علي مدار التاريخ واجه الدين الإسلامي محاولات لتشويهه من قبل من يدعون الحفاظ على العقيدة والثوابت والدين براء منهم.
وقد خرجت آراء وتنظيرات خاطئة عن المفهوم الحقيقي لحرية الفرد في الإسلام، و كتاب "الحرية في الإسلام في مواجهة التطرف والإرهاب" لحزين عمر الصادر مؤخرا عن دار أطلس يتعرض بالتحليل لسائر فنون ووجوه الحريات التي أكد عليها الإسلام وبنت عليها حضارتها أسسها مثل : الشورى والحكم، والرأي العام، وحرية التنقل والتملك، والعمل والفكر والإبداع والتعليم والبحث العلمي.
وفي صياغة أدبية ولغة رصينة يستند الكتاب إلى القرآن الكريم، ثم الحديث الشريف ووقائع فعلية منقولة نقلا صحيحا عن زمن ازدهار الدولة الإسلامية في القرون الأولي معالجا كل أشكال ومسميات الحرية بمعناها الحديث، كاشفا أن الإسلام قد سبق العصر الحديث وتجاوزه في فهمه للحريات العامة مثل حريات العقيدة والفكر والإبداع والبحث العلمي واختيار الحاكم وحرية العمل.
ويقول "عمر" في مقدمة الكتاب : تحت عنوان "خلافة الله والحرية في اللغة" : الإنسان - لا الملائكة- هو خليفة الله علي الأرض، هو القوي المسيطر على كل الأشياء في حدود هذه الأرض. وما تقع عليه عيناه، وتدركه حواسه، ويعقله ذهنه. أي أن خلافة الله هي (العمل) والكفاح لتسخير الطبيعة بناء على علم الله الأولي الذي وهبه للإنسان. وكلما كان الإنسان أدري وأكثر علما واجتهادا في الأرض كان أجدر بالخلافة فيها.
ويستطرد في فصل لاحق: إن الدعوة إلى الهداية ونبذ الكفر والموبقات توجه إلى (الإنسان) و(الناس) لا إلى أمة بعينها ولا شعب بذاته {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا أن أكرمكم عند الله اتقاكم إن الله عليم خبير} سورة الحجرات ـ آية 13. لا أثر هنا للتمايزات والتفرقة بين البشر فهم جميعا من أنثى واحدة وذكر واحد، حتى أنه سبحانه وتعالي لم يقل (امرأة) واحدة و( رجل) واحد, بل وسع الدائرة إلى أقصي مدي: ذكر وأنثي .. كي لا يضع إنسان بعد ذلك أية حواجز للتفرقة حينما يتحولون إلى شعوب وقبائل، لأن البشر لا بد لهم من الانتشار في كل بقاع الأرض.