رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


موائد الرحمن.. كامل العدد

5-6-2017 | 15:21


 

ضيوف رمضان: نفضل وجبات "الجيش".. ونرفض موائد المشاهير والراقصات

 

كتب: علي عقيلي

 

سماط الخليفة، دار الفطرة، موائد الرحمن، تتعدد أسماؤها، ويختلف المؤرخون حول نشأتها فمن قائل إن بدايتها في مصر ترتبط بالخليفة العزيز بالله خامس الخلفاء الفاطميين، الذي كان يخرج من قصره مختلف صنوف الطعام والحلوى لتوزع على الفقراء؛ ورسخ لمائدة إفطار الصائمين بمسجد عمرو بن العاص، ومن قائل إن البداية كانت مع الأمير أحمد بن طولون مؤسس الدولة الطولونية؛ حيث جمع الأعيان والتجار على مائدة حافلة في أول أيام الشهر الفضيل، وخطب فيهم يحثهم على البر بالفقراء، ومن قائل أن العالم الفقيه المصري المخضرم الليث بن سعد، الذي كان ثريًّا أول أقام مائدة رحمن للصائمين، قدم فيها الهريسة، التي عرفت بـ"هريسة الليث".

ويبقى أنه منذ سبعينيات القرن الماضي توسع الأغنياء والتجار والأعيان في موائد الرحمن في شهر رمضان، ومنهم من يقيمها طوال العام لاستضافة ضيوف الرحمن؛ حيث تعد من أبرز مظاهر التكافل الاجتماعي، في بلد كثر عدده ودمر الفساد موارده؛ ما جعل نصف المجتمع المصري تحت خط الفقر، عجزت الحكومات المتتالية أن تصنع لهم شبكة حماية اجتماعية، ولم يبق لهم إلا أصحاب البر الذين يطعمون الطعام على حبه مسكينًا ويتيمًا وأسيرًا.

 اكتمال العدد والازدحام الشديد بات السمة المميزة لغالبية موائد الرحمن هذا العام؛ فمعظمها مكتظة بالضيوف على غير العادة، فقد كانت الكثيرة منها قبل موجات الغلاء، التي أكلت جرّاءها السبع بقرات العجاف الأخرى السمان، ولاحت لأعين الجميع السنبلات اليابسات، من دون بزوغ السنبلات الخضر، خاوية تفتش عن ضيوفها، وتقطع عليهم الطريق؛ لتستضيفهم على الإفطار؛ فإذا بها تضيق خيامها، ولا تتسع مقاعدها لضيوفها الذين باتوا في ازدياد دائم، تفيض جموعهم قبيل المغرب؛ باحثين عما يسد الرمق، ويقيم الأود.

ندرة الموائد

محمد علي "بائع جائل" قال:"الموائد قلت في هذا العام بشكل كبير، كان الأول فيه خمس موائد في المنطقة حاليًا مفيش غير اتنين بس، وزحمة جدًا مبتكفيش كل الناس، لدرجة إنه في ناس بتمشي من غير فطار".

وتابع أبوأحمد "عامل": "كل يوم العدد بيزيد وبنضطر نحجز قبل الفطار بساعتين عشان نلاقي مكان نفطر فيه".

وأضاف رضا محمد أن الوجبة مكونة من طبق خضار، وآخر أرز، ورغفين من الخبز، ولا يستطيع في ظل الغلاء الطاحن أن يوفرها لنفسه؛ لأنه ليس له دخل ثابت؛ فهو "على باب الله".

 

وعقب محمد الذي أشار إلى مكان سكنه ونومه بجوار أكوام الزبالة في ميدان التبة، بأنه ينتظر الشهر الكريم من العام للعام حيث يجد ضالته في موائد الرحمن؛ لأنه طوال العام ينام بجوار تلال الزبالة، ويقتات منها أيضًا.

لقمة حلال

وحول موائد المشاهير والراقصات، أكد سيد أحمد أنهم لا يعرفون مكانها، و"هم بيعملوها في الأماكن الراقية، مش عشان الناس الغلابة، ولو عارفين مكانها مش هنروح احنا ناس فقرا وعاوزين نفطر على لقمة حلال"

وأشار سمير محمود "عامل" إلى أن موائد الجيش أفضل من موائد الأهالي، قائلًا: "كان فيه مائدة تبع الجيش هنا موجودة رمضان اللي فات بس مش موجودة السنة دي كانت ممتازة وربنا كريم على الغلابة".    

ضيوف الرحمن هذا العام أضيفت إليهم شرائح أخرى لم تكن تعرفهم من قبل، أحمد علي "موظف مغترب" لم يكن يتقبل أن يجلس على موائد الرحمن في شوارع المحروسة من قبل؛ إلا أنه نظرًا للغلاء وقسوة ظروف المعيشة انضم إلى قوائم ضيوف الرحمن.

وقال محمد حسن: "أنا بعمل نجار مسلح وظروفي كانت أفضل وعمري مفطرت في الشارع، أيام كتيرة أخرج للعمل في السوق، ولا أجد شيئًا، فبفطر في أي مائدة وأنا مروح".

 

وأضاف محمد فوزي "موظف" أن موائد الرحمن ليست مقصورة على البسطاء والفقراء فقط، لكن أي شخص كان في مكانًا ما وتأخر وأدركه الإفطار في الشارع، فلا مانع إطلاقًا من أن يفطر علي أقرب مائدة في المكان الذي أدركه الإفطار فيه.

 

الحاج وليد، القائم على مائدة رحمن صغيرة تعدادها 100 فرد، أوضح لـ"الهلال اليوم" أنه هذه المائدة تكلفه يوميًا ٥ آلاف جنيه يوميًّا، وكانت من قبل حتى العام الماضي تكلفه في حدود 2500 أو 3 آلاف جنيه، مضيفًا أن الوجبة البسيطة تكلف في حدود 50 جنيهًا بسبب الغلاء، والضيوف كل يوم في ازدياد، ما يدعونا للزيادة كل يوم عما قبله، ونحن نرحب بهم ورمضان كريم.

وقال المعلم رأفت، خادم مائدة أخرى، أقل مائدة حاليًّا تكلف 10000آلاف جنيه يوميًا؛ لافتًا إلى غلاء اللحوم والسلع الغذائية، فضلًا عن زيادة أعداد ضيوف الرحمن عن الأعوام السابقة، مضيفًا أن هناك شرائح كثيرة دفعها الغلاء إلى موائد الرحمن ورمضان كريم.