وزير الطاقة اللبناني يدعو إلى التضامن في المحافل الدولية حفاظا على الحقوق المائية العربية
دعا وزير الطاقة والمياه اللبناني وليد فياض، إلى التضامن في المحافل الدولية لدعم القضايا العربية والدفاع عن حقوقها في مياهها طبقاً للقوانين الدولية، مؤكدا أن المياه في كل بلد تشكل ثروة وطنية لا يمكن التفريط بها ويمكن أن تشكل أساساً للحرب والسلم في المنطقة وعنواناً للتوترات الإقليمية.
وقال الوزير اللبناني - في كلمته أمام الجلسة الافتتاحية للدورة الـ 13 للمجلس الوزاري العربي للمياه، والتي انطلقت اليوم /الخميس/ في مقر الجامعة العربية برئاسته - "إن التحديات الكبيرة التي تواجهها حكوماتنا لتعزيز الأمن المائي لشعوبنا والضغوط التي تتعرض لها مصادر المياه في الوطن العربي من النيل إلى دجلة والفرات إلى الليطاني تستدعي منا العمل سويا على تطبيق الاستراتيجيات والخطط التنفيذية المشتركة، ومتابعة كافة الأبحاث والدراسات المتعلقة بموضوع المياه".
وشدد على أن موضوع المياه يكتسب أهمية خاصة في لبنان وبلدان المنطقة بالنظر لمحدودية المتاح منها كمياه للشرب والري، لافتا إلى أنه طبقاً للمؤشر الذي يفضي إلى أن أي بلد يقل فيه متوسط نصيب الفرد من المياه سنوياً عن 1000 متر مكعب يعد بلداً يعاني من ندرة مائية، منبها إلى أن 13 بلدا عربيا يقع ضمن فئة البلدان ذات الندرة المائية، وهذه الندرة في المياه تتفاقم باستمرار بسبب معدلات النمو السكاني العالية.
وأشار إلى أن تقارير البنك الدولي توضح أن متوسط نصيب الفرد السنوي من الموارد المائية المتجددة في الوطن العربي سيصل إلى 667 مترا مكعبا سنوياً عام 2025 بعدما كان 3430 متراً مكعباً سنة 1960، بانخفاض نسبته 80%، أما معدل موارد المياه المتجددة سنوياً في المنطقة العربية فيبلغ حوالي 350 مليار متر مكعب وتغطي نسبة 35%؛ منها تدفقات الأنهار القادمة من خارج المنطقة كنهر النيل ونهري دجلة والفرات، وتحصل الزراعة على نسبة 88% مقابل 7% للاستخدام المنزلي و5% للصناعة.
وحذر فياض من إشعال الحروب في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا بسبب المياه، وقال "فمن جهة يغتصب العدو الإسرائيلي معظم نصيب دول الطوق العربي من المياه ويطمح دوما للسيطرة على المزيد من الموارد المائية، ومن جهة أخرى فإن أغلب البلدان العربية لا تملك السيطرة الكاملة على منابع مياهها؛ إذ أن بلدانا كإثيوبيا وتركيا وغينيا والسنغال وكينيا وأوغندا تتحكم بحوالي 60% من منابع الموارد المائية للمنطقة العربية".
وأعرب عن تطلعه إلى التوصل لاتفاق قانوني ملزم في هذا الشأن بين مصر والسودان وإثيوبيا، اتساقا مع البيان الرئاسي الصادر عن مجلس الأمن في سبتمبر 2021، وذلك على النحو الذي يكرس التعاون لا التصرفات الأحادية، ويرسخ المصالح المشتركة بين شعوب المنطقة.
ونبه فياض إلى التحديات التي تواجه دول المنطقة لحل مشكلة المياه وتحقيق أمنها المائي، والتي تتعلق بقضية الأنهار العابرة للحدود كنهري دجلة والفرات بين تركيا وسوريا والعراق ونهر النيل، لافتا إلى مطامع إسرائيل التي تستخدم المياه كعنصر أساسي في الصراع العربي الإسرائيلي في نهر الأردن ونهر اليرموك ومنابع الجولان وأنهار الليطاني والوزاني والحاصباني، إضافة إلى سرقة المياه الجوفية في الضفة الغربية وقطاع غزة، مقترحا الإدارة الصحيحة للموارد المائية لمواجهة مخاطر الشح المتزايد في مصادر المياه والمترافقة مع التزايد السكاني.
