لا أحد يستطيع أن ينكر الدور المصرى الكبير وجهود قيادتنا السياسية فى محاولة استعادة الدولة الوطنية ومؤسساتها فى ليبيا والأمن والاستقرار، وترسيخ الحل السياسى وتنفيذ الاستحقاق الانتخابى فى الشهر القادم من أجل أن تكون ليبيا لأبنائها وللحفاظ على وحدة وسلامة الأراضى الليبية وثرواتها ومواردها، خاصة النفطية، ولن يتأتى ذلك إلا بإيقاف التدخلات الأجنبية غير المشروعة فى ليبيا، وخروج جميع القوات الأجنبية والعناصر الإرهابية والمرتزقة.. لذلك مصر تخوض معركة كبيرة وعظيمة من أجل ليبيا الشقيقة، حفاظاً على الأمن القومى فى البلدين الشقيقين، وأيضاً لإحلال السلام والأمن فى المنطقة.. من هنا جاءت مشاركة الرئيس عبدالفتاح السيسى فى مؤتمر باريس حول ليبيا، تجسيداً للدور المصرى الكبير فى حل الأزمة.. وأيضاً انعكاساً لقوة العلاقات المصريةــ الفرنسية.
تجسيد للدور المصرى الكبير فى ترسيخ الحل السياسى فى ليبيا.. وانعكاس لقوة العلاقات المصرية - الفرنسية
قبل 7 سنوات كانت المنطقة تعيش على فوهة بركان.. وتعوم على بحيرة من الصراعات والأزمات.. وهو الأمر الذى سهَّل مهمة الإرهاب الأسود.. وميليشيات المرتزقة فى النفاذ إلى داخل جسد بعض الدول، منها مَن نجا وانتصر مثل مصر العظيمة.. ومنها مَن سقط فى مستنقع الفوضى والانفلات وسقوط الدولة الوطنية ومؤسساتها.. وخلق أزمات مزمنة وحالة من الاقتتال والحروب الأهلية داخل هذه الدولة وانقسام حاد بين مكوناتها الوطنية، وانتشار جماعات وميليشيات الإرهاب بقيادة جماعة الإخوان المجرمين، التى قادت مخطط الفوضى فى المنطقة.
الحقيقة أن عودة مصر بقوة على يد الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى المكانة والدور والثقل الدولى والإقليمى المرتكز على قوة وقدرة شاملة ومؤثرة ونجاحات وإنجازات فى الداخل بإعادة بعث للدولة المصرية القوية ومؤسساتها، وبسياسات تتسم بالحكمة والمصداقية، والرؤى الواضحة.. نجحت مصر فى إعادة التوازن فى المنطقة.. وترسيخ الأمن والاستقرار النسبي.. لكن العالم أيضاً يعول على مصر وقيادتها السياسية فى قيادة دفة السلام بالمنطقة.. فقد أصبحت مصر هى حجر الزاوية على المستوى الإقليمى.. وأيضاً قبلة الدول المتطلعة إلى الأمن والاستقرار والسلام والبناء والتنمية، خاصة أن سياسات مصر تتسم بالشرف والثبات والمصداقية.
أقول ذلك بمناسبة زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى العاصمة الفرنسية باريس للمشاركة فى مؤتمر باريس حول ليبيا.. والحقيقة أن مصر تولى القضية الليبية اهتماماً كبيراً، وبسياسات ونوايا صادقة وشريفة نحو استعادة الدولة الوطنية فى ليبيا ومؤسساتها، وعلى رأسها الجيش الوطنى الليبى القادر على التصدى لمظاهر الفوضى والإرهاب والدفاع عن الأمن القومى الليبى.
