النفس أمارة بالسوء، لذلك يجب على كل إنسان الحرص على تزكية النفس والبعد عن فعل المنكرات والمعاصي وفعل الخيرات والأعمال الصالحة، كي يرزق الإنسان بالنفس المطمئنة الهادئة، وفي هذا السياق، تقدم بوابة "دار الهلال"، كيفية تزكية النفس وأصنافها كالآتي:
أصناف النفس ومراتبها
بيّن المولى -سبحانه- ذلك في كتابه العزيز أصناف النفس ومراتبها على مراتب ثلاث:
النفس الأمّارة بالسّوء، وهي التي تأمر صاحبها بالانغماس في الملذّات والشهوات، وتغريه بكلّ معصية وبعد عن الله تعالى، قال الله سبحانه: (إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ).
النفس اللوامة، وهي التي تقع بالسّوء لكنّها لا تنقاد إليه، ولا تنغمس فيه كالنّفس الأمارة بالسّوء، بل تعود وتؤوب، وتندم وترجع؛ فهي متقلّبة بين الوقوع في المعصية والتوبة منها، قال الله عزّ وجلّ: (وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ).
النفس المطمئنة: وهي أعلى درجات النّفس وأرقاها، وهي النّفس التي تطمئنّ إلى ذكر الله تعالى؛ فأطاعت وانقادت لأوامره، واستسلمت لأحكامه، وتاقت إلى رضوانه، وهي التي يُنادى عليها عند خروج الروح: (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ*ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً*فَادْخُلِي فِي عِبَادِي*وَادْخُلِي جَنَّتِي).
كيفية تزكية النفس
ـ على المسلم أنْ يعترف بتقصير نفسه وعيوبها؛ ففي ذلك عونٌ على تحديد مكامن ضعفها، وإنّ الامتناع عن ذلك يجعل الإنسان يظنّ أنّه خالٍ من العيوب، ومبرءٌ من النقص؛ فلا يُقبلُ على تزكية نفسه، ولا يتطلّع إلى إصلاحها.
ـ مجاهدة النّفس ميدان رحْبٌ لتزكيتها، وقودِها إلى مدارج الكمال وميدان الهداية، حيث أكّد المولى -سبحانه- على أهمية وفضل مجاهدة النّفس؛ فقال الله تعالى: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ).
ـ الحرص على تنمية الأخلاق الحسنة والمسالك الحميدة، وتعهّد النّفس بترسيخ هذه القيم الأخلاقية في واقعها حتى تصير أمراً معتاداً، وقد حثّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- على تدريب النّفس وتطويعها على محاسن الأخلاق؛ فقال: (إنما العلمُ بالتَّعلُّمِ، وإنّما الحِلمُ بالتَّحلُّمِ).
ـ إظهار الافتقار في جَنْب الله، والانكسار بين يديه -سبحانه- من أهمّ الأسباب المُعينة على تزكية النّفس؛ فيستشعر المسلم حاجته لرحمة الله، مع ملازمة الدّعاء، والاستعاذة بالله من شرور النّفس، فقد جاء أنّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- علّم رجلاً بعد إسلامه أن يقول: (اللَّهمَّ ألهِمني رشدي وأعذني من شرِّ نفسي).
ـ إطلاق اللسان بذكر الله -عزّ وجلّ- خير طريق لتزكية النّفس، وانشراح الصدر، وطمأنينة القلب، وصدق الله إذ يقول: (الَّذينَ آمَنوا وَتَطمَئِنُّ قُلوبُهُم بِذِكرِ اللَّهِ أَلا بِذِكرِ اللَّهِ تَطمَئِنُّ القُلوبُ).
ـ الإقبال على تلاوة القرآن الكريم، وتدبّره من أعظم وسائل تزكية نفس المسلم، وفي هذا يقول المولى سبحانه: (وَنُنَزِّلُ مِنَ القُرآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحمَةٌ لِلمُؤمِنينَ).
ـ استحضار لحظات الموت، ذلك أنّ الآفات الفتّاكة بقلب المسلم منشؤها طول الأمل وحبّ الدنيا، وذكر الموت يقطع تلك الأمراض وأسبابها؛ فيسلم قلب العبد من الحسد، والغشّ، والجشع، وغيرها، ثمّ تتزكّى نفسه ويصلح قلبه.
ـ السلامة من الغلّ والحسد، وتعويدها على محبة الخلق والنّصح لكلّ مسلمٍ، وإفشاء السلام، ونشر الأمن، وطلاقة الوجه.
ـ ترويض النّفس على ترك المراء والجدال مع من لا رجاء في انصياعه للحقّ، كما أنّ مجالسة الأخيار، والتّقرّب من الصالحين، ومطالعة أخبار وسِيَرهم من وسائل التّزكية الناجحة.