وطالب بضرورة تحقيق الإدارة المتكاملة للموارد المائية على كافة الجوانب المتعلقة بالمياه، بدءا من إنتاجها مرورا بجهود تخزينها ونقلها وتوزيعها واستخدامها حتى تصل إلى المستهلك.. مشيرا إلى أن هذا الأمر ينطبق على الموارد الموجودة فوق سطح الأرض وفي باطنها والموارد غير التقليدية، التي يجدر إعطاؤها أهمية كبيرة والتوسع في استعمالها في الدول العربية.
وأوضح أن إدارة الموارد المائية تتضمن جانبين، الأول تقني والثاني يتضمن الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية وغيرها، مؤكدا ضرورة أن تحقق الإدارة المتكاملة للموارد المائية، الأمن المائي والتوازن المطلوب بين الاحتياجات والمصادر.
وقال "إن ندرة المياه في دولنا تحتّم علينا إيلاء الاهتمام الكبير والمشترك في متابعة تنفيذ الخطة العالمية للتنمية المستدامة؛ وخاصة الهدف السادس منها والمتعلق بالمياه والغايات المتصلة به، وهنا لا بد أن نشير إلى الجهد الذي تبذله اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا في مواكبة الدول العربية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة".
وتابع فياض "أما في لبنان، الذي أنعم الله عليه بثروة مائية قيل إنها لا تنضب والعكس هو الصحيح، فإن وزارة الطاقة والمياه استشعرت الخطر الكبير على مستقبل الأمن المائي اللبناني؛ خاصة وأن تداعيات التغير المناخي العالمي بدأت تؤثر وبشكل واضح على كمية المتساقطات السنوية، ما انعكس امتدادا لفترات الشح وساهم في انخفاض نسب تدفق الينابيع والآبار الجوفية".
وأشار إلى أن وزارة الطاقة والمياه أعدت عام 2012 الاستراتيجية الوطنية لقطاع المياه تحت شعار "المياه حق لكل مواطن وثروة لكل الوطن"، وأقرّتها الحكومة اللبنانية وأصبحت سياسة ملزمة ترتكز على الاستفادة من الينابيع المتجددة بطريقة مثلى عن طريق تحسين كفاءة هذه الينابيع، والتغذية الاصطناعية للطبقات الجوفية وهي ممكنة من الناحية التقنية في مواقع كثيرة في البلاد، والتخزين السطحي عن طريق بناء السدود ما يوفر أكثر من 500 مليون متر مكعب تضاف إلى المخزون المائي الوطني.
ولفت إلى أن تنفيذ هذه الاستراتيجية يتواكب مع تحضير وزارة الطاقة والمياه لقانون حديث للمياه صدر عام 2020، وأنه يتم العمل حاليا على تحضير المراسيم التطبيقية له بالتعاون مع الجهات الدولية المهتمة.
وأشار إلى أن الضغط الشديد الذي يتعرض له قطاع المياه في لبنان من جراء مشكلة النزوح السوري والأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها البلاد، فضلا عن الأطماع التاريخية لإسرائيل في المياه اللبنانية، جعل من تنفيذ الاستراتيجية الوطنية وإعادة جدولة أولوياتها من الضروريات القصوى، لذلك عملت الوزارة على تحديث الاستراتيجية الوطنية لقطاع المياه تماشيا مع هذه المتغيرات وستعرضها قريبا على مجلس الوزراء اللبناني لإقرارها.
وأعرب وزير الطاقة والمياه اللبناني عن تمنياته بالنجاح لأعمال الدورة الحالية، واتخاذها للقرارات والتوصيات المناسبة؛ بما يخدم الدول العربية كافة، ويعزز الأمن المائي لشعوبها ويجعل من الحفاظ على هذه الثروة سببا إضافيا مشتركا يتوحد حوله العرب.