صباح اليوم-الثلاثاء-زار فضيلة المفتي، العالم الجليل د. شوقي علام، جامعة بني سويف للحديث في ندوة عن "الشباب وبناء الوعي "، حسنا فعلت الجامعة، فضيلة المفتي أفضل من يتحدث للشباب، علما غزيرا وفقها عميقا فضلا عن سماحة النفس وسعة الصدر.
غير أني لاحظت أن خبر هذه الزيارة نشر بتقديم لفضيلة المفتي ،يجب أن نتوقف عنده ذلك أن الكثيرين منا يفضلون وصف "مفتي الديار "،وهو توصيف غير دقيق ربما ورد للبعض من خلال دراسة سيرة وكفاح الأستاذ الإمام محمد عبده ،فضيلة المفتي حتي استقالته في مايو سنة١٩٠٥، كان مسماه الرسمي "مفتي الديار المصرية "، بالتأكيد سوف ترد تلك التسمية في كل الدراسات عنه ،لذا تنتقل وتتردد بسهولة، وأعرف أن مسلسل "ريا وسكينة "، فضلًا عن الفيلم حول هذه القضية ،ورد فيه تعبير تحال أوراق المتهمين إلى "مفتي الديار "،كان ذلك سنة١٩٢١،وكانت مصر بين احتلالين الاحتلال العثماني، وكان وقتها صوريا أو اسميًا ،الي جوار احتلال فعلي هو "الاحتلال البريطاني "،وهكذا لم يكن هناك كيان سياسي مستقل للدولة المصرية ،تاريخيا كان المفتي يعين بقرار من الأستانة، وكان يمكن أن يكون غير مصري وهكذا كان يقال "الديار المصرية "، وهو مسمى يعكس الحالة السياسية التي كنا عليها ومنذ سنة١٩٢٢،نالت مصر استقلالها ،وصار اسمها المملكة المصرية ،وهكذا تأسست وزارة الخارجية المصرية ، وصار فضيلة المفتي يحمل لقب "مفتي المملكة المصرية "، ولما أعلنت الجمهورية سنة١٩٥٣، صار اسمه "مفتي الجمهورية "،ويصدر القرار الجمهوري بهذا المسمى، لكن بعضنا يستملحون كلمة "الديار"، بكل انعكاساتها السلبية والمؤلمة ، لقد دفع أجدادنا ثمنًا باهظا وقدموا تضحيات جسيمة كي ننتقل من خانة "الديار المصرية "، إلى موقع المملكة ثم الجمهورية المصرية.
المراجع الرسمية تستعمل المسمى الصحيح، لذا وجدنا رئيس جامعة بني سويف، الأستاذ الدكتور منصور حسن يستقبل فضيلة المفتي ويقدمه بالمسمى الدقيق لكن بعض الدوائر، خارج الإطار الرسمي، تستسهل التعبير القديم والبغيض. أقدر حنين بعضنا إلى القديم والي الماضي لكن هناك متغيرات كبرى حدثت، تعكسها بعض الكلمات والمسميات، وهناك بعض المسميات القديمة ألغيت وزالت مثل "بك" أو "باشا "، لكنها مازالت سائدة إلى اليوم ربما إصرارًا على شكل أو تميز اجتماعي أو وظيفي ما، ربما يستعمل نفاقًا أو تملقا لقضاء بعض الحاجات الصغيرة، ولكن كلمة "الديار المصرية "، ثقيلة ومعناها ليس طيبًا.
رجاء "مفتي الجمهورية "، وليس "مفتي الديار ".