يقولون إن غايتهم مدح الرسول الكريم .. المنشدون بين الروحانيات والمكاسب المادية
تحقيق: عمرو محيى الدين - محمد بغدادي
الإنشاد الديني فن يسمو بالروحانيات من مدح للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم إلى الابتهالات الدينية الجميلة.. حتى أصبحت فرق الإنشاد الديني مطلبا فى جميع المحافل، فلم تقتصر حفلاتهم الدينية على الخيم الرمضانية والأمسيات الدينية بل أصبحوا مطلبا مهما فى حفلات الزفاف وفى الجلسات العائلية وفى جلسات رجال الأعمال أيضا وذلك تبركا بما يقدمونه من فن روحاني..تحدثنا إلى عدد من شباب فرق الإنشاد الديني الذين أكدوا على سمو هدف المنشد الديني وتطرقوا إلى الحياة العملية لفرق الإنشاد الديني، ومدى إقبال الجمهور على سماعهم من مختلف الطوائف وفى شتى المناسبات...
وصلة سماع
يقول المنشد مصطفى الشافعي- 20 عاما: أحببت الإنشاد منذ صغري، ووالدي مقرىء قرآن، ورزقه الله بصوت مميز فى التلاوة، وشجعني أن أنتهج نهجه فى قراءة القرآن الكريم، فكنت أستمع إلى عظماء المقرئين أمثال عبدالباسط عبدالصمد والمنشاوي وطه الفشني وغيرهم، وأثنى الكثير ممن سمعوا صوتي على موهبتي، ولكن موهبتى لم تقتصر على قراءة القرآن فحسب، بل شعرت بمحبتى للغناء أيضا، ولم أكن أغنى إلا داخل حجرات المنزل، فقررت أن أطلق هذه الموهبة خارج الجدران ، وأن التحق بفرقة المصريين الغنائية بقيادة الموسيقار هاني شنودة، وذلك منذ عام 2013 وحتى عام 2016، ثم أقنعنى المنشد نور السيد بتأسيس فرقة للإنشاد الديني معه، ولا أخفيك أننى ترددت كثيرا ولا سيما أنه لم يكن لى سابق خبرة فى هذا المجال، إلا أن نور السيد شجعنى، وقال لى " نبدأ بالتدريج وستصقل موهبتك وتأتى الخبرة لاحقا"، فأسسنا فرقة "وصلة سماع" للإنشاد الديني، وقمنا بإحياء حفلات فى عدة أماكن منها ساقية الصاوي والأوبرا، ومن المقرر أن نحيي حفلا كبيرا فى رمضان بقاعة الحكمة فى ساقية الصاوي.
وتطرق الشافعي إلى عالم المنشدين الدينيين وكيفية انتشار بعضهم هذه الأيام خاصة فى الأفراح وحفلات داخل فيللات رجال الأعمال وفرق الإنشاد انتشرت بكثرة وهناك بعض المنشدين امتهنوا هذه المهنة لما تحققه من مكاسب مادية لهم ولكن ما يعنينى ألا تغلب المادة على المضمون الذى يقدم، حيث إن غاية المنشد ينبغى أن تكون لوجه الله ولحب رسول الله والسمو بالقيم الروحانية فى المقام الأول وألا تطغى الماديات على هذه الغاية، فلا تكون الشهرة أو التواجد هما الشغل الشاغل للمنشد الديني، وأنا أقوم بإحياء حفلات إنشاد فى الأفراح وليس فقط فى المناسبات الدينية، والأمور المادية شىء تقديري، وهذا ما تربينا عليه من شيوخ الإنشاد الأوائل.
ويتابع الشافعي: لا أنكر أن هناك بعض المنشدين يحققون مكاسب كبيرة ربما تصل لمبالغ تقدر بـ 30 ألف جنيه فى الحفل الواحد، ويجذبون الشباب إليهم بوضع لمسات فى إنشادهم قريبة من روح أغانى المطربين أمثال عمرو دياب وغيره الغنائى السائد بمسحة دينية، فيجذبون الشباب، ومنهم سامي يوسف وماهر زين، حيث إن ماهر زين على سبيل المثال قد تعدت صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك الـ 80 مليون معجب، وهو رقم فاق أرقام معجبي عمرو دياب على صفحته الخاصة.
منشد الشارقة
أما المنشد أحمد العمري فيقول: عهدت والدى يرسم أغلفة شرائط الكاسيت سواء شرائط القرآن أو الإنشاد الديني، وكنت أستمع إلى تلك الشرائط وقتها، فأحببت الابتهالات والإنشاد الديني، وبدأت وأنا فى الصف الثانى من الجامعة احتراف الإنشاد الديني، واحتككت بمنشدين، ومثلت مصر فى مسابقة منشد الشارقة فى الإمارات، وهى أكبر مسابقة فى الإنشاد على مستوى العالم، حتى أننى حصلت على المركز الأول فيها، وبدأت الناس تعرفنى على مستوى المنشدين، وقررت أن أطور من موهبتي، فسمعت إلى عظماء مشايخ الإنشاد، وشاركت فى مسابقة إبداع قبل ذلك تحت رعاية وزارة الشباب والرياضة، وحصلت فيها على المركز الثاني، كما تعلمت على يد مشايخ الإلقاء ومنهم الشيخ سعيد حافظ الذى جلس معي وعلمني كثيرا فى الإمارات، وكذلك تعلمت على يد الشيخ مصطفى حمدو، ثم التحقت بفرق الإنشاد بدار الأوبرا.
