وزير الأوقاف: فهم المقاصد العامة للتشريع هى الميزان الدقيق الذى تنضبط به الفتوى وتستقيم به أمور الخلق
نشر الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، مقالا عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك"، تحت عنوان: " المقاصد العامة والأحكام الجزئية"، قال فيه: "هناك من يقفون عند ظواهر النصوص لا يتجاوزون الظاهر الحرفى لها إلى فهم مقاصدها ومراميها، أو إدراك ما تحمله تلك المقاصد السامية من وجوه الحكمة واليسر والسعة، فضلًا عن عدم فهمهم للمقاصد العامة للشرع الحنيف، فيحملون الناس على العنت والمشقة، إما جهلًا وسوء فهم، وإما إخراجًا للنصوص عن سياقها عن قصد وسوء طوية".
وتابع جمعة: "وقد أكد العلماء والفقهاء والأصوليون على أهمية فهم المقاصد العامة للتشريع فهى الميزان الدقيق الذى تنضبط به الفتوى ، وتستقيم به أمور الخلق، وتتحقق به مصالح البلاد والعباد ، فالأحكام فى جملتها بنيت على جلب المصلحة أو درء المفسدة أو عليهما معا ، يقول الإمام الشاطبى (رحمه الله) : بالاستقراء وجدنا الشارع قاصدًا لمصالح العباد ، والأحكام العادية تدور عليها حيثما دارت، فترى الشيء الواحد يُمنَع فى حال لا تكون فيه مصلحة ، فإذا كان فيه مصلحة جاز، وكثير من الأحكام الجزئية الفرعية لا يمكن الحكم فيها إلا من خلال فهم المقاصد العامة للتشريع ، وفى ضوء فهم القواعد الأصولية وقواعد الفقه الكلية.
وأضاف وزير الأوقاف: "ونؤكد أنه لا يكفى لمن يتصدى لقضايا العلم الشرعى أن يكون ملمًا ببعض القواعد دون بعض، ولا أن يكون مجرد حافظ للقواعد غير فاهم لمعانيها ومراميها ولا مدرك لدقائقها ، فيقف عند قولهم : الضرر يزال ، دون أن يدرك أن الضرر لا يزال بضرر مثله أو أكبر منه ، وأن الضرر الخاص يُتحمل لدفع الضرر العام ، أو يقف عند حدود قولهم : درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة ، دون أن يدرك أن درء المفسدة اليسيرة لا يدفع بتضييع المصلحة الكبيرة ، وأنه إذا تعارضت مفسدتان دُفعت الأشد بالأخف ، بل عليه أن يسبر أغوار هذه القواعد بما يمكنه من الحكم الدقيق على الأمور ، فما بالكم بمن هو غير دارس لهذه القواعد وغير مدرك لها لا جملة ولا تفصيلا ؟.
واختتم وزير الأوقاف: "علمًا بأن المقاصد العامة قائمة على مراعاة مصالح البلاد والعباد ، متمثلة فى الكليات الست ، وهى : الحفاظ على الدين ، والحفاظ على الوطن، والحفاظ على النفس ، والحفاظ على المال ، والحفاظ على العقل، والحفاظ على العرض والشرف ، فحيث تكون مصلحة البلاد والعباد فثمة شرع الله (عز وجل) "فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِى فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ " .