رئيس مجلس الادارة

عمــر أحمــد ســامي

رئيس التحرير

طــــه فرغــــلي


قصة واقعية .. سهرة رمضانية تحت طلقات الرصاص

11-6-2017 | 13:11


بقلم : شادية

كان ذلك في شهر رمضان منذ أكثر من 15 عاما تقريباً كنا نعمل في فيلم «ليلة من عمري» وقد اتفقنا مع مزارع جاناكليس علي أن تصور مناظر الفيلم في حقولها وحين ذهبنا إلي المزارع التي تبعد قرابة ستين كيلو عن الاسكندرية مر الممثلون والفنيون في الفيلم للمناظر الخلابة التي صادفتهم وأقبلوا علي العمل اقبالا كبيرا رغم أن المعروف أن التصوير في شهر رمضان من الأيام الصعبة واتفقنا علي أن نقيم في استراحة كبيرة في قلب المزارع توفيرا للجهد الذي نبذله في الانتقال بين المزارع والإسكندرية ذهابا وإيابا وكان العمل يجري طوال النهار، وبعد تناول طعام الافطار يجتمع جميع العاملين في الفيلم في ندوة فكاهية يتباري فيها الجميع في ابتكار الفكاهات الطريفة وسري في العزب والكفور المجاورة أن مجموعة من الفنانين يقيمون إقامة دائمة في مزارع جاناكليس ويحيون حفلات ممتعة في أمسيات رمضان فكنا نفاجأ ببعض الأهالي يحضرون إلينا بعد الافطار يقضون سهرات رمضان معنا وسمع عمد القري وضباط النقط بما يجري عندنا واستهواهم ما سمعوا... فسعوا إلينا يقضون أمسياتهم معنا ويضحكون علي الفكاهات التي كان يقدمها بعض نجوم الفكاهة في الفيلم ومنهم أحمد الحداد.. وقد اشتهر ببراعته في اختيار «القوافى» والقفش علي أوزانها وذات ليلة أقبل رجال مدججون بالسلاح وعرفنا أنهم خفراء بلدة جاءوا في أثر عمدتهم الذي جلس بيننا منتفخ الأوداج .. منتفخ الكرش متحفز الشارب وقد هب بين الجالسين من يذكر أحمد الحداد بقافية «العمد» فانطلق الحداد يقفش وينكت، وكلما قال كلمة انطلق فريق من الناس يضحك بينما سكت فريق آخر.

ولاحظت أن الفريق الساكت لا يسكت من زهد في الضحك وإنما يسكت ليدبر أمراً، وراق لي أن أتبع عيني العمدة وهي تنظر لاتباعه في غضب ويوحي إليهم بشيء وراق لي مقدار التشجيع الذي يلقاه الحداد من الفريق الذي أثاره علي العمد ثم تحرك أحد الرجال بعيداً عن المجموعة .. أحد رجال العمدة وأحسست الخطر فقد تنبه فريق الضاحكين إلي ذلك وانسل منه رجلان في أثر رجال العمدة وزاد االب اقي ف ي حماسة للحداد واستزاده في الإضحاك علي العمدة وطائفة العمد بأسرها.

و فجأة حدث ما لم يكن في الحسبان سمعنا طلقا ناريا يأتي من بعيد من الاتجاه الذي سار فيه الرجال الثلاثة وخف بعض الرجال مصدر الرصاصة ليروا ماذا حدث بينما العمدة كان جالسا في مكانه لا يتزحزح وعادوا يقولون إن خفير العمدة أطلق الرصاص للإرهاب.

ولم أعرف من يريد إرهابه ولكننا فوجئنا بالرجلين اللذين تتبعا الخفير يعودان وعلي وجهيهما شحوب وطلبا من الحداد أن يستمر في قافية العمد..

وخيل إلّى إنهما حاولا الاعتداء علي خفير العمدة ولكنهما وجدا معه بندقية أرهبهما بها فعادا أدراجهما بينما مضي هو في حال سبيله ولكننا تنبهنا جميعا نحن أسرة الفيلم إلي أن فى الأمر شيئا وإلي أن أحمد الحداد مخلب قط.

وكان هناك رجل لاحظت أنه ينظر نحوي كثيرا ويحاول أن يحدثني فناديته ليجلس بجواري فانفرجت أساريره من ابتسامة عريضة وقفز فوق رءوس جميع الجالسين إلي أن اقترب مني ودفع أحد الفلاحين بعيدا ليجلس مكانه وسألته عما إذا كان هناك شيء غير طبيعي وعرفت من إجابته أن بين العمدة وبين فريق الضاحكين ثأرا قديما سببه منصب العمدية وقد وجدوا في فكاهات الحداد ما يثير حفيظة العمدة ويضحكهم عليه.

وسألته عن الخفير الذي اختفي فقال لي إنه ذهب ليحضر فرقة من رجال العمدة.

وسألته - وهل سيجد أحدا فى هذا الووقت المتآخر ..

فأجاب- الدنيا رمضان - ولكنهم سهرانين ولا أنكر أنه تملكني خوف شديد فأشرت إلي أحمد الحداد أن يقترب مني وأسررت في فآذنه ما سمعته من هذا الرجل وكف الحداد عن الضحك..

ومرت لحظة صمت ثقيلة .. العمدة يهتز يمينا وشمالا في تحد بالغ وفريق الضاحكين لا ينبس بكلمة وإنما يكتفي بتبادل النظرات المبهمة ولم ينقذنا إلا وصول ضابط نقطة البوليس الذي اقترب مني للتحية ولكنني طلبت منه أن يجلس إلي جواري وهمست فى أذنه بكل ما سمعته من هذا الرجل فقام ليهدئ من ثائرتهم واستطاع أن يجري الصلح بينهم وكذلك استطاع أن يقنع العمدة بأن أحمد الحداد لم يقصد إلا الدعابة والترفيه عنهم.

وانقضت الليلة علي خير بعد أن كدنا نتعرض لمذبحة لا يعلم أحد نتائجها واقعلنا بعد ذلك عن إقامة سهرات رمضان حتي انتهي تصوير المشاهد التي تجري حوادثها في مزارع جاناكليس.

الكواكب - ملحق العدد 1260