ويضيف أكثر من تأثرت بهم الشيخ محمد عمران فهو مؤثر جدا وإحساسه يصل إلى المستمع بسهولة، وكذلك ثقافته واسعة، وكذلك أحب كثيرا الشيخ على محمود طه والشيوخ الفشني والنقشبندي ومحمد الفيومي.
ويتابع العمري: عملت مع فرقة دار الأوبرا وكذلك فرقة " سماع" في مهرجان بالقلعة،وكذلك تعاونت مع فرقة "التعطيرة"، وقمت بتدريب منشدين فى جامعة سيناء بمسابقة الإبداع والإنشاد الديني، ودربت شبابا آخر على الإنشاد وكانوا فى المرحلة الإعدادية.
وتابع هناك ضرورة أن تكون فرق الإنشاد فى كل المناسبات حيث إن مدح الرسول هو غاية عظيمة وتذكرة به وبسنته، ولا سيما أن الكثير من الأفراح تثير الاستياء من فرط الصخب والرقص، ولذلك بدأ الكثير ينتبه إلى جمال الإنشاد الديني ومدح الرسول صلى الله عليه وسلم وضرورة وجوده فى الأفراح وفى جلسات رجال الأعمال وغير ذلك.
ويضيف: الإنشاد ليس مهنة فى الأساس ولكن بعض الفرق تستطيع تكوين علاقات قوية ومجتهدة، فيصلوا إلى الشهرة بشكل أكبر ويحققوا مكاسب من الإنشاد الديني ومثلهم مثل الفرق السورية للإنشاد الديني، ولكن ما زال الإنشاد الديني بحاجة إلى الاستماع بقدر أكبر ودائما نصطدم بالذوق الذي انحدر فالكثير من الجمهور ركنوا إلى أغانى المهرجانات التى أصبحت منتشرة على نطاق واسع، وأؤمن أن الإنشاد الديني سيعود بقوة على يد الشباب الموجودين الآن.
ويتابع: أقوم بإحياء حفلات الإنشاد الديني من خلال فرقة " حلقة ذكر"، وأجهز لحفل كبير فى ساقية الصاوي، وكذلك سأحيي أمسيات دينية فى رمضان خاصة فى ليلة القدر، وذلك فى مسجدين ببنها والسيدة زينب.
الاستماع إلي عمالقة الإنشاد
ومن جانبها تقول المنشدة آلاء احمد جمال الدين بدأ حبي للانشاد منذ الصغر .. كنت أستمع إلى كثير من عمالقه الانشاد الديني مثل الشيخ نصر الدين طوبار والشيخ الفشني، وكان من المتعارف عليه أن هذا المجال مقتصر على الرجال، من هنا كانت رغبتي في أن أمدح النبي صلى الله عليه وسلم و أن استخدم صوتي في هذا المجال.
وتضيف تدربت على يد المنشد محمد عاطف وتعلمت منه المقامات الموسيقية والإنشاد الديني، والتحقت بفرقته " محمد عاطف وبطانته "، وحاليا أقوم بإحياء حفلات الإنشاد الديني في ساقية الصاوي بالزمالك، و بالطبع يتم الاستعانة هذه الفترة بفرق الإنشاد فى الأفراح.. لكنى شخصيا لم أخض تلك التجربة من قبل.
وتتابع أعتقد أنه من يلتحق بمجال الإنشاد الديني لا يميل إلي شهرة أو كسب مادي اكثر من رغبته فى ايصال حب الرسول عليه الصلاة والسلام للجمهور وربحه الحقيقى هو ربح روحي ومعنوي، ولكن هذا لا يمنع من ان الانشاد الديني مجال ايضا للكسب المادي والعيش الكريم لصاحبه بفضل الله.
استعادة الثقافة المصرية
فيما قال المنشد محمود هلال الفائز بالمركز الأول فى الموسم التاسع من مسابقة "منشد الشارقة" للإنشاد الدينى بمدينة الشارقة بدولة الإمارات، أن فن الإنشاد الدينى ليس جديدًا، بل إن الشعب المصرى كان منذ سنوات طويلة يعتمد فى إحياء الحفلات المختلفة على الإنشاد الدينى من حفلات زفاف وعقائق وغيرها، ولذلك نحاول أن نستعيد ثقافتنا المصرية القديمة ولكن بشكل معاصر، لكى لا يشعر الجمهور بالملل، مشيرًا إلى أنه يحرص على طرح أنشودات بكلمات وتوزيع معاصر لكى يكون مواكبًا لفكر الشباب فى الوقت الحالى.