الجهود المصرية التى يقودها الرئيس عبدالفتاح السيسى لم تنقطع على الإطلاق من أجل استعادة ليبيا الشقيقة.. والحقيقة أيضاً أن أكثر الأطراف حرصاً على مصلحة الأشقاء هى مصر، خاصة فى ظل ارتباط الأمن القومى المصرى بالأمن القومى الليبى والمصير المشترك.. فليبيا هى الجار الغربى لمصر، تجمعنا بها 1200 كيلو متر حدود تحتاج إلى وجود دولة من الجانب الآخر فى ليبيا لتأمين هذه الحدود.. وإن استمرار الوضع فى ليبيا الشقيقة بهذا الشكل هو تهديد مباشر للأمن القومى المصرى فى ظل وجود ميليشيات إرهابية وعناصر مرتزقة وقوات أجنبية غير شرعية تغذى الصراع الداخلى، وتحرض على الاقتتال الأهلى بين الأشقاء.. لذلك فإن من أهم مطالب مصر وما تريده للشقيقة ليبيا هو الآتى:
أولاً: الحفاظ على وحدة وسلامة الأراضى الليبية.. وأنه لا بديل عن الحل السياسى الذى يجمع جميع الأطراف الوطنية الليبية على قلب رجل واحد من أجل حماية ليبيا من خطر التقسيم والانفلات والفوضى والإرهاب.
ثانياً: خروج جميع القوات الأجنبية غير الشرعية من ليبيا، وكذلك الميليشيات الإرهابية وعناصر المرتزقة الأجانب من الأراضى الليبية.. ومنع التدخل الأجنبى من بعض القوى الإقليمية التى تغذى الصراع فى البلد الشقيق.
ثالثاً: دعم المسار السياسى الليبي، وتفعيل إرادة وقرار الشعب الشقيق فى اختيار ممثليه.. ودعم الاستحقاق الانتخابى فى 24 ديسمبر القادم، طبقاً للمقررات الدولية.
رابعاً: استعادة الدولة الوطنية فى ليبيا ودعم مؤسساتها القومية، خاصة الجيش الوطنى للدفاع عن الأمن القومى الليبى وتحقيق الأمن والاستقرار لليبيين وفتح المجال أمام إعادة البناء وتحقيق تطلعات الأشقاء فى مستقبل واعد.
خامساً: عدم التدخل فى الشئون الداخلية فى ليبيا والحفاظ على موارد وثروات الليبيين والاقتسام العادل للثروات، وتأمين وحماية المصالح الليبية والقضاء على الإرهاب والفوضي، وأن تكون ليبيا لشعبها.
من أجل كل هذه الأهداف لا تتوقف الجهود المصرية من أجل إعادة ليبيا واستعادة الدولة الوطنية فيها سواء من باب كون مصر وليبيا دولتين شقيقتين، أو من باب الحفاظ على الأمن القومى المصري، وأيضاً إيماناً بأن الحلول السياسية لإنهاء الأزمات الإقليمية هى باب الأمن والاستقرار والسلام فى المنطقة.
من أجل ذلك أيضاً قبل الرئيس عبدالفتاح السيسى دعوة الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون للمشاركة فى مؤتمر باريس حول ليبيا، على اعتبار أن مصر هى صاحبة الدور الكبير والفاعل، والجهود المتواصلة منذ سنوات فى الأزمة الليبية ومحاولة تسوية الأزمة سياسياً وجمع الشمل الليبى ودورها الكبير فى استعادة الاستقرار النسبى فى البلد الشقيق بعد الخط الأحمر «سرت ــ الجفرة».. ودورها المحورى فى دعم المسار السياسى فى ليبيا الشقيقة على الصعيد الثنائى والإقليمى والدولى.
إن مصر قطعت شوطاً كبيراً فى رحلة البحث عن استعادة ليبيا وحمايتها من خطر التدخلات الأجنبية والميليشيات الإرهابية التى تقودها جماعة الإخوان المجرمين، وعناصرها التى تسعى لإفشال المسار السياسي، والاستحقاق الانتخابي، بالتآمر مع قوى إقليمية أخرى كان لها باع كبير فى إحداث الانقسام الليبي، والتدخل العسكرى المباشر، وجلب المرتزقة والعناصر الإرهابية لاستباحة الأمن والسيادة الليبية بفعل وتآمر الإخوان المجرمين الذين إذا دخلوا دولة أفسدوها وقسَّموها، وخانوا شعبها، وباعوا ثرواتها لأسيادهم الذين يعرفهم الجميع، فهم لا يستحون من إعلان ذلك.. لأنهم المادة الخام للخيانة والتآمر على الأوطان.
