بعد حديث الرئيس عنها.. قصة إنقاذ معبدي أبو سمبل وجزيرة فيلة من الغرق بالتعاون مع اليونسكو
تحتفل منظمة اليونسكو بالذكرى الـ 75 لتأسيسها، وقد شارك الرئيس عبدالفتاح السيسي مساء أمس في احتفالية المنظمة الدولية بهذه المناسبة، وألقى كلمة خلالها، مؤكدا أن مصر تفخر بكونها إحدى الدول المؤسسة لمنظمة اليونسكو.
وقد أكد الرئيس السيسي أن مشروعي إنقاذ معبدي أبو سمبل وجزيرة فيلة من الغرق، يعد أبرز تجليات التعاون مع اليونسكو، وأن المشروعين يمثلان تجربة مهمة في تاريخ عمل المنظمة ومسيرتها في حماية التراث العالمي.
ويعد مشروع إنقاذ معابد أبو سمبل من الغرق من أبرز المشروعات التي نفذتها الوينسكو على مدار تاريخها وذلك في الستينيات من القرن الماضي، وذلك ضمن حملة إنقاذ آثار النوبة، خلال بناء السد العالي، وقد حققت الحملة أهدافها ونجحت في إنقاذ الآثار المصرية من الغرق.
تفاصيل حملة اليونسكو
حيث يضم موقع التراث العالمي "معالم النوبة من أبو سمبل إلى فيله" الكثير من الأماكن الأثرية مثل معبد رمسيس الثاني في أبو سمبل ومعبد إيزيس في جزيرة فيله الذين أمكن إنقاذهما من الغرق بسبب بناء السد العالي، فقد كان الموقع الأصلي لمعالم موقع التراث العالمي "معالم النوبة" أمام الشلال الثاني، لكن منذ إنشاء السد العالي تم نقلهم إلى موقعهم الحالي الجديد.
وبعدما شرعت مصر في بناء السد العالي، أطلقت منظمة اليونسكو حملة عالمية لإنقاذ المواقع المهددة بالغرق من جراء بناء السد ونقلها لموقع جديد ملائم، واستمرت تلك الحملة خلال الفترة من ١٩٦٠ إلى ١٩٨٠م بتكلفة بلغت وقتها ٨٠ مليون دولار وشاركت فيها ٥٠ دولة، ثم تم تسجيل موقع "معالم النوبة من أبو سمبل إلى فيله" على قائمة اليونسكو لمواقع التراث العالمي في عام ١٩٧٩م.
جزيرة فيلة
وتعد جزيرة فيلة من أشهر المناطق السياحية في أسوان حيث تشمل آثار فيله العديد من المباني التي يعود تاريخها إلى العصر البطلمي (332-30 ق.م.)، وأبرزها ذلك المعبد الذى بدأه بطلميوس الثانى فيلادلفوس (285 – 246 ق.م.)، والذى كان مكرساً لإيزيس أم حورس رب الملكية، وهناك منظر فى الماميزى أو حجرة الولادة، حيث كان يتم الاحتفال بولادة حورس، تظهر فيها إيزيس وهى ترضع ابنها حورس فى الأحراش.
كما يعتبر معبد إيزيس واحداً من أكثر المعابد المصرية القديمة استمراراُ؛ حيث ظل المعبد يؤدى دوره حتى عهد الملك البيزنطي جستنيان (527 – 565 م.) والذي أمر بإغلاق كل المعابد الوثنية، حيث نقش كاهن يدعى اسمت-اخوم آخر نص هيروغليفي ويرجع ذلك إلى القرن الرابع الميلادي (394 م.). تم تحويل المعبد إلى كنيسة مسيحية وتم تدمير العديد من نقوش المعبد.
يقع بجوار معبد إيزيس معبداً مكرس لحتحور بناه بطلميوس الرابع فيلوماتور (180 – 145 ق.م.)، وأغسطس أول إمبراطور لروما (30 ق.م. – 14م.)، وكانت إيزيس المعبودة الرئيسية للمنطقة، حيث تم تصوير الإمبراطور يقدم القرابين لها ولزوجها أوزيريس وابنهما حورس.
تم نقل كل هذه الآثار من جزيرة فيلة الأصلية إلى جزيرة أجيلكيا القريبة خلال حملة اليونسكو للنوبة فى الستينات لإنقاذ المواقع التي غمرتها مياه النيل فى عملية بناء السد العالي بأسوان.
إنقاذ معبد أبو سمبل
يعد معبد أبو سمبل الكبير، من بين المعالم الأكثر روعة في مصر، فقام الملك رمسيس الثاني من الأسرة التاسعة عشرة بقطعه كاملاً في الجبل، عام 1264 قبل الميلاد، ويشتهر المعبد بتماثيله الأربعة الضخمة جالسة والتى تزين واجهته، والتي انهار أحدها بسبب زلزال قديم ولا تزال بقاياه على الأرض.
ويتكون من معبدين في الصالة الرئيسية المؤدية إلى قدس الأقداس تقف ثماثيل الملك الضخمة على جانبيها حيث تجلس أربعة آلهة: آمون رع، ورع حورآختي، وبتاح، ورمسيس الثاني مؤلهاً، وتم بناء المعبد بدقة عالية بحيث تدخل أشعة الشمس في المعبد يومين في السنة، في 22 فبراير و 22 أكتوبر، وتعبر الصالة الرئيسية، وتضيء التماثيل الموجودة في عمق المعبد، ويعتقد أن هذه التواريخ تتوافق مع تتويج وميلاد رمسيس الثاني.
وإلى الشمال، يقع معبداً آخر من الصخور معروف باسم المعبد الصغير، مكرس للإلهة حتحور والزوجة الملكية العظمى لرمسيس الثاني، الملكة نفرتاري، وعلى واجهة المعبد الصغير، تقف تماثيلها الضخمة بنفس حجم تماثيل زوجها، في مثال نادر جدًا.
وبدأت حملة تبرعات دولية لإنقاذ النصب من الغرق في عام 1959، وبدأ إنقاذ معابد أبو سمبل في عام 1964، وتكلفت هذه العملية 40 مليون دولار، بين عامي 1964-1968، وواستغرفت أعمال نقل معبد أبو سمبل، تقريبا 4 سنوات وخلالها تم نقل مجمع المنشآت كليا لمكان آخر، على تلة اصطناعية مصنوعة من هيكل القبة، وفوق خزان السد العالي في أسوان، لإنقاذه من الغرق وحمايته.
وقد كان إنقاذ هذه الآثار بمثابة معجزة العصر الحديث ولا تزال من أهم ما قامت به اليونسكو حتى اليوم، وتم قبول المعبد في قائمة مواقع التراث العالمي في عام 1979.