى الصعيد بالمدن والعواصم الكبرى ولن يكون المواطن الصعيدى بحاجة إلى السفر للقاهرة أو الإسكندرية أو الجيزة لتلقى الخدمات التعليمية والصحية كل هذه الخدمات متاحة وبدرجة كبيرة فى مدن وقرى الصعيد.
الاستعداد لموسم الأمطار
أشد على يد المسئولين بالاستعداد من الآن والمفترض من فترة كبيرة لموسم الأمطار والسيول بدلاً من حدوث المفاجآت والمخاطر والكوارث ولدينا الآن الوسائل العلمية والتكنولوجية لرصد وتوقع هذه الأمطار والسيول والحقيقة أن الدولة على مدار ٧ سنوات أنجزت الكثير فى هذا الملف.. وغيرت أسلوب الإدارة والتعامل.. أسلوب الجزر المنعزلة وأصبحت الإدارة تعمل بروح وأسلوب الفريق الواحد.. وبالإجراءات الاستباقية التى تحافظ على أرواح الناس وممتلكاتهم وعدم تعطيل الحركة.. وأيضًا الدولة أحسنت التعامل مع ملف مخرات السيول وإبعاد السكان والأهالى عنها.. وتوفير المناطق والمساكن اللائقة والآمنة.. وأيضًا الاستفادة من هذه المياه لكن وجب التنبيه لمزيد من الحذر واليقظة والاستعداد مبكرًا.
الكياسة السياسية
بعض المسئولين فى العالم أحيانًا يفتقدون للكياسة السياسية أو الإعلامية ويدلون بتصريحات عنترية ويقعون فى سقطات مدوية لا تحقق مصالح بلدانهم وتجرح مشاعر قطاع كبير من المواطنين المحليين.
أصحاب السقطات دفعوا ثمنًا باهظًا نتيجة إقدامهم على تصريحات مستفزة أو جارحة لأشخاص ومواطنين أو لدول.. وتركوا المناصب بسبب زلات اللسان.. فالمسئول «الكيس» والفطن ورجل الدولة لا يقع فى مثل هذه «السقطات».. والزلات.. ولا يسمح لقناعاته الشخصية أن تتجاوز فمه.. لأن الدول لا تدار بالعواطف والسقطات والزلات.. ولكن بحسن التصرف واللياقة واللباقة والدبلوماسية وعلى الدول أن تدرب وتؤهل مسئوليها على كيفية التعاطى والتعامل مع الإعلام وامتلاك الكياسة السياسية والإعلامية التى يعنى افتقادها أحيانًا تدمير العلاقات بين الدول.. وربما يضر المسئول بمصالح وعلاقات دولته التى يتحدث بها.
يمكن أن تدع الإعلامى والصحفى يسأل ما يشاء.. لكن إجابتك تكون محسوبة بالمازورة.. وتعرف ماذا تقول ومتى تقول.