يقيناً إن مصر سوف تنجح فى تفعيل المسار السياسى والاستحقاق الانتخابى من خلال دورها وثقلها الإقليمى والدولى وأيضاً مصداقيتها لدى الأشقاء، خاصة أنها لا تسعى إلا لخير الليبيين والحفاظ على وطنهم.. ويأتى مؤتمر باريس أيضاً ليعكس عمق العلاقات المصريةــ الفرنسية، التى تشهد أزهى عصورها فى ظل قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى فى جميع المجالات سواء الاقتصادية أو التجارية، وتبادل الخبرات الثقافية والتعليمية والأمنية والعسكرية.. وهو ما يعكس ثقة المجتمع الدولى وفى القلب منه أوروبا فى القيادة المصرية وما يبديه العالم من احترام وتقدير وتعويل على قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى للمنطقة، وتحقيق الأمن والسلام فيها.
الرئيس عبدالفتاح السيسى عاد مؤخراً من زيارة إلى بريطانيا لحضور قمة المناخ 26.. ولعل الحفاوة والاستقبال الكبير، واللقاءات الثنائية والقمة المصريةــ البريطانية، يجسد مدى الاحترام والتقدير والتعويل الأوروبى على مصر.. ولعل الاتصالات الدولية التى لم تنقطع مع القادة الأوروبيين، تعكس ذلك بوضوح.. فمصر أصبحت مصدر ثقة واحترام الجميع.
يأخذنى الحديث إلى الحوار الاستراتيجى المصرى الأمريكي.. من خلال لقاءات سامح شكرى وزير الخارجية ونظيره الأمريكى، يجسد مدى الاحترام والتقدير الأمريكى لمصر والعلاقات الاستراتيجية التى تجمع بينهما، وجاء البيان المشترك ليقطع ألسنة الخيانة الإخوانية، ويؤكد مكانة وثقل مصر الكبيرة لذلك إن مصر تنفتح على جميع الكيانات الدولية والإقليمية وتستغل علاقاتها الدولية والإقليمية القوية والمؤثرة فى الوصول إلى حل سياسى فى ليبيا، يعيد الدولة الوطنية ومؤسساتها والبناء والإعمار والتنمية ويحقق تطلعات شعبها ويرسخ الأمن والاستقرار.. ويحافظ على أرضها وثرواتها ومواردها، خاصة النفطية.. ولن يتم ذلك إلا بدعم المسار السياسى وإخراج جميع القوات الأجنبية ومنع التدخلات الخارجية غير الشرعية، وتفكيك الميليشيات الإرهابية وطرد العناصر المرتزقة.. وتنفيذ الاستحقاق الانتخابي.
إن «مؤتمر باريس» الذى تعد مصر الرقم الأهم فيه من خلال مشاركة قيادتها السياسية هو خطوة مهمة فى إعادة ليبيا وترسيخ الحل السياسي.. والحفاظ على البلد الشقيق، كذلك المؤتمر يعكس أيضاً عمق وقوة العلاقات المصريةــ الفرنسية، وتناميها وانفتاحها على جميع المجالات والقطاعات، وأيضاً فى التعاون والتنسيق المشترك من أجل أمن واستقرار وسلام المنطقة.
العلاقات المصرية بدول العالم وما تحظى به من احترام وتقدير، هو نتاج جهود متواصلة للدبلوماسية الرئاسية، خلقت جداراً من الثقة والاحترام والتقدير لرؤى القيادة السياسية المصرية لعالم ينشد السلام والأمن والاستقرار والبناء، وليس الخراب والدمار والصراعات.
تأتى ليبيا فى قلب الاهتمام والأولويات المصرية، فهى قضية أمن قومى لمصر.. وأن استعادة الدولة الوطنية فى ليبيا هو هدف إستراتيجى لمصر، يحمى أمنها القومى وأيضاً يعزز الأمن والسلام الإقليمى.
تحيا مصر