وأضاف هلال، أنه يقوم بإحياء العديد من الحفلات فى ساقية عبد المنعم الصاوى ودار الأوبرا المصرية، بالإضافة إلى عدد من الجامعات.
وأكد المنشد محمود هلال أنه يستعد حاليًا لطرح ألبوم دينى جديد يضم 6 أغنيات، عقب انتهاء شهر رمضان، ومن المقرر طرح أنشودة بعنوان "أحبتى فى الله" فى شهر رمضان الجارى، وهى من كلمات أيمن عز وألحان محمد شحاتة وتوزيع اسلام رفعت، متمنية أن تنال الأنشودة إعجاب الجمهور.
وعن مدرسة الانشاد التى تعلم منها، قال هلال إنه يعشق الشيخ محمد عمران رحمه الله عليه، حيث تعلم منه الكثير ويعتبره قدوته ومثله الأعلى فى مجال الإنشاد الدينى، مختتمًا حديثه قائلا:" الإنشاد الدينى شهد طفرة كبيرة فى السنوات الأخيرة وأصبح شيئاً أساسىاً فى حياتنا، ونسعى حاليا لإستعادة مكانة الإنشاد الدينى فى مصر.
فرقة سورية
ومن جانبه قال المنشد صفوان المرعشلى، أحد أعضاء فرقة "أبناء المرعشلي" السورية، أن فرقتهم تأسست عام 1979م وبدأت تنتشر بشكل أفضل فى التسعينيات، حيث إن الفرقة تعمل على المزج بين الغناء الشامى والمصرى، مشيرًا إلى أن الفرقة بدأت بالإناشيد المصرية الدينية، ومن ثم تعددت ألوانها بين الخليجى والمغربى والسودانى.
وأضاف المرعشلى، أن الفرقة قامت بإحياء حفل إنشاد دينى الأسبوع الماضى بساقية عبد المنعم الصاوى وقدمت العديد من الأناشيد التى تعلق بها الجمهور ومن بينها "تجلى، نور الهدى، خير البرية، طالما أشكو غرامى وغيرها.
وأكد المرعشلى أن الفريق مؤخرًا أصبح يتفاعل بشكل أكبر مع الجمهور، ويغنى ما يطلبه بالإضافة إلى أنه أصبح يعتمد على "الرتم" السريع فى أداء الأناشيد، وذلك لما يحبه المصريون من إيقاعات سريعة فى الموسيقى، مشيرًا إلي أن الفريق يتميز بأداء إيقاعات كل الألوان الموسيقية الخاصة بالإنشاد الدينى من أندلسى إلى ماليزى وهندى.
فرقة إنشاد نسائية
وقالت المنشدة نعمة فتحى مؤسسة فرقة "الحور" أول فرقة إنشاد دينى للفتايات فقط، أن الفرقة تتكون من 25 فتاة من مختلف محافظات الجمهورية، ينتمين للغناء التراثى المتنوع ما بين الشرقى والغربى، مشيرة إلى أن الفكرة اختمرت فى رأسها لإنشاء فرقة إنشاد للفتيات فى عام 2014، إلا أنها أسست الفرقة فعليًا فى شهر فبراير الماضى من عام 2017 الجاري.
وأضافت نعمة، أنها تعلمت فن الإنشاد فى ورشة الشيخ زين محمود، وقامت بإحياء أكثر من حفلة بصحبته، وعندما رغبت فى تأسيس فرقة إنشاد خاصة بالفتيات، أسوة بفرق الموسيقى العربية للفتيات، توجهت نحو دار الإفتاء المصرية والأزهر الشريف للاستفسار عن " صوت المرأة هل هو حرام أم حلال؟"، ولكن أغلب الردود جاءتها أن عبارة صوت المرأة عورة مقولة وليست حديثاً، ولذلك قامت بتأسيس الفرقة وضمت فيها 25 فتاة.
وأوضحت فتحى، أن الفرقة قامت بإحياء عدة حفلات، ومنها فى بيت الربع الثقافى بالحسين، وحفلة الافتتاح الرسمى للفرقة فى ساقية عبد المنعم الصاوى يوم 16 من شهر مايو، كما تستعد الفرقة لإحياء حفلين أولهما فى ساقية الصاوى يوم 12 من شهر رمضان الكريم، والآخر تابع لهيئة الكتاب يوم 16 من الشهر الفضيل، مشيرة إلى أنها تحرص من خلال فرقة الحور على تقديم لون مختلف من فن الإنشاد، كما تهدف إلى إحياء التراث الثقافى المصرى، مؤكدة أن الفرقة لا تقتصر على الإنشاد الدينى فقط، بل تستعد لتقديم أغنيات اجتماعية هادفة وتوعوية لمخاطبة الشباب فى مختلف أنحاء الدول العربية.